دول تعيق عودة سوريا لجامعة الدول العربية. ما شروطها؟

دول تعيق عودة سوريا لجامعة الدول العربية. ما شروطها؟

دول تعيق عودة سوريا لجامعة الدول العربية. ما شروطها؟


29/04/2023

تطورات إقليمية لافتة منذ الاتفاق الثلاثي بين إيران والسعودية والصين، تتجلى تداعياتها في الملف السوري، لا سيّما مع الزيارات التي قام بها وزير الخارجية السورية، فيصل المقداد، إلى القاهرة وأبو ظبي والرياض، بما يشي بفرص جديدة للانفتاح بين الأولى ومحيطها العربي. غير أنّ هناك خمس دول ما تزال ترفض أو بالأحرى تضع شروطاً لعودة سوريا لجامعة الدول العربية، منها مصر قطر والمغرب والكويت، وفق "وول ستريت جورنال".

شروط عودة سوريا

الاستدارة الأخيرة تجاه الملف السوري تبرز تفاوتات جمّة بين الأطراف المختلفة، بينما تكشف عن غياب الإجماع بشأن عودة سوريا لجامعة الدول العربية، إلا بعد تنفيذ ما بات يعرف بـ"الشروط العربية" من قبل الرئيس بشار الأسد، والذي يتعين عليه ضرورة مراجعة مقاربته للحل والتسوية السياسية، ثم فض اشتباكات عديدة تخص إنهاء الاحتلالات في سوريا بواسطة القوات الروسية، وميليشيات الحرس الثوري الإيراني.

هذا الوضع المعقد يجعل التقارب العربي ضعيفاً وبطيئاً وغير مكتمل في خطواته أمام رغبة القوى، السياسية والعسكرية، المهيمنة في الحصول على استحقاقات الحرب.

بعد عزلة دامت نحو 12 عاماً بين سوريا ومحيطها العربي، اجتمع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مع الأسد، لمناقشة الجهود المبذولة للتوصل لحل سياسي يحافظ على وحدة سوريا. وذكرت وزارة الخارجية السعودية في بيان أنّ الأمير فيصل بن فرحان أكد للرئيس السوري حرص المملكة على وحدة وهوية وأمن سوريا، وشدد المسؤول السعودي على أهمية توفير البيئة لإيصال المساعدات لكل أراضي سوريا.

كما أوضحت الخارجية السعودية في بيان رسمي، أنّ الجانبين أكدا على ضرورة الحل السياسي الذي يحقق المصالح الوطنية، مشيرة إلى أنّهما بحثا خطوات تحقيق تسوية شاملة في سوريا.

درويش خليفة: هناك رفض لعودة سوريا للجامعة العربية

وفي لقاء سابق، خلال الشهر الجاري، جمع وزير الخارجية السعودي ونظيره السوري بجدة، عرج الطرفان على القضايا ذاتها، وتحدث كل منهما في أهداف وخطوات مماثلة، حيث أكد البيان السعودي على ضرورة الحفاظ على وحدة الجغرافيا السياسية لسوريا، وإنهاء دور الميلشيات.

كما صدر بيان صحفي مشترك في ختام زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للمملكة، جاء فيه: "في إطار ما توليه المملكة العربية السعودية من حرص واهتمام بكل ما من شأنه خدمة قضايا أمتنا العربية، وتعزيز مصالح دولها وشعوبها، وتلبية لدعوة من صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير خارجية المملكة العربية السعودية، قام وزير خارجية الجمهورية العربية السورية الشقيقة معالي الدكتور فيصل المقداد، بزيارة للمملكة. فيما عقدت جلسة مباحثات بين الجانبين، جرى خلالها مناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها الشقيق".

فوز دبلوماسية الصين وروسيا

ولفت معهد "ستيمسون" الأمريكي للأبحاث، إلى أنّ التقارب السعودي السوري، بوساطة موسكو، يؤشر إلى "فوز الدبلوماسية والسياسة الخارجية الروسية"، وذلك في غضون أسابيع من نجاح الدبلوماسية الصينية في تدشين مصالحة بين الرياض وطهران. وقال المعهد الإمريكي إنّ "الحديث عن تخطيط السعودية لإعادة فتح العلاقات الدبلوماسية مع سوريا جاء في أعقاب الإعلان عن صفقة بوساطة صينية لتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران. وبالإمكان النظر إلى هذا التطور ضمن سياق دبلوماسية الكوارث الطبيعية، وكذلك زيادة التحوط السعودي بعيداً من الاعتماد على الولايات المتحدة".

ثمة تفاوتات جمّة بين الأطراف المختلفة بخصوص الملف السوري، لا سيما غياب الإجماع بشأن عودة سوريا لجامعة الدول العربية، إلا بعد تنفيذ ما بات يعرف بـ"الشروط العربية

إلى ذلك، نقلت صحيفة "وول ستريت" جورنال عن مسؤولين قولهم إنّ "مصر التي أحيت العلاقات مع سوريا في الأشهر الأخيرة وتعتبر حليفاً قويا للسعودية، تقاوم أيضاً الجهود المرتبطة بإعادة سوريا لجامعة الدول العربية". وتابع المسؤولون: "القاهرة وعواصم أخرى تريد من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، التعامل، أولاً، مع المعارضة السياسية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتاً لتقرير مستقبلهم".

الناطق بلسان وزارة الخارجية المصرية، سامح شكري، قال للصحيفة الأمريكية، إنّه أبلغ الأمم المتحدة تأييده تنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي يطلب وضع خريطة طريق لإجراء انتخابات حرة في سوريا.

إذاً، هناك تباين في الموقف من عودة سوريا لجامعة الدول العربية حتى داخل الدائرة الخليجية؛ حيث إنّ الكويت وقطر ما تزال كل منهما، مثلاً، تبرز ممانعة بدرجات متفاوتة، وقد ذكرت "وول ستريت" أنّ "الكويت إحدى الدول التي ترفض حالياً قبول عودة سوريا إلى الجامعة". ونقلت عن مصادر لم تفصح عن هويتها أنّ "عودة النظام تتطلب إجماعاً عربياً كما حصل سابقاً حين تجميد عضويته".

إنهاء الاحتلالات بسوريا

ربما، وجد العرب الزلزال الذي ضرب جزءاً من سوريا وتركيا "منفذاً للولوج والعودة إلى الملف السوري، والمشاركة في أيّ تسوية سياسية قادمة، خاصة مع دعوة عدد من الدول العربية إعادة مقعد سوريا للجامعة العربية، ظناً منهم أنّ الحرب الميدانية انتهت، وبأنّ "الأسد" انتصر على المعارضة، لكن ما ينبغي أخذه في الحسبان هو "تورط النظام وحلفائه الإيرانيين والروس في قتل واعتقال ما يزيد عن مليون سوري، ناهيك عن التهجير، سواء النزوح المحلي أو اللجوء الخارجي، ووصل العدد قرابة 12 مليون مشرداً بسبب آلة الحرب الوحشية التي شنها النظام على شعبه"، حسبما يوضح الكاتب والصحفي السوري درويش خليفة.

الكاتب السوري درويش خليفة لـ"حفريات": دوافع العرب لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة تجاهل أمريكا للملف السوري على حساب دعم أوكرانيا في مواجهة طموح روسيا

ويقول خليفة لـ"حفريات" إنّ الرياح السياسية على ما يبدو "لا تجري كما تشتهي الدول الساعية لتعويم النظام؛ إذ إنه فيّ مؤتمر جدة الذي ضم دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والعراق والأردن، رفض بعضهم عودة النظام إلى الجامعة العربية".

ويشير الكاتب والصحفي السوري إلى أنّ دوافع العرب لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة تجاهل الإدارة الأمريكية للملف السوري وتهميشه على حساب دعم أوكرانيا في مواجهة طموح روسيا التوسعي.

ويردف: "النظام في دمشق وحلفاؤه في موسكو وطهران يدرك كل منهم تبعات العقوبات الأمريكية والغربية، الأمر الذي له تداعيات صعبة من الناحيتين السياسية والاقتصادية. ويتعين النظر إلى صعوبة تقديم طهران وموسكو أيّ مساعدات لـ"الأسد" لحل أزماته الاقتصادية".

وهنا؛ يبرز دور الدول العربية والخليجية، حيث بإمكانهم "القفز على العقوبات الأمريكية التي تطوق النظام من كل جانب"، على خلفية تقاربهم مع واشنطن. وبينما لا يمكن حسم الموقف النهائي بخصوص عودة سوريا للجامعة العربية في ظل تباين الموقف الخليجي، فإنّ موقف مصر أيضاً مهم ودقيق للغاية كدولة وازنة، حيث حددت مطالبها من عودة النظام إلى الجامعة بتنفيذ "الأسد" لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وفق خليفة.

بيْد أنّ الباحث المصري في العلوم السياسية محمد ربيع الديهي، يقول إنّ هناك ترتيبات جيوسياسية جديدة تفرضها الأزمة في أوكرانيا، بينما تبرز تداعياتها على الملفات الإقليمية، ومنها الملف السوري، موضحاً لـ"حفريات" أنّ الأزمة في سوريا لا يمكن الوصول لحل نهائي وتام فيها من دون التوافق العربي، من جهة، وكذا إنجاز صيغة تلائم الأطراف السورية وتسمح بأفق سياسي جديد بعيداً عن الحرب، والتدخلات الخارجية، من جهة أخرى.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية