بعد زيارته 3 دول أفريقية.. ماذا يريد أردوغان من القارة السمراء؟

بعد زيارته 3 دول أفريقية.. ماذا يريد أردوغان من القارة السمراء؟


31/10/2021

تحت غطاء التعاون الإنساني والاقتصادي والعسكري، أزاح الإسلاميون الجدد بزعامة رجب طيب أردوغان الستار عن مساعيهم للهيمنة على أفريقيا.

وظهر هذا جلياً خلال زيارة لـ3 دول أفريقية الأسبوع الماضي، أنغولا وتوغو ونيجيريا، وسط تصاعد التوترات في الداخل، وتفاقم الأزمات وانهيار العملة.

وتركزت الاتفاقيات التي عقدها الرئيس التركي مع الدول الأفريقية حول الأسلحة والألغام وقطاعات الصحة والطاقة والبنى التحتية، وكلها مواضيع تهم رجال أعمال مقربين من أردوغان وحزبه.

وتعمل أنقرة بصمت، بحسب متابعين، في الكثير من الدول الأفريقية، وتحتفظ بتواجد عسكري في الكثير من الدول، ممّا يؤرق دولاً غربية لها نفوذ تاريخي في القارة السمراء، بحسب تقرير نقلته قناة الغد قبل يومين.

وقال أردوغان خلال زيارته أنغولا: "لزيارتي أهمية تاريخية، لأنني أول رئيس تركي يزور هذا البلد الأفريقي"، مؤكداً أنّ أنقرة "ستكون جسراً يربط بين قارات آسيا وأوروبا، وسيظهر بلا شك في منطقة جغرافية واسعة للغاية".

وهاجم أردوغان ضمنياً فرنسا قائلاً: "القوى الإمبريالية التي كان لها تاريخ دموي في أفريقيا، تحاول الآن الاستفادة من البنية الأمنية العالمية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية".

 

تحت غطاء التعاون الإنساني والاقتصادي والعسكري، أزاح الإسلاميون الجدد بزعامة أردوغان الستار عن مساعيهم للهيمنة على أفريقيا

 

وأشار كذلك إلى أنّ هذه القوى الإمبريالية ما تزال ترفض الاعتراف باستقلال البلدان الأفريقية، على الرغم من التضحية بملايين الأرواح من أجل تحقيق الحرية في القارة.

وكانت المحطة الثانية لأردوغان في جولته الأفريقية توغو، بعد زيارته التي استمرت يومين لأنغولا، وقال: تعمل سفارتنا في لومي منذ الأول من نيسان (أبريل) من هذا العام، ونأمل أن تفتح توغو سفارتها في أنقرة قريباً.

وصلنا إلى حجم تجارة بلغ 148 مليون دولار في عام 2020، والشركات التركية مستعدة للقيام باستثمارات نموذجية في توغو في مجالات السياحة والزراعة والطاقة والبناء.

وفي سياق متصل، عقد أردوغان مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع الرئيس النيجيري محمد بخاري عقب محادثاتهما في أبوجا.

وأشاد بخاري بتركيا لاستقبالها وإيوائها 4 ملايين لاجئ فروا من الصراع، لا سيّما في العراق وسوريا وأفغانستان.

وقال أردوغان في إفادة صحفية خلال الزيارة: "نحن نعزز تعاوننا في قضايا الدفاع والأمن العسكري مع نيجيريا التي تحارب المنظمات الإرهابية والعصابات المسلحة والقرصنة"، وفق ما نقلت وكالة الأناضول.

 

أنقرة تعمل بصمت في الكثير من الدول الأفريقية، وتحتفظ بتواجد عسكري في الكثير من الدول، ممّا يؤرق دولاً غربية لها نفوذ تاريخي في القارة السمراء

 

ولم يتطرق الاجتماع لاعتراض ضباط الجمارك النيجيريون في مناسبات عديدة شحنات أسلحة غير مشروعة من تركيا في موانئ الدولة، رغم أنّ مسؤولاً نيجيرياً كبيراً أثار القضية مع السفير التركي في أبوجا في عام 2017.

أدرك حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان أهمية أفريقيا، وحدد العلاقات مع القارة باعتبارها ركيزة أساسية لسياستها الخارجية، انطلاقاً من روح تعزيز العلاقات مع القارة.

وأطلقت تركيا "سياسة التواصل مع أفريقيا" في عام 2003، وقد عززت تركيا حجم تجارتها مع أفريقيا من 5.4 مليار دولار في عام 2003 إلى 25.3 مليار دولار في عام 2020 بالإضافة إلى زيادة سفاراتها من 12 في 2002 إلى 43 في عام 2021.

اقرأ أيضاً: تشييع أفريقيا.. التغلغل الناعم للولي الفقيه

ومع ذلك، فإنّ محور استراتيجيات أردوغان السياسية والاقتصادية في أفريقيا هو تطوير التعاون العسكري وتعزيز صناعة الدفاع التركية، وفق موقع "أحوال تركية".

وكانت وسائل إعلام تركية قد أفادت بأنّ الرئيس الأنغولي جواو لورنكو طلب طائرات مقاتلة تركية الصنع خلال رحلته إلى تركيا قبل 3 أشهر.

وقد حقق أردوغان بعض المكاسب في أفريقيا إلى جانب أصدقائه رجال الأعمال الأتراك، الذين حصلوا على جميع المناقصات الحكومية تقريباً، وهم الآن يوجهون أعينهم إلى القارة الأفريقية بتشجيع من أردوغان، فضلاً عن بيع طائرات مسيّرة ومعدات عسكرية لتلك البلدان المبتلاة بالفقر.

وذكرت وكالة "رويترز" الأسبوع الماضي أنّ تركيا باعت طائرات مسيّرة مسلحة من طراز بيرقدار، تنتجها شركة تركية مملوكة لسلجوق بيرقدار، صهر أردوغان، إلى إثيوبيا والمغرب.

لقد أثبت أردوغان بالفعل وجوده بقوة في القرن الأفريقي من خلال تطوير العلاقات العسكرية مع إثيوبيا وكينيا، وكذلك إنشاء أكبر قاعدة عسكرية تركية هناك.

 

أردوغان يهاجم فرنسا قائلاً: القوى الإمبريالية ما تزال ترفض الاعتراف باستقلال البلدان الأفريقية، على الرغم من التضحية بملايين الأرواح من أجل تحقيق الحرية

 

هذا، وجندت أنقرة جميع معاولها وأذرعها، وأعلنت الهجوم الحقيقي على أفريقيا في 2005، ثم قامت بتأمين ممر عبورها عبر تعزيز علاقاتها على المستوى المؤسسي للقارة، وتمتين تمثيلياتها الدبلوماسية على أراضيها، وهو ما منحها مجالات واسعة للاختراق والتجسس والمناورة والنهب.

حينها، أدرك أردوغان أنّ استنزاف أفريقيا يمنحه مفاتيح النجاة من ارتدادات أدائه الباهت داخلياً، ويقدّم له كنوزاً تمول غزواته الخارجية، فكان أن أطلق نشرة فرنسية تابعة لوكالته الرسمية تعنى بالشأن الأفريقي بالأساس، ثم بدأ رحلات سفاري سياسية قادته إلى نحو 30 دولة أفريقية، وفق تقرير أورده موقع العين الإخباري.

اقرأ أيضاً: العثمانية الجديدة تتوسّع في أفريقيا

تحركات حثيثة مغلفة بأطماع خبيثة من أجل اكتساب الثروة والنفوذ في القارة الأفريقية  تجلت بشكل أوضح في 2005، حين أعلنت أنقرة أنه (عام أفريقيا)، وأجرى خلاله أردوغان، بصفته رئيساً للوزراء حينها، زيارة إلى إثيوبيا وجنوب أفريقيا وتونس والمغرب.

 

أردوغان لم يغفل عن استهداف الأجيال الراهنة والناشئة في أفريقيا، فقد ألقت تركيا بطعم المنح الجامعية، لتستقطب أكثر من 10 آلاف طالب تخرجوا جميعهم في جامعات أنقرة

 

في الأثناء، حاولت أنقرة التغلغل بمفاصل مؤسسات القارة السمراء، وحصلت في نيسان (أبريل) من العام نفسه على صفة مراقب لدى الاتحاد الأفريقي، ممّا منحها تموقعاً سهّل مخطط الاختراق والاستنزاف.

وفي 2008 عقدت قمة التعاون التركية الأفريقية في إسطنبول، في لقاءات سعت أنقرة لاستثمارها تحت يافطات زائفة، مستفيدة من الأزمات والصراعات السياسية والطائفية بمختلف أرجاء القارة، وعملت على ربط علاقات وثيقة مع لوبيات التهريب والاتجار بالبشر والقراصنة، قبل أن تمد جسورها نحو التنظيمات المتطرفة، لتكوّن شبكة واسعة مع مختلف العصابات، بالتوازي مع محاولة التودد لبعض الأنظمة وتجنيدها لخدمة أجندتها.

ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد مكاتب وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا)، ذراع أردوغان في أفريقيا، من 3 إلى 11، تنشط في 28 دولة بالقارة.

ولم تغفل أيضاً عن استهداف الأجيال الراهنة والناشئة، فقد ألقت بطعم المنح الجامعية  لتستقطب أكثر من 10 آلاف طالب تخرجوا جميعهم في جامعات أنقرة ومؤسساتها التعليمية، دون احتساب الطلبة الذين يزاولون حالياً تعليمهم في تركيا.

اقرأ أيضاً: خطوات جديدة لـ"القاعدة" و"داعش" في أفريقيا

مشروع أردوغاني تدثر بكامل العباءات المخادعة بهدف الوصول إلى كنوز القارة، رافعاً شعار التعاون الإنساني والثقافي والاقتصادي، لإيهام الأفارقة بأنّ الوجود التركي يرمي لتقاسم الأرباح والمزايا، والتغطية على سرقة خيرات القارة، وهذا ما يفسّره ارتفاع حجم التبادل التجاري التركي الأفريقي من 5.4 مليار دولار في 2003 إلى 24 مليار دولار في 2019

 

أنقرة كشفت عن وجهها الحقيقي، وقد استغلت الفوضى السائدة في الصومال جرّاء الحرب الأهلية، وافتتحت في 2017 قاعدتها العسكرية


.

بعد القناع الاقتصادي والإنساني، كشفت أنقرة عن وجهها الحقيقي، فقد استغلت الفوضى السائدة في الصومال جرّاء الحرب الأهلية، وافتتحت في 2017 قاعدة عسكرية بالبلد الأفريقي.

وصنعت شبكة من العملاء والجواسيس مكّنتها من تأسيس علاقات قوية مع صناع القرار في مقديشو، وتحويل البلاد إلى قاعدة خلفية لأطماعها.

ومن الصومال تمددت أطماع أردوغان عبر سواحل أفريقيا لتصل إلى السودان، ليوقع مع نظام الرئيس المعزول عمر البشير عقد إيجار لميناء سواكن، الجزيرة السودانية في البحر الأحمر، ضمن مخطط يسعى الرئيس التركي من خلاله إلى تطويق خصوم أنقرة بالمنطقة.

تحركات مريبة ترنو إلى إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية بالقارة السمراء والمنطقة العربية المتصلة بها، فضحها أيضاً التدخل التركي في الأزمة الليبية، عبر إرسال الأسلحة والمرتزقة لدعم ميليشيات العاصمة طرابلس، في خرق واضح للقرارات والمواثيق الدولية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية