بايدن.. ما بين الرغبة في سحق حماس وفوبيا الهزيمة الانتخابية

بايدن.. ما بين الرغبة في سحق حماس وفوبيا الهزيمة الانتخابية

بايدن.. ما بين الرغبة في سحق حماس وفوبيا الهزيمة الانتخابية


01/11/2023

ماريا معلوف

منذ اللحظة الأولى للأحداث في غزة كان النهج العام للرئيس جو بايدن هو الدعم الكامل لإسرائيل عبر العبارة التي قالها يومها وهي أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وعن شعبها.

لكنه وبعد أيام قليلة دعا إسرائيل إلى أن تبذل كل ما في وسعها- مهما كان الأمر صعبا- لحماية المدنيين الأبرياء وهنا احتار المراقبون في وصف موقف الرئيس بايدن وانقسم الشارع الأميركي بين من يؤيد مواقف الرئيس تجاه هذه الأزمة وبين من يعارضها.

بداية فإنه وبمجرد الاستيقاظ من الصدمة التي أصابت الولايات المتحدة والغرب كما أصابت إسرائيل يوم 7 أكتوبر أعلن الرئيس بايدن طلبه 14 مليار دولار من الكونغرس كمساعدات طارئة لإسرائيل وتوافق بعدها بساعات كثير من المشرعين على اختيار مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب إذ أن عدم وجود رئيس يحول دون اعتماد تلك المساعدات وكان من الطبيعي هذا الدعم شبه المطلق في المجلس دفاعا ودعما لإسرائيل بالرغم من أن مثل هذه القرارات تكون المناقشات فيها في العادة مطولة داخل المجلس وتحتاج لأسابيع وهو ما لم نره هذه المرة حيث أن الأمر داخل الكونجرس احتاج لدقائق قليلة.

يتردد هنا في واشنطن وبالقرب من الكابيتول أن سياسة الرئيس بايدن في هذا الطوفان، الذي اصاب الشرق الأوسط تنطلق من محاولة معرفة توقيتات الاستراتيجية الإسرائيلية بهذا الخصوص لإدراك الأهداف مسبقا لأجل أن لا تكون الخسائر الإسرائيلية فادحة لكن قبل ذلك يأخذ البعض على الرئيس بايدن الازدواجية في التعاطي مع حرب غزة قياسا إلى تعاطيه مع حرب أوكرانيا، حيث يقولون إنه يرى حقوق الإنسان من ناحية أن مصالح الولايات المتحدة يجب أن تتغلب على اي قيم إلى جانب تجاهله للخطر، الذي يتعرض له الفلسطينيون عبر القصف الذي لا يتوقف فالرئيس بايدن أعطى لإسرائيل الحرية الكاملة في ردها العسكري ولم يعر أي اهتمام لمصير المدنيين في الأيام الأولى من الحرب، لكنه في الأيام التالية دعا إلى ضبط ردات الفعل الإسرائيلية وطلب عدم التوسع فيها.

تعامل الرئيس بايدن هذا وفي ظل إعلان ترشحه للرئاسة مجددا جعل البعض من المؤيدين المحتملين له يهددون بعدم منحه أصواتهم وهذا يبرر إلى حد ما التأكيد من مساعدي بايدن على تكرار طلبهم من إسرائيل التفكير بهدوء قبل الاقدام على الغزو البري حيث الأنفاق والافخاخ المليئة بالمتفجرات.

مشكلة أخرى عانى منها الرئيس بايدن في تعامله مع هذه الحرب حيث استغرب البعض تشكيكه في حصيلة القتلى التي تعلنها وزارة الصحة في غزة بالرغم من تأكيد الأمم المتحدة عبر مؤسساتها على صحة تلك الاعداد ولكن يبقى الموقف من الحرب الإقليمية المحتملة هو الشغل الشاغل للرئيس بايدن وفريقه حيث تحاول الولايات المتحدة الضغط على القيادة الإسرائيلية من أجل تجنب الدخول في حرب إقليمية، لكن المشكلة هنا أن دول ما يسمى بمحور المقاومة يعتبرون المعركة هنا معركة وجودية ذلك أنه وحتى الساعة ترى إيران أن هناك اتفاقا دوليا غير معلن على إنهاء حركة حماس.

في متابعتي المقالات التي تنشرها الصحافة الأميركية حول هذا الزلزال الذي سيشغل الشرق الأوسط لسنوات لاحظت أنها تجمع على أن القوات الإسرائيلية ليست مستعدة بعد لشن هجوم بري ناجح وهو ما ألمح له الرئيس بايدن قبل قرابة الأسبوع عندما قال إن إسرائيل ستحتاج إلى وضوح بشأن الأهداف حول ما إذا كان المسار الذي تسير فيه سيحقق تلك الأهداف.

وبالقرب هنا من الكابيتول التقيت بعض الساسة العرب والمسلمين الأميركيين الذين يعلنون استغرابهم من هذا الضوء الأخضر الذي أعطاه الرئيس بايدن لإسرائيل لتفعل ما فعلته في أهل غزة وبالتأكيد فسنلحظ إثر ذلك في أصوات الناخبين المسلمين في الانتخابات المقبلة والذين يعلنون بشكل لا لبس فيه استغرابهم من استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار مجلس الأمن وقف القصف الإسرائيلي على غزة.

اليوم أيضا يواجه الرئيس بايدن ضغوطات هائلة داخل الكونغرس بسبب قيام أكثر من 100 من أعضاء الكونغرس بمطالبته بتحرك فوري لمنع وقوع مزيد من الضحايا في قطاع غزة وأن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يمكن حله بالوسائل العسكرية بل ورأى البعض أن موقف بايدن هذا من الحرب وكيفية تعامله معها  يشكك في التزامه بوعده لانتهاج سياسة خارجية محورها حقوق الإنسان وقد رد هو والبيت الأبيض على ذلك بأنه يعمل سرا وعلنا لضمان وصول مساعدات إلى غزة بالرغم من أن العرب والمسلمين باتوا يرون فيه الصهيوني المتعاطف دوما مع اسرائيل  خصوصا مع هذه الصدمة التي وجدت إسرائيل نفسها فيها ولا أبالغ أن قلت إنه مستعد لتحمل المخاطر السياسية وما ستحمله الانتخابات المقبلة إخلاصا منه لإسرائيل فالموقف العسكري الأميركي لا لبس فيه والمساعدات الأمنية مساعدات لا حدود لها والدعم المادي على المدى الطويل والقصير لا تشك فيه إسرائيل للحظة.

الرئيس بايدن اليوم ومع تسارع الأشهر قبل الانتخابات الأهم في تاريخ أميركا ومع كثرة الملفات التي تحيط به من كل جانب ولا يجد الوقت الكافي لمناقشتها والخروج بالآراء المناسبة لمصالح أميركا هو أشبه بشخصية البطل العجوز في الفيلم اليوناني الأشهر(الأبدية ويوم واحد) حيث الوقت الضيق أمام البطل الذي لم يتبقى في عمره سوى يوم واحد يريد أن يقضي فيه أشياء كثيرة ويحاول لقاء أناس أراد على الدوام أن يثبت حبه وولاءه لهم وهو اليوم-اي بايدن- أمام اشهر ثقيلة في ولاية رئاسية قد لا تتجدد يريد أن يثبت لإسرائيل التي يرى أنها أن لم تكن موجودة فلا بد أن نوجدها وعبر دفاعه (الأبدي)عنها ومهما أعطى من وقت لهذه القضية فلن يكفيه هذا العام المقبل من رئاسته للإحاطة بكل تبعات فصل جديد من فصول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكأنه يعود إلى نقطة الصفر التي كانت في العام 1948 حيث يعيد بايدن اليوم الالتزام الأميركي تجاه إسرائيل فيما يتعلق بالأمن مقابل سلام بات تحقيقه مستعصيا إلى جانب حرص استثنائي على أن لا تتحول هذه الحرب إلى حرب إقليمية في شرق أوسط مليء بالمصالح الأميركية في جميع بلدانه.

عن "سكاي نيوز عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية