مؤيد الطرفي
أعلن عدد من الكتل السنية بمحافظة الأنبار في العراق عن تشكيل تحالف سياسي جديد يتكون معظمه من قوى تقليدية خسرت في الانتخابات البرلمانية الماضية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، سواء داخل المحافظة أو خارجها.
وضم التحالف الجديد كلاً من الحزب الإسلامي العراقي في الأنبار بزعامة صهيب الرواي، وحزب الحل بزعامة جمال الكربولي والأمين العام للمشروع الوطني العراقي جمال الضاري، ووزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي، ووزير التخطيط السابق سلمان الجميلي، وشخصيات عشائرية مثل أركان خلف الطرموز عضو مجلس محافظة الأنبار السابق.
دعم القضاء والديمقراطية
ودعا التحالف الجديد في بيان له عقب انتهاء اجتماعه الأول في منزل وزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي في منطقة "الصوفية" بمدينة الرمادي (110) كيلومترات غرب بغداد إلى احترام استقلال القضاء العراقي ومعالجة المشكلات التي يعانيها البلد عبر الحوار لرسم خريطة طريق واضحة، ولإكمال الاستحقاقات الدستورية وإجراء الإصلاحات الحقيقية والجذرية، وإيقاف الخطاب العدائي. كما رفض التحالف ما أطلق عليه سياسة تكميم الأفواه في محافظة الأنبار من قبل بعض الجهات السياسية تجاه الانتقادات الخاصة بالوضع السياسي أو الخدمي أو الأمني في المحافظة، والتي تشكل ثلث مساحة العراق.
ودعا جميع الكتل والنواب في المحافظات المحررة إلى اتخاذ مواقف إيجابية موحدة وتحديد مشكلات هذه المحافظات والمساهمة الحقيقية مع الأطراف الأخرى في إجراء الإصلاحات المرجوة.
مواجهة الحلبوسي والخنجر
ويرى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن هذا التحالف السني الجديد يستهدف خريطة سياسية جديدة من التوازنات، معتبراً أنه يسعى إلى مواجهة تحالف "السيادة" ولتعزيز الإطار التنسيقي.
وأضاف فيصل، "أن وصول قيادات تحالف عزم جمال الكربولي وعدد من الشخصيات السنية الأخرى وقيادات الحزب الإسلامي إلى مدينة الرمادي من أجل الإعلان عن تحالف سياسي سني جديد يستهدف تكوين خريطة سياسية جديدة من التوازنات بعد انسحاب التيار الصدري من مجلس النواب".
ويتكون تحالف السيادة من كتلتي "تقدم" بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، و"العزم" بزعامة خميس الخنجر، ويمثل أغلب النواب السنة في البرلمان العراقي، والذي كان قد تحالف مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضمن التحالف الثلاثي، إضافةً إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان يهدف إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية قبل أن يستقيل نواب التيار الصدري من البرلمان العراقي بأمر من زعيمهم مقتدى الصدر والاعتصام أمام مبنى البرلمان العراقي.
مدعوم من "الإطار"
وأشار فيصل إلى أن "الإطار التنسيقي" يهدف إلى تكوين كتلة سنية برلمانية لمنافسة تحالف السيادة مع احتمال التحالف مع كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مواجهة الحزب الديمقراطي الكردستاني، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيعقد المشهد السياسي، ولن يؤدي إلى انفراج الأزمة والجمود السياسي الذي عرض النظام السياسي لخلل كبير وضعه في بداية النهاية والتفكك، بحسب قوله.
وبين فيصل أن جميع هذه التحالفات لن تنجح في ظل الأزمة الراهنة وبسبب عدم ذهاب "الإطار التنسيقي" للبحث عن العوامل والأسباب التي ولدت الأزمات، معتبراً إلى أن الإطار لا يعمل من أجل إيجاد حلول لقضايا الملايين من المواطنين الذين يعانون الفقر المدقع والبطالة والأمية وملايين الأيتام والأرامل، بحسب قوله.
جلسة البرلمان
وتابع فيصل أن التحالف الجديد سيكون لمواجهة تحالف السيادة ولتعزيز الإطار التنسيقي نحو عقد جلسة للبرلمان وتشكيل الحكومة، وربما انتخاب رئيس للجمهورية، لكن هذه الافتراضات محفوفة بالمخاطر والتحديات، مشيراً إلى أن الإطار التنسيقي قد يعجر عن جمع 220 نائباً لانتخاب الرئيس، وسيزداد المشهد تعقيداً في حالة عزل تحالف السيادة والحزب الديمقراطي بجانب العصيان المدني الذي يبدو في الأفق والتشكيك بشرعية انعقاد جلسة البرلمان.
تحالف منافس
ويعتقد الباحث في الشأن السياسي علي بيدر أن هدف هذا التجمع هو منافسة تحالف السيادة، معتبراً أن وجود مثل هذا التجمع سيحرك الجمود داخل المشهد السياسي السني.
وأضاف بيدر، أن "التجمع منافس ورديف لتحالف السيادة، ويمكن أن يحرك الجمود داخل المشهد السياسي السني، بعد أن أخذ اتجاهات أحادية القطب"، مرجحاً أن "يخلق هذا التحالف حالة من المنافسة على تقديم الخدمات ومكاسب جديدة للمكون وأدوات أخرى غير تقليدية، خصوصاً أن الشخصيات الموجودة في هذا التجمع شخصيات تمتلك الإمكانية والخبرة والعلاقات الجيدة".
خطوة إيجابية
واعتبر بيدر أن هذه خطوة إيجابية لتوعية الجمهور وبث دماء جديدة في عروق هذا المجتمع الذي ما زال ينظر إلى السلطة من خلال شخص واحد والزعامة من خلال عنوان واحد، لافتاً إلى أن قانون الانتخابات الجديد بدأ يفرز تخندقات مناطقية وعشائرية ضيقة لا يمكن أن تخلق وعياً إصلاحياً.
وتوقع أن يكون هناك تعاون بين التحالف الجديد مع الإطار التنسيقي، وخصوصاً أن الأخير يمكن أن يكون أكثر نفعاً للمكون السني في العراق، بحسب قوله، مشيراً إلى أن هناك جماعات مسلحة في الإطار التنسيقي تشكل ضغطاً على المجتمع السني، ويمكن إذا ما تحسنت العلاقات بين الطرفين أن تقل هذه الضغوط بشكل كبير.
عن "اندبندنت عربية"