الأزهر يرد على "صدام الحضارات" بندوة عن تكامل الإسلام مع الغرب

مصر

الأزهر يرد على "صدام الحضارات" بندوة عن تكامل الإسلام مع الغرب


25/10/2018

إشكالية العلاقة بين الإسلام والغرب، وحقيقة الدعاوى التي تقرّ بوجود صدام بينهما، كانت في صلب اهتمام الندوة العالمية التي دشنها الأزهر في القاهرة أخيراً بعنوان "الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل"، بحضور 13 رئيساً ورؤساء وزراء سابقين من قارتي آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى نخبة من القيادات الدينية والفكرية والسياسية في مختلف دول العالم.

المرجع الشيعي اللبناني السيد علي الأمين: القومية المتطرفة أحد مظاهر التشدد وتعكس عصبية وعنصرية تنبذهما الأديان

وجمعت الندوة رئيس الوزراء البلجيكي السابق، إيف ليتريم، ورئيس جمهورية ألبانيا الأسبق، رجب ميداني، والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، والسيد علي الأمين، المرجع الشيعي اللبناني، والدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، وجرت خلال الندوة حوارات معمقة شهدت "حفريات" جزءاً منها، تناولت الصور النمطية ووصم الإسلام والشرق بالعصبية والتطرف والإرهاب، في مقابل الغرب والمسيحية، ممثل الحضارة والانفتاح والحرية، ومن ثم، اعتبارهما في خصومة حتمية وتناقض تام مع الشرق والإسلام.

كلمة شيخ الأزهر، أحمد الطيب رأت في مزاعم الصدام دعاية تحريضية، لعبت السياسة دوراً جماً فيها؛ منذ قام المستشرق الإنجليزي، برنارد لويس، بإطلاق فكرة "صدام الحضارات"، بحسب الطيب، في العام 1957، غداة تأميم مصر لقناة السويس، بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتعرض الشعب المصري للعدوان الثلاثي العام 1956.

شيخ الأزهر أحمد الطيب أثناء افتتاح ندوة "الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل"

شيخ الأزهر يفند آراء برنارد لويس

الطيب رأى أنّ المستشرق الإنجليزي عاود طرح الفكرة ذاتها، في العام 1990، وهو بصدد الحديث عن العالم العربي والإسلامي، ليؤكد حتمية الخصومة التاريخية والمعرفية بين الحضارتين، وضرورة الصدام والصراع بينهما. وأورد الطيب في خضم حديثه عن المستشرق الإنجليزي بعض ما جاء في مؤلفاته؛ مثل: "إنّ صدام الحضارات هو مظهر مهم للعلاقات الدولية الحديثة".

اقرأ أيضاً: هل يستطيع الأزهر تجديد الخطاب الديني؟

رمت الندوة، التي تضمنت ثماني جلسات، إلى تجاوز الرؤى السطحية والصور النمطية، والمقولات الرائجة والمواقف المسبقة الجاهزة، فيما يتعلق بواقع الإسلام والمسلمين، بغية الوصول إلى فهم مشترك بين حضارتي الشرق والغرب، وحياة أكثر استقراراً وسلاماً للشعوب في العالمين، عبر الحوار الموضوعي والنقاش على أسس علمية، ونبذ النظرة الاتهامية التي تروّجها بعض وسائل الإعلام، لربط التطرف والإرهاب بالإسلام.

جانب من الحضور في ندوة الأزهر

وبحسب شيخ الأزهر، فإنّ أديان وحضارات الشرق، ليست لديها أية مشكلة مع الغرب، سواء أخذنا الغرب بمفهومه المسيحي، المتمثل في مؤسساته الدينية الكبرى، أو بمفهومه كحضارة علمية مادية، "وذلك من منطلق تاريخ الحضارات الشرقية ومواقفها الثابتة، في احترام الدين والعلم أياً كان موطنهما، وكائناً من كان هذا العالم".

اقرأ أيضاً: علماء شكلوا علامة فارقة في تاريخ الأزهر..هل تعرفهم؟

وأكد الطيب أنّ "انفتاح الأزهر الشريف على كل المؤسسات الدينية الكبرى في أوروبا حـديثاً، والتجـاوب الجـاد المسـؤول من قبـل هـذه المؤسسات الغربية، يعد أقوى دليل على إمكانية التقارب بين المجتمعات الإسلامية، في الشرق والمجتمعات المسيحية في الغرب، وأنّ هذا التقارب حدث ويمكن أن يحدث".

نمط من الهوية المفتوحة

رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، الدكتور سمير بو دينار أكد في كلمته أنّ الأزهر أضحى "منتدى عالمياً للحوار"، عبر تلك اللقاءات التي يدعى لها أهل العلم والنظر للتحاور، ووضع حلول للقضايا الملحة، التي باتت تواجه الإنسانية في عالمنا المعاصر.

ندوة الأزهر دعت إلى تجاوز الرؤى السطحية والصور النمطية والمقولات الرائجة فيما يتعلق بواقع الإسلام والمسلمين

وطالب بضرورة الاعتراف، بأنّ هناك اليوم أصواتاً أوروبية كثيرة، تتسم بقدر كبير من الحكمة والرشد، وتدعو إلى نمط من الهوية المفتوحة، على سياق متعدد تغتني بالروافد الثقافية والفكرية والمجتمعية المتعددة؛ ومنها، الثقافة الإسلامية، باعتبارها مكوناً أصيلاً في تشكيل هذه الهوية الغربية.

غير أنّ "واقع الثقافة الأوروبية، اليوم، يتجه نحو الانكفاء على الذات، بدلاً من الانفتاح على الآخر"، بحسب دينار، وذلك على عكس الحضارة الأوروبية التي تشكلت من خلال الاستفادة من الحضارة الإسلامية والفلسفة اليونانية، حيث عبرت مؤلفات ابن رشد إلى أوروبا، لتساهم في تشكيل الهوية الثقافية الأوروبية، وما يزال التأثير الثقافي الذي يشكله الإسلام، وحمله المسلمون إلى أوروبا مستمراً، ومن ثم، فإنّ مفهوم الاندماج في أوروبا، أصبح مصطلحاً معقداً بامتياز، ويثار حوله الكثير من التساؤلات، بغير إجابة ويحيطه الغموض.

اقرأ أيضاً: متحف مصري للتسامح يسرد التكامل بين الأديان لمحاربة التطرف

وعن مخاطر رواج "الإسلاموفوبيا"، قال دينار إنها تمثل عائقاً كبيراً، إزاء فرص نجاح الاندماج بين حضارتي الشرق والشرق؛ حيث اعتبرها ليست مجرد ظاهرة خوف عادي من الإسلام، "إنما يصل الأمر إلى حد التخويف الممنهج، الذي تبثه الاتجاهات المعادية للإسلام، في المجال الأوربي، بشكل عام".

شيخ الأزهر أحمد الطيب والسيد علي الأمين

رفض العيش خلف أسوار التعصب

من جانبه، قال عضو مجلس حكماء المسلمين، السيد علي الأمين، إنّ العيش خلف أسوار من التعصب والانغلاق والعنصرية، وتنامي النعرات الطائفية والعرقية، على إثر القومية والشعوبية، بصورتهما العنصرية والطائفية، شيء مرفوض؛ "لأنها تؤدي إلى نشر الكراهية داخل المجتمع الواحد، من جهة، وبين المجتمعات وبعضها البعض، من جهة أخرى"، لافتاً إلى وجود تجارب عكست هذه الصورة السيئة، خلال القرن الماضي.

اقرأ أيضاً: الدالاي لاما يدافع عن الإسلام وجميع الأديان: الأرض بيتنا الوحيد

وفي تصريح خاص بـ"حفريات"، أكد الأمين أنّ "القومية المتطرفة هي أحد مظاهر التشدد، وتعكس عصبية وعنصرية تنبذهما الأديان؛ لأنها تدعو للفرقة والكراهية والطائفية، بينما دعوة الأديان عالمية". ودعا الأمين إلى تجاوز الحدود المغلقة والدوائر الضيقة نحو الآفاق الواسعة، "حيث يتحقق التعايش السلمي المشترك بين جميع البشر، ويكون معيار التفاضل بينهم هو القيم والأخلاق والتعاون".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية