السيسي يلوّح بسلاح القوة: جيشنا رشيد لكنه قادر على الردع

السيسي يلوّح بسلاح القوة: جيشنا رشيد لكنه قادر على الردع


21/06/2020

لم تترك تركيا وحلفاؤها في الدوحة ومن يدور في فلكهما من جماعة الإخوان المسلمين، أي طاقة أمل لحل في ليبيا، وتعاملت باستعلاء وغطرسة مع المبادرة المصرية، في السادس من الشهر الجاري، لحل الصراع بالطرق السلمية.

ظل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتوعد ويتدخل ويكشف عن أطماعه الحقيقية السافرة في ليبيا، وتحديداً في منطقة سرت التي تحمل أهمية إستراتيجية كبرى، وتعد بوابة منطقة الهلال النفطي الغنية بمصادر الطاقة. ولعله كان يعتقد، لغفلته، أنّ الآخرين سيبقون متفرجين صامتين لائذين بالسكون، لكنّ الرد المصري على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي جاء رادعاً وبليغ العبارات، وستكون له مفاعليه في الأيام المقبلة.

دولة الإمارات تعلن وقوفها إلى جانب مصر فيما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها من التداعيات في ليبيا

وعبّر الكاتب دندراوي الهواري في صحيفة "اليوم السابع" بقدر عالٍ من الدقة عن التهديدات التي تحاصر مصر من جميع الجهات، فـ "النيران تحاصرنا من كل الاتجاهات، الغربية، حيث منتخب العالم للإرهاب في ليبيا، وتركيا تدخل على خط المواجهة، طمعاً في ثروات أبناء وأحفاد عمر المختار، وأن يكون لها موطئ قدم في منطقة شرق المتوسط الزاخرة بثروات الغاز الطبيعية، وفي الحدود الشرقية، حيث إسرائيل العدو التاريخي، وصاحبة المشروع الديني، إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، وحرب المطامع في سيناء، وفي الجنوب أيادٍ تعبث من أعالي النيل وحتى السودان، وصار التهديد واضحاً وجلياً، في قضية مياه النيل..!! ناهيك عن مخططات قطر الرامية لتأجيج الأوضاع الداخلية المصرية، ودعم كل الجماعات والتنظيمات المسلحة لإثارة الفتنة في مصر، ودفع البلاد إلى حالة فوضى شاملة، تمهيداً لإسقاطها وإزالتها من فوق الخريطة الجغرافية، بالإضافة إلى الورم السرطاني الذي يسكن أحشاء الوطن، ويسبب لها آلاماً موجعة، تتمثل في جماعة الإخوان الإرهابية".

 

مصر تدخل على خط الاشتباك
كان على مصر أن تدخل على خط الاشتباك، وأن تلوح بالحل الآخر الذي تملكه بقوة واقتدار: الجيش المصري، الذي يعد أهم الجيوش في منطقة الشرق الأوسط، وأشدها مهارة وخبرة.
لذا طالب الرئيس المصري، أمس السبت، القوات الجوية المصرية بالاستعداد لتنفيذ أي مهمة خارج حدود مصر أو داخلها. وأكد على أنّ "أي تدخل مباشر لمصر في ليبيا بات له شرعية دولية". وأضاف السيسي خلال تفقده الوحدات المقاتلة بالمنطقة الغربية العسكرية: "ستكون أهدافنا حماية الحدود الغربية، وسرعة دعم استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية، باعتباره جزءاً من الأمن القومي المصري، وحقناً لدماء الشعب الليبي".

اقرأ أيضاً: لماذا لوّحت مصر بالتدخل في ليبيا؟
وأكد الرئيس أنّ صبر مصر طيلة الفترة الماضية لم يكن ضعفاً، مشيراً في الوقت ذاته، إلى استعداد مصر "لتدريب شباب القبائل الليبية على القتال وتسليحهم من أجل الذود عن ليبيا ضد العصابات الإرهابية".
ولاقت تصريحات السيسي ترحيباً من القوى والبلدان المحبة للاستقرار في ليبيا والرافضة للاحتلال التركي، فقد أيدت تصريحات السيسي كل من الإمارات والسعودية والبحرين، والقوى الليبية الرافضة للاحتلال التركي وأعوانه.

 

الإمارات تؤيد وتدعم
وأعربت الإمارات عن تأييدها لما ورد في خطاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في منطقة سيدي براني بخصوص ليبيا. وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، أنّ دولة الإمارات تقف إلى جانب مصر في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها من تداعيات التطورات المقلقة في ليبيا.
وثمنت الوزارة، بحسب وكالة "وام"، الجهود المصرية الحثيثة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا، خاصة مبادرة القاهرة المتسقة مع كافة القرارات الدولية.

اقرأ أيضاً: بعد تصريحات السيسي عن ليبيا.. الجيش المصري يتصدر توتير
وأكدت أنّ حرص الرئيس المصري على استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، ينبع من توجه عربي أصيل باعتباره جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومي العربي.
كما أشادت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، "بحرص القاهرة على حقن دماء الأشقاء من أبناء الشعب الليبي، وتهيئة الظروف العاجلة لوقف إطلاق النار، وبدء مفاوضات العملية السياسية الشاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين، وتطبيقاً عملياً لمبادرة إعلان القاهرة".
ولم يفت الإمارات أن تؤكد مجدداً موقفها الداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في ليبيا والالتزام بالعملية السياسية، مشددة على أنّ "الحل السياسي هو الحل الوحيد المقبول لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار الذي يلبي تطلعات الشعب الليبي".

اقرأ أيضاً: خطاب السيسي: ما طبيعة التدخل المصري المرتقب في ليبيا؟
وتساءلت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية في افتتاحيتها اليوم: "ماذا تريد تركيا من تدخلاتها في العالم العربي؟ ولماذا الاستمرار في انتهاك سيادة الدول العربية واحدة تلو أخرى؟ ومن سمح لهذه الدولة بالتحدث باسم دولة عربية تحتلها حالياً وتصادر قرارها وتتكلم باسم حكومتها المرتهنة أصلاً للميليشيات والمرتزقة؟"

 

لا تنتهي الأطماع التركية
وتابعت "من ليبيا إلى العراق وسوريا وغيرها، لا تنتهي الأطماع التركية في التدخل هنا والهيمنة هناك. كيف يمكن تفسير موقف ليبي لم يعلن من طرابلس، وإنما من أنقرة في تحديد الرئاسة التركية شروط وقف دائم لإطلاق النار يتطلب انسحاب قوات حفتر من سرت والجفرة، بينما حكومة السراج صامتة إلا من رفض غير مبرر لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب بشأن ليبيا الأسبوع المقبل؟".
وتساءلت "الاتحاد" أيضاً: "من يرضى تجاهل تركيا كل الدعوات عربياً وعالمياً لوقف عدوانها على شمال العراق، وعلى شمال سوريا؟".

اقرأ أيضاً: عودة المصريين المحتجزين.. ما الذي تخفيه ميليشيات الوفاق؟
وأردفت "الانتهاك التركي المستمر لسيادة الدول الأخرى، نزعته معروفة في بصمات تاريخٍ قاسٍ من الاستعمار، مرفوض في اجترار أحلامه التاريخية، ولا مجال لعودته تحت أي ظرف وأي مبرر. الدول العربية ليست ضعيفة إلى الدرجة التي يتوهم معها الفكر التركي المشبع بأوهام الماضي أن سيناريو الهيمنة قد يكون حاضراً يتكرر".
وأكدت الصحيفة أنّ "العالم العربي ليس فضاء استراتيجياً لأحد، واحتكام أنقرة للسلاح في تحقيق مصالحها، لا يعني عجز الدول العربية عن المواجهة، وإنما هي حكمة يفتقدها الطرف الآخر ستورطه بلا شك وتضيع مصالحه في المرحلة المقبلة إلى حين استيقاظه من أوهام عظمة زائلة لن تعيد التاريخ إلى الوراء".
تصريحات السيسي المزلزلة هزت أركان التيار الداعم للإخوان وقطر وتركيا في ليبيا، حيث قال عضو المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق ووزير التعليم، محمد عمَاري زايد: "نرفض بشدة ما جاء في كلمة السيسي ونعتبره استمراراً في الحرب على الشعب الليبي والتدخل في شؤونه، وتهديداً خطيراً للأمن القومي الليبي ولشمال أفريقيا وانتهاكاً صارخاً للأعراف والمواثيق الدولية"، كما أفادت "سي إن إن".

 

قدرات الجيش المصري
الكاتب في صحيفة "المصري اليوم" محمد أمين، ثمّن ما قاله السيسي، فكتب: "قال الرئيس إنّ الجيش المصري من أقوى جيوش المنطقة ولكنه جيش رشيد.. يحمي ولا يهدد.. وقادر على الدفاع عن (أمن مصر القومي) داخل وخارج حدود الوطن.. وهو كلام مهم للغاية.. وهو رسالة بعلم الوصول بعد تحويل ملف سد النهضة لمجلس الأمن.. وهو رسالة أيضاً لتركيا التي تبني القواعد فى ليبيا، وتنقل قواتها إلى طرابلس العاصمة.. وإذا كانت مصر لا تريد الحرب فإنّ ما يجري حولنا يجرنا إلى الحرب!".

صنف موقع "غلوبال فاير باور"، المتخصص في رصد قوة الجيوش، الجيشَ المصري في المرتبة الأولى عربياً والتاسع عالمياً

ورأى الكاتب فاروق جويدة في صحيفة "الأهرام" أنّ "جيش مصر الآن هو درعها القادرة على حمايتها أرضاً وشعباً وسماء وقراراً، وحين أنفقت الدولة على هذا الجيش كانت تدرك أنّ المستقبل يحمل حسابات ومخاطر جديدة، وأنّ مصر القوية قادرة على أن تحمي ترابها وتصون كرامة شعبها".
وفيما يتعلق بقدرات الجيش المصري، فقد صنفه موقع "غلوبال فاير باور"، المتخصص في رصد قوة الجيوش بالمرتبة الأولى عربياً والتاسع عالمياً، لافتاً إلى أنّ مجموع الأفراد العسكريين بالجيش المصري يبلغ 1.329 مليون شخص، وعدد الجنود العاملين (الذين يُعرّفهم الموقع بالمستعدين للقتال) هو 454.3 ألف، في حين يبلغ عدد الجنود الاحتياطيين 875 ألفاً.
كما ذكر الموقع أنّ عدد طائرات سلاح الجو بمختلف أنواعها هو 1.132 ألف طائرة، تضم 337 مقاتلة و427 طائرة هجومية و260 طائرة نقل و46 طائرة هليكوبتر هجومية.
ويمتلك الجيش 4.11 ألف دبابة و13.95 ألف من المركبات القتالية المدرعة و889 من المدفعيات ذاتية الحركة و1.48 ألف من قاذفات الصواريخ.
كما لدى مصر 319 قطعة بحرية متنوعة، ضمنها 5 غواصات و23 سفينة حربية.

الصفحة الرئيسية