الاتحاد التونسي للشغل في مواجهة حركة النهضة الإخوانية

الاتحاد التونسي للشغل في مواجهة حركة النهضة الإخوانية


11/05/2022

كان الاتحاد التونسي للشغل، هو المؤسّسة المهنية الأكثر صموداً أمام محاولات الاختراق والتطويع التي قامت بها حركة النهضة الإخوانية، طيلة العقد الماضي؛ حيث أصرّت المؤسّسة العريقة، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، العام 2015، على كشف كل الانتهاكات التي مارستها الحركة، من أجل الالتفاف على حقوق العمال ومكتسباتهم، وأيدت بشكل مباشر الإجراءات التصحيحيّة التي دشنها الرئيس قيس سعيّد، مساء 25 تموز (يوليو) الماضي.

حملة تشويه عنيفة

حركة النهضة شنّت الأيام الماضية حملة مسعورة على الاتحاد، عبر أبواقها وكتائبها الإلكترونية، روجت خلالها لشائعات تهدف نحو تشويه الاتحاد، باتهام قياداته بالحصول على تمويل أجنبي، وانتشرت عبر المنصات الموالية لحركة النهضة، صورة ضوئيّة لما قيل إنّه شيك بنكي بقيمة 250 ألف دولار، موجه إلى الاتحاد من جهة أجنبية، وسرعان ما تداولت صفحات تابعة لحركة النهضة، وائتلاف الكرامة الموالي لها، هذا الشيك المزيف، وادعت أنّه تم إرساله إلى الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي.

حملات التشويه العنيفة، طالت الأمين العام للاتحاد، ومجموعة من قيادات المنظمة، بزعم تأييدهم لما أسماه أنصار حركة النهضة بالانقلاب، ودعم الاستبداد والفساد.

 

حسن التميمي: الهدف هو ضرب رمزية الاتحاد، الذي وقف في وجه النهضة وساند قرارات الرئيس التونسي يوم 25 تمّوز الماضي ورحب بإزاحة الإخوان من الحكم، وتجميد برلمانهم، واتهمهم بالفساد والخيانة والعمالة

 

من جهته، علّق الناشط النقابي التونسي، حسن التميمي، في تصريحات صحفيّة، على الهجمة الإخوانية الشرسة ضد الاتحاد التونسي للشغل، مؤكداً أنّ الهدف منها هو "ضرب رمزية الاتحاد، الذي وقف في وجههم، وساند قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد يوم 25 تمّوز (يوليو) 2021، ورحب بإزاحة الإخوان من الحكم، وتجميد برلمانهم، واتهمهم بالفساد والخيانة والعمالة".

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسيّة، خصّ "حفريات" بتصريحات، أكّد فيها أنّ عداء الإخوان للاتحاد التونسي للشغل، يأتي على خلفية تناقض الأهداف والمصالح، وكان الاتحاد عصياً على حركة النهضة طيلة العشرية التي هيمنت فيها على السلطة، وجاء فوزه بجائزة نوبل في العام 2015، ليمنحه وضعية دولية مميزة، أعاقت كلّ مخططات حركة النهضة في اختراقه أو تقويضه.

القصاص لفت إلى التناقض الأيديولوجي الحاد في التوجهات والأفكار، بين كل من حركة النهضة والاتحاد التونسي للشغل، فالنهضة جزء من جماعة أممية وظيفية، لا تكترث بالتراب الوطني، وترفض كل قيم الوطنية، وهي مثلها مثل كل الأذرع الإخوانية، تدين بولاءات غامضة، وتعتنق أفكاراً اقتصاديّة يمينية، تقوم على مبادئ التوجهات الريعية، وقواعد المضاربة والاستثمار الرأسمالي الذي لا يعبأ كثيراً بحقوق العمال، أمّا الاتحاد فتوجهاته وطنية، وله تاريخ مشرف في مواجهة الاستعمار، والدفاع عن كل قيم المواطنة والعدالة، والمطالبة بحقوق العمال، وتقنين التوجهات الاقتصادية؛ من أجل تقليم أظافر الاقتصاد الريعي، وتضخم الرأسمالية.

وكشف القصاص أنّ الحملة الأخيرة التي شنّتها حركة النهضة على الاتحاد، تأتي على خلفية إدراج الأخير ضمن المنظمات التي وُجّهت إليها الدعوة للانخراط في الحوار الوطني، الذي استبعدت منه حركة النهضة، والحزام السياسي المتحالف معها.

الاتحاد يرد على أكاذيب حركة النهضة

اتهم سامي الطاهري، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، يوم الإثنين، 10 أيّار (مايو) الجاري، في تدوينة نشرها على صفحته الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، حركة النهضة بالوقوف خلف الأكاذيب الأخيرة التي طالت الاتحاد، حيث قال: "عادت مستنقعات النهضة وتوابعها؛ لخدمة حملات التشويه والمغالطة عبر أذرع إلكترونية".

ولفت الطاهري إلى أنّ "حركة النهضة أول من أنشأ جهازاً للحرب الإلكترونية، وخصّصت له اعتمادات ضخمة وموارد بشرية، وتغطية سياسية وأمنية وحتّى قضائية، وسبق أن تمرنت على ذلك سنوات قبل الثورة، مع مؤسسة فريدم هاوس وغيرها".

 

عبد السلام القصاص: شنت "النهضة" حملتها على اتحاد الشغل على خلفية إدراج الأخير ضمن المنظمات التي وجهت إليها الدعوة للانخراط في الحوار الوطني، الذي استبعدت منه الحركة والحزام السياسي المتحالف معها

 

وأضاف: "أسماء كثيرة من حركة النهضة، لمعت واشتهرت بقدراتها الكبيرة على فبركة الشائعات، وتصيّد فرائسها؛ لتشويهها والإجهاز عليها".

وتابع: "هم أغبياء؛ لأنّهم يجهلون أنّ الشيكات بالعملة الأجنبية، تمر بالضرورة عبر البنك المركزي، وهناك لجنة التحاليل المالية، التي لا تغيب عنها شاردة أو واردة من الأموال التي تدخل بلادنا".

ووصف الطاهري أنصار النهضة الذين انخرطوا في الحملة بـ"القطيع الذي لا يقدر على استعمال العقل"، مضيفاً: "هم يفتقدون لأي حس نقدي، وللأسف فيهم جامعيون ومدّعو الثقافة، وبدأوا يشاركون الكذبة".

ولم ينس الطاهري التعريض بحركة النهضة وحلفائها، حيث لفت إلى "الأموال التي تدخل إلى خزائن الأحزاب والجمعيات المشبوهة، ومنها النهضة والجمعيات الدائرة في فلكها". مطالباً النيابة العمومية بفتح تحقيق في الغرض، متوعداً حركة النهضة بالحساب.

من جهتها أصدرت، حركة النهضة بياناً، استنكرت فيه "اتهام السيد سامي الطاهري للحركة؛ بالوقوف وراء تسريب وثيقة مزوّرة، تستهدف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل" وقالت كذلك إنّها "تحتفظ بحقها في التتبع القضائي، لكل من يفتري عليها، وتنبّه الرأي العام الوطني؛ إلى خطورة خطاب التقسيم والتحريض، ودعوات العنف والفوضى، وآثارها المدمرة على السلم الأهلي، والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد".

بدوره، ردّ الاتحاد في بيان رسمي على حركة النهضة، مستنكراً حملات التشويه الموجهة، مؤكداً أنّها تأتي "على خلفية المواقف المستقلّة، التي عبّر عنها الاتحاد؛ بخصوص الأزمة السياسيّة التي تعصف بتونس، والتي حمّل من خلالها المسؤولية لجميع الأطراف؛ لأنها دفعت البلاد إلى حافة الهاوية، وتسعى جاهدة إلى إدخالها في دوّامة التفكيك، والعنف، والمجهول".

الاتحاد طالب، في بيانه، المؤسّسة القضائية بـ "تتبع هذه الانتهاكات، وتتبّع مرتكبيها؛ لما تلحقه من إساءة للشخصيات العامة والمنظّمات الوطنية". كما طالب جميع القوى الوطنية بالتصدي لما وصفه بالسموم التي تبث عبر الصفحات الافتراضية، وهو الأمر الذي قد يدفع إلى العنف والإرهاب.

وأدان الاتحاد كذلك ما جاء في بيان حركة النهضة "من اتّهام لسامي الطاهري". كما أكّد أنّ ما يصدر عن أعضاء المكتب التنفيذي من تصريحات أو مواقف، يلتزم بها الاتحاد، الذي تعبّر قياداته عن جملة من المواقف المنسجمة، والتي تنبع من التشاور والحوار. 

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية