الجماعات الأصوليّة والدّعوة إلى "الاغتيالات العشوائيّة" من بوابة فلسطين!

الجماعات الأصوليّة والدّعوة إلى "الاغتيالات العشوائيّة" من بوابة فلسطين!

الجماعات الأصوليّة والدّعوة إلى "الاغتيالات العشوائيّة" من بوابة فلسطين!


01/02/2024

حسن المصطفى

"أدعو أبناء شعب البحرين، وأدعو كل الأحرار في العالم، إلى أن يدهسوا ويطعنوا ويقتلوا كل صهيوني يجدونه يتمشى في مدن وأحياء بلداننا وأوطاننا الإسلامية والعربية".

بهذه الكلمات ظهر رجل الدين البحريني مرتضى السندي، في فيديو نشرته قناة "الأبدال" عبر "تلغرام"، في 15 تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، أي بُعيد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس" في 7 منه.

السندي الذي يعدُ إحدى الشخصيات الأكثر تشدداً في "تيار الوفاء الإسلامي" المعادي لحكومة مملكة البحرين، والذي يتنقلُ بين إيران والعراق، خاطب الجمهور في الفيديو ذاته قائلاً: "لتتكاتف الجهود ولتتحول الأمة، كل الأمة، إلى مقاومة لنصرة فلسطين ونصرة قضية القدس".

هذه الدعوة من السندي، جاءت لهدف يفترض أنه محدد في الخطاب، ألا وهو "نصرة المقاومة الفلسطينية، التي تقاتل اليوم من أجل عزة الأمة" بحسب تعبيره!

المتابع لخطابات السندي على مدى أعوام، سيجد أن فلسطين التي كانت محور حديثه أخيراً، لم تكن إلا جسراً للتصويب على الحكومة البحرينية التي دأب السندي على الهجوم والتحريض عليها وعلى "النظام" من دون أن يستثني من أدواته "العنف المسلح" في أكثر من مناسبة؛ ومن هنا تأتي خطورة خطابه الأخير، كون دعوته إلى ـ"الدهس" و"القتل" و"الطعن"، تنطوي على شرعنة لـ"الاغتيالات العشوائية" وانتهاك الأنظمة والقوانين، والتعدي على سلطة الدولة الوطنية وهيبتها، وأيضاً إشاعة أجواء من الفوضى تقود إلى الصدام بين الأجهزة الأمنية والمواطنين!

في السياق ذاته، كان من اللافت أن الفيديو نُشر في التاريخ نفسه بالتزامن، عبر قناة "صابرين نيوز" في "تلغرام". 

"صابرين نيوز"، وفق "تحليل موجز"، نشره "معهد واشنطن"، في نيسان (أبريل) 2021، واشترك في إعداده الباحث العراقي حمدي مالك، كشف عن صلاتِ المنصةِ بـ"الميليشيات المسلحة" في العراق، وأنها "قناة دعائية على وسائل التواصل الاجتماعي، تقدّم الدعم غير العنيف للعمليات العسكرية الحركية، وشبه العسكرية الحركية، والاجتماعية التي تهدف إلى إضعاف المعارضين المحليين والأجانب لجماعات المقاومة المسلحة".

ومن أهداف "صابرين نيوز"،بحسب تحليل "معهد واشنطن"، عملية "الترويج لجماعات المقاومة التي تمارس الاقتصاص الأهلي في الشارع"، وهو الهدف الذي يتطابق تماماً مع دعوة مرتضى السندي إلى "القتل" و"الدهس" في المدن البحرينية والإسلامية!

ما سبق يقود إلى وجود مساع للتماهي واستنساخ التجربة ما بين "صابرين نيوز" التي هي واجهة إعلامية لعدد مما يعرف بـ"جماعات المقاومة" في العراق"، و"الأبدال" وهي واجهة إعلامية لـ"تيار الوفاء الإسلامي" المعارض، وهو تيار صُنفت "السرايا العسكرية" المرتبطة به أو المتعاطفة معه مجموعات "إرهابية"، مثل "سرايا وعد الله" و"سرايا الأشتر".

"الأبدال" أيضاً، لها تسمية أخرى تقدمها في منصاتها المختلفة، وهي "الإعلام الحربي"، متماهية في ذلك مع المسميات المستخدمة لدى "حماس" و"حزب الله" و"أنصار الله" و"كتائب حزب الله" وسواها من التنظيمات المسلحة ضمن ما يعرف باسم "محور المقاومة".

العلاقة العضوية بين التشكيلات المسلحة المختلفة، تعود إلى سنوات خلت، وكانت تشمل عملية تبادل للخدمات والخبرات، والتدريب على القيام بعمليات مسلحة وتفجير وتفخيخ، فضلاً عن الدعم الإعلامي واللوجستي والسيبراني والمالي.

المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله – العراق"، جعفر الحسيني، وفي حوار له مع قناة "الميادين" الشهر الجاري، قال إن "المقاومة البحرانية والحجازية لديها حضور ودور في محور المقاومة الآن"، مؤكداً أن "معالم هذا الحضور سيتضح خلال السنوات والمواجهات القادمة"، وفق ما نقله موقع "الأبدال" الإلكتروني، وهو في ذلك يؤكد وجود العلاقة بين "كتائب حزب الله" والخلايا المسلحة المناوئة للحكومتين السعودية والبحرينية.

الحسيني هنا يشير أيضاً إلى تفاعل "سرايا وعد الله" مع عملية "طوفان الأقصى"، إذ أصدرت "السرايا" في 8 تشرين الأول 2023، بياناً باركت فيه العملية ودعت فيه الشعب البحريني إلى أن "يتحرك لتأصيل وتفعيل المقاومة الشعبية ضد الصهاينة في أرض البحرين الطاهرة"، معتبرة أن "الحجر والسكين وقبضة الزناد تعطينا الكرامة والعزة، حيث ندفع بهم عن ديننا، والخطط التي يراد رسمها في منطقتنا الإسلامية"، وفي ذلك إفصاح عن طبيعة تفكير رموزِ "تيار الوفاء"، وليس مجرد رأي لفردٍ منه يعبر عن وجهة نظر شخصية.

 بالعودة إلى رجل الدين الراديكالي مرتضى السندي، فقد ألقى كلمة لمناسبة "اليوم العالمي للقدس"، في أيار (مايو) 2021، شدد فيها على أن "أي صهيوني يطأ أرض البحرين سيكون هدفاً مشروعاً لشعب البحرين"، وفق حديثه!

إذاً، هناك سياق متراكم عبر سنوات، عمد عبره القيادي في "تيار الوفاء الإسلامي" مرتضى السندي إلى التأكيد على ما يسميها "المقاومة" وهي تعبير أكثر مواربة عن حقيقة العمل الحقيقي، أي السلوك العنيف والمسلح، الذي يقود إلى الإرهاب والقتل وعمليات الاغتيال والتفجير، مبرراً استخدام السلاح من أجل تحقيق الأهداف؛ وهنا مكمن خطورة الأفكار التي يسعى السندي إلى ترويجها، مستغلاً العواطف الجياشة والتعاطف الواسع مع القضية الفلسطينية في البحرين والخليج العربي، والتي قد تقود بعض الشباب إلى القيام بأعمال تضر بالأمن الوطني والسلم الأهلي وتنشر الفوضى.  

عن "النهار" العربي

الصفحة الرئيسية