التمويل الخارجي لحركة النهضة الإخوانية تحت مجهر العدالة التونسية.. ما الجديد؟

التمويل الخارجي لحركة النهضة الإخوانية تحت مجهر العدالة التونسية.. ما الجديد؟


19/06/2022

تحويلات بنكية بملايين اليوروهات والدنانير من دولة مرتبطة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وضعت حركة النهضة التونسية وقياداتها في دائرة الاتهام مجدداً، وطرحت آلاف الأسئلة عن دور جمعية "نماء تونس" في تمويل الإرهاب والحركات المتشددة في تونس عبر تلك التمويلات الخارجية المشبوهة، فقد أكدت الشرطة العدلية التونسية بالقرجاني ثبوت هذه التهم وكشفت، أول من أمس، عن حجم التمويلات التي تلقاها (5) أعضاء بالحركة الإخوانية.

ونقل موقع "الجرأة نيوز" عن الشرطة العدلية قولها، أول من أمس في بيان، أنّها أنهت البحث في قضية "الحصول على تمويلات أجنبية مجهولة المصدر وغسل أموال" المتعلقة بالجهاز السري لحركة النهضة والمثارة من قبل هيئة محامي الشهيدين بلعيد والبراهمي، وسط أنباء عن اعتقالات شملت سياسيين وإعلاميين منتمين للحركة الإخوانية بتهم تتعلق بالحصول على تمويلات خارجية، وهو ما تنفيه "النهضة" باستمرار.

وفي مطلع شباط (فبراير) الماضي، كشفت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي بـ"الوثائق" تورّط حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي في الاغتيالات السياسية التي طالت عدداً من النشطاء السياسيين وفي مقدمتهم بلعيد في عشرية الإخوان. كما كشفت تورّط الغنوشي ونجله، إضافة إلى آخرين، في جرائم غسيل الأموال، والقيام بتحركات مالية مشبوهة مع أطراف مرتبطة بدولة قطر لتمويل عمليات تسفير شبان تونسيين إلى سوريا للالتحاق بمعسكرات داعش، فضلاً عن الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، والتجسس على التونسيين.

 بالأرقام... فساد "النهضة"

مختصرة أسماء عناصر من حركة النهضة في الأحرف الأولى، أكدت الشرطة العدلية بالقرجاني حصول "ن. ل" المنتمي لحركة النهضة على تمويلات أجنبية وتحويلات بنكية من دولة خليجية، قال إنّها على "علاقة وطيدة بتنظيم الإخوان العالمي"، خلال عامي 2013 و2014، ناهزت قيمتها الجملية (10) ملايين دينار، تمّ سحب معظمها نقداً على مراحل، وفق "الجرأة نيوز".

الشهيدان شكري بلعيد ومحمد البراهمي

ووفقاً للشكوى، فإنّ "ن. ل" المنتمي لحركة النهضة قد تعمّد سحب تلك الأموال وإدخالها إلى تونس، واستغلالها في تمويل أنشطة مشبوهة جداً عبر جمعية "نماء تونس" المرتبطة بها، فقد كشفت الشرطة العدلية أنّه أودع نحو (500) ألف دينار في حساب جمعية "نماء تونس".

 كما كشفت الشرطة العدلية، بحسب المصدر السابق، أنّ حساب "م. ح" العضو والمدير المالي السابق بجمعية "نماء تونس" وصهر قيادي مؤسس ورئيس سابق لحركة النهضة، سجل إيداعات ناهزت (3٫3) ملايين دينار، وسحب منها (2) مليون دينار، وسجلت حسابات "ع. ك. س" عضو بـ"نماء تونس" حوالي (10) ملايين دينار، متأتية معظمها من إيداعات نقداً، وحسابات "ع. خ" عضو "نماء تونس" إيداعات ناهزت (350) ألف دينار، منها (250) ألف دينار إيداعات نقداً، وسجلت حسابات (م. ك) إيداعات بقيمة (400) ألف دينار، غير أنّ أيّاً منهم لم يُدلِ بمعلومات عن مصدر تلك "التمويلات".

 

الشرطة العدلية أنهت البحث في قضية الحصول على تمويلات أجنبية مجهولة المصدر وغسل أموال المتعلقة بالجهاز السري لحركة النهضة

 

وقررت النيابة العامة في تونس إحالة الملف للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الذي عهد به إلى الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بثكنة بوشوشة التي تولت استناداً على التحريات  الحصول على أذون بالاحتفاظ في شأن عدد من الأطراف وإدراج عدد آخر بالتفتيش العدلي لتحصنهم بالفرار.

أنستالينغو وتركيا

في حين نشرت الشرطة العدلية قائمة المتهمين، الذين أشارت إليهم بالأحرف الأولى، وأرقاماً للأموال التي حصلوا عليها واستغلوها في "تمويل أنشطة مشبوهة" لجمعية "نماء تونس"،  أوردت إذاعة "موزاييك" التونسية أنباء عن توقيف صحفي سبق أن عمل في صحف محسوبة على النهضة مثل "الفجر" و"الضمير" وبمكتب الإعلام في وزارة الداخلية، وذلك على ذمة التحريات المتعلقة بمؤسسة "أنستالينغو"، وهي شركة إنتاج كانت تعمل على نشر محتويات إعلامية عن تونس لصالح دوائر تركية، واتهمتها النيابة العمومية بـ"التخطيط للاعتداء على أمن الدولة الداخلي، وتلقي أموال مشبوهة من الخارج".

وأشارت "موزاييك" كذلك إلى توقيف ضابطة سابقة ومعزولة انتمت سابقاً إلى إحدى مصالح وزارة الداخلية، والقيادي بحركة النهضة والرئيس السابق لنادي حمام الأنف عادل الدعداع وعناصر أخرى من بينهم أشرف بربوش المستشار برئاسة الحكومة في حكومتي يوسف الشاهد وهشام المشيشي والمدوّن سليم الجبالي.

 تورّط الغنوشي ونجله، إضافة إلى آخرين، في جرائم غسيل الأموال

ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن مراقبين قولهم: إنّ التحقيقات التي تجري على هذا المستوى تركز على شبكات التمويل التي قد تكون دعمت مواقع وأنشطة لحركة النهضة، والتي زاد نشاطها خاصة بعد 25 تموز (يوليو)، و"وضعت الهجوم على الرئيس قيس سعيد هدفاً لها"، ممّا يعيد إلى الأذهان ما جاء في تقرير محكمة المحاسبات عن التمويل الأجنبي الذي ذكر حركة النهضة بالاسم.

عقود اللوبينغ

في آذار (مارس) الماضي، شهدت قضية "عقود اللوبينغ" تطورات جديدة، مع ظهور المزيد من الأدلة التي تثبت الفساد المالي لحركة النهضة الإخوانية، بعد (22) شهراً من شكاية حزب التيار الديمقراطي التونسي، فقد رصدت محكمة المحاسبات، في تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لعام 2019، أنّ حركة النّهضة "تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأمريكية لمدّة (4) أعوام بمبلغ قدره (285) ألف دولار". وتمّ تجديد هذا العقد من 16 تموز (يوليو) 2019 إلى 17 كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه، بمبلغ قدره (187) ألف دولار، وهو ما اعتبرته المحكمة "شبهة تمويل أجنبي" بنص الفصل (163) من القانون الانتخابي، وفقاً لوسائل إعلام.

 

أكدت الشرطة العدلية بالقرجاني حصول "ن. ل" المنتمي لحركة النهضة على تمويلات أجنبية وتحويلات بنكية من دولة خليجية

 

وفي 14 آذار (مارس) كشفت "موزاييك" أنّ النهضة و"قلب تونس" و"عيش تونس" أبرموا "عقود ضغط" مع (3) شركات أمريكية، من بينها "أمريكا تو أفريكا كونسلتينج" و"بي سي دبليو" و"بيجز آند مانسون". ومن بين تلك العقود عقد أبرمته حركة النهضة مع شركة "بي سي دبليو" الأمريكية مدته (4) أعوام من أيلول (سبتمبر) 2014 حتى آب (أغسطس) 2018، بقيمة (285) ألف دولار، وعقد تكميلي في الفترة التي تلت الانتخابات الرئاسية التونسية مباشرة بتاريخ 19 تموز (يوليو) 2019  حتى 19 كانون الأول (ديسمبر) 2019.

وفي أيار (مايو) الماضي، قرّر القضاء التونسي حظر السفر على (34) متهماً، وشمل الإجراء راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، في قضية تتعلق بالجهاز السري للحركة الإسلامية المتهم بالتورط في اغتيال بلعيد والبراهمي في 2013.

وهذه أول مرة يصدر فيها قرار قضائي يشمل الغنوشي في قضية الجهاز السري للنهضة، لكن سبق أن تم التحقيق معه في نيسان (أبريل) الماضي بمقر الفرقة المركزية لمكافحة الإرهاب في العاصمة تونس، في إطار تحقيق حول "التآمر على أمن الدولة"، بعد عقد البرلمان المجمد جلسة افتراضية على الرغم من تعليق الرئيس سعيد لأعماله بموجب تدابير استثنائية.

وقالت المتحدثة باسم محكمة ولاية أريانة فاطمة بوقطاية: "أصدر قاضي التحقيق قراراً يقضي بتحجير السفر على جميع المتهمين المشمولين بالتتبع في قضية ما يعرف بالجهاز السري"، مضيفة أنّه: "يتهم في القضية (34) شخصاً من بينهم راشد الغنوشي".

ويحاكم المتهمون بتهم التستر والحصول على ملفات وأدلة تدين أشخاصاً في عملية اغتيال المعارضَيْن اليساريَين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013.

 ضربة لتمويل النهضة

وقد جّه الرئيس التونسي قيس سعيّد في آذار (مارس) الماضي ضربة قاضية لتمويل حركة النهضة والجمعيات التابعة لها من خلال إصدار مرسوم رئاسي يهدف "لتنقيح القوانين الخاصة بتمويل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية".

 وقال سعيد حينها: إنّه سوف يحظر تلقي منظمات المجتمع المدني أيّ تمويل أجنبي، وذلك في إطار مساعيه لإعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد، وهو ما اعتبره كثيرون ضربة قاصمة للأحزاب السياسية، ومن بينها حركة النهضة.

 

توقيف صحفي عمل سابقاً في صحف محسوبة على النهضة على ذمة التحريات المتعلقة بـ"أنستالينغو" التي تنشر محتويات لصالح دوائر تركية

 

ووفقاً للدستور التونسي، ينصّ الفصل (100) من القانون الأساسي للجمعيات على أنّه "لا بدّ للجمعيات أن تقدّم كافة المعلومات والتصاريح حول التمويلات الأجنبية الواردة عليها للبنك المركزي، الذي يحيلها بدوره إلى رئاسة الحكومة"، إلا أنّ بعض الجمعيات لا تلتزم بهذا القانون، فيضطر البنك المركزي في هذه الحالة إلى الحصول على المعلومات المطلوبة من شبكة البنوك العاملة في تونس، ويحيلها إلى الإدارة العامة للجمعيات واللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، لمتابعة هذه الملفات وإحالتها على القضاء.

 

مواضيع ذات صلة:

هل تلجأ "النهضة" لجهازها الأمني في صراعها مع الرئيس التونسي؟

الاتحاد التونسي للشغل في مواجهة حركة النهضة الإخوانية

راشد الغنوشي تحت مقصلة الشعب التونسي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية