أفضت مشاورات متعثرة داخل الإطار التنسيقي، إلى الإعلان عن مرشح لرئاستها، وهو القيادي السابق في حزب الدعوة محمد شياع السوداني، وذلك بعد انسحاب قيادات الصف الأول مثل؛ نوري المالكي، وحيدر البغدادي، وهادي العامري.
وتباينت ردود فعل القوى السياسية العراقية حول ترشح السوداني، الذي شغل عدة مناصب وزارية، في حكومة نوري المالكي سابقاً، لتشكيل الحكومة المقبلة، أبرزها رفض مقتدى الصدر قائد التيار الصدري، لترشح السوداني.
وينطلق الصدر من رفضه للسوداني، باعتبار الأخير، قيادياً سابقاً في حزب الدعوة، وتسلم خلال السنوات الماضية، إدارة عدة وزارات عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، ما يعني أنّ الحكومة المقبلة بفريقها الوزاري والاستشاري، ستكون بصبغة واضحة (قريبة من إيران)، وفق ما يتحدث به سياسيون.
رسالة حمراء من التيار الصدري
وفي تطور لافت لأزمة تشكيل الحكومة العراقية، اقتحم متظاهرون من أنصار التيار الصدري، أمس، مبنى البرلمان العراقي بالمنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، احتجاجاً على ترشيح "الإطار التنسيقي" للسوادني لرئاسة الحكومة، لكنهم انسحبوا لاحقاً، بعد ساعتين استجابة لدعوة زعيمهم بالانسحاب، بحسب ما نقلت "فرانس 24".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا في تغريدة مناصريه إلى الانسحاب، قائلاً: "ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين.. عودوا إلى منازلكم سالمين"، وإثر هذه الدعوة بدأ المتظاهرون على الفور في الانسحاب تدريجياً من مبنى البرلمان، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
عماد محمد: الهدف من هذا الاحتجاج بالأساس هو تغيير مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة، ببديل مقبول لدى الصدر، الذي رأى في ترشيح شخصية من فريق المالكي استفزازاً كبيراً له
المحلل السياسي عماد محمد، يرى أنّ "الهدف من هذا الاحتجاج بالأساس هو تغيير مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة، ببديل مقبول لدى الصدر، الذي رأى في ترشيح شخصية من فريق المالكي، استفزازاً كبيراً له، لذلك لجأ إلى تحريك الشارع، فضلاً عن ضغط آخر يمارسه الصدر، لضمان مشاركة وازنة لحلفائه السابقين (الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة) في الحكومة المقبلة، بعدما رأى أنّ قوى الإطار التنسيقي تمارس ضدهما إجراءات شبه عقابية، لتحالفهما السابق معه"، بحسب حديثه لـ"سكاي نيوز".
كيف رد الإطار التنسيقي؟
من جانبه، أصدر الإطار التنسيقي بياناً للتعليق على أحداث الأربعاء، قال فيه إنه "منذ يوم أمس هناك تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".
واعتبر البيان الذي نشرت "فرانس 24" نسخة منه أنّ "ما جرى من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب.. وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير".
وقال البيان: "بعد أن أكملت قوى الإطار التنسيقي الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفقت بالإجماع على ترشيح شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، رصدت تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".
هل ينسحب السوداني للتهدئة؟
لا ينوي السوداني الانسحاب مُطلقاً من الترشح لرئاسة الحكومة السودانية، هذا بحسب حديثه للصحافين مساء أمس، بعد اجتماع مطول لقوى الإطار التنسيقي تناول مجمل الأوضاع السياسية في البلاد واعتراض بعض القوى السياسية على ترشح السوداني للمنصب واقتحام متظاهرين تابعين للتيار الصدري للبرلمان.
محمد شياع السوداني: لا صحة لما تم تداوله، ولن أنسحب من هذا الترشيح على الإطلاق، وهو مسؤولية كبيرة تقع علينا لإنقاذ العراق
وقال السوداني: "لا صحة لما تم تداوله، ولن أنسحب من هذا الترشيح على الإطلاق، وهو مسؤولية كبيرة تقع علينا لإنقاذ العراق"، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
من جانبها، قالت قوى الإطار التنسيقي في بيان مقتضب أعقب الاجتماع، إنّ "الإطار التنسيقي عقد اجتماعاً، وبحث جملة من الموضوعات ذات الصلة بالوضع السياسي والأمني، وتشكيل الحكومة، وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس النواب".
ما السيناريوهات المرتقبة؟
في ضوء التعقيدات الراهنة بالمشهد السياسي المرتبك في العراق، والتوتر بسبب عدم التوافق على المرشح لرئاسة الحكومة وعودة الصدريين للشارع، واحتدام التوتر أيضاً بسبب التسريبات الأخيرة لرئيس الوزراء الأسبق والقيادي في الإطار التنسيقي نور المالكي والتي تضعه في مواجهة مباشرة مع الصدر وأنصاره، يبدو تشكيل الحكومة في وقت قريب "أمراً غير منطقي"، بحسب المراقبين، فيما تغوص البلاد في مشكلات صعبة تتعلق بتدهور الوضع الاقتصادي والميوعة الأمنية والتناحر الطائفي.
ووفق وكالة "رويترز"، دخل العراق، بعد أحداث الأربعاء، وما تحمله من إشارات على تعقيد المشهد السياسي، في أطول فترة جمود سياسي بعد الانتخابات البرلمانية؛ إذ حال التناحر الداخلي بين التكتلات الشيعية والكردية بالأساس دون تشكيل حكومة، مما يعطل إصلاحات مطلوبة، في حين تجاهد البلاد للانتعاش بعد صراعات استمرت لعقود.
وبعد مضي أكثر من 9 أشهر على إجراء انتخابات في تشرين الأول ( أكتوبر) الماضي، لا يبدو أنّ المشرعين المكلفين باختيار رئيس للبلاد ورئيس للوزراء قد اقتربوا من الاتفاق على شيء، ليسجل العراق مدة قياسية تبلغ (290) يوماً دون رئيس أو حكومة، وفق التقرير المنشور في "إندبندنت عربية" نقلاً عن وكالة "رويترز".
"رويترز": إذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة
وكانت أطول مدة سابقة في عام 2010 عندما مر بـ289 يوماً دون حكومة، إلى أن تولى رئيس الوزراء نوري المالكي فترة ثانية في المنصب.
وفي الفترة الحالية، تواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال، وإذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة.
وهذا الشلل السياسي ترك العراق دون موازنة عامة لعام 2022، فتوقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية.