السِّفرُ الكبير: "المَعْلمَةُ المصرية للعلوم الإفتائية" (1-2)

السِّفرُ الكبير: "المَعْلمَةُ المصرية للعلوم الإفتائية" (1-2)

السِّفرُ الكبير: "المَعْلمَةُ المصرية للعلوم الإفتائية" (1-2)


12/11/2023

في (90) مجلداً صدرت الموسوعة الكبرى: (المَعْلمَة المصرية للعلوم الإفتائية)، ويمكن تحميل الأجزاء الـ (90) عن طريق الباركود (QR)، وهذا المنجز نتيجة جهود حثيثة مخلصة؛ فالمتتبع للجهود التي تبذلها دار الإفتاء في مصر، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، يلمس التطوير الكبير في دعم وصناعة عملية الإفتاء؛ ليكون علماً مستقلاً بذاته، بعد أن كان مبحثاً من مباحث أصول الفقه، مثل علم الفروض (المواريث) الذي كان مبحثاً من مباحث الفقه، لا سيّما أنّه حدث استسهال في التجرؤ على الفتوى، فيما عُرف بفوضى الفتاوى، من جماعات وأفراد، وتكمن الخطورة في فتاوى غير المتخصص في إحداث ويلات ومخاطر ومفاسد واضطرابات في المجتمعات والأوطان، فكان العبث هو إسناد أمر الفتوى، -لا سيّما في الشأن العام- إلى غير المتخصصين والمؤهلين.

تحويل الإفتاء إلى علم مستقل ليس بالأمر السهل الهين، ويحتاج إلى جهود خارقة، يتضافر فيها أكاديميون من مختلف التخصصات؛ لأنّ علم الإفتاء يرتبط تأثيراً وتأثراً بالعلوم الاجتماعية والإدارية والاقتصادية والفلسفية، فضلاً عن ارتباطه الوثيق بعلوم الفقه والأصول والمقاصد، فهل يمكن للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء القيام بهذا العمل الشاق؟ وما هي أداة تحقيق هذا المنجز الكبير؟ وهل تصريحات مفتي مصر رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء، وتصريحات الأمين العام، وتصريحات علماء دار الإفتاء، يمكن أن تتحول إلى واقع، أم تنتهي إلى مجرد تصريحات إعلامية، خاصة مع وجود معوقات كثيرة تجعل تحويل الوعود إلى واقع من الصعوبة بمكان؟.

إلا أنّ هذا التحدي نجحت فيه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء برئاسة مفتي مصر نجاحاً جديراً بالاحترام، وتمّ تنفيذه على أرض الواقع فعليّاً، من خلال السِّفر الضخم والموسوعة الكبرى، المسمّاه: "المَعلمَة المصرية للعلوم الإفتائية"، التي بلغت (90) مجلداً، من إعداد إدارة الأبحاث والدراسات الإفتائية بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء.

 (المَعْلمَة المصرية للعلوم الإفتائية)

بدأت الفكرة بإنشاء مركز إعداد المفتين عن بُعد، ووضع برامج تأهيل للمفتين، وإصدار نشرة دعم البحث الإفتائي، وإصدار مؤشر الفتوى وتطوير العديد من التطبيقات الإلكترونية، ثم الانتهاء بعمل موسوعي جامع، يضم المعارف والعلوم المتعلقة بالإفتاء، ابتداء من المداخل العامة وصولاً إلى طرق الإدارة الحديثة للمؤسسات الإفتائية، في صورة (المَعْلمَة المصرية للعلوم الإفتائية).

يقول فضيلة مفتي مصر رئيس الأمانة العامة: تعكس (المَعْلمة)عملاً مؤسسيّاً علميّاً، تم التخطيط لخروجه عن طريق دراسات متأنية وخطط عمل مرحلية؛ ابتداء من مبادئه العامة وتاريخه وتاريخ المؤسسات الإفتائية، مروراً بمفاهيم الفتوى وعلومها المختلفة، إلى إدارة المؤسسات الإفتائية، وانطلقت تلك الموسوعة المصرية من رؤية الدار بضرورة استقلال علم الإفتاء، كعلم مكتمل الأركان، ومن همٍّ وطني وإسلامي جراء انتشار الحركات المتطرفة واعتمادها على الفتوى كآلية للاستقطاب والتبرير والتأصيل، وأزمة اضطراب المفاهيم وانحراف الخطابات، حيث مثَّلت تلك الأزمة وتبعاتها -كالإلحاد والتطرف اليميني- نقطة الانطلاق والتفكير في هذا العمل".

تحويل الإفتاء إلى علم مستقل ليس بالأمر السهل الهين، ويحتاج إلى جهود خارقة، يتضافر فيها أكاديميون من مختلف التخصصات؛ لأنّ علم الإفتاء يرتبط تأثيراً وتأثراً بالعلوم الاجتماعية والإدارية والاقتصادية والفلسفية

تجمع "المَعْلمَة المصرية للعلوم الإفتائية" مبادئ وأركان العملية الإفتائية؛ وما يتعلَّق بها تعريفاً وتأسيساً وبناءً علميّاً وبشريّاً، لتصبح بذلك مُرتكزاً صلباً لجميع المعنيين بعلوم الإفتاء في العالم، وتقدّم عملاً علمياً يحيط بعلاقة الفتوى بشتى نواحي الحياة، بعد أن كانت الفتوى في العقل الجمعي تُعنى فقط بإبداء الرأي الشرعي في قضايا العبادات والأسرة والأفراد.

جاءت الموسوعة في (90) مجلداً، وهذه عناوين بعض الأجزاء:

-المدخل إلى علم الإفتاء، ويشتمل على مقدمات المعلمة، وأهدافها، ومحتوياتها، وصناعة الفتوى في العصور المختلفة، ومناهج الإفتاء ومراجع الفتوى. 

-تاريخ الفتوى وأهم المؤسسات الإفتائية.

-النظريات الإفتائية.

-القواعد الفقهية وأثرها في الإفتاء.

-الفتوى والعلاقات الدولية.

-أدب المفتي والمستفتي بين التنظير والتنزيل.

-الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي وأثرها في الإفتاء.

-الفتوى وصناعة الحلال.

-الفتوى وحقوق الإنسان.

-ضوابط الافتاء للأقليات المسلمة.

-دور المرأة في النظر الإفتائي.

-الفتوى ومواجهة التطرف.

-الفتوى ودعم الاقتصاد الوطني، (الرؤية والتطبيق).

 اضطراب المفاهيم وانحراف الخطابات

-الإفتاء بالفقه الواسع.

-آفات الفتوى.

-أنثروبولوجيا الفتوى.

-سيسيولوجيا الفتوى.

-الفتوى والإلحاد.

-الانحرافات الإفتائية للمتطرفين.

-الفتوى والأمن الفكري.

-الفتوى والتحول الرقمي.

-العلاقة بين العالم والحاكم.

الجزء الخاص بالإلحاد رصد ما يتعلق بقنوات الملحدين، ونسب المشاهدة، وتطور هذه القنوات، وأقسام ما تقدمه من مادة فكرية وإعلامية، وأشهر مؤيدي الإلحاد من السياسيين والنشطاء في مجال المرأة، وحقوق الإنسان

 

ولنأخذ من الملجدات الـ (90) نموذجين، ونذكر أهمّ ما ورد فيهما.

النموذج الأول: الانحرافات الإفتائية للمتطرفين

ويتكون من (4) أجزاء، جاء في الجزء الأول:

الباب الأول: في بيان الانحراف الناشئ عن جهل المتطرفين بالأدلة الشرعية، ويشتمل على:

بيان جهلهم بماهية الأدلة، وبيان جهلهم بطرق قراءة واستعمال الأدلة.

الباب الثاني: في بيان الانحراف الناشئ عن تناقض تلك الجماعات، ويشتمل على:

بيان تناقض دعواهم مع فتاواهم، وبيان تناقض دعواهم باتباع أئمة السلف.

الباب الثالث: في بيان الانحراف الناشئ عن خروجهم عن الأطر العلمية في الفتوى، ويشتمل على: بيان استعمالهم العاطفة لإيهام الناس بصحة فتاواهم، وبيان إقحامهم عامة الناس غير المتخصصين في علوم الشرع شديدة التعقيد، وبيان مراعاتهم مصلحة جماعتهم وإهمالهم مصلحة عموم المسلمين، وصدام فتاواهم المستمر مع الواقع، وبيان خلطهم بين مقامي الإفتاء والقضاء.

الباب الرابع في بيان الانحراف الناشئ عن اختلاط بعض المفاهيم الشرعية عند جماعات التطرف الديني، ويشمل: اختلاط مفهوم البدعة، ومفهوم تطبيق الشريعة، والعمل بالقوانين، ومفهوم الأدب والاتباع، ومفاهيم التعامل مع المرأة.

النموذج الثاني: الفتوى والإلحاد

جاء في هذا الجزء أنّ أكبر (22) قناة إلحادية على اليوتبوب زادت فيها نسبة المشاهدات إلى أكثر من (115) مليون مشاهدة، وزاد عدد المشتركين في القنوات الإلحادية الكبيرة بمقدار يزيد عن (200) ألف مشترك، بنسبة تزيد عن 30% في (6) شهور، وأنّ قناة "ملحد حر" لم تنشر أيّ محتوى خلال فترة (6) شهور، ومع ذلك حققت (170) ألف مشاهدة.

الجزء الخاص بالإلحاد رصد ما يتعلق بقنوات الملحدين، ونسب المشاهدة، وتطور هذه القنوات، وأقسام ما تقدمه من مادة فكرية وإعلامية، وأشهر مؤيدي الإلحاد من السياسيين والنشطاء في مجال المرأة، وحقوق الإنسان.

وزاد عدد المشتركين في القنوات الإلحادية الكبيرة بمقدار يزيد عن (200) ألف مشترك

ورصد أيضاً أهم شبهات الملحدين، والتي منها:

-الاستفادة من القصص التي وردت في القرآن والسنّة ولا دليل عليها تاريخياً.

-إبراز التشابه في العبادات بين الأديان لإثبات أنّ القرآن صناعة بشرية.

-الاحتجاج بما حدث بين الصحابة من تنازع ومشكلات.

-توهم أنّ سقوط طالبان أو داعش معناه زيف الإسلام.

-التوهم أنّ الإسلام ظلم المرأة واحتقرها.

-استغلال الاكتشافات العلمية، ممّا يظهر مخالفة للقرآن، للتأكيد بأنّ القرآن عمل بشري.

-الاستهزاء بنعيم الجنة عند مقارنته بالرفاهية الموجودة في الحياة المعاصرة.

كما رصد هذا الجزء من "المعلمة المصرية" أنواع الملحدين، وعدَّ من هذه الأنوع: إلحاد الاستغناء، وإلحاد الإله الظالم، وإلحاد التعنت والسفه، وإلحاد التمرد، والإلحاد الحسي، والإلحاد السلبي، وإلحاد الشبهات، وإلحاد الشهوات، وإلحاد الجبر والتسيير، وإلحاد المحامي الفاشل، وإلحاد تحصيل الأهداف، وإلحاد عقدة النقص، وإلحاد نقض العهد.

وتناول أيضاً الأساليب الـ (5) للملحدين، وتاريخ الإلحاد في العالم العربي والغربي، وأسباب الإلحاد، والصدام بين الكنيسة والعلم، وشبهات الملحدين والردّ عليها، سواء الشبهات العامة أم شبهات نظرية المعرفة، مثل: شبهة خطأ الحواس، وشبهة الصورة الذهنية للمدرك ومخالفتها للواقع، وشبهة الإدراكات العقلية، وشبهة البرهنة على إثبات شىء محال، وشبهة التواتر.

وفي كل جزء من الأجزاء الـ (90) تجد موضوعات ودراسات وبحوثاً علمية متشعبة، تم  تسليط الضوء عليها، وفي المقال القادم -إن شاء الله- نعرض لأهداف المعلمة المصرية، والمنهج العلمي المتبع في هذا الإصدار، وسبب تسميتها (المعلمة المصرية)، وبعض الملاحظات على هذا العمل.

مواضيع ذات صلة:

كيف تحول مؤتمر الإفتاء إلى داعم للقضية الفلسطينية؟

كيف ساهمت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في محاربة التطرف بالعالم؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية