تصريحات إبراهيم منير.. تزييف الحقائق نهج إخواني

تصريحات إبراهيم منير.. تزييف الحقائق نهج إخواني


01/08/2022

استمراراً في المراوغة وتزييف الحقائق، النهج الذي تمارسه جماعة الإخوان، قال إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان المسلمين، القائم بالأعمال: إنّ التنظيم "لن يخوض صراعاً جديداً على السلطة"، مؤكداً رفض الجماعة "استخدام العنف والسلاح لمواجهة النظام".

وأضاف منير في حوار مع وكالة "رويترز" للأنباء يوم الجمعة الماضي: "نرفض العنف تماماً، ونعتبره خارج فكر جماعة الإخوان المسلمين، ليس فقط أن نستخدم العنف أو السلاح، بل حتى أن يكون هناك صراع على الحكم في مصر بأيّ صورة من الصور".

أحاديث منير المتناقضة

تصريح إبراهيم منير في حواره مع وكالة "رويترز"، عن رفض العنف يناقض تصريحه في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية في أيلول (سبتمبر) 2020، وذكر فيها أنّ بعض شباب الإخوان الغاضب مارس العنف بعد حزيران (يونيو) 2013 في القاهرة، مشيراً إلى أنّ العنف صدر عن الشباب بدافع وطني، على خلفية ثورة 30 حزيران (يونيو) التي لم تعترف بها جماعة الإخوان وتعدّها "انقلاباً عسكرياً".

حديث منير عن عدم خوض الجماعة صراعاً على السلطة ربّما يكون ليس جديداً، فقد ذكر في اللقاء نفسه بقناة الجزيرة قبل عامين عن قرار لـ"جبهة منير" عدم خوض أي عمل سياسي أو حزبي داخل مصر في تلك الفترة.

المراوغة التي يمارسها إبراهيم منير اتسعت دائرتها مع بداية الأزمة مع جبهة محمود حسين في إسطنبول

وتأتي تصريحات القائم بأعمال المرشد في جملة أحاديث تدور في السياق نفسه تطلقها "جبهة لندن" منذ عام 2020، مع تراجع وجود الإخوان في الشارع المصري بعد الضربات الأمنية المصرية المتلاحقة لأركان التنظيم في القاهرة، وبعد العديد من الحملات العسكرية التي قضت على الوجود التنظيمي لخلايا الإخوان الإرهابية في المحافظات المصرية، وفي المقدمة منها محافظة سيناء، وهو تراجع سار بالتوازي مع إدراج الإدارة الأمريكية تنظيم "سواعد مصر ـ حسم" الجناح العسكري المسلح لجماعة الإخوان على قوائم الإرهاب بتاريخ كانون الثاني (يناير) 2021.

 

التصريحات الأخيرة لإبراهيم منير ما هي إلا أسلحة تحاول عبرها الجماعة العودة للمشهد بعد فقد قواعدها في مصر وبعد تراجع التأييد الشعبي

 

حركة "حسم" المدرجة على قوائم أمريكا للإرهاب ويديرها عضو التنظيم يحيى موسى، الموضوع هو الآخر على قوائم الإرهاب في بريطانيا عام 2018، وقد عمل موسى متحدثاً إعلامياً لوزير الصحة المصري في حكومة الإخوان (2012 ـ 2013) قبل أن يخرج الملايين إلى الشارع المصري مطالبين بسقوط حكم الإخوان.

الكذب سلاح التنظيم الأخير

المراوغة التي يمارسها إبراهيم منير اتسعت دائرتها مع بداية الأزمة مع جبهة محمود حسين في إسطنبول، على خلفية مطالبة "جبهة منير" بتحوّل التنظيم إلى تيار فكري يهتم بنشر أفكار الجماعة متجنباً العمل السياسي، إلى جانب إسقاط فكرة التنظيم المؤسسي بشكله السابق ما قبل حزيران (يونيو) 2013، وإصرار "جبهة حسين" على الاحتفاظ بكل مقدرات التنظيم على نهج حسن البنا، والاستمرار في العمل من أجل الوصول إلى السلطة، وتطبيق الحكم الإسلامي على نهج الإخوان.

وقد بدأت تصريحات نائب مرشد الإخوان الموجهة بشكل مباشر للنظام المصري في محاولة لوضع قدم للجماعة داخل المشهد السياسي المصري مرة أخرى، أبرزها تصريحات منير في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 لقناة "الحوار" التابعة للتنظيم الدولي للإخوان في لندن عن وضع الإخوان لملف المحبوسين في مقدمة اهتمامات الجماعة واعتبار الاهتمام بمسألة المحبوسين "في درجة الفرض بعد الصوم والصلاة"، وذلك في ادعاء مكشوف زعم من خلاله منير أنّ المسجونين في مصر على خلفية قضايا إرهاب موثقة أجريت فيها محاكمات قضائية لأعوام "هم من معتقلي الرأي" في نظر التنظيم.

وفسّر مراقبون توقيت تصريحات منير الأخيرة لوكالة "رويترز"، أنّه اختيار مرتبط بإطلاق "الحوار الوطني"، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة في نيسان (إبريل) الماضي، واشتركت فيه جميع التيارات والأحزاب المصرية، باستثناء جماعة الإخوان المصنّفة في مصر "تنظيماً إرهابياً".

الصراع بين جبهتي "لندن" و"إسطنبول" اعتبره محللون في الأساس "صراعاً تكتيكياً متعمداً"

الصراع بين جبهتي "لندن" و"إسطنبول" اعتبره محللون في الأساس "صراعاً تكتيكياً متعمداً" في محاولة لفرض وجود جبهة إبراهيم منير على المشهد السياسي المصري، وتقديمها إلى المشهد العالمي بصورة التيّار السّلمي البديل للمجموعة القطبية الداعمة للعنف داخل التنظيم، والتي تمثلها جبهة محمود حسين كما يروج أعضاء جبهة منير.

ويستند أصحاب تلك الرؤية إلى رسائل حسن البنا، مؤسس الجماعة، التي تحدث فيها عن ضرورة التراجع التكتيكي في أوقات الضعف أو عند تعثر خطة معينة، وهو ما يطلق عليه المهتمون بدراسة جماعة الإخوان لفظ "التشرنق أو الكمون" في لحظات الضعف.

يدعم تلك الرؤية العديد من سياسات البنا التي ذكرها في خطاباته المختلفة، منها عبارة قالها البنا في ذكرى الهجرة النبوية أعادت القناة الرسمية لجماعة الإخوان على تطبيق "تليغرام" نشرها صباح السبت 30 تموز (يوليو) الماضي: "إنّ الهجرة لجوء إلى كل حركة تخدم الدعوة، وهجرة من أسلوب إلى أسلوب ومن خطة إلى خطة، وتفتيح لمسالك التحرك المثمر؛ فالداعية الواعي إذا تعثرت به خطة لجأ إلى غيرها، سعياً إلى الله وحرصاً على رضاه، واستجلاباً للنتائج الطيبة هذه، مع الالتزام الكامل بأصول دعوته وفروعها، غير مبدل بحجة التطور، ولا مغير بحجة التجديد...".

إعلام الإخوان يناقض نفسه

تصريحات إبراهيم منير، في حواره مع وكالة "رويترز"، أشار فيها إلى ملف المحبوسين، وأنّ الآلاف من أعضاء تنظيم الإخوان يقبعون في السجون المصرية "دون محاكمات عادلة في تهم رأي"، حسب زعمه، وهي مغالطة أخرى تناقضها تقارير نشرها موقع "المعهد المصري للدراسات" التابع لجماعة الإخوان في إسطنبول التي فنّدت عمليات التنظيمات الإرهابية المحسوبة على الإخوان أو التابعة لها في مصر بعد 2013، تلك التنظيمات وصفتها التقارير الإخوانية بـ"التمرّد المسلّح ضد الانقلاب العسكري"، ولم تعتبرها تنظيمات إرهابية كما يصفها النظام المصري، وكما تصفها الإدارة الأمريكية التي أدرجت غالبية تلك التنظيمات على قوائم الإرهاب، وفي المقدمة منها "حسم".

إعلام الإخوان ذكر في تشرين الأول (أكتوبر) 2020 أنّ السلطات المصرية أقدمت على إعدام (13) متهماً، صدر بحقهم حكم الإعدام في القضية (11877) لعام 2014 جنايات قسم الجيزة، والمقيدة برقم (35) لعام 2014 جنايات أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلامياً باسم قضية "أجناد مصر"، التي صدر فيها الحكم النهائي في 7 أيار (مايو) 2019.

على الرغم من ذلك فقد نشر الإعلام نفسه التابع للجماعة عام 2017 دراسة للباحث أحمد فريد مولانا، عضو الجبهة السلفية، نشرها "المعهد المصري للدراسات" في تركيا، جاء فيها: "إنّ "أجناد مصر" مارس العنف المسلّح بالفعل ضد الدولة المصرية، بالتنسيق مع تنظيم داعش، اعتراضاً على ما أطلق عليه الإخوان الانقلاب العسكري في مصر، على حكم جماعة الإخوان في حزيران (يونيو) 2013"، وهذا يصطدم مع ما تردده جماعة الإخوان الآن!

التصريحات الأخيرة الصادرة عن القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير، ما هي إلا أسلحة تحاول عبرها الجماعة العودة للمشهد بعد فقد قواعدها في مصر، وبعد تراجع التأييد الشعبي الذي حظيت به الجماعة بعد أحداث "الربيع العربي".

مواضيع ذات صلة:

إبراهيم منير يواصل الطرق على باب "الحوار الوطني" بالخطة "ب"... ماذا قال؟

إبراهيم منير: لن نخوض صراعاً على السلطة... هل تخلى الإخوان عن العمل السياسي؟

انقسامات الإخوان.. التأثيرات والسيناريوهات المتوقعة


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية