الأتراك يستعدون للزحف على الأراضي السورية والسؤال: على الأقدام أم على ظهور الدبابات؟

الأتراك يستعدون للزحف على الأراضي السورية والسؤال: على الأقدام أم على ظهور الدبابات؟


24/07/2021

كلام يحتمل الكثير من التأويلات جاء على لسان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، والكلام كما تناقلته الوكالات، جاء بالحرف”  سنذهب الى العراق وسوريا، سيراً على الاقدام قريباً”، ولا نعرف على وجه الدقة كيف ستكون الرحلة، هل ستكون بدعوة من بشار الأسد، أم ستكون للاحتفال برحيله.

كلام صويلو جاء عبر كلمة ألقاها في مهرجان حضره في مدينة شرناخو وأضاف: “سنكون جميعاً أبناء أقوى وأغنى بلد”، مردفاً أن “السلام في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان والجغرافية الإسلامية والإنسانية والشرق الأوسط هو أيضا مسؤوليتنا”، بحسب تعبيره.

سبق كلام وزير الداخلية التركي أن أطلقت تركيا، في 23 نيسان الماضي، عملية عسكرية جويّة وبريّة ضدّ مقاتلي حزب العمال الكردستاني في منطقة ميتا في إقليم كردستان العراق سمّتها (مخلب البرق – الصاعقة)، ومنذ ذلك الحين ثبّت الجيش التركي 12 نقطة عسكرية تابعة له في تلك المناطق.

وتسبّبت عملية (مخلب البرق – الصاعقة) العسكرية بنزوح سكان ست قرى، وتركت نحو 100 عائلة منازلها، إلى جانب أضرار ماديّة طالت تلك القرى، وإصابة ثلاث مدنيين بقضاء العمادية في محافظة دهوك بجروح.

هذا في العراق، أما في سوريا فالمعلومات تشير إلى وجود22 نقطة عسكرية للجيش التركي، وتدعم انقرة الجماعات المسلحة السورية ضد الجيش السوري وحلفائه، وتحول دون قيام الدولة السورية باستكمال بسط سيطرتها على البلاد، كما ادت توافقات بين تركيا وروسيا الى تحديد منطقة خفض تصعيد واتفاق لوقف اطلاق النار في الشمال السوري وهو ما تنقضه المجموعات المسلحة بين الفينة والاخرى.

القراءة الأكثر جدية تقول بأن تركيا تحضر لعمليات عسكرية واسعة في سوريا، وكان خطاب القسم الذي ألقاه بشار الأسد، وهو خطاب ربما خلا من أي معنى، قد رفع الحملة على تركيا، بما يشير بأن ثمة ما يجعل المنطقة على درجة عالية من احتمال التدهور وصولاً لخيارات عسكرية بالغة التعقيد، تقودها تركيا استكمالاً لمشروعها في سوريا وهو مشروع ربما يمكن اختزال محدداته تحت عنوان:

ما الذي تريده تركيا من سوريا؟

الواضح حتى اللحظة أن ما تُريده تُركيا هو تغيير التركيبة البشرية والهُوياتية في مناطق الحدود، وأن يستمر نفوذ التنظيمات المؤيدة لها في محافظة إدلب.

لتحقيق هذا الهدف شنت تركيا عمليات عسكرية داخل أراضي سوريا خلال السنوات الخمس الفائتة وهي مجموعة من العمليات العسكرية بمُعدل عملية واحدة كُل عامين فكانت الأولى درع الفرات في عام 2016 التي غزت فيها الدبابات التركية الأراضي السورية لأول مرة من عام 2011، فعملية غُصن الزيتون في 2018 التي هدفت إلى إنهاء وجود القوات الكُردية في مناطق الحدود بين البلدين التي انتهت باحتلال تركيا لعدد من المُدن في الشمال السوري، ثم عملية درع الربيع في مارس 2020 التي هدفت لوقف تقدُم الجيش السوري في مُحافظة إدلب وانتهت نهاية فاشلة وقبل الرئيس أردوغان الشروط الروسية لوقف القتال في القمة التي عُقدت بينهما.

وهنا يأتي السؤال

 هل ثمة عملية سادسة واسعة تحملها الأيام المقبلة على الأراضي السورية، وتحت أي مسمى ستكون؟

بالنسبة للتسمية سيكون من السهل على الجيش التركي اختيار الاسم، أما عن العملية ففقد تكون قريبة بل وقريبة جدا، وإذا لم تكن، فلهذا معنى واحد:

سقوط المشروع التركي في سوريا بما حمل هذا المشروع من تكاليف باهضة للخزينة التركية، والجيش التركي، والعنجهية التركية.

تركيا لن تقع في الحيرة إزاء عمل عسكري على الأراضي السورية، فالفصائل والتنظيمات العسكرية في سوريا هي خليط من الجماعات الدينية المتطرفة والحركات الإرهابية وبعضها يتكون من مقاتلين مرتزقة ويؤكد هذا أن تركيا نقلت أعدادا منهم إلى ساحة قتال أخرى بعيدة عن سوريا وهي ليبيا، وهذا يعني أن الأدوات متوفرة، والوكيل قد ينوب عن الأصيل.. وهذه حقيقة.

الحقيقة الثانية هي تغيير التركيبة البشرية والهُوياتية في مناطق الحدود، والتغيير حصل وإن لم يكن كليًا فقد حصل جزئيًا وليس من الحكمة الإنكار.

الحقيقة الثالثة، هي أن  وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية التي يُمثل الأكراد قوامها الرئيسي، ارتفعت أسهمها فقد حاربت هذه القوات بشراسة في معركة تحرير مدينة عين العرب (كوباني) من سيطرة داعش في 2014 وفي تحرير مدينة الرقة التي كان التنظيم أعلنها عاصمة له، في 2017.

أما الحقيقة الأكثر رسوخًا فهي  أن النظام السوري المتهالك، لن يكون قادرًا اليوم على خوض أية مواجهة عسكرية وقد هدّت المجاعة أفراد جيشه، فيما تحوّل الشارع السوري بما فيه الشارع المؤيد إلى شارع رافض لنظام الأسد، الذي لم يتبق منه سوى عصابة من بين جملة من العصابات ليس هو أقواها، وإذا كان ثمة عوائق لزحف الأتراك على المناطق السورية قضمًا وضمًا فالعائق قد يكون عائقًا روسيا، ومن السهل على الأتراك إزالة هذا العائق وفق تسويات مابين الطرفين تأتي تحت عنوان:

 تقاسم النفوذ

خذوا الساحل والموانئ وهاتو النفط والأرض.

والبازار مفتوح، فيما يبتهج بشار الأسد برحلات الشاورما في حي الميدان الدمشقي، ربما لوهم انتصار تحقق تكون الصفقة قد أنجزت.

لاندري متى سيكون الزحف التركي، وهل سيكون على الأقدام كما يقول وزير الداخلية التركي، أم على ظهور الدبابات؟

لانعلم.. لانعلم.. لانعلم.

عن "مرصد مينا"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية