الإخوان في الجزائر يتبنون رؤية السلطة السياسية في دعم التقارب مع إيران وتركيا

الإخوان في الجزائر يتبنون رؤية السلطة السياسية في دعم التقارب مع إيران وتركيا

الإخوان في الجزائر يتبنون رؤية السلطة السياسية في دعم التقارب مع إيران وتركيا


02/11/2022

تقول أوساط سياسية إن دعوة حركة مجتمع السلم، أحد أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، إلى إقامة علاقات طبيعية بين إيران والدول العربية، تعد تحولا مفاجئا في خطاب الحركة، ويعكس تماهيا مع الرؤية السياسية التي يتبناها النظام الجزائري.

وعادة ما تنادي حركة مجتمع السلم الدول العربية إلى تعزيز العلاقات مع تركيا، لكن هذه المرة الأولى منذ سنوات التي تدعو فيها إلى الانفتاح أيضا على إيران، وهي رسالة لا تخلو من أبعاد سياسية في ارتباط بالتطور الجاري على مستوى العلاقة بين الجزائر وطهران، وأيضا في علاقة باستدارة إخوانية مجددا صوب إيران بعد فتور طغى على العلاقة بين الطرفين عقب تفجر ما سمي بثورات الربيع العربي.

واعتبرت الأوساط أن طرح حمس لمسألة التقارب بين الدول العربية وبين إيران وتركيا في هذا التوقيت بالذات، حيث تزامن مع احتضان الجزائر للقمة العربية في نسختها الحادية والثلاثين، وما تشهده من خلافات حول التهديدات التي تمثلها الدولتان، هو رسالة دعم مباشر للسلطة السياسية في الجزائر.

دعوة حركة حمس للدول العربية إلى إقامة علاقات طبيعية مع إيران، لا تعدو كونها مغازلة للنظام الجزائري

ودعا بيان لحركة مجتمع السلم الثلاثاء الدول العربية إلى إقامة علاقات طبيعية مع تركيا وإيران، بدعوى البحث عن التكامل الحضاري والروحي، بدل الصراع والتنافس.

وشددت الحركة الإسلامية في بيانها على أهمية “فتح حوار وإقامة علاقات مع مكوّنات الأمة الإسلامية، وعلى رأسها: إيران وتركيا، من أجل التكامل لا من أجل التنافس والصراع، وضمن رؤية حضارية من أجل الاستئناف الحضاري للأمة الإسلامية من جديد”.

وجاءت دعوة الحركة الإخوانية في ذروة سجال عربي حول دور ونفوذ كل من إيران وتركيا المتصاعد في المنطقة العربية، وحيث بات هذا النفوذ يهدد دول شمال أفريقيا، سواء من خلال التدخلات التركية في ليبيا، والتي لا تنحصر في البعدين السياسي والاقتصادي، بل وتطول أيضا الجانبين الاستخباري والعسكري، وأيضا عبر تمدد إيران من خلال دعم جبهة بوليساريو بمباركة جزائرية.

وشهد الاجتماع التحضيري للقمة العربية نقاشا حادا بين الرباط والجزائر، حول مشروع البيان الختامي ورغبة الوفد المغربي في إدراج مشروع قرار يدين تدخل إيران في الشؤون العربية وتسليحها الميليشيات وجماعات طائفية وانفصالية، من بينها جبهة بوليساريو، وتهديدها للأمن القومي العربي.

ونقلت مصادر متطابقة تحدثت عن جانب من نقاش دار خلال الجلسة المغلقة التي عقدت الأحد لاجتماعات وزراء الخارجية العرب بين وزيري خارجية المغرب ناصر بوريطة والجزائر رمطان لعمامرة.

وروى مصدر مطلع وقريب من دوائر عليا في المنطقة، أن الوزير المغربي طالب بإدراج نقطة تسليح إيران لجبهة بوليساريو الانفصالية بالدرون (الطائرات المسيّرة)، واستهدافها للأراضي العربية سواء في الخليج أو المغرب ضمن جدول الأعمال.

في حين رد نظيره الجزائري بالرفض، قبل أن يتدخل من جديد رئيس الدبلوماسية المغربية ليقول مخاطبا لعمامرة “ليس من حقك الرفض، هناك تصويت وإجماع”، بيد أن وزير خارجية الجزائر تجاهل كلامه قبل أن يعيد بوريطة نفس الطلب، وسانده، حسب نفس المصدر، “معظم من في القاعة”.

وكان المبعوث المغربي لدى الأمم المتحدة عمر هلال اتهم الأسبوع الماضي إيران وحزب الله بالتوغل في منطقة شمال أفريقيا، وتدريب وتجهيز جبهة بوليساريو في تندوف بطائرات مسيّرة.

ويرى مراقبون أن دعوة حركة حمس للدول العربية إلى إقامة علاقات طبيعية مع إيران، لا تعدو كونها مغازلة للنظام الجزائري الذي يتهم اليوم بفتح الطريق أمام الوجود الإيراني في المنطقة، من خلال جبهة بوليساريو الانفصالية.

وترتبط الجزائر بعلاقات جيدة مع إيران، وهي من الدول العربية القليلة التي رفضت تصنيف حزب الله اللبناني الموالي لطهران ضمن الكيانات الإرهابية، كما أنها تجنبت في الكثير من الأحيان توجيه انتقادات لهجمات الحوثيين في اليمن على الأراضي السعودية.

وأشادت حركة حمس في بيانها بـ”الدور الكبير الذي تقوم به الجزائر في سبيل إنجاح القمة العربية، رغم حملات التشويش والتشويه التي تتعرض لها، والتحضير الجيد لها من حيث الشّكل (التحضير اللوجستي)، ومن حيث المضمون (المحتوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي)، وعلى رأس ذلك: تحقيق لم الشمل العربي، والمصالحة والوحدة الفلسطينية، والتطلع إلى رؤية عربية موحدة، وإلى عمل عربي مشترك، ضمن حتمية إعادة تشكيل نظام دولي جديد، وعالم متعدد الأقطاب”.

وقال البيان إن “حركة مجتمع السلم تقدمت بمذكرة كتابية إلى السادة الملوك والأمراء والرؤساء، تضمنت رؤيتها في إنجاح القمة العربية، وفي إصلاح الجامعة العربية، وفي آفاقها المستقبلية، وضرورة التمسك بها كإطار جامع وفضاء مركزي بين الأمم، يمكن تحقيق أهدافه وفق المواثيق النظرية المنصوص عليها لصالح الدول العربية وشعوبها”.

وتشكل حركة حمس التي تعد القوة السياسية الثالثة في البلاد، حيث تحوز على أكثر من 60 مقعدا نيابيا في البرلمان بموجب نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، الذراع الإسلامية الأولى في البلاد، وعلى تواصل دائم بالنخب السياسية والرسمية في تركيا، لكن موقفها من إيران يعتبر مفاجئا، بالنسبة للكثيرين كونه لأول مرة تعبّر عن ميلها السياسي نحوها.

ورغم أن الدعوة جاءت من فصيل سياسي يفتقد للنفوذ في المنظومة السياسية الحاكمة في الجزائر منذ انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا للجمهورية في ديسمبر 2019، إلا أنها تعبّر عن توجه داخل النخب السياسية والرسمية في البلاد، يدعم إرساء تعاون وثيق مع الدولتين المذكورتين.

وكانت حركة حمس، وعلى رأسها أمينها العام عبدالرزاق مقري، من أكبر القوى السياسية المرحبة والداعمة للتعاون بين الجزائر وتركيا، وكثيرا ما دخل الحزب في سجال مع القوى السياسية الرافضة للأمر على خلفية الحقبة التاريخية التي قضاها الأتراك بالجزائر (1500 – 1800)، حيث يعتبر هؤلاء التواجد العثماني استعمارا للبلاد، بينما يراه الإسلاميون والمحافظون “فتحا”.

عن "العرب" اللندنية

الصفحة الرئيسية