التونسيون يترقبون الانفراج الاقتصادي.. ما خطة الحكومة؟

التونسيون يترقبون الانفراج الاقتصادي.. ما خطة الحكومة؟


09/08/2022

يتصدر ملف الأزمة الاقتصادية اهتمام الحكومة التونسية في مرحلة ما بعد الاستفتاء على الدستور؛ حيث ستنعكس حالة الاستقرار في المشهد السياسي في البلاد، بدورها، على الجهود الرامية لتحقيق انفراجة في الوضع الاقتصادي.

وتواصل الحكومة التونسية، خلال الفترة الراهنة، مفاوضات ممتدة منذ أشهر مع صندوق النقد الدولي، بهدف الحصول على قرض بقيمة (4) مليارات دولار، مقابل حزمة إصلاحات اقتصادية وتعديلات هيكلية، تُعدّ محط جدل وانقسام بين مؤيد ومعارض.

وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن تتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من 2022، مع استمرار رغبة المقرضين الرسميين في دعم البلد بعد الموافقة على الدستور.

 

 حسن بالي: ظروف إجراء الاستفتاء لم تكن عادية على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، وتمّت في ظل حالة من الاستقطاب حاولت القوى المعادية لمسار 25 تموز  تأجيجها في الشارع التونسي

 

 وقالت فيتش في بيان مطلع الأسبوع الماضي: إنّ "الدعم الدولي لتونس سيستمر بعد التصديق على الدستور الجديد الذي وافق عليه أكثر من (94%) من التونسيين."

 وارتفع معدل التضخم السنوي في تونس بشكل طفيف إلى (8.2%) في تموز (يوليو) الماضي من (8.1%) في حزيران (يونيو) الماضي، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء المعلنة يوم الجمعة الماضي، ورفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى (7%) في أيار (مايو) من 6.25%، من أجل احتواء التضخم، وفق "سكاي نيوز".

  الدستور التونسي أقرّ حالة من التوازن والاستقرار السياسي

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي التونسي حسن بالي لـ"حفريات": إنّ الموافقة على الدستور الجديد في تونس أقرت حالة سياسية ودستورية جديدة في البلاد يغلب عليها التوازن والاستقرار، وتسمح للحكومة والرئيس وكافة السلطات المختصة بتريب أولويات المرحلة الراهنة والمقبلة أيضاً وفقاً لما تقتضيه مصلحة التونسيين، وفي القلب من هذه الملفات معالجة الأزمة الاقتصادية.

بالي: الموافقة على الدستور الجديد أقرت حالة سياسية ودستورية جديدة يغلب عليها التوازن والاستقرار

 ويرى الخبير التونسي أنّ ظروف إجراء الاستفتاء لم تكن عادية على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، وتمّت في ظل حالة من الاستقطاب حاولت القوى المعادية لمسار 25 تموز (يوليو) تأجيجها في الشارع التونسي للحفاظ على مصالحها الخاصة، في إشارة إلى حركة النهضة الإخوانية وحلفائها.

 وبحسب بالي، "نجح المواطن التونسي في تجاوز هذا الخطاب المعادي وعدم الانصياع له، وجاءت الموافقة على الدستور الجديد بالأغلبية ردّاً قاطعاً على تلك المحاولات التي استهدفت في المقام الأول تعطيل مسار الدولة الديمقراطية وتعميق أزمتها الراهنة، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي".

 ما الإجراءات التي يتوجب على الحكومة تفعيلها؟

يقول بالي: إنّ الحكومة التونسية تواجه العديد من التحديات بخصوص الملف الاقتصادي، خاصة أنّ تداعيات الحرب الأوكرانية وجائحة كورونا قد أدت إلى تعقيد الملف الاقتصادي بشكل كبير وزيادة الأعباء على الحكومة والمواطن أيضاً؛ بسبب ارتفاع الأسعار بشكل عام، وتقليص المعروض من المواد الضرورية كالغذاء والدواء، وتعطيل قطاع من الصناعات التي تعتمد على الطاقة.

 

توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن تتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من 2022، مع استمرار رغبة المقرضين الرسميين في دعم البلد بعد الموافقة على الدستور

 

 بالي يؤكد على ضرورة خلق مناخ تفاعلي أو حوار اجتماعي مع المواطنين في تونس يتميز بالمصارحة والشفافية في عرض الحقائق حول الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ومن ثم تحقيق مبدأ المشاركة والتفاعل في مواجهة الأزمة ومحاولة طرح حلول لها بالتزامن مع الجهود الحكومية.

  ويشدد على أهمية استغلال كافة الموارد المتاحة لتوفير بدائل محلية للصناعات المستوردة وتشجيع قطاع الاستثمار والصناعات ودعم الشباب، بالإضافة إلى مضاعفة الجهود الحكومية في مواجهة مكافحة الفساد والاحتكار ومحاسبة الفاسدين والمسؤولين عن تردي الوضع الاقتصادي في الداخل التونسي خلال الأعوام الماضية.

  تداعيات العشرية السوداء

وينوّه بالي إلى أنّ الاقتصاد التونسي مرّ بـ (10) أعوام صعبة إبّان حكم حركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بالبلاد، وهو ما جعله هشاً للغاية في مواجهة تداعيات الحرب والجائحة التي ضاعفت أزمته الراهنة.

 ويتابع "شهدت هذه الأعوام استغلالاً غير مسبوق من جانب القيادات السياسية التابعة للحركة لموارد الدولة لصالح مشروعهم ومصالحهم الخاصة، دون أدنى اعتبارات للمصلحة الوطنية أو الولاء للدولة ومؤسساتها الوطنية."

توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن تتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من 2022

 ويضيف بالي: "هذه الطبقة السياسية الفاسدة استغلت تعاطف المجتمع الدولي، وخاصة المؤسسات النقدية مع تونس في فترة ما بعد الثورة في عام 2011، واستحوذت على كافة الهبات والقروض التي قدّمتها تلك الجهات لصالح تحسين الاقتصاد في تونس، وذلك لخدمة مصالحهم أو لحساباتهم الشخصية، ولم تستفد منها خزائن الدولة أو الاستثمارات".

 وبحسب بالي، قامت لجنة مُشكّلة تحت إشراف الرئيس قيس سعيد بجرد كافة تلك القروض والهبات إبّان تلك الفترة، وتمّ الوقوف على كافة الإجراءات التي تمّت خلال الـ10أعوام، وبالطبع سيتم محاسبة المسؤولين عن هذا الفساد".

 ويُذكر في هذا السياق أنّ معدل نمو اقتصاد تونس بلغ (9%) خلال عام 2010 و2011، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو (0.15%)، ولم يتجاوز النمو حاجز الـ (1.5%) خلال الفترة من 2017 حتى 2019، قبل أن يسجل انكماشاً بنحو (9%) خلال العام 2020، بحسب بيانات رسمية للبنك الدولي، أوردها تقرير لشبكة "سكاي نيوز".

 هل يشهد الاقتصاد التونسي انفراجة قريبة؟

يؤكد الخبير الاقتصادي على أهمية توفير مناخ مناسب لدعم كافة رؤوس الأموال داخل الدولة للاستثمار، من خلال توفير بيئة عادلة ومحاربة الفساد والاحتكار، وأيضاً تقديم حوافز وإغراءات للمستثمرين الأجانب لضخ أموالهم واستثماراتهم داخل البلاد، وتذليل كافة العقبات التي يمكن أن تواجههم، وتقديم برامج استثمارية محفزة في هذا الصدد والترويج لها إقليمياً وعالمياً.

 

بالي: الاقتصاد التونسي مرّ بـ (10) أعوام صعبة إبّان حكم حركة النهضة الإخوانية وهو ما جعله هشاً للغاية في مواجهة تداعيات الحرب، والجائحة ضاعفت من أزمته الراهنة

 

  ويرى بالي أنّ الحكومة تسير بخطوات سريعة نحو تحقيق انفراجة للاقتصاد وإخراجه من "حالة التجمد"، متوقعاً أن تحدث تلك الانفراجة في وقت قريب، إذا ما نجح التكاتف بين الحكومة وكافة المؤسسات المعنية في الدولة لتحقيق إنجاز سريع في هذا الملف، مؤكداً أنّ التعاون من أجل دفع الاستثمار المحلي سيعود بالنفع على الجميع، وسيسهم بشكل كبير في خفض الأسعار، وتوفير المنتجات، وتقليل حجم الديون.

 

مواضيع ذات صلة:

الاقتصاد التونسي يدفع ضريبة حكم الإخوان

التمويل الخارجي لحركة النهضة الإخوانية تحت مجهر العدالة التونسية.. ما الجديد؟

الاتحاد التونسي للشغل يعلن إضراباً عاماً.. فهل خانه اختيار التوقيت؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية