بعد زيارة الرئيس السيسي.. تركيا تسعى إلى التخفف من عبء الإخوان

بعد زيارة الرئيس السيسي.. تركيا تسعى إلى التخفف من عبء الإخوان

بعد زيارة الرئيس السيسي.. تركيا تسعى إلى التخفف من عبء الإخوان


08/09/2024

استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء الفائت، نظيره المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحرس الشرف في القصر الرئاسي في أنقرة، إيذاناً ببدء فصل جديد في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة في شباط (فبراير) الماضي، حيث ناقش الرئيسان زيادة التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين. 

وكانت العلاقات بين أنقرة والقاهرة قد تدهورت بشكل حاد عقب الإطاحة بمحمد مرسي، الحليف الوثيق لأردوغان، إثر ثورة شعبية عارمة. ومع ذلك، عمل الرئيسان على إعادة بناء الثقة على مدى الأعوام القليلة الماضية، من خلال الجهود الدبلوماسية المتبادلة التي شملت إعادة السفراء في عام 2023.

مجلس التعاون الاستراتيجي

خلال اجتماع الأربعاء الماضي ترأس السيسي وأردوغان الجلسة الافتتاحية لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا ومصر، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية. وتمّ توقيع نحو (20) اتفاقية في قطاعات مختلفة، بما في ذلك الدفاع والطاقة والسياحة والصحة والثقافة، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية التركية. وحدد الزعيمان هدفاً لزيادة التجارة الثنائية من (10) مليارات دولار إلى (15) مليار دولار في الأمد القريب.

تأتي هذه الزيارة بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة في شباط (فبراير) الماضي، حيث ناقش الرئيسان زيادة التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين

وخلال الزيارة القصيرة وقّع وزراء من البلدين (17) اتفاقية تعاون في عدة مجالات، بما في ذلك الدفاع والأمن والثقافة والتجارة والسياحة، واتفق الطرفان على رفع وتيرة الاستثمارات المشتركة، وتعميق الروابط الاقتصادية.

وبالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، كانت القضايا الإقليمية مثل الصراع الدائر في غزة على رأس جدول الأعمال. وناقش الرئيسان دورهما في التفاوض بشأن السلام في غزة، فضلاً عن التعاون الإقليمي الأوسع.

وتُعتبر زيارة السيسي، التي جاءت بدعوة من أردوغان، استمراراً للجهود الدبلوماسية التركية لتحسين العلاقات مع جيرانها الإقليميين، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما وعدت تركيا بتزويد مصر بطائرات بدون طيار؛ كجزء من تعميق العلاقات الدفاعية.

ترتيبات أمنية مشتركة

سبقت الزيارة التي قام بها الرئيس المصري إلى تركيا، بعد خلاف مع أنقرة استمر لأكثر من عقد من الزمان، ترتيبات أمنية مشتركة، للحدّ من التحركات المحتملة من قبل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المصرية في تركيا.

وبحسب مصادر محلية تركية، صدرت أوامر واضحة لقادة الإخوان المسلمين وقواعدهم، بالتزام الصمت بشأن الزيارة، وإلّا؛ فإنّهم سيواجهون عواقب وخيمة، فقد هدّدت السلطات التركية، حرفيّاً، بإلغاء إقاماتهم وسحب الجنسية التركية منهم وترحيلهم إلى دول ربما لا تقبلهم.

تُعتبر زيارة السيسي، التي جاءت بدعوة من أردوغان، استمراراً للجهود الدبلوماسية التركية لتحسين العلاقات مع جيرانها الإقليميين

 جدير بالذكر أنّ أجهزة الاستخبارات في البلدين، كانت تنسق كل ما يتعلق بالزيارة منذ أسابيع، لضمان عدم وجود أيّ تدخل يمكن أن يعكر صفو الزيارة.

الزيارة التي اختتمت الخميس الماضي، هي الأولى للرئيس السيسي منذ توليه منصبه في عام 2014، وقد فتحت آفاقاً جديدة للعلاقات بين البلدين.

مصير غامض يواجه الإخوان

سرعان ما استجاب الإخوان للتهديدات التركية، فامتنعت القنوات التلفزيونية التي تبث من تركيا، ويديرها الإخوان وحلفاؤهم في المنفى الاختياري، عن التطرق للزيارة، بينما اكتفى بعضها بالإشارة إلى أهميتها، رغم أنّها انتقدت سياسات الحكومة المصرية دون الإشارة إلى الرئيس السيسي بالاسم.  

ومع تخلي أردوغان عن الخطاب السياسي العدائي لمصر، عندما أشار إلى السيسي باعتباره "الأخ"، فإنّ جبهة إسطنبول باتت تواجه مصيراً غامضاً، بعد أن فضلت أنقرة مصالحها السياسية، وفقدت الجماعة أهميتها كورقة وظيفية في الصراع الإقليمي في شرق المتوسط.

يُذكر أنّ الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وجدوا ملجأ في تركيا، وحصل العديد منهم على الجنسية التركية أو الإقامة، ومارسوا دعاية واسعة ضدّ النظام المصري، فشلت كلها في تحقيق أيّ منجز سياسي، رغم أنّ العديد منهم، سواء كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو متعاطفين مع الجماعة أو منتقدين للنظام بشكل عام، قاموا بتشغيل قنوات تلفزيونية تبث من تركيا واستخدموها كبوق لانتقاد مصر وسياساتها.

جبهة إسطنبول باتت تواجه مصيراً غامضاً، بعد أن فضلت أنقرة مصالحها السياسية، وفقدت الجماعة أهميتها كورقة وظيفية في الصراع الإقليمي في شرق المتوسط

ومع فشل الجماعة، وكذلك التحولات العميقة التي لحقت بملفات الصراع الإقليمي، نجحت الدولتان في حل خلافاتهما، حيث تعتبر كل منهما قوة إقليمية مؤثرة. 

مع الوقت، اكتشفت تركيا أنّ ملف الإخوان أصبح يمثل عبئاً كبيراً على أنقرة، وفي عام 2021  أمرت الحكومة التركية القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية التي تبث من تركيا، ويديرها الإخوان، بتخفيف الانتقادات لمصر. وبعد عامين اعتُقل نحو (50) مصرياً، بما في ذلك شخصيات إخوانية، بسبب إقامتهم في تركيا دون تأشيرة.

ومع استعادة مصر وتركيا العلاقات بينهما قبل عام، حين أعادتا تعيين سفيرين في أنقرة والقاهرة، في أعقاب المصافحة التاريخية بين السيسي وأردوغان، على هامش بطولة كأس العالم التي أقيمت في الدوحة عام 2022، دقت زيارة أردوغان لمصر في شباط (فبراير) الماضي ناقوس الخطر بالنسبة إلى الإخوان، خاصّة بعد أن ألغت تركيا منح جنسيتها للقائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمود حسين، وجمّدت جواز سفره التركي. وقد نفت السلطات التركية أن تكون زيارة أردوغان لمصر لها أيّ علاقة بالقرار.

وعليه؛ تبدو كل الاحتمالات قابلة للتحقق، فيما يتعلق بمستقبل الجماعة في تركيا، والتي يبحث أعضاؤها منذ أشهر عن ملاذ آمن جديد، بعد أن أصبح المنفى التركي موصداً في وجوههم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية