الإخوان المسلمون: مظلومية لا تنتهي وتزييف للحقائق والتاريخ

الإخوان المسلمون: مظلومية لا تنتهي وتزييف للحقائق والتاريخ


25/06/2020

في الذكرى الأولى لرحيل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، لجأت جماعة الإخوان المسلمين إلى رفع شعار المظلومية، وهي تمارس طقساً كربلائياً جديداً، وبتوظيف درامي مكرور، مستغلةً هذه الذكرى لتواصل تحقيق مكاسب سياسية.

تجاهلت الجماعة تماماً أنّ عزل مرسي جاء في أعقاب ثورة شعبية عارمة، بعد فشله الذريع في إدارة الدولة، ومحاولات جماعته الهيمنة وتحقيق التمكين، لكنّها لجأت كعادتها إلى الإنكار وقلب الحقائق.

من تركيا، شنّ الإخواني الهارب، جمال حشمت، هجوماً على معارضي الرئيس السابق، ولامه على "عدم التصرف معهم بحسم يليق بما تربّوا عليه"، على حد وصفه، متهماً كل من عارضوا الإخوان بـ"العمالة للخارج"، ودافع عن جميع قرارات مرسي كدعوة البرلمان، رغم حل المحكمة الدستورية له، معللاً ذلك بوجود سوابق في عهد مبارك! هكذا أصبحت الجماعة تدلل على صحة مواقفها بالقياس على قرارات مشابهة اتخذها من يدعون الانقلاب على سياساته!

تجاهلت الجماعة تماماً أنّ عزل الرئيس الإخواني مرسي جاء في أعقاب ثورة شعبية عارمة

وفي مغالطة أخرى، قال الإخواني سيد توكل: إنّ إسرائيل كانت تفكر ألف مرّة قبل أن تشنّ أي هجوم على قطاع غزة، في ظل وجود الرئيس الإخواني محمد مرسي، متناسياً أنّ إسرائيل شنّت في عهده أعنف هجوم على القطاع، والمتمثل في عملية عمود السحاب، في العام 2012!

وفي السياق نفسه قال الإعلامي الإخواني حمزة زوبع إنّ "الذين لاموا مرسي على عدم استخدام البطش ضد معارضيه، لم يعرفوا أنّه أراد بناء دولة لا سلطة"، ومن الواضح أنّ الإخوان كالعادة يراهنون على ضعف ذاكرة الشعوب! إذ كيف تناسى زوبع موجات العنف المسلح الذي مارسته الجماعة طيلة حكم الإخوان؟ ومن ينسى حرب الشوارع الممنهجة ضد المعارضة، والتي بلغت ذروتها عند قصر الاتحادية؟

لعبة تزييف التاريخ وقلب الحقائق

في محاولاتها الرامية إلى تزييف الوعي، تسعى جماعة الإخوان إلى الإحالة على التاريخ، وفق قراءة انتقائية، تبرر من خلالها صحة مواقفها، وإذا لم تجد في هذا التاريخ ما تنتقيه، فإنّها تعمد إلى التزييف والاختلاق.

في برنامجه "مصر النهار ده"، على قناة مكملين، عمد الإخواني محمد ناصر إلى تمجيد الدولة العثمانية "بالمطلق"، كعادة مؤيدي أردوغان، باستضافة الداعية الإخواني، شريف عبادي، الذي ادّعى أنّ السلطان العثماني، سليمان القانوني، أنقذ المدينة المنورة، وقضى على الحملة البرتغالية التي استهدفتها في العام 1524، بعد فشل دولة المماليك في التصدي لها!

حركة النهضة تتبع استراتيجية جديدة تعتمد تهديد استقرار الحكومة في حال تعرّضت للنقد داخل البرلمان!

مجموعة المغالطات التاريخية التي حفلت بها الحلقة، تجعل المرء مندهشاً من جرأة هؤلاء، وقدرتهم على الاختلاق، فدولة المماليك التي يدّعي عبادي فشلها في مواجهة حملة العام 1524، سقطت من الأساس في العام 1517، ولم يعد لها وجود، والتاريخ الذي جاء به عبادي، لا علاقة له بالحملة البرتغالية على المدينة المنورة، والتي جاءت في أواخر عهد السلطان المملوكي قنصوه الغوري، حيث نزل البرتغاليون في ينبع، وردّ الغوري بأن هدد بتدمير الأماكن المقدسة المسيحية في فلسطين.

كما قام رئيس دير سانت كاترين بإيعاز من الغوري برحلة إلى أوروبا، وطلب من البابا منع البرتغاليين من استفزاز المسلمين دينياً، فامتنعت أوروبا عن دعم الحملة، وحاول البرتغاليون الاستيلاء على جدة، لكن الحملة فشلت في النهاية بسبب ريح عاصفة، هبت من جهة الحجاز فمزقت أشرعة السفن، كما يؤكد المؤرخ الدكتور فالح حنظل، بالإضافة إلى خسائر الحملة في عدن، كما يقول المؤرخ اليمني الشيباني الزبيدي في كتابه "قرّة العيون بأخبار اليمن الميمون"، ودون أيّ تدخل من سليمان القانوني، والذي انحصر الصراع بينه وبين البرتغاليين في منطقة الخليج ومدخل البحر الأحمر فيما بعد، في السيطرة على الموانئ التجارية.

وفي سياق تزييف التاريخ، وفي معرض اعتراض الإخوان على بيان الكنيسة الأخير، الذي رفض وضع صورة أحد الأساقفة إلى جوار صورة المرشد العام للجماعة على غلاف إحدى الدوريات، ادّعى عز الدين الكومي أنّ المرشد الراحل عمر التلمساني، قام بوأد فتنة الزاوية الحمراء الشهيرة، مشيداً بمواقف الإخوان في حماية الأقباط، مدّعياً تشكيل لجان شعبية لحماية الكنائس إبّان ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وما أعقبها من أحداث.

في المغرب فشل حزب العدالة والتنمية الإخواني في الانتخابات الجزئية لشغل مقعدين شاغرين بمجلس المستشارين

وكالعادة، تناسى الكومي أنّ الجماعة هي من قامت بالحشد ضد الأقباط في حادثة الزاوية الحمراء، والعدد (63) تموز (يوليو) 1981 من مجلة الدعوة التي تصدرها جماعة الإخوان المسلمين، خير دليل على ذلك، لما حفلت به من تحريض وتجييش ضد الأقباط، وتناسى أنّ جماعته حشدت أنصارها من المناطق الشعبية لمهاجمة الأقباط أثناء أحداث ماسبيرو، تشرين الأول (أكتوبر) 2011، وأنّ الكنائس كانت الهدف الأول لمسلحي الإخوان عقب أحداث ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013.

إخوان تونس.. ابتزاز الحكومة ومهاجمة المعارضة

في تونس، واصلت حركة النهضة الإخوانية ابتزاز رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، في محاولة للضغط عليه، للحصول على تأييد مطلق منه، واستشاطت الحركة غضباً، حينما وجّه الفخفاخ نقداً إلى رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي، في أحد الحوارات، حيث عقد المكتب التنفيذي للحركة، مساء الخميس 18 حزيران (يونيو) الجاري اجتماعاً، أبدى فيه استياءه من بعض ما ورد في الحوار الأخير لرئيس الحكومة، من حديث عن مجلس نواب الشعب ورئيسه، رئيس الحزب الأكبر المزكّي للحكومة، على حد تعبير البيان، وفيه كرّرت الحركة تمسّكها بتوسيع الحزام السياسي للحكم.

وفي السياق نفسه، قال عضو المكتب التنفيذي والمسؤول عن مكتب الإعلام والاتصال بالحركة، العجمي الوريمي، إنّه "من غير الطبيعي أن تحرص جميع الأطراف على دعم رئيس الحكومة، وتستهدف رئيس البرلمان ورئيس الحزب الأول فيه"، مؤكداً "استحالة تحقيق استقرار حكومي دون استقرار برلماني"، ما يعني أنّ النهضة تتبع استراتيجية جديدة، تعتمد على تهديد استقرار الحكومة، في حال تعرّضت للنقد داخل البرلمان!

من جانبه قال رئيس كتلة النهضة، نور الدين البحيري: "من المفروض أن يتحلى رئيس الحكومة بالقليل من التواضع والاستعداد للحوار"، مؤكداً إصرار النهضة على إحداث تغيير حكومي.

من جهة أخرى، واصلت حركة النهضة التفرّغ لمهاجمة الحزب الدستوري بشكل عنيف، حيث وصف عضو المكتب السياسي لحزب حركة النهضة، النائب محمد القوماني، الحزب الدستوري بأنّه "حزب نشاز"، وقال البحيري إنّ "عبير موسي أداة لدى "قوى إقليمية" تريد ضرب الثورة، بينما طالب رفيق عبد السلام، عضو تنفيذي النهضة وصهر الغنوشي، المعارضة بترك تونس للنهضة قائلاً بشكل صريح: "اتركوا لنا تونس والوطن.. اتلهوا في حوايجكم"!.. وواصل: ''أنصح اللّي عنده مؤامرة لإلغاء النهضة أن يتخلص منها، الحركة حقيقة حلوة لتونس، ومن يعتبر وجودها حقيقة مُرّة، عليه أن يتعايش مع الواقع، لأنّه لا أحد بإمكانه إبعادها... نحن المكوّن الرئيسي للمشهد السياسي في تونس، لا أحد يمكنه تجاوز حركة النهضة"!

في المغرب استماتة لتبرير هزيمة انتخابية

في المغرب، جرت انتخابات جزئية يوم الخميس 18 حزيران (يونيو) الجاري، لشغل مقعدين شاغرين بمجلس المستشارين، بكلٍّ من جهة الشرق وجهة كلميم واد نون، وفي كلتا الدائرتين قدّم حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، مرشحاً له، إلا أنّه لم يظفر بأيّ واحد منهما.

وعلّق حزب العدالة والتنمية على هذا الفشل بأنّ هذه الانتخابات تتعلق بهيئة ناخبة محددة ومحدودة، وليست مفتوحة أمام المواطنين، وعليه، وفقاً لادّعاءات الحزب، فإنّ الهيئة الناخبة تتكوّن من الناخبين الكبار؛ أي إنّه تصويت غير مباشر.

من جانبه، زعم الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة كلميم واد نون، عبد الله النجامي، أنّ "الانتخابات الجزئية للمقعد الشاغر بمجلس المستشارين بجهة كلميم واد نون، حقق خلالها الحزب أهدافه السياسية، والتي على رأسها تأكيد استقلالية قراره السياسي، ورفضه للتحكم أو جعله أداة بيد آخرين"، وأنّه "نجح من خلال هذه الانتخابات في فضح كل الاصطفافات المشبوهة المدعومة من طرف لوبي الفساد بالجهة".

تناقضات في ليبيا ومغالطات في السودان

في ليبيا، عندما سأل محاور موقع "ميدل إيست"، رئيس حزب العدالة، الذراع السياسي للإخوان في ليبيا، محمد صوان، حول جدوى رفضه وصف العدالة والبناء بفرع لجماعة الإخوان المسلمين، مع أنّه عضو فيها، ردّ الأخير، بأنّ "حزب العدالة والبناء يقبل بكل من يؤمن بالعملية السياسية الديمقراطية؛ وأنّ جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل أكثر من 20 بالمئة من قيادات الحزب"، مدّعياً أنّ "الإخوان المسلمين مسجّلون قانونياً في ليبيا، ولديهم أنشطة خيرية، لكنهم لا يمارسون السياسة"! من المستغرب هذا الادعاء بعدم ممارسة الإخوان السياسة وهم يشكّلون 20 بالمئة من قيادات أحد الأحزاب المنخرطة في العملية السياسية، بل والعسكرية على محاور القتال المختلفة.

وفي السودان، شنّ المراقب العام للإخوان المسلمين، عوض الله حسن سيد أحمد، هجوماً حاداً على مصر، واصفاً وفاة مرسي "بجريمة القتل العمد، لكسر إرادة المصريين، للتخلص من الرئيس الذي جاهد قوى الفساد في الدولة العميقة، وسعى إلى تحقيق الاكتفاء من السلع الاستراتيجية، وردّ بأس الصهاينة في فلسطين"!

متناسياً أنّ إرادة المصريين هي التي عزلت مرسي، وأنّ من يقرأ رسالة الرئيس الإخواني الشهيرة إلى نظيره الإسرائيلي آنذاك شيمون بيريز، يعرف كيف كانت العلاقات بينه وبين هذا الكيان الذي يروج الإخوان في كل مناسبة معاداته!


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية