الرواية الإسرائيلية تتداعى.. فهل تتغير المواقف؟

الرواية الإسرائيلية تتداعى.. فهل تتغير المواقف؟

الرواية الإسرائيلية تتداعى.. فهل تتغير المواقف؟


20/11/2023

تقبّل العالم الرواية الإسرائيلية حول هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) كما هي، ومن دون أدنى تدقيق. وانصدم الناس حول العالم بما نشرته الآلة الإعلامية الإسرائيلية، وتلك المتعاطفة معها في الغرب من تقارير وصور حول ذبح وحرق العوائل والنساء والأطفال.

وعلى هذا الأساس انهالت الإدانات الرسمية على حركة المقاومة الإسلامية من القريب والبعيد، ومنها إدانات عربية، وإسلامية، وحتى فلسطينية (وإن كانت غير معلنة).

واليوم تثبت البيانات القليلة التي ترشح من التحقيقات الإسرائيلية عدم صحة تلك الرواية؛ إذ تؤكد وجود عدد ليس بالقليل من القتلى المدنيين الإسرائيليين الذين سقطوا على يد جيش الاحتلال الذي فقد السيطرة، وبدأ يتصرف وفق مبدأ الأرض المحروقة 

وقبلها كانت روايات المستوطنين تؤكد أيضاً عدم صحة الرواية الرسمية، وتؤكد مقتل المدنيين الإسرائيليين بالنيران المتبادلة، وأنّ الجيش الإسرائيلي، ومثله الشرطة الإسرائيلية، لم يكن يتورع عن اقتحام أماكن تواجد المهاجمين بالرغم من تحققه من وجود محتجزين لديهم، كما لم يكن يتورع عن قصف السيارات والآليات التي كانت تنقل المحتجزين باتجاه غزة.

تثبت البيانات القليلة التي ترشح من التحقيقات الإسرائيلية وجود عدد ليس بالقليل من القتلى المدنيين الإسرائيليين الذين سقطوا على يد جيش الاحتلال الذي فقد السيطرة وبدأ يتصرف وفق مبدأ الأرض المحروقة 

وأمس كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية عن مقتطفات من تحقيقات للشرطة الإسرائيلية حول الحفل الموسيقي الذي كان يقام في غلاف غزة، في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مشيرة إلى أنّ الطيران الإسرائيلي كان وراء قتل المحتفلين في قصف نفذته مروحية إسرائيلية، وهو الموقع الذي سقط فيه معظم القتلى المدنيين. وذكرت الصحيفة أنّ "التحقيقات الأولية للشرطة الإسرائيلية تشير إلى أنّ المسلحين الذين شاركوا في هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) لم يعرفوا مسبقاً بوجود الحفل الموسيقي قرب مستوطنة ريعيم".

وأقرّ مارك ريغيف، مستشار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بخطأ التقديرات الرسمية حول أعداد القتلى في يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر). وأشار إلى وجود (200) جثة متفحمة تعود للمهاجمين، وليس الإسرائيليين". وأوضح: "كان لدينا حصيلة (1400) قتيل، والآن راجعنا ذلك بالتخفيض إلى (1200)؛ لأننا فهمنا أننا بالغنا في تقدير عدد القتلى".

ونقلت مراسلة قناة (الجزيرة) جيفارا البديري أنّ (4) آلاف بينهم أجانب كانوا يشاركون في الحفل الموسيقي، وأنّ الطيران الحربي الإسرائيلي لم يكن على علم بحقيقة الواقع على الأرض؛ لأنّ "حماس" سيطرت على فرقة غزة الإسرائيلية، وعطلت كل وسائل التواصل.

ونبهت البديري إلى أنّ وجود جثث متفحمة يؤكد ما خلص إليه تحقيق الشرطة؛ لأنّ كتائب القسام لا تملك أسلحة حارقة، ومن ثم فإنّ الطيران الإسرائيلي هو من قتل المحتفلين. وقالت إنّ عدداً من الطيارين أقروا بأنّهم قد يكونون قصفوا إسرائيليين لأنّهم لم يكونوا يعرفون أين، ولا من يقصفون.

مجمل مجريات الحرب حتى الآن تؤكد تفوق المقاومة على الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بأخلاقيات الحرب. وإذا كانت الإنسانية هي المعيار (وهذا يحدث في الأحلام والأفلام فقط)، فإنّ المقاومة انتصرت بفارق كبير جداً على الكيان الكاذب، والمصطنع

وبالنظر إلى الأزمة السياسية التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واستمرار المظاهرات ضده، حتى في ظل الحرب، فمن المتوقع تماماً أن تحاول الحكومة الإسرائيلية التحايل على لجان التحقيق بكل الطرق الممكنة، ولعل هذا ما دفع نتنياهو إلى المطالبة في مؤتمر صحفي مساء السبت بمزيد من التأييد الشعبي والدعم الدولي، وخصوصاً من الولايات المتحدة. وتزامن هذا المؤتمر مع تظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس، التي تقول إنّ نتنياهو لا يهتمّ بملف الأسرى المحتجزين في غزة.

كباحث متابع، وكثير التدقيق في التفاصيل، يجتمع لديّ العديد من المؤشرات التي تؤكد أنّ المهاجمين في 7 تشرين الأول (أكتوبر) إنّما كانوا يستهدفون المواقع العسكرية فقط، إلى جانب رغبتهم القوية بالتوغل إلى أعمق مدى ممكن داخل الأراضي المحتلة لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية مدروسة جيداً. لكنّ انهيار الجيش الإسرائيلي المفاجئ على الجدار وفي محيط غزة، أدى إلى اندفاع أعداد كبيرة من شباب غزة غير المجندين، ومن الفصائل الصغيرة إلى الداخل، وهذا تسبب بالتأكيد في جزء من الفوضى التي حصلت.

وطبعاً لا ينبغي أن نتوقع من حماس العمل على حماية إسرائيل من هؤلاء المهاجمين غير المنضبطين، مهما بلغ حرصها على إبقاء صورة العملية مقبولة أخلاقيّاً.

إنّ مجمل مجريات الحرب حتى الآن تؤكد، بلا أدنى شك، تفوق المقاومة على الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بأخلاقيات الحرب. وإذا كانت الإنسانية هي المعيار (وهذا يحدث في الأحلام والأفلام فقط)، فإنّ المقاومة انتصرت بفارق كبير جداً على الكيان الكاذب، والمصطنع.

مواضيع ذات صلة:

كيف نقرأ عملية الحوثي باختطاف سفينة "إسرائيلية" قبالة السواحل اليمنية؟

روسيا و"طوفان الأقصى": تحالف علني مع إيران وقنوات سرية مع إسرائيل

بعد زيادة طلب المستوطنين على الأسلحة.. هل ترتد على صدر إسرائيل؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية