الغرياني وجه يبحث عنه الإخوان لتعويض غياب القرضاوي والغنوشي

الغرياني وجه يبحث عنه الإخوان لتعويض غياب القرضاوي والغنوشي

الغرياني وجه يبحث عنه الإخوان لتعويض غياب القرضاوي والغنوشي


29/02/2024

الحبيب الأسود

أثار اللقاء الذي جمع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان في دار الإفتاء بالعاصمة الليبية مع الصادق الغرياني -المفتي المعزول وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الواجهة السياسية للإخوان المسلمين- التكهنات بشأن الدور الذي يلعبه الغرياني كواجهة قيادية لرموز الإسلام السياسي وليبيا كوجهة جديدة لهم بعد أن فقدوا مراكز الإيواء والحظوة في أكثر من دولة.

وتحتاج تيارات الإسلام السياسي الآن إلى البحث عن مراكز جديدة لها بعد أن فقدت الكثير من حلفائها مثل تركيا التي نفذت استدارة كبيرة في مواقفها من جماعة الإخوان المسلمين لاعتبارات تتعلق بمصالحها مع دول الخليج ومصر ورغبتها في تجاوز مرحلة العداء لمحيطها الإقليمي.

ويُنتظر أن تتسع دائرة المتضررين من الخيار التركي الجديد إلى ما هو أبعد من إخوان مصر وأن تشمل إخوان سوريا في ظل رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تطبيع العلاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد لحسابات تتعلق بالأمن القومي التركي.

ولا يقف القلق الإخواني عند حدود التغيير الكلي للموقف التركي، فقطر نفسها بدأت تتغير وتريد محو الصورة القديمة لارتباطها بالإسلام السياسي بسبب ما خلفته من مشاكل مع دول الإقليم، وفي نفس الوقت فإن الولايات المتحدة لم تعد تتحمس لفكرة رعاية الدوحة لجماعات الإسلام السياسي بعد أن أظهر هذا الخيار فشله في حرب غزة وعجزت قطر عن التحكم في حماس وإلزامها بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.

ويعتقد مراقبون أن خروج أردوغان عن المسار وقلق قطر من نتائج ورقة الإسلام السياسي لا يقلان أهمية عن انهيار حكم الإخوان في مصر وتفكيك حكمهم في تونس، فهم سيفقدون من خلال الاستدارة التركية – القطرية الغطاء السياسي والمالي والإعلامي الإقليمي، كما يفقدون أصدقاءهم خاصة بعد وفاة زعيم الجماعة يوسف القرضاوي وسجن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، أحد أبرز رموزها في المنطقة، وتنحي الأمير الوالد في قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتراجع التحمس لورقة الجماعة في قطر.

وشهدت الجماعة ضغوطا كبيرة في أوروبا وباتت تحت الرقابة المشددة ما حدّ من تحركات قادتها وعرقل سبل الاستفادة من إمبراطوريتها المالية العابرة للدول. ولهذا فهي تحتاج إلى وجهة جديدة، ويمكن أن تستفيد من ليبيا التي يوجد فيها ما تبحث عنه الجماعة من مال وفوضى أمنية وسياسية وغياب سلطة واضحة يمكن أن تضيّق عليها الخناق.

ويعد الغرياني أحد أبرز وجوه الإسلام السياسي في ليبيا المعروف بإثارته للجدل من خلال فتاويه المتشددة والتحريضية، ويمكن أن يؤمّن بشبكة علاقاته ونفوذه ملجأ لبعض المغضوب عليهم في الغرب أو المطرودين من تركيا أو قطر، ما يؤهل ليبيا لأن تكون مركزا جديدا للإسلام السياسي.

ويطلق الغرياني فتاوى متشددة، ولا يلجأ إلى الخطاب الملتبس كما تفعل قيادات إخوانية أخرى، ومن المرجّح أن يكون صوت الجماعة في مهاجمة بعض الدول للمحافظة على زخم الأنصار، خاصة مصر وكذلك تونس بعد سجن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وتراجع حزبه.

وبحسب دار الإفتاء، ناقش البرهان مع الغرياني تطورات الأوضاع في السودان، دون تقديم تفاصيل أخرى.

ولم تشر وسائل الإعلام التابعة لمجلس السيادة الانتقالي في السودان إلى اللقاء، وهو ما فسره مراقبون بالرغبة في عدم إثارة انتقادات قد تطال البرهان الذي يسعى إلى إضفاء مسحة دينية على الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وذلك عبر الاستنجاد بالغرياني المعروف بمواقفه المتشددة وبمرجعيته الإخوانية المتطابقة مع مرجعية “الكيزان” في السودان.

وقال موقع “السودانية نيوز” إن لقاء البرهان والغرياني لم يكن مفاجئا ويعد بمثابة إعلان رسمي من قائد الجيش السوداني عن موالاة جماعة الإخوان، في خطوة قد تفتح الباب أمام ممارسة كافة أشكال العنف والتطرف وربما تعيد السودان إلى سنوات العزلة الدولية.

وبحسب مصادر ليبية، فإن الغرياني يتجه إلى توظيف ماكنته الإعلامية في الترويج لصورة البرهان والتحريض على معارضيه، وكذلك في اتهام بعض الدول الإقليمية بالوقوف وراء الحرب ودعم قوات الدعم السريع.

وتابعت المصادر أن الغرياني وعد البرهان بالضغط على سلطات طرابلس من أجل تقديم مساعدات وافية لمجلس السيادة الانتقالي وقطع الطريق أمام أيّ محاولة للتواصل مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وكان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قد اتفق مع البرهان على تفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما وتبادل الوفود بين البلدين، فيما أكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن لا صحة لما روجه إعلام حكومة الوحدة الوطنية من وجود مبادرة يقودها رئيسها عبدالحميد الدبيبة لحلحلة النزاع داخل السودان، وأن الدبيبة حاول التملص من أيّ تعهد قد يقطعه المجلس الرئاسي على نفسه بخصوص دعم البرهان.

وشدد المنفي على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان سياسيا أو عسكريا. وقال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع البرهان “نؤكد دعمنا لجهود رئيس مجلس السيادة السوداني وما يقوم به لوحدة السودان الشقيق”، مشيرا إلى أن “لاجئي السودان في ليبيا سيعاملون معاملة الليبيين في جميع النواحي التعليمية والصحية”.

وشكر البرهان ليبيا على استقبال عشرات الآلاف من السودانيين اللاجئين، مشيرا إلى أنه يزور ليبيا للبناء على سابق المحبة بين الشعبين الليبي والسوداني. وأضاف أن السودانيين في ليبيا لا يشعرون بالغربة، لافتا إلى أنه اتفق مع المنفي على تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والعسكري.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية