الفصائل المتطرفة تتناحر شمال غرب سوريا.. ما الأسباب؟

الفصائل المتطرفة تتناحر شمال غرب سوريا.. ما الأسباب؟


01/07/2021

تترجم تحركات "هيئة تحرير الشام"، التي يتزعمها أبو محمد الجولاني القيادي الجهادي التكفيري، توجهات تركيا، لذا فإنّ صدامها الأخير مع جبهة "جنود الشام" ومن قبل مع جماعات كردية جهادية، لا يمكن أن يفسّر بمعزل عن خطط تركيا وخطوطها في المنطقة.

وتملك هيئة تحرير الشام النفوذ الأكبر في شمال غرب سوريا، واستطاعت على مدار أعوام السيطرة على مناطق نفوذ لجماعات جهادية أخرى، وإقصاء جماعات، وسط أنباء عن احتجاز المئات من الجهاديين المنافسين في سجونها.

اقرأ أيضاً: المنافسة تحتدم بين إيران وروسيا في سوريا... كيف يتواجه الطرفان؟

وأخيراً، قررت الهيئة إقصاء جماعة "جنود الشام" التي يتزعمها "مسلم الشيشاني"، وأمهلتهم مدة للخروج من شمال غربي سوريا، أو الانضواء تحت لوائها.

ونشر الصحفي الأمريكي بلال عبد الكريم أنّ "هيئة تحرير الشام" عرضت على الشيشاني الانضمام إلى صفوفها، أو مغادرة مناطق سيطرتها خلال مدة زمنية لم يعلن عنها، وقد حددتها مواقع سورية بالشهر.

وأضاف عبد الكريم خلال فيديو نشره عبر قناة “OGN TV” على "يوتيوب"، في 27 حزيران (يونيو) أنّ الشيشاني رفض عرض الهيئة.

وجنود الشام إحدى المجموعات المقاتلة في سوريا، وتتكون غالبية أفرادها من عناصر أجنبية، وحسب تقارير إعلامية يقدّر عدد المجموعة بنحو 1000 مقاتل، غالبيتهم من الجنسيتين؛ اللبنانية والشيشانية.

وأفاد موقع "عنب بلدي" أنّ الشيشاني هذا هو مراد مارغوشفيلي، الملقب بـ"مسلم أبو وليد شياشي" وينحدر من القبائل الشيشانية التي تعيش في جورجيا، وهو مصنف من قبل وزارة الخارجية الأمريكية على أنه قائد جماعة إرهابية مسلحة في سوريا منذ أيلول (سبتمبر) 2014، وتتهمه الوزارة ببناء قاعدة للمقاتلين الأجانب في سوريا، بحسب وكالة "رويترز"  للأنباء.

 أرجعت هيئة تحرير الشام قرارها إلى تورط "جنود الشام" في ارتكاب تجاوزات أمنية، لم تفصح عنها

ومن جانبها، أرجعت هيئة تحرير الشام قرارها إلى تورط "جنود الشام" في ارتكاب تجاوزات أمنية، لم تفصح عنها.

وقالت الهيئة في بيان أمس، رداً على ما كشفه الصحفي الأمريكي: إنّ الأجهزة الأمنية (التابعة للهيئة) نجحت في ضبط الأمن ومحاربة كل أنواع الجريمة على اختلافها، وأمام هذا التحدي لجأ بعض المطلوبين والجناة إلى التستر والتخفي تحت أسماء مجاميع صغيرة للتغطية على جرائمهم.

وأضافت الهيئة على لسان مسؤول التواصل فيها، ويدعى تقي الدين، أنّ التخفي جريمة أخرى لها مآلات سلبية، ولن تسمح به الجهات القائمة اليوم على الشمال المحرر.

اقرأ أيضاً: مصر تجدد مطلبها بخروج تركيا من سوريا... تفاصيل

وبحسب تقي الدين، من بين المجموعات التي تتستر على مطلوبين للأجهزة الأمنية فصيل "جنود الشام"؛ إذ ثبت تورط بعض المنتسبين إليه في قضايا أمنية وجنائية.

وأشار تقي الدين في البيان إلى أنه طلب من قادات هذه المجموعات التعاون لضبط المتجاوزين ومحاسبتهم أصولاً، "إلا أنّ الأمر لم يواجَه بمسؤولية، ونُشرت إثره إشاعة مفادها إخراج المجموعة من إدلب"، لافتاً إلى أنّ جبهات القتال مفتوحة للجميع، بحسب تعبيره.

 

باحث: خلال الشهور الـ6 الماضية، كان واضحاً أنّ روسيا تضغط لفتح ممرات تجارية بين مناطق سيطرة النظام والمناطق التي تتواجد فيها الفصائل المسلحة شمال غرب البلاد

 

ويرى مراقبون للمشهد السوري أنّ انقلاب هيئة تحرير الشام على مجموعة "جنود الشام" يعود إلى قرب عقد جولة جديدة من الاتفاق الروسي التركي في الآستانة في تموز (يوليو) المقبل، وسط مطالبات من الجانب الروسي بإفراغ الشمال السوري من المقاتلين الأجانب، أو تحجيم نفوذهم في بعض المناطق والممرات، لكي يسهل مرور البضائع من تركيا إلى سوريا حيث مناطق سيطرة النظام.

في غضون ذلك، نقلت "سكاي نيوز" عن مصادر لم تسمها من مناطق الصدام، أنّ المواجهة الأخيرة بين هيئة تحرير الشام وجنود الشام "مناسبة للاعتقاد بأنّ صِداماً عسكرياً مُسلحاً بين الطرفين قد يندلع في الأفق المنظور، شبيه بالمواجهات الدموية الكثيرة التي تخوضها الفصائل المتطرفة من أجل النفوذ".

وقال الكاتب والباحث في الشؤون الأمنية عمار شاهين بيك، بحسب "سكاي نيوز": إنّ الأبعاد لهذه المواجهة المتوقعة بين التنظيمين السلفيين المسلحين هي أبعاد مالية، إذ يُعتبر تنظيم جنود الشام من أكثر التنظيمات الإرهابية المقاتلة فقراً مادياً، وهو لا يتوقف عن طلب المساعدات من الفصائل الأخرى والقواعد الشعبية في مناطق تواجده، إلا أنّ حساسية المناطق التي يتواجد فيها، بالذات منطقة سهل الغاب شمال غرب محافظة حماة، وما تعد به من موارد مالية وفيرة، هي النقطة الأساسية في اندفاعة هيئة تحرير الشام لتصفية التنظيم أو احتوائه.

اقرأ أيضاً: هكذا نهب أردوغان ونظامه ثروات سوريا

وأضاف: خلال الشهور الـ6 الماضية، كان واضحاً أنّ روسيا تضغط لفتح ممرات تجارية بين مناطق سيطرة النظام والمناطق التي تتواجد فيها الفصائل المسلحة شمال غرب البلاد، بما في ذلك السماح لتجارة الترانزيت بالمرور من تركيا عبر تلك المناطق إلى مناطق النظام، وذلك لتخفيف بعض الضغوط الاقتصادية التي تواجه الحكومة السورية.

ونقاط تنظيم جنود الشام في منطقة سهل الغاب تدفع لأن يكون أكثر المستفيدين من هذه الفرصة، التي قد توفر له موارد مالية هائلة جرّاء الضرائب التي قد يفرضها على البضائع والتجار في نقاط العبور تلك، فهي تنظيمات تعمل بعقلية (قاطع الطريق)، ممّا قد يدفع لأن يكون تنظيماً أكثر قوة وقدرة، وهذا ما تعترض عليه هيئة تحرير الشام".

الصفحة الرئيسية