الزخم الدولي في ليبيا وقره باغ يبدد أوهام الدور التركي

الزخم الدولي في ليبيا وقره باغ يبدد أوهام الدور التركي


26/10/2020

حسين جمو

يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ثلاث نكسات متزامنة في ملفات تقود تركيا دفعها نحو التأزيم والحرب، وهي قره باغ وليبيا ومحاربة التطرف في أوروبا. ويبدو جلياً أنه كلما نالت قضية ما زخماً دولياً وتشاركاً متعدد الأطراف، كلما أزيحت تركيا عن المشهد، حيث تعتمد أنقرة على تحويل نفسها إلى طرف في إدارة الأزمات، وهذا ما حاولت أن تفعله في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، بعد أن نجح معها الأمر في سوريا.

وتعليقاً له على اتفاق الهدنة في ليبيا، بدا الرئيس التركي قلقاً من صمود وقف إطلاق النار، وتعدد الشركاء الدوليين المنخرطين في حل الأزمة التي فاقمتها تركيا في ليبيا. وقال إن «اتفاق وقف إطلاق النار لم يتم في الحقيقة بأعلى المستويات، بل بمستوى أقل. سيكون تحديد إن كان سيدوم مسألة وقت». وأضاف: «يبدو لي أنه يفتقد إلى المصداقية».

وجاء الثقل الأممي والدولي في الملف الليبي خلال الأسابيع الأخيرة، لتزيح عن كاهل الشعب الليبي التلاعب التركي بالأزمة، وتحويلها إلى أداة لخدمة مصالح الدولة التركية. وكانت أنقرة قد أرسلت آلاف المرتزقة إلى جبهات القتال، كما عيّنت أدواتها من الشخصيات المحسوبة على الإخوان في مراكز مفصلية في حكومة الوفاق، إلا أن الجدية الدولية لحل الأزمة أطاحت بالهندسة التركية للأزمة الليبية.

ويقضي الاتفاق خروج «المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا خلال فترة أقصاها ثلاثة أشهر»، حيث نقلت تركيا الآلاف منهم، والآن عليها إعادتهم من حيث أتوا، من شمال سوريا، حيث تدير أنقرة فصائل متطرفة تعمل على ترهيب المجتمعات المحلية السورية، وترهيب المجموعات السكانية الرافضة للوجود التركي.

ووصفت البعثة الأممية الاتفاق بـ«الإنجاز التاريخي»، وحيّت «توصل الفرقاء الليبيين إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا». ورأت أن هذا «الإنجاز يشكّل نقطة تحول هامة نحو تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا».

وفي قره باغ، حيث تتواصل الاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان، بدأت المساعدات التركية الهدّامة تصطدم بزخم دولي أكبر لوضع حد للمواجهة المفتوحة التي تديرها تركيا وتدفعها نحو نقطة اللاعودة. وبعد أن سرت توقعات بأن تركيا تقترب من نسف مجموعة «مينسك» المعنية بحل الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان، منذ عام 1994، فإن مؤشرات معاكسة أظهرت عودة دولة مجموعة مينسك (أمريكا وروسيا وفرنسا) إلى إدارة الأزمة، وهو ما يعني إزاحة تركيا في القوقاز أيضاً بعد ليبيا.

وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الشهر من تركيا تقديم تفسيرات حول وصول مرتزقة إلى أذربيجان وفقاً له، وقال إنه «جرى تجاوز خطّ أحمر».

من جهته اتهم أردوغان فرنسا التي ترأس مع روسيا والولايات المتحدة مجموعة مينسك، بأنها «تقف خلف الكوارث والاحتلال في أذربيجان». وتوجه إلى باريس بالقول: «أنت جزء من ثلاثي مينسك. ماذا فعلت حتى الآن؟».

وتكشف تصريحات أردوغان أن هدفه الأول من إشعال الحرب في قره باغ هو حجز مكان لتركيا في إدارة الأزمات الدولية، وهو مسعى لم يتكلل بالنجاح.

واجتمع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيريه من أرمينيا وأذربيجان كل على حدة. واستمر أردوغان في استجداء دور لتركيا في الوساطة الدولية، وهو جوهر الدافع التركي وراء إشعال الأزمات، أي توسيع مكانتها الدولية.

وقال أردوغان مكرراً المطالبة بدور تركي في الوساطة التي تقودها منذ أمد طويل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا: «تعتقد تركيا أن لها الحق مثل روسيا في المشاركة في السلام».

وتجاهلت واشنطن وباريس وموسكو هذه المطالبات وكان من شأن الخلافات الناجمة عن النزاع حدوث المزيد من التصدع في العلاقات بين أنقرة وشركائها في حلف شمال الأطلسي مع اتهام بومبيو لتركيا بتصعيد النزاع من خلال تسليح الجنب الأذربيجاني.

وبعد تراخٍ على مدى أسابيع، أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انفتاحاً على الدور الأمريكي لحل الأزمة في قره باغ، وصرح بأنه يعول على تأثير الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى حل.

عن "البيان" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية