الدراما المصرية.. كيف لعبت دوراً في استراتيجية مكافحة الإرهاب؟

الدراما المصرية.. كيف لعبت دوراً في استراتيجية مكافحة الإرهاب؟


17/04/2022

للعام الثالث على التوالي، تقدم الدراما المصرية توثيقاً هاماً للأعوام الـ 10 الماضية، بما شهدته من أحداث فارقة في تاريخ البلاد، وتركز أعمال مثل "الاختيار 3"، "العائدون"، وغيرها على الخطر الكبير لفكر التنظيمات الإرهابية في مصر والمنطقة العربية، فيما تحظى باهتمام ومتابعة كبيرة من جانب الجمهور، وتثير حالة كبيرة من الجدل. 

وفي هذا الصدد، سلّطت دراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان "الاختيار 3 والعائدون.. لماذا من الضروري توثيق اللحظات الفارقة؟"، الضوء على أهمية الأعمال الدرامية في كشف حقيقة الفكر المتطرف وفصل الحقائق، خاصة أنّ الدراما لديها القدرة على الوصول إلى قطاعات كبيرة من المواطنين وتقديم الأحداث بصورة مبسطة، فضلاً عن حرص صنّاع العمل على دعمه بالتسجيلات والوثائق التي تؤكد كافة المعلومات الواردة فيه.

فترة حرجة في تاريخ مصر.. ما أهمية توثيقها؟

وتقول الباحثة داليا يسري، في دراستها، إنّ "مصر عاشت فترة تاريخية حرجة بدأت تحديداً منذ عام 2011، واستمرت على مدار أعوام متتالية بعد ذلك، شهدت فيها البلاد اضطرابات عديدة، وصولاً إلى الجرعة المريرة من التجربة الكاشفة التي تجرّعتها مصر، عندما تولّى الحكم، لأول ولآخر مرة في تاريخ البلاد في عام 2013، رئيس ينتمي إلى جماعة متطرفة ويتلقى أوامره من قيادات التنظيم الدولي بالخارج".

وتضيف: "نجد أنه من الضروري طرح أسئلة هامة، من هُم المصريون الذين كانوا في عام 2013 غير مدركين لهوية وحقيقة جماعة الإخوان المسلمين؟ وكيف ولماذا نجحت الجماعة في التوسع واستقطاب الشباب؟".

الدراما لديها القدرة على الوصول إلى قطاعات كبيرة من المواطنين وتقديم الأحداث بصورة مبسطة

وبحسب الدراسة كان "الجهل وحده هو العدو الأول والمذنب الكبير فيما أحرزته الجماعة الإرهابية من نجاحات في تلك الأوقات الحالكة. فقد كان هناك جيل كامل من المصريين، ولد وشَبّ، وهو لا يعرف شيئاً عن هذه الجماعة سوى أنهم حفنة من "المطاريد" من محبة النظام السياسي الحاكم"، مستدركة "من المثير للعجب، لم تكن شريحة واسعة من المصريين مدركة بشكل كامل للسر وراء غضب هذا النظام على هذه الجماعة. وترتب على ذلك، أن حقق التيار الإرهابي، الذي يعتمد على سمعة دينية في التوسع، نجاحاً واسعاً في حركة الانتشار والتجنيد السرية التي استمرت على مدار أعوام ما قبل احتجاجات 2011 والأعوام الوجيزة التالية لها كذلك".

ملف التجنيد.. الأخطر في تاريخ الإخوان

وأوردت الدراسة أنّ "ملف التجنيد لدى جماعة الإخوان وهو الملف الأكثر خطورة، لطالما كان ملفاً سرياً على مدار تلك الأعوام. غير أنه من المتفق عليه، وفقاً لاعترافات قيادات سابقة ومنشقين عن الجماعة، أنّ الجماعة لطالما استهدفت الشباب بشكل رئيس، لاسيما طلاب المدارس والجامعات، وسعت لتجنيدهم وإقناعهم بالانضمام إليها وتبني أفكارها ومعتقداتها".

دراسة: الجهل وحده هو العدو الأول والمذنب الكبير فيما أحرزته جماعة الإخوان من نجاحات سابقاً

وتابعت إنه "ووفقاً لدراسة أعدها، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية وحركات الإسلام السياسي، ماهر فرغلي، سارداً فيها السبل التي تستخدمها الجماعة لأجل تحقيق مُبتغاها، كالتالي؛ الاندماج في ممارسة الأنشطة في المساجد والمدارس الأهلية، وتحت مسمى مسابقات حفظ القرآن الكريم، والرحلات والمسابقات التي يتم تنظيمها كذلك بشكل ديني، ويجري فيها تكريم الطلاب المتفوقين والمتميزين. حيث يقول فرغلي إنّ الجماعة تتخذ من كل ما سبق ستاراً يُسهل عليها رصد واختيار العناصر المتميزة تعليمياً، حتى يبدأ بعدها أحد مشرفي الجماعة في التقرب إليهم وشرح مبادئ الأخونة تمهيداً لضمهم تحت حجة خدمة الدين وتعاليمه".

وبحسب الباحثة تتحرك جماعة الإخوان لإعادة التموضع بالتزامن مع جهود التصدي لها، وترى الدراسة أنه "ليس ثمة شك في أنّ الجماعة أثناء تلك الأعوام قد حققت، رغم خضوع تحركات عناصرها لمتابعات أمنية مستمرة، نجاحات ملموسة على الأرض فيما يتعلق بأنشطة التجنيد". 

ملف التجنيد لدى جماعة الإخوان هو الملف الأكثر خطورة

والسبب في ذلك، وفق الدراسة، لا يعود إلى أي شيء آخر سوى جهل شريحة ليست هينة من النشء والشباب المصريين بخطورة معتقدات الإخوان المتطرفة في حقيقتها والمتدينة في ظاهرها. ولأن الجهل يقود إلى الهلاك، فإنّ الشخص الذي يعرف الحقيقة سيظل بخير.

وتنوه الباحثة في دراستها أمام هذا الواقع مستفسرة: " هنا نتوقف لنطرح سؤالاً، على من تقع مسؤولية توعية الشباب والناشئة بخطورة الجماعة؟"

وتتابع: "رداً على ذلك، بالتأكيد ستكون الدولة في صورة أجهزتها الأمنية المختلفة، هي الطرف المنوط به محاربة التطرف. غير أنّ القوة الصلبة، بمعنى القوة الأمنية، تضطلع بمحاربة الإجرام الذي ينفذه المجرم بعد أن أصبح بالفعل مجرماً. والقبضة الأمنية لا تستطيع أبداً أن توجه ضربة وقائية تحمي شباباً ونشئاً أبرياء باتوا بصدد التحول إلى إرهابيين".

دراسة: إنّ ما تشهده حركة الإخوان من تراجع في الداخل المصري بالوقت الراهن، رد فعل، على التكثيف الدرامي للأعمال الفنية التي تعمد إلى نشر المعرفة بحقيقة الجماعة الإخوانية وأهدافها ومخططاتها 

وتوضح: "نفهم من ذلك، أنّ القبضة الأمنية لا تسعى وراء الفكرة نفسها، لكنها تسعى وراء السلاح والمجرم. ولأن الإرهاب فكرة، فإنه من الضروري الاعتراف بأنّ الأفكار لا يمكن أن تواجه إلا بالأفكار. وعلى من يرغب في إنقاذ المزيد من - مغسولي الدماغ - أن يفكر في تغيير أدواته بغرض كشف اللثام عن حقيقة من يستخدمون الدين ستاراً لأعمالهم ويضللون الشباب أملاً في استخدامهم للوصول إلى رأس السلطة".

كراهية الإخوان.. رد فعل؟

وتخلص الدراسة إلى تفسير ما تشهده حركة الإخوان المسلمين من تراجع في الداخل المصري بالوقت الراهن، كرد فعل، على التكثيف الدرامي للأعمال الفنية التي تعمد إلى نشر المعرفة بحقيقة الجماعة الإخوانية وأهدافها ومخططاتها ومساعيها، مما يقطع عليها الطريق في التوسع والتجنيد وإعادة الانتشار مرة أخرى. ونفهم كذلك، من كلمة "الجماعة تحتضر" أو بالأحرى "احتضرت بالفعل"، أنها لم تعد قادرة مثل الماضي على تجنيد واستقدام عناصر شبابية جديدة تستطيع من خلالهم أن تعيد الروح إلى جسد الجماعة المنهك المشلول الذي لا تزال رؤوسه موجودة خلف القضبان، وفق الباحثة.

الباحثة داليا يسري: الدراما الفنية الوثائقية باعتبارها أحد أشكال القوى الناعمة تعد أداة مشروعة من الممكن استخدامها لمحاربة الفكر المسموم الذي أودى بحياة الآلاف

وتشدد الباحثة على أنّ الدراما الفنية الوثائقية، باعتبارها أحد أشكال القوى الناعمة، تعد أداة مشروعة من الممكن استخدامها لمحاربة الفكر المسموم الذي سبق وأن أودى بحياة الآلاف وتسبب في مآسي دموية دفعت ثمنها عائلات برمتها، منوّهة إلى تكثيف هذا النوع من الأعمال الفنية الذي بات يمثل ضرورة مُلحّة لتكاتف كل أطراف المجتمع لإنقاذ من يوشك الجهل على إغراقه.

مواضيع ذات صلة:

الدراما الوطنية والإرهاب

مسلسل "الاختيار3".. الدراما والوثائقي

جرعة سياسية تسيطر على دراما رمضان 2022



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية