الكونغرس تحت السيطرة الديمقراطية: ماذا يعني ذلك لإيران؟

الكونغرس تحت السيطرة الديمقراطية: ماذا يعني ذلك لإيران؟

الكونغرس تحت السيطرة الديمقراطية: ماذا يعني ذلك لإيران؟


15/11/2022

منذ بدء ماراثون انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك محاولات جمّة لفهم تداعيات نتائجها المحتملة على الملفات الداخلية، وكذا الخارجية، خاصة في ظل قضايا ومعضلات تحوز أهمية الناخب الأمريكي، من بينها التضخم والإجهاض وحقوق الأقليات والمثليين.

وكشفت آخر الأخبار أنّ الديمقراطيين حافظوا على الأغلبية في مجلس الشيوخ بعد إعلان فوز السناتورة الديمقراطية كاثرين كورتيز ماستو في ولاية نيفادا على آدم لاكسالت المرشح المدعوم من الرئيس السابق دونالد ترامب. ورحب بايدن من كمبوديا حيث يحضر قمة "آسيان" بهذه النتيجة، قائلاً إنه أصبح في موقف أقوى قبيل محادثات حاسمة مرتقبة مع نظيره الصيني، بحسب فرانس برس.

وأعلنت وسائل إعلامية أمريكية فوز الحزب الديمقراطي السبت بالمقعد الذي كان يحتاج إليه للاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ، وهو نصر حاسم لاستمرارية رئاسة جو بايدن.

هذه النتائج تضع هامشاً لا يستهان به أمام إدارة بايدن في ما يخص السياسة الخارجية، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى الاستدارة الضرورية نحو الحلفاء لكسب ثقتهم. الأمر الذي يعني إيجاد حلول للمشكلات في الشرق الأوسط، والتحديات، الأمنية والعسكرية والسياسية، التي تفرضها إيران على المنطقة.

واللافت أنّ مجلة "نيوزويك" الأمريكية، قالت في تقرير تحليلي لها، إنّ الانتخابات النصفية سوف تصب في صالح بايدن، وتحديداً بخصوص رؤيته التشريعية. فيما نقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادرها ترجيحات بشأن السياسة الخارجية، موضحة أنّ السياسة تجاه الصين سوف تكون "أكثر تشدداً". كما أنّ الضغوط سوف تتزايد لتعطيل مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، وذلك في مقابل طرح بدائل أخرى راديكالية تجاه طهران.

الباحث هاني سليمان: التجديد النصفي سيفرض أوضاعاً ربما تكون في صالح طهران

ونقلت المجلة الأمريكية عن مدير مبادرة آسيا والمحيط الهادئ في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لكلية هارفارد كينيدي، كريس لي، قوله إنّه "إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب وربما الشيوخ، فإنّ خيارات بايدن بشأن الصين ستضيق، سواء أحب ذلك أم لا".

وتابع: "على الرغم من أنّ إدارة بايدن قد تكون مترددة في الاعتراف بذلك، فإنّ العامل القوي الذي يحفز ضمنياً حساباتها بشأن سياسة الصين هو الرغبة في تجنب النظر إليها على أنّها متساهلة تجاه بكين، وبالتالي، فقد تتبنى موقفاً أكثر تشدداً مع قدوم السيطرة الجمهورية. الحقيقة غير المريحة هي أنّ الحسابات السياسية المحلية (بدلاً من التقييم الواضح للمصالح الوطنية)، تدفع، بشكل متزايد، عملية صنع القرار في السياسة الخارجية في الولايات المتحدة والصين".

مزيد من الضغوط على إيران

ووفق مدير مبادرة آسيا والمحيط الهادئ في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية، فقد "جادل الرئيس بايدن بضرورة وجود مزيج من المنافسة والتعاون فيما يتعلق بعلاقات بلاده بالصين"، لافتاً إلى أنّه "لسوء الحظ سوف تصبح العلاقات الثنائية أكثر خطورة يوماً بعد يوم؛ لأنّ كلا البلدين يشترك في مصالح وطنية حيوية معينة، مثل تجنب صراع يمكن أن يتصاعد إلى حرب عامة".

وفي ما يتصل بالملف الإيراني، يقول الأستاذ المساعد في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، سينا ​​أزودي، للمجلة ذاتها: "أنا على يقين من أنّ الضغط سيزداد على إدارة بايدن للتخلي عن المحادثات النووية، لكنني أعتقد أنّ الإجابة ستظل في طهران".

الديمقراطيون حافظوا على الأغلبية في مجلس الشيوخ بعد إعلان فوز السناتورة الديمقراطية كاثرين كورتيز ماستو في ولاية نيفادا على آدم لاكسالت المرشح المدعوم من ترامب

ومن بين تقديرات الأستاذ المساعد في كلية إليوت للشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن أنّ "طهران تنتظر أيضاً لترى ما سيحدث في الانتخابات النصفية لتقرير مستقبل المحادثات وعدم جدواها. الجمهوريون قد تعهدوا بوقف خطة العمل الشاملة المشتركة، وذلك يثني إيران عن السعي لإحياء الصفقة".

وأردف أزودي: "أعتقد أنّ إدارة بايدن ستكون تحت ضغط أكبر لتعظيم حملة الضغط الأقصى من خلال محاولة منع مبيعات النفط الإيراني إلى الصين، على سبيل المثال".

طاهر أبو نضال: مآل الحوار مع طهران هو التوقف، وسيتعطل مسار المفاوضات الجارية في فيينا

وتشير التقديرات الأخيرة إلى حصول الجمهوريين على أكثرية في مجلس النواب (203 مقاعد في مقابل 187 مقعداً للديموقراطيين). وحسمت الأغلبية في مجلس الشيوخ لمصلحة الديمقراطيين، على خلفية إخفاق الحزب الجمهوري في الإطاحة بمرشحي الديمقراطي بعدة ولايات.

وفي حديثه لـ"حفريات"، أوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الشعبية (الأحوازية)، طاهر أبو نضال، (قبل ظهور نتائج الانتخابات النهائية) أنّه، من المؤكد، في حال حصل الحزب الجمهوري على الأغلبية، في الكونغرس، فإنّ مآل الحوار مع طهران هو التوقف، وسيتعطل مسار المفاوضات الجارية في فيينا.

المسيرات الإيرانية

كما أنّ المفاوضات بين إيران والمجموعة الغربية قد ازدادت تعقيداً، بعد رفض طهران مطالب الغرب بالتنازل عن کثیر من ‌الملفات، الأمر الذي تفاقم إثر التظاهرات المندلعة في طهران منذ أيلول (سبتمبر) الماضي بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، على يد أفراد دورية "شرطة الأخلاق"، وفق أبو نضال، فضلاً عن القوة المفرطة للعناصر الأمنية التابعة للحرس الثوري، الذي يعمد لتصفية الاحتجاجات بوحشية ودموية كما هي العادة. 

ويؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الشعبية (الأحوازية)، أنّ الملف الحقوقي الإيراني، الذي يحفل بجرائم عديدة موثقة، بات، اليوم، ثقيلاً أكثر بعد "المجازر الجديدة" التي نفذها النظام منذ تفشي التظاهرات في أكثر من خمسين مدينة وإقليم بطهران.

الباحث هاني سليمان لـ"حفريات": انتخابات التجديد النصفي تأتي في ظل سياقات أخرى، مثل دخول فصل الشتاء في أوروبا، الأمر الذي يجعل أزمة الطاقة تفرض ذاتها بشدة

كما أنّ استخدام أسلحة إيرانية الصنع، ومنها المسيرات، في الحرب الروسية الأوكرانية، بعث بمخاوف وتعقيدات متفاوتة بين أمريكا والغرب، من جهة، وإيران، من جهة أخرى. وهي التعقيدات التي تسببت في "تحريك جزء كبير من النخب الأمريكية، نحو التراجع عن فكرة الحوار مع السلطات الإيرانية". يقول أبو نضال.

أما بالنسبة إلى هامش المناورة المحتمل للتوصل إلى اتفاق مع إيران، فيقول المصدر ذاته إنّه يمكن أن يغلق في 3 كانون الثاني (يناير) العام المقبل، وذلك عندما تتولى التشكيلة الجديدة للكونغرس مسؤوليتها، رسمياً.

 نصر حاسم لاستمرارية رئاسة جو بايدن

إذاً، تشكل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس أحد أهم العلامات الرئيسية في "رسم مستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية"، وفق الباحث المتخصص في العلوم السياسية ومدير المركز العربي للبحوث والدراسات، ومقره القاهرة، هاني سليمان، موضحاً لـ"حفريات" أنّ الانتخابات النصفية تتزامن مع جملة حوادث تكشف، بصورة مكثفة، عن "السلوك الإيراني العدواني، سواء في ما يخص مواقف طهران الداخلية، أو تعاطيها مع الخارج والإدارة الأمريكية، حيث ترسخت رغبة إيرانية للهروب إلى الأمام وكسب الوقت في إدارة مفاوضاتها مع واشنطن والدول الأوروبية بخصوص الاتفاق النووي؛ لأنّها تدرك أنّ التجديد النصفي سيفرض أوضاعاً جديدة، ربما، تكون في صالح طهران، وذلك بعد سحب البساط من جو بايدن".

ومع هذه الفرضية الأخيرة، يشير سليمان إلى أنّ طهران ترى في مماطلاتها وتشددها بالمفاوضات فرصة للوصول إلى المحطة التي ستكون فيها هناك "مساحة جديدة للتفاوض، حسب ما يفرضه الواقع الجديد من إعادة تحديد الأولويات الإيرانية وهندسة مصالحها تبعاً لموازين القوى الجديدة الداخلية بأمريكا".

ويتابع: "انتخابات التجديد النصفي تأتي في ظل سياقات أخرى، مثل دخول فصل الشتاء في أوروبا، الأمر الذي يجعل أزمة الطاقة تفرض ذاتها بضغوطها، وبما يعزز فرص طهران في المراوغة والمقايضة. ففي ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، فإنّ الضغوط على طهران تتراجع حدتها مع انشغال الدول الأوروبية بأولوية الأزمة الروسية".

وبخلاف رؤية أبو نضال التي تشير إلى تخوف الغرب من ظهور المسيّرات الإيرانية في الحرب الروسية الأوكرانية، يرى سليمان أنّ هذا السلاح الإيراني في سياق الحرب يجعل طهران "أحد المفاتيح التي لها الفعل والتأثير المباشر في المعادلة الأوكرانية".

ويختم: "كل تلك المتغيرات مؤثرة أثناء وبعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. وإيران نجحت في فرض نفسها في شبكة الضغوط على الإدارة الأمريكية، وكانت القضية الإيرانية أصلاً أحد أهم الملفات التي أثرت على الكتل التصويتية والسجالات داخل الكونغرس، بالإضافة إلى تقييم أداء إدارة بايدن تجاه السياسة الخارجية، وفي القلب منها البرنامج النووي لإيران".

مواضيع ذات صلة:

محللون وخبراء لـ"حفريات": هذه مخاوف أمريكا من تغيير النظام العالمي

أمريكا تفشل بكبح إيران ووكلائها.. ما خياراتها؟

هل تنجح إيران في الضغط على أمريكا لرفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية