الزلزال يقرّب أردوغان من إسرائيل والأسد من العرب

الزلزال يقرّب أردوغان من إسرائيل والأسد من العرب

الزلزال يقرّب أردوغان من إسرائيل والأسد من العرب


15/02/2023

عكس لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين تقاربا كبيرا بين أنقرة وتل أبيب، وهو ما دلّت عليه تصريحات متبادلة بينهما بعد الزلزال الذي يبدو أنه قد نجح في تقريب أردوغان من إسرائيل، في الوقت الذي استفاد فيه الرئيس السوري بشار الأسد من الزلزال غرب البلاد لإزالة البرود من علاقاته العربية.

وفيما جرى لقاء كوهين مع أردوغان بعيدا عن الإعلام، عرف لقاؤه مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تبادلا لعبارات الشكر والتعاطف، ما يظهر أن الزلزال نجح في تبديد ما تبقى من عناصر التوتر والشك خاصة من الجانب التركي.

وقال جاويش أوغلو الثلاثاء إن “إسرائيل كانت من أوائل الدول التي أرسلت مساعدات، وفرقها وطواقمها الطبية قدمت دعما كبيرا لأعمال البحث والإنقاذ في ولاية قهرمان مرعش (مركز الزلزال)”، معربا عن شكره لإسرائيل وشعبها.

وعدد وزير الخارجية التركي نجاحات التدخل الإسرائيلي في جهود الإغاثة من الزلزال بشكل لم يحصل مع أي بلد آخر بمن في ذلك الأصدقاء التقليديون لأنقرة الذين كانوا أول من هب للنجدة، مشيرا إلى أن فرق البحث الإسرائيلية أنقذت 19 شخصا من تحت الأنقاض، وأن إسرائيل أقامت مستشفى ميدانيا في قهرمان مرعش، وخصصت طائرة شحن عسكرية، وأرسلت 70 طنا من المساعدات.

وذكر أن بلديات وإدارات محلية ومنظمات مدنية في إسرائيل قدمت إلى تركيا مساعدات عينية ونقدية أيضا، في إيحاء بأن العلاقة مع إسرائيل تتجاوز البعد الرسمي إلى البعد الشعبي التلقائي.

وتساءل مراقبون عن سر المبالغة في الإشادة بالدور الإسرائيلي والنظر إليه كمكسب سياسي وليس تحركا إنسانيا خالصا كما قال كوهين؟ وهل أن الأمر مرتبط بالفرصة النادرة التي وفرها الزلزال لتركيا والتي تسمح لها بتطبيع سهل ومجاني دون إحراج أردوغان واضطراره إلى تقديم تنازلات سياسية يمكن أن تثير غضب حلفائه من الإسلاميين الفلسطينيين وفي المنطقة عموما؟

ولا شك أن الإشادة بالدور الإسرائيلي، والتي نقلتها وكالة الأناضول بتفاصيل مطولة، ستفرض معطيات إعلامية جديدة على الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية التركية الرسمية، بما فيها وكالة الأنباء، في طريقة التعامل وكتابة التقارير بحكم اعتمادها تناولا لا يميل إلى وجهة النظر الإسرائيلية.

ويُنتظر أن تخفف وسائل الإعلام التركية الموالية لأردوغان من حدة الخطاب المشحون ضد إسرائيل من خلال التغطية الإخبارية للعمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وأن تسعى إلى تغطيات باردة تساوي بين من كانت تصفه بالمحتل ومن تصفهم بالمقاومة التزاما بمتطلبات “المرحلة الجديدة” التي تحدث عنها جاويش أوغلو.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره التركي إن “المساعدات الإنسانية ليست لها حدود سياسية”.

وأضاف “سنواصل تعزيز علاقاتنا في الأيام والأشهر القادمة، وتوسيعها في مجالات مختلفة، وسنسعى إلى الاستجابة لاحتياجات المتضررين من هذه الكارثة والمأساة”.

وتعكس الحفاوة التركية بالمساعدات الإنسانية الإسرائيلية، وبزيارة كوهين، مسارا سعى أردوغان إلى تعبيده من خلال سلسلة من التصريحات والاتصالات على مستوى عال لطمأنة إسرائيل بأن تركيا تغيرت وأن ما يهمها هو مصالحها، وأن زمن الشعارات قد ولى.

وفيما قاد الزلزال إلى تقريب الرئيس التركي من إسرائيل، وفر أيضا -وفي خط معاكس تماما- للرئيس السوري فرصة فتح قنوات التواصل عربيا وبشكل علني، خاصة مع الدول التي مازال موقفها مترددا بشأن عودة العلاقات الثنائية مع دمشق مثل السعودية.

وهبطت طائرة سعودية تحمل مساعدات إغاثية لمنكوبي الزلزال المدمّر الثلاثاء في مطار حلب الدولي، وفق ما أفاد به مسؤول في وزارة النقل السورية، وهي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق إثر نشوب النزاع قبل أكثر من عشر سنوات.

وتحمل الطائرة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، “35 طنا من المساعدات الغذائية”.

وقال مسؤول الجاهزية في وزارة النقل السورية سليمان خليل “تمّت جدولة هبوط طائرتين سعوديتين الأربعاء والخميس، وإنها تأتي ضمن جسر جوي متواصل”.

وأرسلت السعودية السبت قافلة مساعدات إلى المناطق المتضررة في شمال غرب سوريا والواقعة تحت سيطرة فصائل معارضة.

وعلّقت جامعة الدول العربية عام 2012 عضوية سوريا فيها، وقطعت عدة دول عربية علاقاتها مع دمشق.

لكن مؤشرات انفتاح تجاه دمشق برزت خلال السنوات الأخيرة، لاسيما مع الإمارات التي أعادت فتح سفارتها في سوريا عام 2018، قبل أن يزور الرئيس السوري الإمارات في مارس الماضي.

وتقوم الإمارات حاليا بجهود إغاثة في سوريا وتقدّم مساعدات قالت إن قيمتها لن تقلّ عن مئة مليون دولار.

وإلى جانب اتصالات تضامن من حلفائه التقليديين، تلقى الأسد الثلاثاء اتصالاً من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، هو الأول بين الرجلين منذ تولي السيسي السلطة في مصر عام 2014، رغم محافظة البلدين على العلاقات الأمنية والتمثيل الدبلوماسي المحدود. كما تلقى اتصالاً مماثلاً من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، هو الأول منذ أكثر من عقد.

ولم تتوقف استفادة الأسد عند عودة قنوات التواصل العربية، فقد كشف سعي المنظمات الإنسانية إلى الحصول على إذن من دمشق لدخول الأراضي السورية المتضررة من الزلزال عن اعتراف أممي فعلي بأن الأسد هو الجهة الرسمية التي يتم التعامل معها، وأن لا قنوات تواصل مع “الطرف الآخر”.

وانتقد رائد الصالح، رئيس مجموعة الخوذ البيضاء التي تديرها المعارضة السورية، الثلاثاء قرار الأمم المتحدة الذي منح الأسد فرصة أن تكون له كلمة بشأن تقسيم مساعداتها عبر المعابر الحدودية مع تركيا، قائلاً إن القرار منحه “مكاسب سياسية مجانية”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين إن الأسد وافق على السماح للأمم المتحدة بتسليم مساعدات إلى شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة عبر معبرين حدوديين من تركيا لمدة ثلاثة أشهر.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية