
ردّ مفتي جمهورية مصر العربية على دعوات الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلي التي أطلقها أخيرًا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التابع للإخوان المسلمين.
وقال مفتي الديار المصرية الدكتور نظير عياد، في بيان: إنّ دار الإفتاء اطلعت على ما صدر مؤخرًا من دعوات تدعو إلى وجوب الجهاد المسلح على كل مسلم ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتطالب الدول الإسلامية بتدخل عسكري فوري وفرض حصار مضاد.
وأوضح البيان الصحفي أنّه في إطار المسؤولية الشرعية، وبناءً على قواعد الفقه وأصول الشريعة الإسلامية، تؤكد دار الإفتاء أنّ الجهاد مفهومٌ شرعيٌّ دقيق، له شروط وأركان ومقاصد واضحة ومحددة شرعًا، وليس من حق جهة أو جماعة بعينها أن تتصدر للإفتاء في هذه الأمور الدقيقة والحساسة بما يخالف قواعد الشريعة ومقاصدها العليا، ويُعرِّض أمن المجتمعات واستقرار الدول الإسلامية للخطر.
وأكدت دار الافتاء أنّ دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، لكن بشرط أن يكون الدعم في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أجندات معينة أو مغامرات غير محسوبة العواقب، تجرُّ مزيدًا من الخراب والتهجير والكوارث على الفلسطينيين أنفسهم.
وتابع البيان أنّه من قواعد الشريعة الإسلامية الغرَّاء أنّ إعلان الجهاد واتخاذ قرار الحرب والقتال لا يكون إلا تحت راية، ويتحقق هذا في عصرنا من خلال الدولة الشرعية والقيادة السياسية، وليس عبر بيانات صادرة عن كيانات أو اتحادات لا تمتلك أيّ سلطة شرعية، ولا تمثل المسلمين شرعًا ولا واقعًا، وأيّ تحريض للأفراد على مخالفة دولهم والخروج على قرارات ولي الأمر يُعدُّ دعوة إلى الفوضى والاضطراب والإفساد في الأرض، وهو ما نهى عنه الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، لكن بشرط أن يكون الدعم في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أجندات معينة.
وأكد المفتي في بيانه أنّ الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة قدرات الأمّة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي، هي دعوة غير مسؤولة وتخالف المبادئ الشرعية التي تأمر بالأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات، فالشريعة الإسلامية تحث على تقدير المصالح والمفاسد، وتُحذّر من القرارات المتسرعة التي لا تراعي المصلحة العامة، بل قد تؤدي إلى مضاعفة الضرر على الأمّة والمجتمع.
وأكد المفتي أنّ من قواعد الشرع أنّ من يدعو إلى الجهاد يجب عليه أوّلًا أن يتقدم الصفوف بنفسه، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات، بدلًا من استثارة العواطف والمشاعر، تاركين غيرهم يواجهون العواقب.
وختم مفتي الديار المصرية بيانه بالقول: إنّ من الحكمة والمقاصد الشرعية أن تتجه جهود الأمّة الإسلامية نحو العمل الجاد من أجل إيقاف التصعيد ومنع التهجير، بدلًا من الدفع نحو مغامرات غير محسوبة تُعمِّق الأزمة وتزيد من مأساة الفلسطينيين، مشددًا على ضرورة التحلي بالعلم والحكمة والبصيرة، وعدم الانسياق وراء شعارات رنانة تفتقر إلى المنطق والواقعية.
وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التابع للإخوان المسلمين قد أصدر قبل أيام فتوى دعا فيها إلى تدخل عسكري فوري من الدول الإسلامية لمساندة الفلسطينيين، معتبرًا ذلك فرض عين على المسلمين، مشددًا على وجوب قطع أيّ دعم عن الاحتلال الإسرائيلي وفرض حصار شامل عليه برًّا وبحرًا وجوًّا.