تقنيات جديدة يمكن أن تُشعل شرارة ثورات عالمية

تقنيات جديدة يمكن أن تُشعل شرارة ثورات عالمية

تقنيات جديدة يمكن أن تُشعل شرارة ثورات عالمية


12/06/2023

طارق العليان

مُنذ أن قررت الولايات المتحدة الانخراط بكل قوة في منافسة القوى العظمى، فقدت مصطلحات مثل الحرب غير النظامية، ومكافحة التمرد، والحروب الصغيرة رواجها.

على النحو الذي تركَ به انتقال "الأثرياء" إلى العصر الصناعي كثيرين خلفه، يُرجح أن يترك العصر الافتراضي وراءه أكثر الناس احتياجاً في العالم مُتخلفين عن الركب.

ورغم أن المنظِّرين العسكريين يروق لهم تبني الأفكار التقليدية، من المهم أن نعي أن عصر "الحروب القذرة" الجديد يلوح في الأفق. وفي هذا الإطار، يرى أدن ماجي، خبير الذكاء المهني، والمستشار الأول السابق لدى وزارة الدفاع، ووزارة الأمن القومي، ووزارة الطاقة، ومكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي، أنه أمر بديهي نسبياً عند الذين يدركون أسباب الاضطرابات المؤدية إلى الاضطراب، والتمرد، لكن ليس واضحاً أن الخبراء الاستراتيجيين الجيوسياسيين أو العسكريين الذين يمكنهم إحداث فارق يرون هذه الحروب قريبة.

ويقول ماجي في مجلة "ناشونال إنترست": "كان السواد الأعظم من حركات التمرد على مدى القرن الماضي يضرب بجذوره في الخلاف المجتمعي في البلدان التي لم تكن قادرة على التطور بفعالية من العصر الزراعي، إلى العصر الصناعي. والتطور المماثل التالي جارٍ بالفعل، وهو يَعِد بالمزيد من حركات التمرد، ولو أنها ستكون أسرع وتيرةً وأوسع نطاقاً"، حسب الكاتب.

وأضاف الكاتب أن تقنيات ميتافيرس وسلسلة الكتل، بلوك تشين، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، وتعلُّم الآلة، والواقع المُعزز الافتراضي، وعلوم الكم، والسحابة الإلكترونية، والحوسبة المكانية، كلها عناصر أساسية في النظام العالمي الناشئ. والإمكانات لا حدود لها، لكنها ليست إيجابية كلها.

و"إذ نتقدم في العصر الافتراضي، نجد المخاطر مثيرةً للرعب"، حسب وصف الكاتب، الذي يشير إلى نقاشات كثيرة دائرة حول مخاطر تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وتهديدها في نهاية المطاف بالتفوق على ذكاء البشر، والسيطرة عليهم، غير أن الخطر الذي نتصدى له هنا، أشبه بكثير بالمخاوف التي أعربَ عنها الناس خلال الحرب الباردة، خوفاً من تسبب الأسلحة النووية في العودة بالعالم إلى "العصور الحجرية".

ويضيف الكاتب "تُبدل التكنولوجيا كل شيء، تقريباً. والقيود التقليدية على العمالة البشرية لم تَعُد بعْد عاملاً مُقيداً في السوق العالمية".

قلوب وعقول

ولفت الكاتب إلى أن الشركات والحكومات تستفيد من الابتكارات التي تُفضي إلى خفض الكلفة وتقليل العمالة البشرية.

وأضاف "الطفرات التقنية السريعة تُفقِد البشر وظائف كل أسبوع، لا لأنهم أخفقوا في أداء أعمالهم، ولكن لأن المهارات التي اكتسبوها بالتعليم، والتدريب والخبرة لم تَعُد وثيقة الصلة بحاضرنا. والإحصاءات عن العُمال ليست أرقاماً وحسب، وإنما هي قلوب وعقول".

سيُجبر هذا الحراك حتى العمال "المهرة" على هبوط السلم الاقتصادي، وسيؤثر  ذلكعلى نحو غير مُتناسب على أسواق العمالة "ففي النهاية الدنيا للمهارات".

نقطة الانهيار

ويُلازم هذا الاتجاه الصاعد نحو البطالة واسعة النطاق تفاقم التفاوت الاقتصادي، حسب الكاتب، الذي يوضح "عندما تكون الفجوة بين الأثرياء، وهم قلة نسبياً، والمعدمين وهم كُثُر نسبياً، في نمو دائم، حسب ما علِمنا على مر التاريخ، سنصل إلى نقطة الانهيار لا محالة".

ولعل ما يثير القلق أكثر، في رأي الكاتب، أن هذه الفجوات تنمو الآن داخل مجتمعات قومية وعلى المستوى العالمي أيضاً، إذ تستقر الدول القومية عند أحد طرفي هذا الطيف. ويقول ماجي إن هذه القضية، مسألة أمن قومي محلي وعالمي.

ويضيف الكاتب "أثبتت مغامرات الولايات المتحدة الفاشلة الأخيرة في العراق كيف أن الذين يُحْرَمون من رفاههم الاقتصادي وهُوياتِهم الاجتماعية، سيرفعون أسلحةً بدائية في وجه القوة العسكرية الأكثر تقدماً تقنياً في العالم أجمع".

ورغم أنها كانت حالة فَرَضَ فيها شعب إرادته على شعب آخر، فإنها تثبت كيف يتصرف الناس عندما يتخلفون عن الرَّكْب.

وعلى النحو الذي تركَ به انتقال "الأثرياء" إلى العصر الصناعي كثيرين خلفه، يُرجح أن يترك العصر الافتراضي وراءه أكثر الناس احتياجاً في العالم مُتخلفين عن الركب بأعداد أكبر بكثير.

ثورة على الآلات

ويقول ماجي، الذي عمل أخيراً مستشاراً للقيادة السيبرانية وقيادة العمليات الخاصة الأمريكية: "سيتحول الخيال إلى حقيقية. إذ ينطلق العالم بوتيرة أسرع وبقوة أكبر نحو العصر الافتراضي،وسيثور الذين سيتخلفون عن الركب في نهاية المطاف على الآلات".

وحينها سنرى كيف سيتصرف "الأثرياء" القليلون المُسلحون بلوحات مفاتيحهم وسماعات واقعهم الافتراضي عندما تتسلح الجماهير "المُعدمة" بأسلحة عصرها، التي لم يعرفوا سواها.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية