تشكيلي أردني يرسم "فاكهة الجنة" ويحتفي بموائد الطبيعة الصامتة

تشكيلي أردني يرسم "فاكهة الجنة" ويحتفي بموائد الطبيعة الصامتة


17/12/2019

يضم معرض الفنان الأردني هاني حوراني "فاكهة الجنة" أكثر من عشرين عملاً فنياً تتمحور حول موضوع الرمان؛ الفاكهة التي حظيت بمكانة خاصة لدى مختلف الحضارات والثقافات الإنسانية، ولا سيما المشرقية منها، حيث يعتبر حوراني الرمّان "ملكة متوّجة على موائد الطبيعة الصامتة".

بين جمالية ثمرة الرمان الاستثنائية وبين رمزيتها الثرية بالمقاصد والمعاني، تدور أعمال حوراني لالتقاط جوانب عظمة هذه الثمرة

وتتوزع اللوحات على أحجام مختلفة، تتراوح ما بين الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وجميعها منفذة بألوان الأكريليك ومواد أخرى على القماش، وكانت رسمت ما بين الأعوام 2015 و 2019.
المعرض افتتح في العاصمة الأردنية عمّان برعاية وزير الثقافة د. باسم الطويسي. ونظم المعرض جاليري مركز رؤى للفنون 32، ويستمر حتى منتصف شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، حسبما أفاد بيان صحفي وصل "حفريات".
يقول هاني حوراني عن معرضه: "لا تحتاج أعمالي عن الرمان إلى تفسير أو تبرير. فما من فاكهة حظيت بهذا القدر من التبجيل والتقدير مثل الرمان. وما من فاكهة حملت ذلك القدر من الرمزية، فالرمان أُعتبر رمزاً للخصوبة والازدهار والطموح في الحضارات المصرية واليونانية والعبرية القديمة والفارسية والهندية والصينية وغيرها. والأهم من ذلك أنّ الرمان لا زال يتمتع بهذه الرمزية والمعاني الجميلة في حياة العديد من الشعوب، ويندرج في صلب تقاليدها وطقوسها حتى اليوم".

الفنان الأردني هاني حوراني

الرمان ووعود الخصب والحب
ويرى حوراني أنّ "طقوس الزواج واقتناء البيوت الجديدة تقترن بممارسات خاصة بالرمان عند اليونانيين المعاصرين، وبالمثل فإنّ الأرمن والأذربيجانيين والإيرانيين وغيرهم من شعوب الشرق لا يزالون يربطون بين الرمان ووعود الخصب والحب والبركة. وهي ثمرة تدخل في طعامهم وتقاليدهم اليومية أكثر من أي ثمرة أو فاكهة أخرى".

اقرأ أيضاً: آدم حنين.. فنان تشكيلي يحول منزله إلى متحف
ويتابع "أما بالنسبة لنا، نحن العرب، ولا سيما المسلمين منا، فقد ذكر الرمان ثلاث مرات في القرآن الكريم، ووصف باعتباره أحد ثمار الجنة".
واعترف الفنان "بدأت أقرأ وأتعلم عن مكانة هذه الفاكهة لدى شعوب الشرق الأوسط والشعوب الأخرى، ماضياً وحاضراً، فقط بعد أن باتت موضوعاً أثيراً لأعمالي ولوحاتي الأخيرة. وأعترف هنا أنّ قراءاتي هذه زادت من سعادتي وتعلقي بمواصلة رسم هذه الثمرة المقدسة، وكأنها جاءت لتعزز وتبرهن على صحة اختياري لها، دون غيرها من الفواكة أو الموضوعات".

بدأ يعمل على لوحاته المبكرة عن الرمان في زمن "الربيع العربي"

ثمرة نبيلة وجميلة

وما قاد الفنان إلى رسم "هذه الثمرة النبيلة هو جمالها، بل تفردها بسمات جمالية استثنائية تجعل منها ملكة الفواكه. وهي ثمرة جميلة في مختلف فصولها وأوقات نموها، منذ تفتحها كزهرة تتموضع ما بين أوراق خضراء طويلة ورشيقة إلى مرحلة نموها الأولى كثمرة؛ حيث تحتفظ ببعض أوراقها الحمراء، وصولاً إلى اكتمال نموها بظهور تاجها المميز وتعدد ألوانها ما بين الحمرة النبيذية إلى الصفرة والخضرة وما بينهما من درجات لونية".

شعوب الشرق لا تزال تربط بين الرمان ووعود الخصب والحب والبركة. وهي ثمرة تدخل في طعامهم وتقاليدهم اليومية

ومع أنّ الرمان كان دائم الحضور في حياة هاني حوراني، مثل بقية أبناء هذه المنطقة، "إلا أنّ الانبهار بجمالية الرمان سواء كثمرة منفردة، أو حين تكون جزءاً من جموع الرمان على عربات الباعة، في صفوف مرصوصة، وتشكل ما يشبه الهرم، يعود الفضل فيه إلى الباعة على طريق جرش/ عمان، الذين يرصّعون عرباتهم بهذه الثمرة، كما لو كانت حُلى طبيعية، وهكذا بدأت أصور هذه الثمرة البهية موسماً بعد موسم وسنة بعد أخرى، تارة وهي زهور تتشكل وثمار صغيرة على أغصانها، وتارة أخرى وهي تصطف على أرفف عربات الخضار في طريق عمان/ جرش، وتارة ثالثة حين تستقر، بين مفردات أخرى كملكة متوّجة على موائد (الطبيعة الصامتة)".

الرمان والحشود
بين جمالية ثمرة الرمان الاستثنائية وبين رمزيتها الثرية بالمقاصد والمعاني، تدور أعمال حوراني الأخيرة، كما لو أنها تحاول التقاط بعض جوانب عظمة هذه الثمرة: "لقد بدأت أعمل على لوحاتي المبكرة عن الرمان في زمن (الربيع العربي)، حيث كانت مشاهد الحشود اللانهائية تطفو على شاشات التلفاز والصفحات الأولى من الصحف اليومية. حينها ظهرت لوحاتي الأولى عن (حشود) الرمان وصفوفها المرصوصة واللانهائية. فهل هي مصادفة أم أنها إسقاطات اللاوعي. في تلك الأعمال، لا تشبه ثمرة الرمان ثمرة أخرى مجاورة لها، كما هو حال الناس الذين نزلوا للشوارع والساحات العامة. فكل واحد منهم كان يمثل كياناً قائماً بذاته، له تاريخ وحياة وقسمات مميزة، لكنه أيضاً جزء من تلك الجموع الثائرة".

اقرأ أيضاً: ست نساء يرصدن انفعالات الوجوه في معرض تشكيلي بعمّان
وتساءل الفنان الأردني: "هل هي مصادفة أن أعود للرمان، بعد زمن (الربيع العربي) لأصورهُ في حالات فردية، أو على شكل مجموعة قليلة من (الحبّات)، التي أصاب بعضها الجفاف، أو باتت جزءاً من مشهد صامت؟!".

مقاوم في الثورة الفلسطينية
يذكر أنّ هاني حوراني هو أحد فناني جيل الستينيات، ولد في الزرقاء، بالأردن عام 1945. وكان أحد مؤسسي "ندوة الرسم والنحت" عام 1962. أقام ثلاثة معارض شخصية لأعماله خلال الستينيات، قبل أن يتفرغ للعمل السياسي ودعم المقاومة الفلسطينية، بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية والأراضي العربية والفلسطينية في حرب 1967.

اقرأ أيضاً: التشكيلي عصام طنطاوي: مسافر زاده الخيال
ومع عودته للممارسة التشكيلية والفوتوغرافية في مطلع التسعينيات، أقام أكثر من 22 معرضاً لأعماله في الرسم والتصوير الفوتوغرافي، إضافة إلى مشاركته في معارض جماعية داخل الأردن وخارجه. وقد عرضت أعمال هاني حوراني في العديد من العواصم العربية والأجنبية، ومنها القاهرة، حلب، الشارقة، المنامة والدوحة، إضافة إلى غوتنبيرغ بالسويد وواشنطن. وله مساهمات في العديد من التظاهرات الفنية مثل بينالي القاهرة الدولي للفنون، وبينالي الأقصر للتصوير، ومهرجان عمان للصورة وغيرها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية