اليمين المتطرف يواصل هيمنته على قيادة الإخوان في بنغلاديش

اليمين المتطرف يواصل هيمنته على قيادة الإخوان في بنغلاديش

اليمين المتطرف يواصل هيمنته على قيادة الإخوان في بنغلاديش


21/11/2022

من جديد، أكد اليمين المتطرف سيطرته على الجماعة الإسلامية البنغالية، الذراع السياسية للإخوان في بنغلاديش، بعد أن أدى الشيخ شفيق الرحمن، يوم الجمعة الماضي، اليمين الدستورية أميراً للجماعة، وذلك أمام أعضاء المجلس التنفيذي المركزي، بعد أن أعيد انتخابه مرة أخرى لفترة رئاسية جديدة.

تجلّت في مراسم القسم كل أشكال هيمنة التيار اليميني داخل الإخوان في بنغلاديش؛ حيث تولى المفوض العام للانتخابات في الجماعة، أبو طاهر محمد معصوم، تنظيم المراسم، وهو من غلاة التطرف داخل التنظيم، بينما افتتح سكرتير القسم الإعلامي للجماعة الإسلامية المحامي مطيع الرحمن أكند، المراسم بتلاوة قرآنية، في تكريس مطلق للدمج بين الديني والسياسي، بعد ذلك تلا أمير الجماعة الإسلامية المنتخب اليمين، قبل أن يجهش بالبكاء وسط أجواء جهادية، ولم يتمالك شفيق الرحمن نفسه، ما دفع به إلى توكيل نائب أمير الجماعة الإسلامية الشيخ مجيب الرحمن؛ لإدارة الدعاء، وبعد ذلك أدّى أعضاء مجلس الشورى المنتخبين اليمين الدستورية أمام أميرهم.

ادعاءات الإخوان

وفي كلمته التي ألقاها بعد تنصيبه، حاول شفيق الرحمن غسل يد الإخوان من تهمة الخيانة إبان حرب الاستقلال، وادعى أنّ جماعته تعتز ببروز بنغلاديش كدولة مستقلة ذات سيادة، على الرغم من تورط قيادات الجماعة الإسلامية في جرائم حرب، وثقتها محكمة مجرمي الحرب، ضد المناضلين من أجل الاستقلال.

 أمير الجماعة الإسلاميّة شفيق الرحمن

شفيق الرحمن انتهز الفرصة، ليطالب الحكومة بــ "الافراج الفوري عن كل من نائب أمير الجماعة الإسلامية، الشيخ أبو نعيم محمد شمس الإسلام، والأمين العام للجماعة الإسلامية، ميا غلام بروار، والأمين العام المساعد الشيخ رفيق الإسلام خان، وعضو مجلس الشورى المركزي شاه جهان شودري، وغيرهم". ممن ثبتت عليهم تهم التورط في أعمال الإرهاب والتآمر.

شفيق الرحمن لفت كذلك في كلمته إلى الكيفية التي توظف بها الجماعة الدين في خدمة السياسة، حيث قال: "لقد بذلت الجماعة الإسلامية قصارى جهدها؛ للوفاء بالمسؤولية التاريخية المتمثلة في إقامة الدين، وأولئك الذين يسعون لإقامة دينه يكونون أمام اختبار إيماني، ولهذا يجب علينا أن نكون مستعدين لأيّ اختبار إيماني".

نهج التحريض والفوضى

أمير الجماعة الإسلامية لم ينس التحريض على حكومة عوامي ليغ، حيث زعم أنّ "بنغلاديش اليوم في وضع صعب، لا سيادة للقانون والعدالة، ولا وجود لحقوق الإنسان في البلاد، مع انعدام الأمن والأمان للمواطنين وأرواحهم وممتلكاتهم، وانعدام حرية التعبير وحظر التجمعات السياسية المعترف بها دستورياُ". كما ادعى أنّ النظام الانتخابي منهار بأكمله، وأنّه "لا يوجد شيء اسمه حق الاقتراع للشعب". كما لفت إلى أزمات ارتفاع الأسعار، وأزمات القطاعين، الصحي والتعليمي؛ حيث قال: "أدت التجاوزات القانونية في القطاع الصحي إلى انهيار النظام الصحي في البلد بأكمله؛ ما أدّى إلى حرمان المواطنين من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، لقد دمرت هذه الحكومة النظام التعليمي في البلاد بطريقة منهجية للغاية؛ من خلال استبعاد التعليم الديني من التعليم، وتم الدفع بالشباب نحو الفجور من خلال تسهيل عملية شراء الكحوليات".

في كلمته التي ألقاها بعد تنصيبه، حاول شفيق الرحمن غسل يد الإخوان من تهمة الخيانة إبان حرب الاستقلال، وادعى أنّ جماعته تعتز ببروز بنغلاديش كدولة مستقلة ذات سيادة

ومن الملاحظ هنا أنّ شفيق الرحمن، يحاول دوماً الإحالة على الدين كقضية مركزية لحزبه، دون أن يقدم رؤية سياسية حقيقية لعلاج الأزمات التي يتقن عرضها، قبل أن يطالب بالثورة على الحكومة، التي وصفها بالكفر والابتعاد عن الإسلام غير مرة.

نحو الاحتراق الذاتي

من جانبه، يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمتابع للحالة البنغالية، أنّ إعادة انتخاب شفيق الرحمن، تعني أنّ التيار اليميني هيمن بشكل مطلق على الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، بعد أنّ خرج التيار الإصلاحي واحداً تلو الآخر، في محاولة لتدشين حزب آخر، هو عمار بنغلاديش، أما عن اعتراف شفيق الرحمن باستقلال بنغلاديش عن باكستان، فهو مجرد مناورة لإبعاد تهمة التآمر والعمالة، التي تورطت فيها ميليشيات الإخوان المعروفة باسم البدر والشمس، إبان حرب الاستقلال.

 أحمد فؤاد أنور: إعادة انتخاب شفيق الرحمن، تعني أنّ التيار اليميني هيمن بشكل مطلق على الجماعة الإسلامية في بنغلاديش

وفيما يتعلق بالتحريض على الحكومة، يشير أنور، في تصريحه لـ"حفريات"، إلى أنّ النهج الإخواني واحد، حيث يقدم الإخوان المساعدات للفقراء والمتضررين، نظير الولاء لأجندة سياسية تستهدف الوصول إلى السلطة، ففي 16 تشرين الثاني (نوفمبر) الجري، شنّ مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ عبد الحليم، هجوماً حاداً على الحكومة في حفل توزيع صفائح الألمنيوم على المتضررين من الفيضانات الأخيرة التي شهدتها مدينة نلفماري، وفي الوقت نفسه قال إنّ الجماعة الإسلامية تقف بجانب المستضعفين في مصائبهم، عبر تقديم المساعدات لهم؛ من مأكل وملبس ومشرب ورعاية صحية في جميع الكوارث الطبيعية، بسبب تقصير الحكومة وفسادها، مطالباً هؤلاء الفقراء بالانخراط ضمن النضال السياسي، تحت راية الإخوان.

أحمد فؤاد أنور: النهج الإخواني في بنغلاديش يبدو تقليدياً، ومع سيطرة التيار المتطرف، لن يستطيع التنظيم تطوير خطابه السياسي، مثلما هو الحال في ماليزيا وإندونيسيا، وحتى في باكستان

مساعد الأمين العام قام زيارة تفقدية لمنازل تم تشييدها مؤخراً في المدينة، تمهيداً لتوزيعها على العائلات المتضررة، وانتهز الفرصة ليدعي أنّ "ما يجري حالياً في البلاد باسم السياسة، هو عمليات نهب وسلب واختلاسات مليارية". منتقداً زيادة أسعار المواد التموينية الأساسية، دون أن يطرح رؤية اقتصادية للجماعة، كما زعم أنّ الحكومة تحتجز نائب أمير الجماعة الإسلامية دلوار حسين سعيدي، دون سبب، على الرغم من لائحة الاتهامات العريضة الموجهة إلى القيادي المتطرف.

وبحسب أنور، فإنّ النهج الإخواني في بنغلاديش يبدو تقليدياً، ومع سيطرة التيار المتطرف، لن يستطيع التنظيم تطوير خطابه السياسي، مثلما هو الحال في ماليزيا وإندونيسيا، وحتى في باكستان، حيث جلس أمير الجماعة الإسلامية سراج الحق مؤخراً مع غريمه السياسي عمران خان، ما يعنى أنّ التنظيم في بنغلاديش يسير نحو الاحتراق الذاتي.

مواضيع ذات صلة:

إخوان بنغلاديش بين ممارسة الحسبة وخطاب المظلوميّة

الإخوان المسلمون في بنغلاديش: خطابات تحريضية ومخططات أفغنة

الفتنة الطائفيّة.. خطة الإخوان الأخيرة في بنغلاديش

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية