القاعدة الخلفية للإخوان

القاعدة الخلفية للإخوان

القاعدة الخلفية للإخوان


21/11/2023

ماهر فرغلي

 نجح الإخوان بالفعل فى بناء قاعدة خلفية كبيرة فى دول أمريكا اللاتينية عبر مؤسسات العمل الاجتماعى والدعوى وبناء شبكة من المدارس والجمعيات، التى تتقاطع مع مؤسسات رئيسية رسمية متصلة مع العالم الإسلامى، دون أن ينظر لها الجميع بأى ريب، إلا أن ضعف الجماعة فى مركزها، اضطر أذرعها للتفاعل مع ما يحصل، فحاولت التخفى والكمون، عن طريق التيار السلفى السرورى الذى اخترق أغلب المؤسسات.

ويبدو من خلال سياق العمل الحركى فى أمريكا اللاتينية أن خيطاً يجمع هذه العناصر والشبكة، وهو محاولات التخفى وراء العمل الاجتماعى، وهذا اتضح من خلال التكتلات والتجمعات التعاونية، والاجتماعات والمؤتمرات التى تمت مراراً حول الدعوة، وكان من الواضح أن التحرك لم يكن من قبَل عناصر الجماعة فقط داخل تلك الدوائر، وإنما تم توظيف مقربين فى شبكة للارتباط واضحة، تحت مسمى الإسلام والمسلمين وحماية الأقليات.

وفى إطار استغلال الجمعيات سيطرت الجماعة بالفعل على المساحة الموجودة بسبب أيديولوجيتها الإسلامية، وتأثيرها التكوينى على طريقة تفكير المسلمين الذين يعيشون كجاليات، ولم يجدوا سوى الجماعة التى تقوم بتحديد وصياغة الأجندة الإسلامية، وتوجد فى الحوارات مع النخب المسلمة وغير المسلمة فى وسائل الإعلام والحكومة والأكاديميات، فضلاً عن أنها تقوم بتوفير الخدمات الاجتماعية للعائلات التى تكافح سواء من المسلمين أو غير المسلمين على حد سواء. لكن المفارقة المبشرة بتحولات جديدة فى هذا المشهد، أولاً: هناك حالة من الوعى الجديد، أو الاهتمام بأمريكا الجنوبية أدت إلى تطور ملموس فى التواصل الرسمى بين مسلمى القارة وعدد من دول العالم الإسلامى ومنها مصر والإمارات والسعودية، التى أقامت مراكز إسلامية كبيرة.

كما كان من الواضح أن المنظمات الإخوانية الرئيسية تجاوزت جمود وتقوقع مساجد الجالية إلى أنواع كثيرة من العمل الحركى، وخالفت بذلك الركود التنظيمى العميق الذى أصاب الجماعة فى أقطارها الرئيسية بالشرق الأوسط، حيث اعتمدت على 5 أضلع هى: المبتعثون، الأئمة والمعاهد والمدارس، المراكز والمؤسسات، مجموعات عمل المستقطبين الجدد، شركات الحلال.

من هنا وجب التنبيه أن الوجود الإخوانى فى أمريكا اللاتينية يؤثر على الشرق الأوسط، خاصة مصر ودول الخليج، من عدة نواحٍ؛ أهمها: إعطاء مؤسسات الجماعة موطئ قدم كبيراً لعناصر كثيرة هاربة، وبعضها موضوع على قوائم الإرهاب الدولية، حيث أصبحت أمريكا اللاتينية تمثل ملاذاً دائماً لعناصر هاربة، ومكّنتهم قوانينها من الحصول على جنسية بعض الدول، ما يمكن أن يشكل خطراً مستقبلياً، وأكبر مثل على ذلك هو تأسيس مجموعات على مواقع التواصل لدعوة نساء برازيليات حديثات للسفر إلى دول عربية بعينها؛ للحصول على (كورس) لتعليم الدين الإسلامى واللغة العربية، والهدف هو تيسير زواجهن من بعض القيادات الهاربة للحصول على أوراق رسمية، وإحدى هذه القضايا حققت فيها السلطات البرازيلية مع «أنطونيو أندراد»، الذى انضم لـ«داعش».

كما تستغل الجماعة الوجود فى أمريكا اللاتينية فى الوجود بين الأقليات وتشجيعها على الانضمام للإسلام السياسى، ونسج علاقات عن طريقها مع مؤسسات أخرى فى الخليج وغيرها، حيث ربطت الجماعة بعض مؤسساتها التمويلية بأخرى داخل دول الخليج، وعملت شركات الحلال بدول الخليج بسهولة، وأصبحت تتلقى الكثير من المعونات، وفتحت لها أبواباً خلفية عن طريق الوجود فى أمريكا اللاتينية.

وقد نجحت جماعة الإخوان المسلمين فى صناعة ملعب خفى لأنشطتها فى أمريكا اللاتينية، وهو ما أسهم فى إيجاد تموضع لجماعات أخرى إرهابية كـ«داعش والقاعدة».

من هنا يؤثر الوجود الإخوانى فى أمريكا اللاتينية على الشرق الأوسط، خاصة مصر ودول الخليج، لأن الجماعة نجحت فى بناء قاعدة خلفية عبر مؤسسات العمل الاجتماعى والدعوى وتعاونوا مع التيار السلفى السرورى تحت مسمى حماية الأقليات، وذلك أعطى موطئ قدم لعناصر كثيرة هاربة موضوعة على قوائم الإرهاب الدولية، إلا إذا تمت مواجهة ذلك من خلال عدة مسارات:

(1) المسار الدعوى: بوضع خارطة واضحة للمنظمات والشخصيات الإخوانية بأمريكا اللاتينية والكاريبى، ودعم مؤتمرات لدعاة الوسطية، والتنسيق مع الدول بالقارة، وإنشاء هيئة تكون مسئولة بشكل مباشر عن تنسيق العمل الدعوى والاجتماعى بأمريكا اللاتينية والكاريبى، والتدقيق فى المبتعثين إليها.

(2) المسار السياسى: التنسيق مع قادة ورؤساء القارة ودعوتهم إعلان الجماعة إرهابية، وتحديث قائمة الإرهابيين، وتبادلها مع دول أمريكا اللاتينية.

(3) المسار الاقتصادى والمالى: عن طريق العمل على الفصل ما بين مؤسسات البيزنس، التى تتخذ الدعوة الدينية وسيلة للمكسب، والمؤسسات الدعوية، التى تستغل الدعوة فى تمويل عمليات التجنيد والاستقطاب.

(4) المسار الاجتماعى: بالعمل على وقف احتكار الأقليات والجاليات عبر منظمات العمل الاجتماعى والحقوقى، عبر التنسيق الدائم مع المسئولين المعتمدين إلى هذه الدول.

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية