ثنائية طائفية يسوقها الولي الفقيه

ثنائية طائفية يسوقها الولي الفقيه


20/05/2019

باهرة الشيخلي

بات العراق هذه الأيام مسرحا لأنباء وتكهنات متضاربة، وفي خضم هذا التضارب تحاول إيران وعملاؤها في الداخل العراقي اصطناع ثنائية مضطربة قوامها جهتان هما طهران والرياض في طرح طائفي مشبوه، وهي توحي للبسطاء من العراقيين بأن العراق محكوم قدريا بهذه الثنائية، وتوجههم إلى أن الجوع والفساد مع طهران أفضل بكثير منه مع الرياض، التي ستأتيهم بداعش، وهذه خدعة فاضحة لا سند لها ولا إثبات.

إن المملكة العربية السعودية لا تملك مشروعا تريد أن تستعمر به دول جوارها والمنطقة، بينما المعروف منذ زمن طويل أن إيران تمتلك مشروعا توسعيا تحاول أن تهيمن به على المنطقة كلها، وربما تجاوزت المنطقة إلى العالم، وقد اتضح هذا من شعار انتشر بعد مجيء الخميني يمثل فردا من الحرس الثوري الإيراني يركز العلم الإيراني الجديد على وجه الكرة الأرضية.

لم يعد خافيا أن الطبقة الحاكمة التي جعلت من العراق الدولة الأكثر فشلا في العالم منذ سنة 2003، تحاول تسويغ فشلها باصطناع ذرائع له، فتلقي اللوم على هذه الدولة أو تلك، في محاولة لتغيير اتجاهات الرأي العام في البلاد، من حقائق الواقع اليومي إلى ما وراء الحدود، في إطار هذه الثنائية طائفية المقاصد والغايات ما بين الدولة “س″ والدولة “ص”، وما بينهما يجري السكوت عن ماء البصرة الملوث وينسى العراقيون معاناتهم اليومية التي تسببت بها إيران وعملاؤها من أحزاب السلطة وميليشياتها. هذه الثنائية استمرار للنهج الطائفي الحكومي الذي درجت عليه منذ 9 أبريل 2003، ومن شأن هذا أن يضمن مسألتين؛ الأولى إحكام قبضة المستوطنين على الحكم، والثانية إذكاء الصراع الزائف بين “س″ و”ص”.

ليس خافيا أن هذه الثنائية وما يرافقها من ضخ إيراني مستمر للتسريبات في العراق لشحن الميليشيات ضد الوجود الأميركي في مهمة الحفاظ على النفوذ الإيراني، الذي تربطه إيران بهذه الثنائية، هدفه تسويغ تسلطها والمستفيدين من الخلل الطائفي، بعد أن مني المشروع الطائفي في العراق بإحداث شرخ في المجتمع العراقي بالفشل الذريع، ولكنه ظل مستعرا بين الميليشيات التي تدعي تمثيل فئات ذلك المجتمع، ليأتي تسويق هذه الثنائية وترويجها بمرتبة منشط للمشروع الطائفي الذي أخفق في تحقيق أهدافه في العراق، وتاليا سينسحب هذا الإخفاق على ساحات أخرى ينشط فيها عملاء إيران في بث الصراع الطائفي وإذكائه.

ولما كان الشحن الطائفي يمثل للمشروع الإيراني لحمته وسداه، فإن فشله في ساحة من الساحات يعني تهديد وجوده في الساحات الأخرى بالفشل تدريجيا، وخسارة إيران لكل ما أنفقته على تلك الساحات.

ينبغي أن لا نغفل أن لإيران وسائل إعلام مؤثرة طائفيا لا تنفك تطورها منذ قرون، وهي المنابر التي يرتقيها معممون موالون لولاية الفقيه، والتي تستطيع من خلالها الوصول إلى البسطاء بسهولة عن طريق عواطفهم.

إيران تدرك أهمية الإعلام في خدمة مشروعها ولذلك ركزت على الإعلاميين والكتاب والصحافيين مــن أصحاب التوجه القومي، من أجـل جعلها هـي عمـق الأمة العربية، ورغم أن العقل السياسي الإيراني يعد الفكر القومي ماسوني التأسيس والأهداف، إلا أنه يتعامـل معـه بميكيافلية واضحة. فهو يريـد اسـتخدامه لما يحقـق مصالح إيران القومية، مركزا على استغلال التيار القومي الناصري بالذات، تماما كما فعلت مع الإخوان، الذين تعدّهم من النواصب لكنهـا تعمل عـلى الاستفادة منهم كونهم الأقرب إلى تنفيذ مخططاتها عكس التيار السلفي.

ترويج ثنائية “إيران – السعودية” يهدف إلى تحريض العراقيين على الوقوف مع إيران ضد الولايات المتحدة والسعودية وجميع البلدان المناوئة للتمدد الإيراني في المنطقة.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية