الأردن يستعين بالغطاء الديني لمحاربة الأخبار الكاذبة

الأردن يستعين بالغطاء الديني لمحاربة الأخبار الكاذبة

الأردن يستعين بالغطاء الديني لمحاربة الأخبار الكاذبة


28/09/2023

اعتبر وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني محمد الخلايلة، أن كل من يساعد على بث الفتنة والأخبار الكاذبة بإعادة نشرها وحتى بالضغط عليها بزر الإعجاب (اللايك) "فهو آثم"، في أحدث خطوة للسلطات الأردنية لمحاربة "الأخبار الكاذبة" والمعلومات المزعجة وانتشارها على مواقع التواصل.  

وتستعين السلطات الأردنية بكل الوسائل لمكافحة الأخبار الكاذبة إضافة إلى التقارير المزعجة التي استهدفت الحكومة وتسببت بحرج للعائلة المالكة بسبب عدم قدرتها على السيطرة عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنها شرعت قانون مشدد أثار جدلا واعتراضات واسعة في البلاد.

 وقال الخلايلة، خلال لقاء تلفزيوني أن مواقع التواصل الاجتماعي "ساهمت بتصعيد" خطاب الكراهية بين الناس. واستند إلى الحديث الشريف "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، وكذلك اقتبس الخلايلة مقولة للملك عبدالله الثاني الذي قال إن "وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت وسائل تناحر".

ويواجه مفهوم "خطاب الكراهية" غموضا في معناه وتعدد تفسيراته حسب مرجعيات فكرية متباينة المشارب، ويشير الخبراء إلى اتساع مروحة التعاطي مع المفهوم الذي يقض تعريفه مضاجع المشرعين.

ودعا الخلايلي إلى مواجهة خطاب الكراهية لافتا النظر إلى أن "الإسلام واجهه منذ اليوم الأول".

واتخذت الحكومة الأردنية في الآونة الأخيرة خطوات لكبح جماح الأخبار الكاذبة فيما اعتبرها ناشطون تستهدف حرية التعبير في المملكة، حيث أقرت تشريع جديد يمكن استخدامه ضد منتقدي النظام الملكي وحجب موقع إلكتروني ساخر، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وبينت الصحيفة أن السلطات الأردنية حجبت في يوليو الماضي موقع "الحدود" الساخر، مما جعله الضحية الأحدث في حملة قمع متصاعدة ضد حرية التعبير في البلاد.

وجاء الحجب بعد نحو شهر من نشر الموقع سلسلة مقالات حملت سخرية من الزفاف الملكي لولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، بحسب الصحيفة.

وتزامن ذلك مع تشريع مجلس النواب الأردني قانون الجرائم الإلكترونية، الذي ينص على فرض عقوبة تصل إلى السجن ثلاث سنوات أو غرامة تصل إلى 28 ألف دولار بحق كل من ينشر محتوى "يقوض النظام العام أو يثير الفتنة أو لا يحترم الدين".

ودافع وزير الإعلام الأردني فيصل الشبول عن التشريع الجديد باعتباره ضروريا لمكافحة انتشار "الأخبار الكاذبة" وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال إن العديد من العقوبات كانت موجودة بالفعل في ضوابط تنظيم عمل وسائل الإعلام المطبوعة، لكن لم يتم تطبيقها بعد على ما يجري نشره في الإنترنت.

وأضاف الشبول، الذي أصر على أن القانون سيساعد في الحفاظ على "التماسك الاجتماعي والسلام الداخلي"، أن "هناك جيلا كاملا من الأردنيين الذين يعتقدون أن القذف والتشهير جزء من حرية التعبير".

وفي انتقاد علني نادر للأردن، وصفت الولايات المتحدة القانون بأنه فضفاض للغاية "ويمكن أن يقوض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن".

وقالت جماعات حقوق الإنسان إن القانون يمنح المدعين العامين مزيدا من الصلاحيات لقمع المعارضين وأفراد مجتمع الميم بشكل تعسفي.

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله قال في وقت سابق إن الأردن سيحمي حرية التعبير ويدرس تعديل القانون إذا لزم الأمر، مضيفا أن "الأردن لم يكن أبدا دولة قمعية ولن يكون كذلك أبدا".

لكن المعارضين يقولون أن "الأردن رسم منذ فترة طويلة خطوطا حمراء واضحة لمواطنيه، حيث قام بحجب العشرات من المواقع الإلكترونية ومنع انتقاد النظام الملكي والأجهزة الأمنية".
ومع ذلك فقد تسامحت السلطات أيضا مع قدر ضئيل من المعارضة، بما في ذلك منح الحرية للتحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك لم تقم بسجن المعارضين واكتفت بمضايقتهم فقط.

وقال المدافع عن حرية الإعلام في الأردن نضال منصور إن السلطات الأردنية سمحت منذ فترة طويلة "بهامش من حرية التعبير، لكن يجري حاليا تضييق هذه المساحة شيئا فشيئا".

وفي ديسمبر، حظرت السلطات مؤقتا تطبيق "تيك توك" بعد انتشار مقاطع فيديو للاحتجاجات التي قُتل فيها ضابط شرطة جنوبي البلاد.

ويؤكد صحافيون أردنيون بينهم رسام الكاريكاتير الشهير عماد حجاج، إن الفنانين والصحفيين يواجهون ضغوطا متزايدة من أجل عدم تحدي السلطات أو مواجهة العواقب.

وقال عميد معهد الإعلام الأردني باسم الطويسي إن هناك معضلة على مستوى الدولة في تعريف خطاب الكراهية من ناحية قانونية وأكاديمية، وهذا يشكل لبسا لدى الإعلاميين والمشرعين خشية الخلط بين ما يوصف بخطاب الكراهية وحرية التعبير.

وأوضح أن هناك معنى إجرائيا لخطاب الكراهية؛ إذ هو بالمجمل كل تعبير يلحق الضرر بالآخرين ويحط من قيمتهم المعنوية، إضافة إلى وجود عدة معايير دولية يشتق منها التعبير الإجرائي لخطاب الكراهية.

وأشار الطويسي إلى أن من أبرز تلك المعايير وجود من يقول القول وبأي وسيلة، فهناك فرق بين شخص له تأثير كبير عبّر عن أمر فيه شبهة كراهية، وشخص له تأثير محدود، متسائلا ما أهمية ودائرة تأثير هذا التعبير؟!
واستحضر الطويسي الحرب الطائفية والعرقية في رواندا بوسط أفريقيا مطلع تسعينيات القرن الماضي، والتي سقط ضحيتها نحو مليون إنسان، وقال إن خطاب الكراهية والدور التحريضي الذي مارسته وسائل إعلام، وتحديدا في الإذاعات عام 1994 كان السبب المباشر للحرب، ما دفع الأمم المتحدة إلى عقد محكمة جرائم حرب وفي حالة نادرة كان المدانون فيها من الإعلاميين.

ورأى إن حرب رواندا كانت بداية الانتباه الكبير إلى دور وسائل الإعلام في التحريض واستخدام خطاب الكراهية كأداة من أدوات الصراع السياسي، تبعتها سلسلة من الصراعات في بعض البلدان، ساهمت فيها وسائل الإعلام باستخدام خطاب الكراهية والتحريض لتحقيق مصالح سياسية أو ثقافية أو عرقية على حساب أطراف أخرى.

عن "ميدل إيست أونلاين"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية