الإخوان طائفة بكامل المواصفات

الإخوان طائفة بكامل المواصفات

الإخوان طائفة بكامل المواصفات


08/09/2024

أيمن خالد

بحسب العقيدة الإسلامية يكفي النطق بالشهادتين لكي يصبح الفرد مسلماً، ولكن هذا الفرد لا يستطيع أن يكون عضواً في جماعة الاخوان المسلمين حتى ولو كان يحمل شهادة دكتوراة في الشريعة الإسلامية ما لم يكن يمتلك معايير خاصة، إضافة إلى ترشيح خاص لأفراد من الجماعة. فالانتماء الحزبي لأي حزب سياسي لا يتطلب تلك المعايير المعقدة على شاكلة ما يفعله الاخوان، الذين أرادوا بالفعل تحويل الدين الإسلامي إلى حزب سياسي، عبر عملية نقل للدين الإسلامي من دين يدعو إلى وحدانية الله إلى مؤسسة تدعو إلى وحدانية الحزب والذي هو بمفهومهم أصبح بديلاً للدين والسياسة معاً، وأصبح المرشد العام للحركة هو صاحب الفصل والفتوى في الأمور كافة، ناهيك عن كتاب الرسائل الذي كتبه مؤسس الجماعة والذي لا يزال المرجع الأساس لحركة الإخوان عند اختلافهم في شؤونهم.

الأصل في تكوين الإسلام أنه حافظ على مختلف المكونات الاجتماعية، مضيفاً إليها مسألة التوحيد، وصولاً إلى إعادة بناء مسائل الحقوق بين الناس بمختلف ألوانهم ومعتقداتهم، غير أن الإخوان المسلمين، أول ما فعلوه أنهم أخذوا على عاتقهم هدم كل الكيانات الموجودة، السياسية والاجتماعية وكامل مكونات المجتمع وصولاً إلى الدولة التي أصبحت تحت المطرقة، بقصد إعادة بناء كيان واحد هو حركة الإخوان بكامل أطرها الاجتماعية والفكرية والثقافية وحتى الدينية، بمعنى أن يكون المجتمع والسياسة والدين الإسلامي برمته تحت مظلة الحزب، الذي هو الدين وهو الفكرة والدولة وكل شيء.

فهم أخذوا من الدين ما شاءوا في مسألة انتقائية وانصرفوا إلى عالم السياسة ما شاءوا، ثم استخلصوا من الدين والسياسة عالماً خاصاً بهم، فالحالة الإخوانية تستوجب توصيفاً دقيقاً باعتبارها منظومة كاملة من الأيديولوجيا (دينية وسياسية وثقافية واقتصادية، واجتماعية وتشمل تربية خاصة للبيت والأسرة والطفل).

هنا تبرز إشكالية مؤسس الجماعة الحسن البنا من خلال وضعه للدين الإسلامي خلف ظهره، والادعاء أن حركته هي الإسلام بشموليته، في عملية بناء منهج كامل يصبح عنوانه تنظيم (الإخوان المسلمين) فمن خلال ارتكازه على النصوص الدينية أراد الظهور بمظهر من يمثل الإسلام، في الوقت الذي كان يسعى نحو عملية صناعة فكرة تعمل على توحيد الأفكار في الجوانب العملية والاجتماعية وحتى في الأفكار العامة، ما يعني أن الحركة (تريد الكل والكل معاً) بلا استثناء في عملية توظيفها للفكرة، فهي تريد التأثير على الكل، حتى في نوع الفكرة، وهنا ثمة دلالة هامة وهي أن عضو الجماعة، بمجرد انتمائه إليها، ستصبح حياته الاجتماعية الخاصة هي من ممتلكات الجماعة، وحتى الأفكار العامة فمن ينتمي لهذه الجماعة لم يعد بمقدوره أن يختار أموره وقتما يشاء، فالأفكار لن تصدر عنه، بل ستأتي إليه من الأعلى، وهو تماماً ما تعيشه حركات الإسلام السياسي اليوم والتي خرجت من رحم الإخوان، حيث يعيش أفرادها حياة القطيع، لا يملكون السيطرة الحقيقية الكاملة على حياتهم الاجتماعية لأنها مسلوبة منهم، ولا يستطيعون التفكير خارج الصندوق الذي باتوا يجلسون فيه.

حركة الإخوان لم تأت كحركة إصلاح ديني، ولكنها جاءت كحركة أرادت أن تستحوذ على (الكل الإسلامي) تاركة وراءها كامل العالم الإسلامي الذي لا تراه ينتمي لها. فالحركة اختصرت نفسها بمسمى أنها هي الإسلام، من خلال ما قاله مؤسس الحركة في واحدة من أهم رسائله (نحن الإسلام) ثم جاء فيما بعد توصيف سيد قطب لمسألة الجاهلية، والتي أصبحت دائرة الإخوان بموجبها هي دائرة النبوة والرسالة بينما من هم خارج هذه الدائرة هم في عداد قريش وجاهلية قريش، وهو التوصيف الذي استثمرته كامل الحركات الجهادية في استباحة الدماء، حتى بين المسلمين أنفسهم.

بالتالي إذا كانت حركة الإخوان ترى نفسها أنها هي الإسلام فمن هم بقية المسلمين؟ وإذا كان الدين الإسلامي والمجتمع الإسلامي لم يرضخ لأوهام الإخوان المسلمين فمن هم الاخوان المسلمون اليوم؟

وهل يمكن أن يكون توصيف الإخوان كـــ طائفة هو الأقرب إلى المنطق والعقل؟ خصوصاً أن المنظومة الإخوانية، هي منظومة نافية للكل، وسواء تفرقت أم اجتمعت هذه الجماعة، فكلها عملياً تجلس على مائدة واحدة، وكلها تقوم وفق قاعدة واحدة، بأخلاقياتها وقيمها السياسية والدينية من خلال احتكار مفهومي الدين والسلطة معاً.

فنحن اليوم نجد أننا أمام فكرة الأيديولوجيا المكتملة لهذه الجماعة، من خلال فكرة استبدال الإسلام بمسمى الإخوان، واستبدال السيرة النبوية بالسيرة الإخوانية، وغير ذلك ثمة مقاربة قريبة، تجعلنا نرى الصورة بشكل أوضح، ففي معرض رؤيتنا لتاريخ حركة حماس الإخوانية، سوف نشاهد مسألة مطابقة تماماً لما نصبو إليه في مشاهدة هذه المقاربة. فالقضية الفلسطينية كانت تقوم على ثلاثة مصطلحات يومية متداولة في وسائل الإعلام العربية أو حتى الأجنبية، والمصطلحات هي (فلسطين، الشعب الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية) ولكن منذ مجيء حركة حماس ومنذ أكثر من ثلاثة عقود، فلو ذهبنا إلى منشورات حركة حماس، وخصوصاً كل ما يقوله قادتها عبر الإعلام فسوف نجد أن حركة حماس تستخدم العبارات التالية (غزّة، حماس، المقاومة)، وهكذا استبدلت حركة حماس المصطلحات الرئيسية التي كانت تختصر القضية الفلسطينية، وأصبح المتداول اليوم هو(غزة، حماس، المقاومة) فما الذي نفهمه من ذلك؟

إنه التكرار الذي يدخل إلى الوجدان لا العقل، بحيث تتكرر مسألة الإيحاء، من خلال المؤثرات التي تترافق مع الأحداث اليومية، بوجود محتوى إعلامي شعبوي تضخه مؤسسات كثيرة بقصد تصدير مشهد (حماس_الإخوان) في محاولة اعتبارهم أنهم هم الرافعة وهم أيضاً المظلومية، بهدف إعادة إنتاج مكونات هذه الجماعة من جديد.

العربية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية