اضطهاد الأقليات العرقية والدينية مستمر في إيران.. ما الذي يُرعب الجمهورية الإسلامية؟

اضطهاد الأقليات العرقية والدينية مستمر في إيران.. ما الذي يُرعب الجمهورية الإسلامية؟


03/04/2022

تتوالى أنباء انتهاكات حقوق الإنسان من إيران، ويعيش العديد من الأقليات والطوائف المختلفة تحت التهديدات والوعيد، من قبل الحرس الثوري، وغيره من أذرع النظام الإيراني، الذي يسعى لتشديد قبضته على البلاد، وإسكات أصوات الأقليات المطالبة بالحصول على حقوقها الكاملة في ممارسة شعائرها الدينية بحرّية تامة، أو حتى مصادرة أملاكها لحساب مؤسسات تابعة للمرشد الأعلى بدون أيّ مسوغات قانونية.

وتعاني الأقليات الدينية في إيران من التهميش والتمييز في المعاملة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

 ويأتي التهميش في صور مختلفة، مثل حرمان الزرادشتيين أو اليهود أو المسيحيين أو المسلمين من المذاهب الأخرى غير المذهب الشيعي من الترشح لرئاسة الجمهورية، أو ممارسة طقوسهم الدينية بحرّية.

 ففي حزيران (يونيو) الماضي ظهرت انتهاكات النظام الإيراني جلية عند إخضاعه (3) مسيحيين للمحاكمة، بعد تمرير تعديل جديد لقانون العقوبات من خلال الهيئة التشريعية الإيرانية، وفقاً لمنظمة التضامن المسيحي العالمية  .(CSW)

 ومحاكمة المتهمين الـ(3) ذوي الأصول الإسلامية عُقدت في كرج شمال إيران، بعد اعتناقهم للمسيحية، مشيرة إلى أنّ المحكمة الإيرانية وجّهت إليهم تهمة "ممارسة أنشطة طائفية".

 

تعاني الأقليات الدينية في إيران من التهميش والتمييز في المعاملة منذ الثورة الإسلامية عام 1979

 

 المتهمون الـ(3): أمين كاكي، وميلاد جودارزي، وعلي رضا نور محمدي، أخضعوا للمحاكمة إجبارياً دون حضور محامي دفاع للمرافعة عن المتهمين، وبررت السلطات القضائية الإيرانية رفض حضورهم بحجة أنّ أسماءهم لم تُدرج في القائمة مسبقاً، حسب ما نقلت وكالة "إيسنا" شبه الرسمية.

 تقارير أخرى أشارت إلى أنّ ادعاءات السلطات الإيرانية غير صحيحة، وأنّ المحامين قد أدرجت أسماؤهم، واستوفوا جميع المتطلبات اللازمة للدفاع عن المتهمين الـ(3) قبل (10) أيام من عقد المحاكمة.

اقرأ أيضاً: إيران تواصل قمع الحريات.. إغلاق صحيفة لهذا السبب

 وقد أسند القضاء الإيراني للمسيحيين الـ(3) تهمة "الانخراط في دعاية ضد النظام الإسلامي"، مؤكدة الإفراج عنهم بكفالة لاحقاً، وبشرط الحضور لمركز أمني أسبوعياً للاستجواب والمراقبة.

وقالت مصادر، نقلت عنها وكالة "فرانس برس"، إنّ القضاء الإيراني أخضع (17) مسيحياً آخرين للمحاكمة، وأسند إليهم تهماً مشابهة.

 هذا، وتستمر جهات أخرى، على رأسها الحرس الثوري، بتهديد المسيحيين والمنتمين للأقليات الأخرى، بحجة أنّهم يسيؤون للنظام الإسلامي في إيران.

 وبحسب تقارير سابقة، فإنّ المسيحيين في إيران يعيشون تحت ضغط مستمر، مؤكدة أنّ السلطات تواصل مضايقتهم وإخضاعهم للمحاكمة والتفتيش من حين إلى آخر، للاشتباه في "عملهم ضد أمن الدولة"، بعد أن أجرت تعديلات على قانون العقوبات العام الماضي بشكل يتناسب مع توجهاتها.

 يُذكر أنّ إذاعة "NPR" الأمريكية، كانت قد نشرت تقريراً في كانون الأول (ديسمبر) 2018 عن لاجئين إيرانيين فرّوا إلى تركيا بعد أن اعتنقوا المسيحية.

 

انتهاكات النظام الإيراني ظهرت جليّة عند إخضاعها (3) مسيحيين للمحاكمة العام الماضي بتهم ملفقة تتعلق بأمن الدولة

 

 ويعيش في إيران نحو (160) ألف مسيحي، معظمهم من الأرمن، ويوجد نحو (600) كنيسة في مختلف أنحاء الجمهورية.

 وتتعرض الأقلية البهائية في إيران أيضاً للكثير من الانتهكات من النظام الإيراني والتهم الملفقة ليبيح لنفسه استهدافها ومصادرة ممتلكاتها.

 فوفقاً لجمعية "الدفاع عن البهائيين في العالم" قالت يوم 17 شباط (فبراير) الماضي: إنّ مؤسسة "فرمان خميني" التابعة لمكتب مرشد إيران علي خامنئي تواصل عملية مصادرة ممتلكات أتباع الطائفة البهائية، بزعم أنّ البهائيين "جماعة شيعية منحرفة تعمل لصالح إسرائيل".

 وأضافت المنظمة في بيان أوردته إيران إنترناشيونال: "بعد مصادرة ممتلكات (6) من الرعايا البهائيين الآخرين في مقاطعة سمنان شرقي إيران، زاد القلق من مواصلة السلطات الإيرانية مصادرة ممتلكات الطائفة البهائية".

اقرأ أيضاً: "الحريات الأسيرة": الكشف عن استغلال الدين للاستبداد بالحكم

 ونقل البيان عن ممثل الطائفة البهائية في العالم بالأمم المتحدة دايان علائي قوله: إنّ "مصادرة مؤسسة فرمان الخميني لممتلكات البهائيين هي خطوة جديدة ومقلقة للغاية في اضطهاد البهائيين الإيرانيين، ممّا يدل على أنّ هذا القمع يتمّ التخطيط له من قبل أعلى مستويات القيادة الإيرانية".

 ولفت علائي إلى أنّ "المصادرة في محافظات سمنان ومازندران وكوهغيلويه وبوير أحمد قد تكون مجرد بداية لذلك"، مؤكداً أنّ القادة الإيرانيين "يكدسون الثروة من خلال إفقار البهائيين وتشريدهم".

 وأشار إلى أنّ "هناك خطراً من استمرار الاعتقالات بشكل تدريجي ومتقطع، حتى لا تجذب هذه القضية انتباه المجتمع الدولي"، مطالباً "المدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج بإدانة هذا الحكم والظلم الجسيم والمطالبة بإلغائه الفوري".

 وتُعتبر مضايقة البهائيين في محافظة سمنان كبيرة من حيث الشدة والتعبئة والتنسيق بين العناصر الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك إنفاذ القانون والمحاكم والمسؤولون المحليون ورجال الدين، فضلاً عن أشكال مختلفة من المضايقات، من خطاب الكراهية إلى حرمانهم من الأنشطة الاقتصادية.

 

مؤسسة "فرمان خميني" التابعة لمكتب خامنئي تواصل عملية مصادرة ممتلكات أتباع الطائفة البهائية، بزعم أنّهم جماعة شيعية منحرفة تعمل لصالح إسرائيل

 

 وأشارت منظمة الدفاع عن الطائفة البهائية بالعالم إلى أنّه "غالباً ما تتمّ مصادرة ممتلكات البهائيين في إيران لصالح مؤسسة فرمان الخميني".

 و"فرمان الخميني" مؤسسة تابعة لمكتب المرشد علي خامنئي، ولها أنشطة اقتصادية وتجارية واسعة بدعم من كبار المسؤولين.

وعلى مدى العقود الـ(4) الماضية، انتهكت الحكومة الإيرانية علانية حقوق المواطنين البهائيين بقمعهم ومصادرتهم واحتجازهم، ونتيجة للاضطهاد أُجبر العديد من المواطنين البهائيين على الهجرة، وتمّ نقل ممتلكاتهم إلى مؤسسات وقيادات الحكومة الإيرانية.

اقرأ أيضاً: الإسلام السياسي التقليدي والديمقراطي وإشكالية الحريات

 وبالنظر إلى التركيبة العرقية للشعب الإيراني، يتبين أنّ أغلبية الإيرانيين لا ينتمون إلى القومية الفارسية، وهو الأمر الذي يثير قلق النظام الإيراني فيما يبدو، خاصة في ظل امتناع مركز الإحصاء الإيراني عن تقديم إحصاءات رسمية حول التركيبة السكانية، إلا أنّه على الرغم من ذلك، فإنّ مصادر أخرى تكشف عن التركيبة السكانية، أبرزها كتاب "حقائق العالم" الذي يرصد التركيبة اللغوية للإيرانيين، والصادر عن وكالة الاستخبارات الأمريكية، وفق ما أورد مركز المرجع للدراسات والأبحاث الاستشرافية حول الإسلام الحركي.

 ويشير الكتاب إلى أنّ التركيبة اللغوية لسكان إيران، تتمثل في أنّ 53% من سكان إيران يتحدثون الفارسية ولهجاتها، و18% الأذرية وغيرها من اللغات التركية، و10% الكردية، و7% الجيلكية والمازندرانية، و6% اللُورية، و2% البلوشية، و2% العربية، و2% يتحدثون لغات أخرى، وبالاستناد إلى هذا الكتاب يمكن الزعم أنّ نصف سكان إيران فقط يتحدثون الفارسية، ورغم الإحصائية التي يقدّمها الكتاب التي لم تبين محاولات طمس الهوية للعرقيات الأخرى، إلا أنّ القوميات غير الفارسية تبدو أنّها تمثل نصف الشعب الإيراني.

 

أغلبية الشعب الإيراني لا ينتمون إلى القومية الفارسية، وهو الأمر الذي يثير قلق النظام الإيراني

 

 ورغم النسبة الكبيرة التي تمثلها القوميات غير الفارسية في إيران، إلا أنّ النظام الإيراني يمارس بحقها كلّ وسائل القمع والتمييز والإقصاء، سواء في شغل المناصب الرسمية أو الحفاظ على هويتهم في مقابل محاولات طمس الهوية التي يمارسها النظام بحقهم، أو التهميش في التمثيل السياسي والنيابي، وذكر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية حول إيران والشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ طهران مارست التمييز بحقّ العرقيات غير الفارسية، كالعرب والأكراد والترك والتركمان والبلوش، والأقليات الدينية بما في ذلك السنّة والبهائيون والمسيحيون ودراويش الغوناباديين واليهود واليارسان.

اقرأ أيضاً: تقرير دولي: إيران عدوة الحريات

 كما تطرّق التقرير الذي نُشر عبر موقع المنظمة الإلكتروني إلى التمييز ضد القوميات غير الفارسية، بما في ذلك العرب الأحوازيون، والأتراك الأذربيجانيون، والبلوش، والأكراد، والتركمان، وكذلك الأقليات الدينية، بما في ذلك السنّة والبهائيون والمسيحيون ودراويش الغوناباديين واليهود واليارسان، وحرمانها من المساواة في الحصول على التعليم والتوظيف والمناصب السياسية، بالإضافة إلى ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بحق أبنائها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية