الإخوان يخلطون الأوراق في السودان: حرب حدود أم استراتيجية فوضى؟

الإخوان يخلطون الأوراق في السودان: حرب حدود أم استراتيجية فوضى؟

الإخوان يخلطون الأوراق في السودان: حرب حدود أم استراتيجية فوضى؟


12/06/2025

تفاقمت الأوضاع الأمنية والعسكرية في المثلث الحدودي بين السودان، ومصر، وليبيا، بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على المنطقة، وأكّد الجيش السوداني أنّ انسحابه جاء لأسباب "دفاعية تكتيكية"، وسط تبادل الاتهامات وتضارب في الروايات.

وبينما وصفت قوات الدعم السريع دخولها إلى المنطقة بـ "الإنجاز النوعي"، اعتبر الجيش السوداني انسحابه جزءًا من ترتيبات عسكرية تهدف إلى إعادة التمركز لصد هجمات محتملة، متهمًا قوات الدعم السريع بالهجوم بمساعدة "الكتيبة السلفية" التابعة للجيش الليبي، ومحذرًا من محاولات تصدير الأزمة نحو أطراف إقليمية مجاورة، وفق ما نقل موقع (الراكوبة).

وتمثل منطقة المثلث الحدودي موقعًا حيويًا يربط بين (3) دول، وتُعدّ بوابة للتحركات العسكرية، ومرور شبكات التهريب والاتجار بالبشر، ممّا يجعل السيطرة عليها ذات أثر مباشر على مسارات الحرب الجارية في السودان.

تفاقمت الأوضاع الأمنية والعسكرية في المثلث الحدودي بين السودان، ومصر، وليبيا

ويشير محللون عسكريون، نقلت عنهم صحيفة (العرب) اللندنية، إلى أنّ انسحاب الجيش السوداني يُعدّ نكسة استراتيجية من شأنها تعزيز موقع قوات الدعم السريع، وتأمين خطوط إمداد لها من الأراضي الليبية، خاصة بعد توقف الدعم القادم من تشاد.

الخبير العسكري السوداني اللواء أمين إسماعيل مجذوب أوضح أنّ الجيش انسحب بغرض تأمين الولاية الشمالية، التي تسعى قوات الدعم السريع لاختراقها لفتح جبهة جديدة تُشتت قوات الجيش وتمنعها من التفرغ لفك الحصار عن مدينة الفاشر.

بالمقابل، تعهّدت قوات الدعم السريع سابقًا بالزحف نحو الشمال السوداني، وهددت بشن عمليات عسكرية، في محاولة لمعادلة الكفة بعد خسارة الخرطوم.

التصعيد لم يقتصر على العمليات البرية، فقد أعلنت سلطات محلية في الولاية الشمالية عن استهداف منشآت مدنية بطائرات مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع، ممّا أدى إلى إصابات بين المدنيين، وأحدث أضرارًا في البنية التحتية.

انسحاب الجيش السوداني يُعدّ نكسة استراتيجية من شأنها تعزيز موقع قوات الدعم السريع، وتأمين خطوط إمداد لها.

وفي الإطار ذاته اتهمت وزارة الخارجية السودانية "كتيبة سبل السلام" الليبية بالمشاركة في الهجوم على المثلث، في حين أكد شهود وتقارير محلية وقوع اشتباكات عنيفة بين القوات المتحالفة مع الجيش السوداني وقوات ليبية شرق جبل العوينات، أسفرت عن قتلى وأسرى من الجانبين.

في المقابل، نشرت قوات تتبع للجيش الليبي بقيادة حفتر مقاطع فيديو تظهر جثثًا، قالت إنّها لمرتزقة دارفوريين تسللوا إلى الحدود الليبية، إلى جانب كميات من السجائر والسلع الليبية المهرّبة التي تم ضبطها وإحراقها.

وصدر أمس بيان عن الجيش الليبي، نقلته صحيفة (الهدف)، اتهم فيه "القوات السودانية" بتكرار الاعتداءات على الحدود الليبية، مؤكدًا أنّ دورياته تعرضت لهجوم مباشر. 

وأضاف البيان: "ليبيا من أكثر المتضررين من النزاع الكارثي في السودان"، واصفًا ادعاءات الجيش السوداني بأنّها "مفضوحة"، تهدف إلى "تصدير الأزمة وخلق عدو خارجي افتراضي". وأكد الجيش الليبي التزامه بحسن الجوار واحترام القانون الدولي.

نشرت قوات تتبع للجيش الليبي بقيادة حفتر مقاطع فيديو تظهر جثثًا، قالت إنّها لمرتزقة دارفوريين تسللوا إلى الحدود الليبية

مراقبون حذّروا من أنّ الزجّ بدول الجوار في الصراع بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، يُعدّ مغامرة خطيرة، قد تُسهم في تدويل الحرب، وتُعقّد مساعي وقف إطلاق النار أو التوصل إلى حل سلمي.

هذا، وتُتهم جهات داخل الجيش السوداني، وتحديدًا الجناح المرتبط بالإسلاميين "الإخوان"، بمحاولة خلط الأوراق داخليًا وخارجيًا من أجل تعطيل المطالب بإصلاح المؤسسة العسكرية، وتأجيل الحديث عن تسليم السلطة للمدنيين. ويُحذّر مراقبون من أنّ هذا النهج قد ينقلب ضد أصحاب القرار أنفسهم.

ووفق وكالة (سودانايل) فإنّ استراتيجية الإخوان المسلمين في السودان حاليًا قائمة على خلط الأوراق وتعقيد المشهد السياسي والعسكري لتحقيق عدة أهداف؛ منها: منع أيّ انتقال ديمقراطي عبر إبقاء الصراع العسكري مستمرًا ومنع قيام حكومة مدنية، واستعادة السلطة تدريجيًا من داخل الدولة من خلال التغلغل في الجيش والمؤسسات الأمنية، كما يفعلون حاليًا عبر كتائب مثل البراء بن مالك أو عبر بقايا الأجهزة الأمنية من عهد البشير، هذا إلى جانب تصدير الأزمة إلى الخارج بإشعال صراعات على الحدود (مع ليبيا ومصر وتشاد) بهدف إقحام دول الجوار، وكسب شرعية وهمية من الحرب بالإيحاء أنّهم "يدافعون عن الوطن"، في حين أنّهم يعيدون إنتاج النظام القديم بوجه عسكري.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية