تركيا وإسرائيل: تعاون في مجال الطاقة في منطقة شائكة شرق المتوسط

تركيا وإسرائيل: تعاون في مجال الطاقة في منطقة شائكة شرق المتوسط


14/03/2022

بعد عدّة أعوام من سعي أنقرة لتصبح لاعباً رئيسياً في شرق المتوسط، تارة بالتعدّي على المناطق الاقتصادية الخاصة باليونان وقبرص، وأخرى برسم حدود بحرية وهمية مع مسؤولين ليبيين موالين لجماعة الإخوان المسلمين، يبدو أنّ تركيا وجدت بطاقة الدخول إلى منطقة شرق المتوسط الغنية بالغاز الطبيعي والمواد الهيدروكربونية من خلال بوابة إسرائيل.

اقرأ أيضاً: أردوغان يساند إسرائيل في مزاعمها... ماذا قدم لها؟

ويبدو أنّ تودد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإسرائيل لتطبيع العلاقات بين البلدين أثمر عن تفاهمات جدية بشأن الغاز الطبيعي والتعاون في منطقة شرق المتوسط، فقد أعرب مسؤولون أتراك وإسرائيليون عن استعدادهم للتعاون في مجال الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

منطقة شائكة

وعلى مدار الأعوام الـ6 الماضية، شهدت منطقة شرق المتوسط توترات متلاحقة، افتعلتها تركيا بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية الخاصة لكلٍّ من اليونان وقبرص، وظهرت التوترات مع ظهور حقل ظهر العملاق في المياه الإقليمية المصرية باحتياطيات مؤكدة تصل إلى أكثر من (30) تريليون قدم مكعب.

وقد قضى توقيع مصر واليونان اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بين البلدين في آب (أغسطس) 2020 على مساعي تركيا للتمدّد في منطقة شرق المتوسط، بضمّ مناطق شملها اتفاق أبرمته تركيا جوراً وزوراً مع الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة فائز السراج.

ونقلت صحيفة "ديلي صباح التركية" عن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونمز قوله، خلال حوار مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية السبت الماضي: "إنّ الغاز الطبيعي الإسرائيلي يمكن أن ينتقل بسهولة إلى الخارج عبر شبكة خطوط الأنابيب التركية"، موضحاً: "لدينا بالفعل نظام نقل وطني على أراضينا".

اقرأ أيضاً: إيران: التهديد لإسرائيل والضرب للأكراد

وتأتي تصريحات دونمز في الوقت الذي أعلنت فيه تركيا وإسرائيل حقبة جديدة في العلاقات الأسبوع الماضي بعد خلاف دام عدّة أعوام، على خلفية تصريحات أردوغان الذي تمّ وصفه مؤخراً بأنّه "ظاهرة صوتية"، حيث لم تسلم دولة في المنطقة من انتقاداته الحادة على خلفية العلاقات مع إسرائيل، قبل أن يستقبل، هو بنفسه، بحفاوة غير مسبوقة نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الأسبوع الماضي.

يبدو أنّ تركيا وجدت بطاقة الدخول إلى منطقة شرق المتوسط الغنية بالغاز الطبيعي والمواد الهيدروكربونية من خلال بوابة إسرائيل

وكان أردوغان قد أعرب عن اعتقاده بأنّ زيارة هرتسوغ تُعدّ "فرصة لإحياء التعاون في موضوع الطاقة الذي بدأ من قبل"، مؤكداً استعداد تركيا للتعاون مع إسرائيل في قطاع الطاقة. وأعرب الشهر الماضي عن اهتمام تركيا باستئناف المحادثات مع إسرائيل بشأن استخدام الغاز الطبيعي، وقال: إنّ البلدين يمكن أن يعملا سويّاً لنقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا، لإحياء فكرة نوقشت قبل أكثر من (20) عاماً.

ومن المقرر أن يزور دونمز ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إسرائيل في نيسان (أبريل) لإجراء مزيد من المحادثات حول زيادة التعاون.

 خط أنابيب محتمل بين تركيا وإسرائيل

ولم يعد سرّاً أنّ الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن تدعم مجموعات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي تلقى دعم أردوغان. وعلى إثر دعمه للنظام التركي الإخواني، عرقل بايدن مطلع العام الجاري خططاً لإنشاء خط الأنابيب "إيست ميد" لنقل الغاز الإسرائيلي من شرق المتوسط إلى أوروبا عبر قبرص واليونان، مستثنياً تركيا.

وقد حظي خط أنابيب "إيست ميد" في السابق بدعم إدارة دونالد ترامب في الولايات المتحدة، ومع ذلك، في تحوّل واضح، أعربت إدارة بايدن في كانون الثاني (يناير) الماضي عن مخاوفها بشأن المشروع، مشيرة إلى مخاوف بشأن جدواه الاقتصادية وتكاليفه البيئية.

وقال دونمز: إنّ مشروع خط أنابيب محتمل بين تركيا وإسرائيل مرتبط بتناغم المصالح المشتركة للطرفين، موضحاً: "بالنظر إلى المخطط العام للمشروع، يلزم وجود خط من حوالي (500 إلى 600) كيلومتر (310 أميال إلى 372 ميلاً)، وعلى الجانب الآخر، كان من الضروري تركيب ما لا يقلّ عن (2 إلى 3) مرّات من خطوط الأنابيب إلى أوروبا أكثر من هذا، لدينا بالفعل نظام نقل وطني على أراضينا".

وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونمز: إنّ الغاز الإسرائيلي يمكن نقله بسهولة إلى أوروبا عبر الأنابيب التركية

وأضاف دونمز: "إنّ خطوط الأنابيب الإضافية قد تكون مطلوبة في حالة الحاجة إلى نقل كميات أكبر في المستقبل"، إلا أنّه قال: "لكن في المرحلة الأولى يمكننا بسهولة نقل الغاز الذي يمكن أن يأتي من هناك، سواء داخل البلاد أو في الخارج".

والسبت الماضي، قالت نائبة رئيس الكنيست غيداء ريناوي الزعبي، في مقابلة حصرية مع "ديلي صباح" الموالية للإخوان ولنظام أردوغان: إنّ تركيا وإسرائيل يمكن أن تتعاونا في شرق البحر المتوسط، حيث تشهد العلاقات بين البلدين تحسناً سريعاً بعد أعوام من التوترات.

اقرأ أيضاً: تركيا تسعى لتثبيت أقدامها في شرق المتوسط من بوابة إسرائيل

وتابعت الزعبي: "نطمح حقاً لمواصلة ما كان قبل عدة أعوام من التعاون والشراكة، لا سيّما في مجال السياحة والتجارة والاقتصاد"، مشيرة إلى أنّ زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ولقائه بالرئيس رجب طيب أردوغان هي الأولى من عدة "لقاءات إيجابية للغاية" وخطوات في المستقبل القريب.

وفي وقت سابق، قال وزير الطاقة الإسرائيلي: إنّ تل أبيب مستعدة للتعاون مع تركيا في مجال الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.

والأربعاء الماضي، استقبل أردوغان، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في بعض الدول، بحفاوة كبيرة نظيره الإسرائيلي، ليصبح أول زعيم إسرائيلي يزوره منذ (14) عاماً. ووصل هرتسوغ على متن طائرة عليها كلمات: "سلام" و"مستقبل" و"شراكة"، بالعبرية والتركية والإنجليزية.

وقد سحبت الدولتان سفيريهما في عام 2010، بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية قافلة بحرية متجهة إلى غزة تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين، بعد أن خرقت الحصار الإسرائيلي، وأسفر الحادث عن مقتل (9) نشطاء أتراك.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية