التوسع الإيراني في سوريا يهدد أمن الأردن على هذه المستويات

التوسع الإيراني في سوريا يهدد أمن الأردن على هذه المستويات


06/06/2022

مع تزايد عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود الأردنية السورية، تواجه المملكة ما وصفته أنه "حرب مخدرات"، وهو ما دفع قواتها المسلحة إلى تغيير قواعد الاشتباك مؤخراً، والرد بقوة كبيرة على المهربين الذين تتهمهم الأردن بالارتباط بتنظيمات إيرانية تسعى إلى زعزعة الأمن الوطني الأردني.

ومنذ بداية العام 2022، خلفت المواجهات بين الجيش الأردني والمهربين على الحدود الشمالية الشرقية 40 قتيلاً، على الأقل، من المتسللين فضلاً عن إصابة المئات، ومعظمهم من البدو الرحل الذين تستعين بهم الفصائل المرتبطة بإيران التي باتت تسيطر على جنوب سوريا، كما تم إحباط العشرات من محاولات التهريب والتسلل إلى الأردن، وفق شبكة "الحرة" ووسائل إعلام أردنية.

تزايد عمليات التهريب

وتعلن السلطات الأردنية أكثر من مرة أسبوعياً، عن إحباط محاولة تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة.

وآخر هذه العمليات، كان يوم الخميس الماضي، إذ أحبطت السلطات عملية تسلل لمجموعة من المهربين يحاولون تهريب كميات كبيرة من الحبوب المخدرة، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل مهرب، وإلقاء القبض على أحدهم وفرار الآخرين إلى داخل سوريا، وفق ما قاله مصدر أمني لصحيفة "الغد" الأردنية.

كما أعلن الجيش الأردني، الشهر الماضي، مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين في إحباط عملية تهريب كميات كبيرة من المخدرات قادمة من سوريا.

وعثرت القوات الأردنية بعد تفتيش المنطقة على 637 ألف حبة مخدر "كبتاغون" و181 "كف حشيش"، وأكثر من 39 ألف حبة "ترامادول" وسلاح "كلاشنكوف".

كما وتزايدت في الآونة الأخيرة عمليات تهريب الأسلحة، حيث باتت القوات المسلحة الأردنية تضبط مؤخراً كميات كبيرة من الأسلحة أثناء محاولة إدخالها من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية.

تعلن السلطات الأردنية أكثر من مرة أسبوعياً، عن إحباط محاولة تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة

وأجبرت الزيادة الكبيرة في محاولات التهريب الأردن، الذي يعتبر وجهة ومسار عبور لنقل المخدرات السورية الصنع إلى دول الخليج، على تغيير قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش على امتداد الحدود، إذ أعطى للجيش سلطة استخدام القوة الساحقة، وفق ما أورده موقع "الحرة".

حزب الله وإيران إلى الواجهة مجدداً

وبحسب تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، ارتفع مستوى التهديدات الأمنية على حدود الأردن مع انتشار مجموعات وميليشيات متخصصة بعمليات التهريب، تحصل على دعم لوجستي من "حزب الله" وأجهزة تابعة للنظام السوري.

ووفق المرصد، شكلت الميليشيا اللبنانية في سوريا والمدعومة من إيران، مجموعات مختصة بعمليات التهريب إلى الداخل الأردني، قوامها من "بدو السويداء"، ممن يمتهنون أعمال التهريب ولديهم علاقات وخبرة بالطرقات.

سبق تصريحات الحياري، تحذير العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من تصعيد محتمل على حدود بلاده مع سوريا، بسبب التوسع الإيراني المتزايد على حساب الانسحاب الروسي في المنطقة الجنوبية

وأوضح أنّ هناك مجموعة أشار إليها برمز (س. ر)، ومجموعة (العبسات) وهم أبناء عمومة من بدو السويداء يقطنون بالقرب من قرية الشعاب 10 كيلومترات عن الحدود الأردنية، تحركوا فعلاً لتحضير حملات تهريب، بينما حصلت مجموعات أخرى من المهربين على الأسلحة والمواد المخدرة من الميليشيا والمخابرات الجوية التابعة للنظام السوري.

ويقول المرصد في تقريره، إنّ الميليشيا الإيرانية انتشرت في موقع استراتيجي وسط سوريا بعد انسحاب فصائل حليفة لروسيا، حيث وصلت تعزيزات ضخمة يوم 5 نيسان (أبريل) الماضي، من الحرس الثوري الإيراني إلى مستودعات مهين العسكرية شرق حمص.

وقد أفادت تقارير ومعلومات كثيرة بأنّ عشرات المجموعات المرتبطة بحزب الله تنشط في صناعة المخدرات لا سيما الكبتاغون في عدد من المناطق السورية، وتنفذ أيضاً عمليات تهريب بين الحدود بغطاء من الميليشيا أو موالين له على الرغم من نفي الحزب ضلوعه في تلك التجارة مراراً، وفق موقع "العربية".

وكان المتحدث مدير الإعلام العسكري في الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، قد حذر من تكثيف ميليشيات تابعة لإيران، من محاولات تهريب المخدرات بمئات الملايين من الدولارات عبر الحدود مع سوريا.

وقال العقيد مصطفى الحياري إنّ "تنظيمات إيرانية تأتمر بأجندات خارجية، تستهدف الأمن الوطني الأردني".

الرنتاوي: قد يمتد التوتر في العلاقات الأردنية – السورية، إلى توتر في علاقات عمان بطهران، وهي علاقات شبه مجمدة أصلاً، ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات خطرة على الحدود الشرقية مع العراق

 

وتابع الحياري، في تصريحات لبرنامج "صوت المملكة"، الإثنين الماضي، إنّ القوات الأردنية تواجه "حرب مخدرات"، على حدودها الشمالية الشرقية، مشيراً إلى ما قاله الملك إنّ "الفراغ الذي تتركه حالياً روسيا خصوصاً في الجنوب السوري تملؤه إيران من خلال أدواتها، وهي الميليشيات الإيرانية".

ولفت المتحدث باسم الجيش الأردني، إلى أنّ مجموعات التهريب، تتلقى أحياناً "دعم جهات غير منضبطة من حرس الحدود السوري، ومن جهات أخرى"، لم يحددها.

فراغ الانسحاب الروسي

وسبق تصريحات الحياري، تحذير العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من تصعيد محتمل على حدود بلاده مع سوريا، بسبب التوسع الإيراني المتزايد على حساب الانسحاب الروسي في المنطقة الجنوبية.

وقال الملك في مقابلة مع معهد "هوفر" في جامعة "ستانفورد" الأمريكية الأسبوع الماضي: إنّ "الوجود الروسي في جنوب سوريا، كان يشكل مصدراً للتهدئة"، مضيفاً: "هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".

وجاءت التصريحات الأردنية بعد تغلغل واضح لميليشيات إيران في المنطقة الجنوبية لسوريا، (درعا والسويداء)، وبالقرب من الحدود الأردنية، وخاصة بعد انتهاء دور فصائل المعارضة وسيطرة ميليشيا الأسد وروسيا على المنطقة.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أكدت في تقرير لها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حول ازدهار تجارة المخدرات في مناطق سيطرة نظام الأسد في سوريا، مشيرة إلى أنّ "صناعة المخدرات، خاصة أقراص الكبتاغون، يديرها أقارب رأس النظام بشار الأسد مع شركاء أقوياء، وأن قيمتها بلغت مليارات الدولارات، متجاوزة الصادرات القانونية لسوريا".

تداعيات سياسية

ويرى الكاتب الأردني، عريب الرنتاوي، أنّ "حرب المخدرات" أحدثت تطوراً جديداً في علاقات الأردن مع جارته الشمالية، يلقي بظلال كثيفة على هذه العلاقات، ويبدد الرهانات والآمال التي عقدها البعض على عوائدها على الاقتصاد الأردني، وليس مستبعداً أن يقود هذا التطور إلى تداعيات لا تحمد عقباها، من نوع العودة إلى تكتيك "وسائد الارتكاز" الذي اعتمده الأردن على حدوده الشمالية، لدرء خطر التنظيمات الإرهابية بالاعتماد على قوات غير نظامية، وميليشيات ليست محسوبة على داعش أو القاعدة أو تلك المذهبية المحسوبة على إيران.

 تحذير العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من تصعيد محتمل على حدود بلاده مع سوريا

ويقول الكاتب، في مقاله المنشور في موقع "الحرة"، "قد يمتد التوتر في العلاقات الأردنية – السورية، إلى توتر في علاقات عمان بطهران، وهي علاقات شبه مجمدة أصلاً، ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات خطرة على الحدود الشرقية مع العراق، حيث ترابط ميليشيات عراقية محسوبة على إيران على مقربة من المثلث الحدودي الأردني – السوري – العراقي، وكان سبق للملك عبد الله الثاني أن كشف في حديث صحفي عن استهداف العمق الأردني بطائرات مسيّرة من قبل ميليشيات عراقية محسوبة على إيران، الأمر الذي ردته مصادر هذه الميليشيات إلى استخدام القوات الأمريكية لقواعد في الأردن لاستهدافها في العمق العراقي، وهذا تطور قد يولد حالة من "انعدام اليقين" على علاقات الأردن بالعراق، التي تعوّل عليها حكومتا البلدين كثيراً".

4 مستويات من التهديد

الخبير الأردني في الشؤون الإستراتيجية العسكرية، فايز الدويري، وضع في رد على استفسارات موقع "الحرة" التهديدات الإيرانية ضمن 4 مستويات، يتجسد الأول بالخطر المباشر لإمكانية تسلل جماعات إرهابية داخل الأراضي الأردنية. 

والثاني، بتعاون الميليشيات وشبكات التهريب والقوات التابعة للنظام السوري وتقديم التسهيلات والمعلومات الاستخبارية وحتى تقديم الحماية المسلحة. 

والثالث، تحريك خلايا نائمة داخل الأراضي الأردنية. أما المستوى الرابع والأخير، فيتمثل في تحريك ما يعرف باسم "الذئاب المنفردة" وهم من يتعاطفون مع الميليشيات الإيرانية ويدعمون أفكارهم.

وأشار الدويري إلى أنّ الأردن الآن في مواجهة مع التهديدات من المستوى الثاني، إذ هناك تعاون ما بين الميليشيات وجماعات التهريب والجيش السوري بهدف تسهيل تهريب وتجارة المخدرات العابرة للحدود.

الخبير الأردني في الشؤون الإستراتيجية العسكرية، فايز الدويري، وضع  التهديدات الإيرانية ضمن 4 مستويات، يتجسد الأول بالخطر المباشر لإمكانية تسلل جماعات إرهابية داخل الأراضي الأردنية 

ويقول الخبير الدويري إنّ الأردن "عدل خلال الأشهر الماضية من قواعد الاشتباك على الحدود السورية، حيث زاد من وجود حرس الحدود، وتم إضافة وتفعيل العديد من أنظمة التتبع والرصد التكنولوجية".

ودعا الدويري إلى تعديل قواعد الاشتباك مرة أخرى من أجل السماح بدخول قوات عسكرية أرضية داخل العمق السوري لضرب شبكات التهريب قبل اقترابها من الحدود الأردنية".

وأكد أن الأردن في وضع حساس جداً فيما يتعلق بالحدود والتعامل مع الميليشيات الإيرانية، خاصة مع وجود 350 كلم من الحدود مع سوريا، و110 كلم من الحدود مع العراق، ناهيك عن "تواطؤ الجيش السوري مع شبكات التهريب".

مواضيع ذات صلة:

تقرير حديث: سوريا "دولة مخدرات".. وهذا دور حزب الله

هل غيّرت المخدرات مجرى الحرب العالمية الثانية؟

عراقيون ناقمون بعد عفو "غامض" عن تاجر مخدرات




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية