الولايات المتحدة تعلن عن استثناءات من عقوبات قانون قيصر.. من المستفيد؟

الولايات المتحدة تعلن عن استثناءات من عقوبات قانون قيصر.. من المستفيد؟


16/05/2022

على وقع الحرب الأوكرانية وانسداد الأفق السياسي في سوريا، وفي خطوة أثارت تحفظات شديدة لدى بعض اللاعبين الرئيسيين في سوريا، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، مساء الخميس الماضي، عن إصدار ترخيص عام يمنح المناطق شمالي سوريا استثناءات من عقوبات "قيصر" في مجموعة من القطاعات.

وكانت واشنطن أقرت في 2020 قانون "حماية المدنيين في سوريا" أو ما يعرف بـ "قانون قيصر"، الذي يفرض عقوبات على النظام السوري وأية دول تتعاون معه في غالبية القطاعات، ومنها الطاقة.

وأصدرت الخزانة، الخميس 12 أيار (مايو) 2022، بياناً جاء فيه أنها سمحت ببعض الاستثمارات الأجنبية في المناطق الواقعة شمال سوريا والخارجة عن سيطرة حكومة النظام، والتي اعتبرتها إستراتيجية تهدف لهزيمة تنظيم داعش من خلال تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وأكدت أنها لم تسمح بأي معاملات مع حكومة النظام أو تلك المصنفة بموجب العقوبات الأمريكية خلال الحرب التي استمرت 11 عاماً.

ما هي القطاعات التي طالتها الاستثناءات؟

وبحسب بيان الخزانة الأمريكية فإنّ الاستثناء يشمل قطاعات الزراعة، والاتصالات، والبنية التحتية للكهرباء، والتمويل، والطاقة النظيفة، والنقل، والتخزين، وإدارة المياه والنفايات، والخدمات الصحية، والتعليم، والتصنيع والتجارة، بينما يستثني القرار التعاملات المتعلقة بالنفط.

وسمحت الاستثناءات بشراء منتجات نفطية مثل البنزين في المنطقة، باستثناء المعاملات التي تشارك فيها حكومة النظام السوري أو الجهات المصنفة بموجب العقوبات الأمريكية. كما أنها لم تسمح باستيراد النفط السوري المنشأ أو المنتجات البترولية إلى الولايات المتحدة.

سمحت الاستثناءات بشراء منتجات نفطية مثل البنزين في المنطقة، باستثناء المعاملات التي تشارك فيها حكومة النظام السوري

كما يذكر النص الأصلي للقرار في صفحة وزارة الخزانة الأمريكية، أنّ القرار سيستثني أي منطقة أو كيان مرتبط بالجماعات المتعلقة بالمنظمات المحددة كجماعات إرهابية في الولايات المتحدة بما في ذلك "حماس" و "حزب الله" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".

وأعلن مصدر أمريكي رفيع المستوى، الخميس، بأنّ "واشنطن تعتقد بوجود مجموعة من الشركات الراغبة في الاستثمار في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية بما في ذلك شركات تابعة لدول جارة لسوريا".

الشكوك ما تزال قائمة حول إمكانيّة استفادة النظام من هذه الاستثناءات من خلال التشابكات الكبيرة بين مناطق سيطرته والمناطق الخارجة عن سيطرته

وأضاف المسؤول: "لن يحصل (النظام السوري) على استثناء من العقوبات حتى يسمح بشكل نشط للعملية السياسية بالمضي قدماً".

ومن حيث القطاعات التي شملها القرار الأمريكي فهي قطاعات لم يكن العمل فيها ممنوعاً في وقت سابق، على مستوى الأفراد والمؤسسات، غير أنّ الجديد هو ضمان القدرة على تحويل الأموال واستيراد مستلزمات الإنتاج اللازمة لتنفيذ أعمالهم، حتى لو كانت تقنيات ومعدّات عالية التقنيّة، وأيّ معدات أو معاملات ضرورية لتنفيذ الأعمال في تلك القطاعات، التي تم تقييدها سابقاً بموجب قوانين العقوبات الأمريكية.

ما هي المناطق التي تسري فيها الاستثناءات؟

وبحسب البيان، فإنّ المناطق التي تسري فيها الاستثناءات كالآتي: منطقة منبج باستثناء ناحيتي الخفسة ومسكنة. ومنطقة الباب باستثناء نواحي تادف ودير حافر ورسم حرمل الإمام وكويرس شرقي وعين العرب. ومنطقة أعزاز باستثناء نواحي تل رفعت ونبل. ومنطقة جرابلس.

وكذلك تشمل الاستثناءات محافظة الرقة مركز المدينة باستثناء نواحي معدان وتل أبيض. ومدينة الطبقة باستثناء ناحية المنصورة.

وتمتد الاستثناءات إلى محافظة دير الزور لتشمل مركز المدينة باستثناء مناطق غرب الفرات ونواحي التبني وموحسن وخشام، ومدينة الميادين باستثناء مناطق غرب الفرات وناحية العشارة. ومدينة البوكمال باستثناء مناطق غرب الفرات وناحية الجلاء.

 تشمل الاستثناءات محافظة الرقة مركز المدينة باستثناء نواحي معدان وتل أبيض

وتصل أخيراً إلى محافظة الحسكة حيث تشمل جميع أنحاء المحافظة باستثناء حي المالكية ومدينة القامشلي وقضاء رأس العين.

ويستثني القرار كما هو واضح إلى جانب المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، كلاً من منطقتي عفرين في ريف حلب التي سيطرت عليها تركيا في عملية غصن الزيتون عام 2018 بعد ما طردت القوات الكردية منها، ومنطقة إدلب التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" المصنفة على قوائم الإرهاب العالمية، وفق ما أورده موقع "النهار العربي".

تعافٍ مبكر

ووفق مركز "جسور للدراسات والأبحاث"،  يأتي "القرار في سياق التعافي المبكر، فالدول الغربية كانت قد توافقت على ضرورة الدفع بهذه العجلة من خلال مشاريع متوسطة الأمد في سوريا بعيداً عن إعادة الإعمار التي ترفضها ما لم يكن هناك حلّ سياسي".

وتهدف عملية التعافي المبكر إلى دعم قدرة المجتمعات المحلية على الاعتماد على نفسها وتحريك عجلة الإنتاج بما يضمن تقليل الاعتماد على الأعمال الإغاثية والمعونات الإنسانية؛ الأمر الذي سيؤدي بالتالي إلى تخفيف العبء عن كاهل المانحين من جهة، وإضعاف قدرة التنظيمات المتطرفة على تجنيد الشباب لأسباب مالية من جهة أخرى، وفقاً للمركز.

يعتقد مراقبون أنّ أنقرة رغم عدم رضاها بالكامل عن القرار الأمريكي، إلا أنها لم تعرقل صدوره، لا سيما أنه يشمل مناطق خاضعة لسيطرتها

كذلك يتوقع المركز أن تُفضي اللوائح المعلَن عنها إلى تعزيز دخول مؤسسات غير ربحية بشكل أكبر لدعم برامج التعافي المبكر وإقامة مشاريع صغيرة تطور من بِنية القطاع العام وتساهم في تطوير البنى التحتية.

ومن المتوقع أيضاً، أن تدخل بعض الشركات والأفراد في سبيل دعم عملية الإسكان وإنشاء مشاريع أكبر حجماً من الماضي، وتدفق تقنيات اتصال ومَيْكَنة زراعية وصناعية متطورة نسبياً، وافتتاح مكاتب حوالات رسمية مرخصة.

تحفظات لدى دمشق وأنقرة

وفي حين كانت أطراف سورية مثل "قوات سوريا الديموقراطية" تترقب بفارغ الصبر صدور القرار، كانت أطراف محلية وإقليمية أخرى مثل حكومة دمشق وأنقرة تتخوفان من صدور القرار بسبب تداعياته المحتملة على وحدة الأراضي السورية من جهة، ولأنه سيعزز من نفوذ الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً من جهة ثانية.

ويبدو أنّ القرار بصياغته وحيثياته لم يلبِّ تطلعات الأكراد كما أنه لن يخيب آمال أنقرة بالكامل.

وسارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى انتقاد القرار حيث قال عقب صلاة الجمعة أنه "لا يمكن أن نقبل قرار واشنطن الخاطئ بشأن إعفاء مناطق سيطرة التنظيم من العقوبات على سوريا". وفق ما نقلت وكالة "الأناضول".

وأشار إلى أنّ الإدارات الأمريكية قدمت في السنوات الأخيرة كل أنواع المساعدات منها أسلحة وذخائر ومعدات لـ "قسد" رغم تحذيرات تركيا.

 كما تعمد أردوغان اللجوء إلى التصعيد كاشفاً أن تركيا ستعلن عملية عسكرية ضد حزب "العمال الكردستاني" شمال شرقي سوريا على غرار عملية "المخلب" الجارية الآن في شمال العراق، بغض النظر عمن يقف وراء تلك التنظيمات "المعادية". 

بدوره اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الاستثناءات الأمريكية بخصوص العقوبات على سوريا محاولة لشرعنة حزب "العمال الكردستاني" و"قسد". 

سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى انتقاد القرار

ويعتقد مراقبون أنّ أنقرة رغم عدم رضاها بالكامل عن القرار الأمريكي، إلا أنها لم تعرقل صدوره، لا سيما أنه يشمل مناطق خاضعة لسيطرتها، وهي بأمس الحاجة إلى فتح آفاق الاستثمار فيها بما من شأنه أن يساهم في تنفيذ خطة الرئيس التركي بإعادة مليون لاجئ سوري إلى سوريا.

من جهتها، انتقدت وزارة الخارجية السورية الجمعة القرار الأمريكي الذي يسمح ببعض الاستثمارات الأجنبية في مناطق بشمال سوريا خارج نطاق سيطرة الحكومة، وتعهدت "بهزيمة" هذه الخطوة. 

وفي بيان صدر اليوم الجمعة، قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية إنّ دمشق "مصممة على هزيمة هذه المؤامرة الجديدة"، وحثت المواطنين في شمال البلاد على "إسقاطها". 

هل يستفيد نظام الأسد من الاستثناءات؟

ومع ذلك، حذر مركز جسور للدراسات من إمكانية استفادة النظام السوري من هذه الاستثناءات.

ويرى المركز، أنه رغم أنّ اللائحة التي أعلنت الخارجية الأمريكية عنها تستبعد مناطق سيطرة النظام والأفراد المعاقبين من أي استثناء من العقوبات، إلا أن الشكوك ما تزال قائمة حول إمكانيّة استفادة النظام من هذه الاستثناءات من خلال التشابكات الكبيرة بين مناطق سيطرته والمناطق الخارجة عن سيطرته؛ خاصة في مجال العملات الأجنبية، والمواد الأولية.

مواضيع ذات صلة:

مراسيم العفو في سوريا: تلميع فاشل لصورة النظام

هل تبدأ تركيا حواراً مع سوريا لتحسين العلاقات؟.. دبلوماسي سوري يجيب

ميليشيات إيرانية جديدة في سوريا... ما مهمتها؟ وأين تتمركز؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية