القفطان المغربي من زي خاص بالرجال إلى خطوط الموضة العالمية

القفطان المغربي من زي خاص بالرجال إلى خطوط الموضة العالمية
المغرب

القفطان المغربي من زي خاص بالرجال إلى خطوط الموضة العالمية


05/02/2020

لم يخرج القفطان، الذي يعد من أهم مظاهر الثقافة المغربية على صعيد الملابس التراثية، من حدود المغرب إلى دول العالم فحسب، إنما وجد طريقه ليقتحم عالم الموضة ويتربع على عرش أهم ماركات الأزياء في العالم، بل وارتدته المشاهير والشخصيات العالمية، عاكساً حب المغاربة وتقديرهم للجمال، وقدرتهم على الحفاظ على إرث تاريخي في مجتمع عايش حقباً وحضارات مختلفة.

القفطان المغربي في معارض أزياء عالمية

تاريخ القفطان المغربي
يعود انتشار القفطان بصورته المعروفة اليوم إلى العصر المريني (1244- 1465م)  بعد ظهوره الأول أيام السلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي؛ حيث كان يمتاز بتصميم وتطريز وألوان بسيطة، وكان ارتداؤه حكراً على الرجال من الأمراء والسلاطين فقط، ليصبح متاحاً للعامة في عهد السعديين، ويغدو أكثر شهرة وشيوعاً بين المغاربة؛ حيث ترتديه اليوم معظم نساء المغرب ونساء الأسرة الحاكمة على حد سواء، ويرجع بعض المؤرخين الانتشار الكبير الذي حظي به القفطان في دول العالم إلى قبل ذلك بفضل المغني الأندلسي الأشهر؛ زرياب، الذي اشتهر بأناقته واعتنائه بالألوان، في بدايات القرن التاسع.

اقرأ أيضاً: هل يهدد التدخل التركي في ليبيا أمن المغرب العربي؟

ورغم جرأة مصممي الأزياء المغاربة والغربيين في إضافة لمسات عصرية حديثة على القفطان، والتي ساهمت في تطويره وانتشاره عالمياً، حتّى وصل إلى كبار الفنانات والمشاهير، إلا أنّه ظل محافظاً على عراقته وأصالته، عبر حراس هذا التراث من الحرفيين والمصممين القدامى، الذين يتعاملون بحذر شديد مع تطوير هذا اللباس وإضافة لمسات جديدة على تصاميمه، خوفاً من فقدان عراقته، لما يمثله من إرث حضاري وتاريخي للمغرب.

مصدر دخل وسفير للثقافة

لا يمثل القفطان إرثاً حضارياً وتاريخياً للمملكة المغربية فقط، بل بات يشكل رافداً مهماً لخزينة الدولة؛ حيث إنّ الاهتمام المستمر للمصممين المغاربة في تطوير القفطان جعل منه سفيراً للثقافة المغربية في المحافل ومعارض الأزياء الدولية، الأمر الذي زاد الطلب عليه من قبل شخصيات من ثقافات وبقاع جغرافية مختلفة؛ إذ يساهم القفطان بنسبة 16 بالمئة من صادرات الصناعات التقليدية المغربية، بواقع 32 مليون درهم من إجمالي صادرات المغرب، بحسب وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي؛ جميلة المصلي، في لقاء لها مع وكالة "رويترز".

تشهد صناعة القفطان اليوم تطوراً كبيراً

وترتكز صناعة القفطان على البيوت والورش الأهلية والمصانع الصغيرة، المنتشرة في المدن المغربية القديمة، مثل فاس والرباط ومراكش، الأمر الذي وفر ما يزيد على 75 ألف فرصة عمل للمغاربة من الحرفيين وصانعي القفطان التقليديين، بمساهمة قدرت بـ30 بالمئة من إجمالي عمال القطاع الصناعي في البلاد، ويصل إجمالي المعاملات والمبادلات التجارية في هذا القطاع إلى 32 مليار درهم سنوياً، بحسب المدير العام لمؤسسة دار الصانع، عبد الله عدناني في حديثه لوكالة "رويترز".

اقرأ أيضاً: تعرف إلى أبرز 3 ملفات تؤرق المغرب في 2020

هذا فضلاً عن مساهمته في الحد من البطالة بين النساء اللاتي يعتبرنه مهنة لائقة، ومصدراً للدخل، في مجتمع تشكل فيه النساء الثلث من إجمالي البطالة.

عصرنة القفطان

لم يقتصر القفطان على كونه القطعة التقليدية للمرأة المغربية التي ترتديه في المناسبات والأعراس؛ حيث شهدت صناعة القفطان نمواً كبيراً وإقبالاً متزايداً، في الأعوام الأخيرة، بعد قيام المصممين المغاربة بإيصاله إلى المحافل ومعارض الأزياء الدولية، الأمر الذي فتح شهية مصممي الأزياء الغربيين أمثال؛ بالمان، وإيف سان لوران، وجون بول غوتييه، وغيرهم من الذين سارعوا إلى إدراج نسخ مطورة منه في كاتالوجات أعمالهم.

اقرأ أيضاً: المغرب: لماذا يلوم الشباب ضحايا التطرف شيوخَهم التائبين؟

وتشهد صناعة القفطان اليوم تطوراً كبيراً؛ حيث تجمع تصاميمه الحديثة بين الأصالة والمعاصرة، لينال اهتمام عشاق الموضة، ويصل إلى أجساد المشاهير والفنانات وعارضات الأزياء من الثقافات والبقاع الجغرافية المختلفة، الأمر الذي يثير مخاوف "حراس" القفطان من فقدان هذا الزي لأصالته المرتبطة بالشعب المغربي الذي حافظ عليه على مر العصور.

الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي ترتدي القفطان المغربي خلال زيارتها للمغرب عام 2017

مع المشاهير

من الملاحظ في عالم الموضة العربية بالآونة الأخيرة ازدياد الإقبال على القفطان، وحرص الفنانات على الظهور به أمام الجمهور؛ حيث ظهرت به الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، التي صرحت وقتها للإعلام، أنّها شعرت بنخوة المرأة المغربية أثناء ارتدائه، كما ظهرت المغنية المصرية شيرين عبد الوهاب في مهرجان موازين، بقفطان للمصممة المغربية الشهيرة سميرة الحدوشي، فضلاً عن الفنانة الإماراتية أحلام، والتونسية هند صبري، واللبنانيات؛ نوال الزغبي وماجدة الرومي وميريام فارس، والسورية أصالة نصري، والأردنية ديانا كرزون، وغيرهن من الفنانات .

الفنانة الأمريكية سوزان ساراندون مرتدية القفطان المغربي

ولم يقتصر ارتداء القفطان على مشاهير العرب فحسب؛ بل امتد إلى الغرب؛ حيث ظهرت نجمة هوليوود والممثلة الأمريكية الشهيرة؛ سوزان ساراندون في مهرجان مراكش الدولي للفيلم مرتدية قفطاناً ذهبي اللون، بالإضافة إلى النجمة الأمريكية الشهيرة إليزابيث تايلور، التي اختارت في إحدى جلسات تصويرها لمجلة "فوغ"، العام 1967 ارتداء القفطان المغربي، وكذلك المطربة ماريا كاري، كما ارتدته سيدة البيت الأبيض سابقاً هيلاري كلينتون في إحدى زياراتها للمغرب، وابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ايفانكا ترامب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية