باحثان يحللان عودة سوريا للجامعة العربية. ماذا قالا لـ"حفريات"؟

باحثان يحللان عودة سوريا للجامعة العربية. ماذا قالا لـ"حفريات"؟

باحثان يحللان عودة سوريا للجامعة العربية. ماذا قالا لـ"حفريات"؟


15/05/2023

قال باحثان متخصصان في الشأن الإقليمي لـ"حفريات" إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية يمكن أن تكون بمثابة إعلان نظام إقليمي جديد قيد التشكل من سماته الرئيسية توجه العديد من الدول نحو تبني خيارات تمثل عصياناً استراتيجياً للقطب الأوحد، رغم أنّ إنّ قرار عودة سوريا لا يعني "التطبيع" التام والنهائي مع دمشق.

عادت سوريا بعد غياب 12 عاماً تقريباً، منذ اندلاع الثورة، ثم عسكرة الحراك بفعل تدخل قوى إقليمية ودولية عديدة، الأمر الذي ساهم فيه الرئيس بشار الأسد ووكلاؤه الإقليميون، منهم إيران وروسيا، وهذا في مجمله يمثل لحظة مراجعة واختبار جديدتين، تهدف إلى إيجاد مقاربة للحل السياسي، وفرصة للحكومة في دمشق للعمل في محيطها الحيوي العربي، وإنهاء آلة الحرب، وحل العديد من المعضلات، وقد أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أنّ الحسم العسكري في سوريا أمر غير واقعي، مشدداً على ضورة "تسوية سياسية شاملة" في البلاد دون أيّ تدخل خارجي.

اختبار الحل العربي

وفي الجلسة التدشينية للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب، قال شكري إنّ "التدخلات الخارجية المستمرة عقدت الأزمة السورية". فيما طالب وزير الخارجية السوري القوى السياسية والنظام في دمشق السعي لإيجاد "حل سياسي مستقر"، وقد عاود الإشارة إلى تحذيرات القاهرة من تداعيات المقاربة العسكرية السلبية على الوضع في سوريا.

وقال شكري إنّه يتعين "على الحكومة السورية العمل لإعادة اللاجئين السوريين في الخارج". وتابع: "نتطلع إلى طي صفحة روسيا الحزينة". ووجه شكري دعوة للمجتمع الدولي وكافة المكونات السياسية المنخرطة في الأزمة السورية إلى "الوفاء بالتزاماتهم تجاه سوريا وشعبها".

في المقابل، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أنّه بعد موافقة الدول العربية على إعادة دمشق للجامعة، خلال اجتماع وزراء الخارجية، الذي انعقد الأحد الماضي في القاهرة، فيمكن للرئيس الأسد حضور اجتماع القمة هذا الشهر والمزمع إجراؤه في السعودية "إذا ما رغب".

الباحث محمد فوزي: نظام إقليمي جديد قيد التشكل

وقال أبو الغيط: "عندما تُوجه الدعوة من قبل دولة الضيافة المملكة العربية السعودية، وإذا رغب (أي بشار الأسد) أن يشارك فسوف يشارك".

خطوة إعادة سوريا لجامعة الدول تعد وسيلة لإنهاء الصراع المحتدم، وهي ستكون "تدريجية"، على حد تعبير أبو الغيط؛ حيث إنّ "القرار لا يعني استئناف العلاقات بين الدول العربية وسوريا لأنّ الأمر متروك لكل دولة لتقرير ذلك وفق رؤيتها". هذه المقاربة الأخيرة تعد ترجمة لخطط الأردن السياسية التي تقود نشاطاً دبلوماسياً تجاه التقارب مع سوريا، بناء على مبدأ "خطوة مقابل خطوة". فالأردن أطلق مبادرة دبلوماسية للحل في سوريا، تشمل معالجة قضايا اللاجئين والمعتقلين وتهريب المخدرات (الكبتاغون) والفصائل الإيرانية المسلحة بسوريا. ووفق وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، فإنّ عودة سوريا هي "مجرد بداية متواضعة جداً لعملية ستكون طويلة جداً وصعبة وتنطوي على تحديات".

دبلوماسية الأردن في سوريا

ويقول وزير الخارجية الأردني الذي كشف عن وجود تنسيق مع الأمم المتحدة في هذا الشأن: "نحن كعرب أولى بتصدر طاولة الحوار لأنّ سوريا بلد عربي، وتبعات الأزمة تؤثر فينا أكثر من غيرنا".

غير أنّ الولايات المتحدة انتقدت قرار عودة سوريا لجامعة الدول العربية، بل شككت الإدارة الأمريكية في إمكانية، أو بالأحرى رغبة "الأسد"، في التوصل لمقاربة سياسية لإنهاء الصراع المسلح في بلاده. وذكر ناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية أنّ واشنطن ترى "الشركاء العرب يعتزمون استخدام التواصل المباشر مع الأسد للضغط من أجل حل الأزمة السورية التي طال أمدها. وأنّ (واشنطن) تتفق مع حلفائها على الأهداف النهائية" لهذا القرار.

انعطافة الدول العربية إلى سوريا تكشف عن ضرورة تهيئة الشروط الملائمة لتفعيل الدور العربي لمعالجة الأزمة السورية، بناء على اعتبارات الأمن القومي العربي

إلى ذلك، يرى الباحث المتخصص في قضايا الأمن الإقليمي، محمد فوزي، أنّ العالم يشهد متغيرات تشير إلى أنّنا بصدد نظام دولي جديد، متعدد الأقطاب ومتجاوز لنظام القطب الواحد، بالتالي، فالمنطقة "أمام العديد من المؤشرات التي تشي بوجود نظام إقليمي جديد قيد التشكل، وهو النظام الذي من سماته الرئيسية توجه العديد من الدول نحو تبني خيارات تمثل عصياناً استراتيجياً للقطب الأوحد (الولايات المتحدة)، فضلاً عن توجه سائر الأطراف الإقليمية نحو الانفتاح، ولو بشكل حذر مع المنافسين الإقليميين، وبعض أعداء الأمس".

ويعتقد فوزي أنّه لا يمكن قراءة قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية بمعزل عن هذا السياق المهم، مضيفاً لـ"حفريات" أنّه ينبغي على أساس ذلك "النظر إلى بعض السياقات والاعتبارات التي حفزت هذا التوجه"، ومنها أنّ العديد من الدول العربية بدأت، مؤخراً، في تبني "مسار منفتح، بنسب متباينة، مع العديد من الخصوم الإقليميين، وهو ما يتجسد، بشكل واضح، في مسار التقارب العربي مع كل من تركيا وإيران. بالتالي، فإنّ مسار التقارب مع سوريا، والذي برزت مؤشراته، منذ أشهر عديدة، من خلال إجراءات ومظاهر متنوعة، كان نتاجاً لهذا النهج الجديد".

نظام متعدد الأقطاب

ويردف: "كان من أهم الدروس المستفادة بالتجربة السورية في مرحلة ما بعد الحرب التي شهدتها البلاد على مدار السنوات الماضية التي تجاوزت العقد، هو أنّ الدول العربية وبتهميشها لسوريا ومقاطعتها، فتحت الباب أمام ارتماء سوريا في أحضان بعض الدول الإقليمية، وجعل الأراضي السورية ساحة لتنفيذ أجندات هذه الدول على المستوى الإقليمي. وعليه، فإنّ أولى خطوات تحييد سوريا عن هذه التحالفات تتمثل في إعادتها إلى حاضنتها العربية".

الباحث محمد فوزي لـ"حفريات": الدروس المستفادة بالتجربة السورية هو أنّ الدول العربية وبتهميشها لسوريا فتحت الباب لارتماء سوريا في أحضان بعض الدول الإقليمية

ووفق الباحث المصري المتخصص في شؤون الأمن الإقليمي، فإنّ المنطقة العربية، في الفترة الراهنة، تقع تحت وطأة "أصعب المراحل التي مرت عليها منذ عقود، في ضوء كافة الأزمات، السياسية والاقتصادية والأمنية، المحيطة بها، وهي اللحظة التي تقتضي منها تعزيز العمل العربي المشترك، ودعم أيّ جهود وخطوات في هذا الإطار".

يؤكد فوزي أنّ "خطوة عودة سوريا للجامعة العربية هي خطوة شديدة الأهمية. لكن الأهم هو مدى مساهمة هذا القرار في معالجة بعض الإشكاليات الخاصة بالحالة السورية، ومنها؛ مدى القدرة على صياغة مبادرة عربية لحلحلة الأزمة السياسية السورية، وبناء مسار سياسي توافقي، الأمر الذي يقتضي وضع خريطة طريق انتقالية، تضمن تجاوز حالة التأزم الحالية. كذلك توجد ملفات إعادة الإعمار، وآليات طرد الميليشيات والقوات الأجنبية من الأراضي السورية، وملف عودة اللاجئين".

من جهة أخرى، يقول الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، مصطفى صلاح، لـ"حفريات" إنّ قرار عودة سوريا للجامعة العربية لا يعني "التطبيع" التام والنهائي مع دمشق، إنّما هو بحسب ما جاء في تصريح أبو الغيط، والذي يبدو "دقيقاً" ويفسر التباسات عديدة، "قرار سيادي بين كل بلد عربي وسوريا"، الأمر الذي يقودنا إلى وجود "مواقف متشددة ما زالت على قرارها من دون تغيير مثل قطر".

انعطافة الدول العربية إلى سوريا، وفق صلاح، تكشف عن "ضرورة تهيئة الشروط الملائمة لتفعيل الدور العربي لمعالجة الأزمة السورية، بناء على اعتبارات الأمن القومي العربي، والمصلحة المشتركة، وذلك من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية"، مع الأخذ في الاعتبار أنّ قرار الجامعة، وكذا جهود الأردن الدبلوماسية (خطوة مقابل خطوة)، أكد كل منهما الالتزام بقرار مجلس الامن رقم (2254).

مواضيع ذات صلة:

كيف ستؤثر الانتخابات التركية القادمة على الحرب الروسية الأوكرانية ومنطقة الخليج العربي وسوريا؟

ما بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية في قمة الرياض العربية القادمة

دول تعيق عودة سوريا لجامعة الدول العربية. ما شروطها؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية