الكاظمي يبدأ جولة خليجيّة: هل يستعيد العراق وجهه العربي؟

الكاظمي يبدأ جولة خليجيّة: هل يستعيد العراق وجهه العربي؟


11/11/2020

تُستأنف، منتصف الشهر الجاري، الزيارة المؤجلة من رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى العاصمة السعودية، الرياض، والتي كانت من المفترض أن تتم في العشرين من تموز (يوليو) الماضي. 

وبالإعلان عن الزيارة السابقة التي قيل حينها إنها تأتي في إطار انفتاح بغداد على دول المنطقة، بعد سنوات من عبث الجماعات الإرهابية بالبلاد، كانت طهران في حالة قلق؛ حيث أرسلت وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، إلى بغداد، عشية الزيارة المرتقبة. 

مشروع الربط الشبكي بين العراق ودول الخليج سيعمل على تخفيض إنفاق العراق في قطاع الكهرباء، بسبب انخفاض سعر الطاقة مقارنة بما يُستورد من طهران

قوة العراق 

رئيس الوزراء العراقي يزور الرياض، ويتبعها بزيارة الكويت، ومن المفترض أن تشمل جولته دولاً أخرى لم يعلن عنها بعد.

كان وفد رفيع من الوزراء والمسؤولين، استبق الكاظميّ، برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الماليّة، الدكتور علي عبدالأمير علاوي، في تموز (يوليو) الماضي، لبدء اجتماعات مجلس التنسيق السعودي – العراقي في الرياض، تأتي هذه الجولة الخليجية، بعد جولة أوروبية شملت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وتشمل المباحثات التي يجريها الوفد السعودي في بغداد التركيز على موضوع الاستثمار في القطاع الزراعي، والربط الكهربائي ومجالات استثمارية مختلفة، فضلاً عن مناقشة موعد افتتاح معبر عرعر البرّي بين البلدين".

رئيس الوزراء العراقي يزور الرياض، ويتبعها بزيارة الكويت، ومن المفترض أن تشمل جولته دولاً أخرى لم يعلن عنها بعد
 وبحسب الكاتب الصحفي، المتخصّص في الإسلام السياسي، حسام السويفي؛ فإنّ لزيارة  الكاظمي، مهما تغيرت مواعيدها، دلالات سياسية واقتصادية مهمّة، ناقشها مع "حفريات" قائلاً: "حاول الكاظمي إدارة رئاسة الوزراء العراقية بشكل استخباراتي أقرب من الشكل البيروقراطي المتعارف عليه؛ إذ إنّ عمله كرئيس لجهاز الاستخبارات العراقية لمدة أربع سنوات، وبالأحرى منذ عام 2016، جعله مؤهلاً لمدّ خطوط العلاقات مع جميع الدول في المحيط الإقليمي والدولي، كما ساهم عمل الكاظمي صحفياً، إبان عهد الرئيس الراحل صدام حسين وعمله في عدة وكالات وصحف من منفاه في إيران والنمسا، في تشكيل شخصية قادرة علي الحوار أكثر من قدرتها على الصدام". 

هل ثمة انحسار للطائفيّة؟

تحظى شخصية الكاظمي بقبول لدى السلطات الإيرانية وجهاز المخابرات، ما جعل بعض وسائل الإعلام تتحدث عن وساطة بين الرياض وطهران، عن طريق الكاظميّ، الذي زار إيران في تموز (يوليو) الماضي،  ثمّ إلى واشنطن، التي لم يزرها أيّ رئيس وزراء عراقي، بعد عادل عبد المهدي، منذ ثلاثة أعوام، والذي عُرف بقربه من طهران.

اقرأ أيضاً: العراق والخليج.. تقارب يبعثر حسابات إيران

تأتي الزيارة في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها، كما أنّها، وبحسب تصريح السفير العراقي لدى الرياض، قحطان الجنابي، لشبكة "D w"  الألمانية، في تموز (يوليو) الماضي، ستركّز على تطوير العلاقة بين العراق ومحيطه العربي وجيرانه، خاصة من دول الخليج"، ويستكمل السويفي معلّقاً على دلالات الزيارة في حديثه لـ "حفريات": "زيارة الكاظميّ للرياض تستهدف تغيير بوصلة بغداد من انحسارها في صراعات طائفية ومذهبية، استمرّت لمدة 17 عاماً، منذ إعدام صدام حسين، إلى انفتاحها على الدول العربية ذات العمق الإستراتيجي لبغداد ومنها السعودية، كما أنّ زيارته للرياض رسالة قوية لطهران، وكرت أصفر يشهر في وجهها، بأنّ بغداد لن تسمح بالتوغّل الإيراني مجدداً في أراضيها، كما كان يحدث طيلة 17 عاماً، كما تهدف إلى تغيير أوراق اللعبة في بغداد بحيث تكون السعودية وأمريكا حائطَي الصدّ لمواجهة التدخّل الإيراني، وهو ما يفسّر زيارة الكاظمي لواشنطن بعد الرياض".

ويستطرد قائلاً: إنّ "تعزيز العلاقات العراقية السعودية، سيؤدي إلى انحسار دور تنظيم داعش الإرهابي، خاصة أنّ زيارة الكاظمي للولايات المتحدة، غيّرت قواعد اللعبة في بغداد، للعمل على تجفيف منابع التمويل المادي واللوجيستي لداعش، كما أنّ المملكة ستعمل على تغيير الوضع المتردّي في  بغداد، عن طريق القضاء على الصراع الطائفي والمذهبي، وسيتحقق ذلك من خلال مساهمتها، في العديد من المشروعات الاستثمارية وفتح المناخ الاقتصادي في العراق، وهو ما سيمثل تهديداً لوجود التنظيمات الإرهابية، مثل داعش وغيرها، لأنّ المناخ الاستثماري وعودة الحياة لطبيعتها في أيّة دولة يخنق ويهدّد وجود التنظيمات المتطرفة".

البعد الاقتصادي  

جاء الإعلان عن الزيارات الثلاث (الرياض، طهران، واشنطن)، كدليل عملي على نية العراق لفتح صفحات جديدة في تاريخها، تكون السيادة فيها للعراقيين لا لنفوذ خارجي يتلاعب بمصير البلاد والعباد، وهو ما أعلنه صراحة رئيس الوزراء في آخر خطاباته إلى الشعب، وبتلك الزيارة يضع الكاظميّ بين يدي الرياض رسائل طمأنة عمادها الاقتصاد والاستثمار في مجالات عدّة، أهمها الكهرباء والزراعة والبتروكيماويات، في هذا الصدد أعرب الباحث العراقي في مجال العلوم الاجتماعية، الدكتور علاء حميد، في حديثه مع "حفريات" عن أنّ الزيارة تتّخذ منحى أكثر أهميّة، خاصة بعد أزمة كورونا التي أضرّت بالاقتصاد العراقي، المتضرر بدوره جراء سنوات الحرب والإرهاب. 

د. علاء حميد لـ"حفريات": المختلف في زيارة الكاظمي للرياض هو شخص رئيس الوزراء الجديد، ووظيفته السابقة كرئيس أحد الأجهزة الأمنية الفاعلة في النظام العراقي 

واستكمل حميد حديثه قائلاً: "قد لا تتميز زيارة الكاظميّ إلى الرياض ظاهرياً بأمر مميز، خاصة أنّها قد حدثت بالقبل من قبل رؤساء وزراء سابقين، مثل حيدر العبّادي وعادل عبد المهدي،  لكنّ المختلف في هذه الزيارة هو شخص رئيس الوزراء الجديد، وعلاقاته المتنوّعة والمعروفة، بسبب وظيفته السابقة كرئيس لأحد الأجهزة الأمنية الفاعلة في النظام العراقي بعد سقوط صدّام، عام  2003، أيضاً هناك البعد الاقتصادي الذي تحمله هذه الزيارة؛ مثل قضية الكهرباء التي خرجت من إطارها الخدمي، وأخذت بُعداً سياسياً،  وهناك عرض خليجي لمساعدة العراق في هذا الجانب، وحديث عن عقود شراكة مع الكويت؛ إذ ناقش مسؤولون من العراق والولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي ترتيبات للعراق لاستيراد الكهرباء من الكويت، وهي صفقة تمّ الاتفاق عليها العام الماضي، لكنّها لم تدخل حيّز التنفيذ بعد".
 

وبحسب تصريحاته لوسائل إعلام محلية؛ أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة بغداد، الدكتور عبد الرحمن المشهداني: إنّ "مشروع الربط الشبكي بين العراق ودول الخليج من أجل حلّ معضلة الكهرباء العراقية، سيعمل على تخفيض إنفاق البلاد في قطاع الكهرباء، بسبب انخفاض سعر الطاقة مقارنة بالسعر الذي تستورد به بغداد من طهران، وبهذا سيتمّ توفير ثلثي الإنفاق تقريباً في هذا القطاع وحده، وسيتوقف تدفق النفط من طهران، وهو أمر إيجابي للداخل العراقي".

اقرأ أيضاً: هل تنقذ سياسة بايدن العراق أم تطلق يد إيران فيه؟

 لكنّ الحديث عن بعد سياسي أمني من هذه الزيارة مطروح أيضاً، يراه حميد ويوضحه لـ "حفريات" ممثلاً "في قضية المنافذ الحدودية بين الجانبَين العراقي السعودي، إذ إنّ الجانب الخليجي يعمل على معادلة كفّة التأثير الإيراني في العراق، عن  طريق رئيس الوزراء الذي يتمتّع بقدرة مميزة، خاصة في التفاوض السياسي، وهو ما تسعى إليه دول الخليج؛ إذ إنّ التوافق الخليجي على التعاون الاقتصادي مع العراق، سيتسبّب في هزّة اقتصادية لإيران، التي يرزح اقتصادها تحت طائلة العقوبات الأمريكية، وأزمة فيروس كورونا المستجد. 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية