العراق: بعد حالة الانسداد السياسي... ما مصير انتخاب رئيس الجمهورية؟

العراق: بعد حالة الانسداد السياسي... ما مصير انتخاب رئيس الجمهورية؟


04/04/2022

بين أغلبية لا ترقى إلى ثلثي مجلس النواب العراقي وأقليات ضعيفة، أصبح انتخاب رئيس الجمهورية العراقية رهينة التوافق بين تحالف الصدر "إنقاذ الوطن" بقيادة مقتدى الصدر، والإطار التنسيقي بزعامة نوري المالكي.

وتتطلب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ثلثي أعضاء مجلس النواب العراقي أي (220) نائباً، بينما يملك تحالف "إنقاذ الوطن" نحو (150) نائباً فقط.

 فرصة للتفاوض مع "الثلث المعطل"

وفي اختيال المنتصر، أصدر مقتدى الصدر الخميس الماضي بياناً يتحدث فيه عن موقف كتلته القوي، ومنح "فرصة للتفاوض" مع جميع الكتل بلا استثناء، فقد قال الصدر في البيان الذي نشره على حسابه الرسمي على تويتر: "نعمة أنعمها الله عليّ... أن مكّنني أن أكون ومن معي الكتلة الفائزة الأكبر في الانتخابات، بل هو فوز لم يسبق له مثيل... ثم جعلنا الكتلة أو التحالف الشيعي الأكبر، ثم منّ عليّ بأن أكون أول من ينجح بتشكيل الكتلة الأكبر وطنية (إنقاذ الوطن) وترشيح رئيس وزراء مقبول من الجميع، ولن أستغني عن ذلك".

أصدر مقتدى الصدر بياناً يتحدث فيه عن موقف كتلته القوي، ومنح "فرصة للتفاوض" مع جميع الكتل بلا استثناء

وأضاف أنّ "تلك التحالفات أزعجت الكثير، فعرقلوا وما زالوا يعرقلون"، مشيراً إلى أنّه "لكي لا يبقى العراق بلا حكومة فتتردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدمية وغيرها، فإنّي أعطي للثلث المعطل فرصة للتفاوض مع جميع الكتل بلا استثناء لتشكيل حكومة أغلبية وطنية من دون الكتلة الصدرية، من أول يوم في شهر رمضان المبارك إلى الـ9 من شهر شوال المعظم".

 منحى جديد

أخذ المشهد السياسي العراقي منحى جديداً بعد المبادرتين اللتين أطلقهما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من جهة، والإطار التنسيقي من جهة أخرى، واختلفت الآراء بشأن حالة الانسداد التي تمرّ بها العملية السياسية بعد تأجيل اختيار رئيس الجمهورية بسبب عدم اكتمال النصاب في مجلس النواب.

وفي ظل هذه المتغيرات الجديدة، نقلت وكالة الأنباء العراقية "واع" عن عضو مجلس النواب النائب أحمد الربيعي قوله: إنّ "مبادرة الصدر ستكون مفتاحاً للحلّ، وهناك احتمال كبير في أن تكون هذه فرصة طيبة في تقريب وجهات النظر في حال نجاح قوى الإطار التنسيقي بكسب الودّ والتنسيق مع الأطراف الأخرى ضمن التحالف الثلاثي كالسيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، وبالنتيجة سيكون هذا دافعاً ومبرراً كبيراً لمقتدى الصدر أن يكون متوافقاً مع قوى الإطار، وبالنتيجة ربما يتفق الجميع على تشكيل الحكومة، وهذه فرصة كبيرة وطيبة ومبادرة جيدة في كلّ الأحوال".

وأكدت رئيسة كتلة الجيل الجديد النائبة سروة عبد الواحد أنّ "مبادرة السيد الصدر جيدة، وأتمنى أن تستجيب لها كتلة الإطار التنسيقي، لافتة إلى أنّ "الصدر من السهل عنده أن يذهب إلى المعارضة، فهو قوي داخل الحكومة وخارجها، ومقتنع بالأغلبية".

أخذ المشهد السياسي العراقي منحى جديداً بعد مبادرتين أطلقهما زعيم التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي من جهة أخرى

 بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي حمزة مصطفى: إنّ "الهوة ما تزال واسعة بين ما يريده الإطار التنسيقي، خصوصاً على صعيد الكتلة الأكبر، وبين ما يريده زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر على صعيد تحالف الأغلبية الوطنية"، لافتاً إلى أنّ "الإطار طَرحَ عدة أمور ربما تكون مدخلاً للنقاش، ومن الممكن ان تكون مخرجاً للتعامل مع الأزمة؛ ولكنّها قد تكون موضع جدل ونقاش طوال شهر رمضان إلى الـ9 من شوال، فبالتالي الآن الأمور متوقفة على طريقة رد فعل قوى التحالف الثلاثي، لا سيّما السيد مقتدى الصدر مع ما طرحه الإطار التنسيقي على صعيد تشكيل الحكومة طبقاً لمفهوم الكتلة الأكبر الشيعية، وهنا الخلاف واضح في هذا السياق".

وأضاف أنّ "الصدر أعلن بتغريدته أنّه يملك أكثر من الثلث، وأنّ تحالفه قائم على أساس الأغلبية بما في ذلك الكتلة الأكبر؛ بينما الإطار يرى أنّ الكتلة الأكبر يجب أن تكون من المكون الاجتماعي الأكبر، وهذه طبعاً مسألة جدلية ستبقى طوال هذا الشهر قائمة بين الطرفين، بما يُنتَظر توسط قوى أخرى من البيوت الأخرى السنّية والكردية لكي يصلوا إلى مقاربة بين الكتلتين أو الطرفين الشيعيين لكي يصلوا إلى حل وسط في هذه الأزمة، أمّا إذا كان كلّ طرف قد تخندق، يعني مثلاً إذا تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيا كتحالف مع السيد الصدر، فسوف تبقى الأمور قائمة على هذا الخلاف، وكذلك الاتحاد الوطني وعزم أيضاً بقيا مع الإطار التنسيقي فسوف يبقى الخلاف؛ لأنّه هنا ليس بين التحالفين، وإنّما بين طرفين من بيت واحد، وهما الإطار والتيار، وبالتالي لا بدّ من إيجاد مخرج لهذه العلاقة بينهما قبل أن يكون الحديث عن ثُلث مُعطل أو ثلث ضامن أو أغلبية أو أقلية".

وقال الأكاديمي والمحلل السياسي كوفند يروان: إنّه "لا يعتقد أن تُشكّل المبادرة التي طرحها الإطار التنسيقي مخرجاً للتعامل مع تغريدة السيد الصدر، لأنّ المسافة بين الطرفين ما تزال بعيدة"، مبيناً أنّ "مبادرة الإطار أكدت على حق المكوّن الأكبر، ولم تُعطِ أولوية لبرنامج أو لخطط للإصلاح وإنقاذ البلاد، ولا حتى الخطط لتوزيع وضمان المواقع والمناصب".

وأضاف: "ربما ينجح الإطار التنسيقي في إقناع شركاء الصدر في التحالف الثلاثي في الدخول في تشكيل الحكومة من خلال تأييد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الجمهورية، وكذلك عرض مناصب سيادية أكثر على تحالف السيادة، وفي هذه الحالة سيكون التيار وحده في المعارضة".

ولفت إلى أنّ "البيان المشترك للسيادة والديمقراطي أغلق الباب أمام الإطار لمحاولة تقديم عروض مغرية للسيادة والديمقراطي"، مؤكداً أنّ "التحالف الثلاثي أثبت تماسكه، والإطار كذلك لم ينفرط بعد هذه المواجهة، وتبقى الخيارات الأخرى الدستورية، ومنها حلّ البرلمان الذي لا يحبذه أي طرف".

 مبادرة الإطار التنسيقي

أعلن الإطار التنسيقي عن رؤيته لمعالجة الانسداد السياسي، ونقلت وكالة الأنباء العراقية "واع" عن بيان للإطار قوله الجمعة الماضية: إنّه "انطلاقاً من المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقه ما زال الإطار التنسيقي مستعداً للحوار الجاد والبنّاء مع جميع الكتل والمستقلين للخروج من حالة الانسداد السياسي، وتدعو قوى الإطار جميع المخلصين إلى تحمل المسؤولية وعدم الإصرار على معادلة كسر الإرادات التي من شأنها أن تزيد المشهد تعقيداً بدون جدوى، والمتضرر الوحيد منها هو الشعب العراقي".

وأضاف أنّ "الإطار يعلن عن رؤيته لمعالجة الانسداد السياسي، والتي ترتكز على عدة أسس نوردها أدناه، وسيقدّم الإطار تفاصيلها في حواراته مع القوى السياسية، ونلخصها بالآتي:

    1ـ الالتزام بالمدد الدستورية، وتسجيل الكتلة الأكثر عدداً من الطرفين لضمان حقّ المكون واكتمال الاستحقاق الوطني للمكونات الأخرى بالرئاسات الـ3، ضمن رؤية موحدة يشترك فيها الإطار والمتحالفون معه، والكتلة الصدرية والمتحالفون معها.

    بعد إعلان الكتلة الأكثر عدداً، يتمّ الاتفاق على المرشح لمنصب رئيس الوزراء وفق الشروط والمعايير المطلوبة كالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، ويكون ذلك عبر لجنة مشتركة من الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية.

    3ـ الاتفاق على البرنامج الحكومي ضمن سقف زمني محدد يتمّ الاتفاق عليه، ويشترك في إدارة تنفيذه من يرغب من الكتل الفائزة التي تلتزم بالبرنامج، ويتمّ ترشيح المؤهلين لإدارة البلاد على أن يمتازوا بالكفاءة والنزاهة والاختصاص

تتولى المعارضة داخل مجلس النواب مراقبة الحكومة ومحاسبتها على أخطائها وتجاوزاتها، ويتمّ تمكين المعارضة من القيام بعملها بصورة صحيحة وحمايتها وفق القانون.

وتابع: "نكرر نداءنا لإخواننا الذين رفضوا دعواتنا المتكررة للتعاون على البر والتقوى، ونحضّهم لوضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق المصالح الحزبية والكتل.

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية