استخبارات فرنسا ترفع السرّية عن تقرير صادم حول تنظيم الإخوان

استخبارات فرنسا ترفع السرّية عن تقرير صادم حول تنظيم الإخوان

استخبارات فرنسا ترفع السرّية عن تقرير صادم حول تنظيم الإخوان


21/05/2025

بعد مرور ما يقرب من قرن من الزمان على تأسيس جماعة الإخوان، بات من الواضح أنّ فرنسا أصبحت بمثابة بوابة واسعة مفتوحة لنفوذ التنظيم الإرهابي، وذلك وفق تقرير وُصف بالصادم جداً، قدّمته الاستخبارات الفرنسية لوزير الداخلية برونو ريتيللو، ورُفعت عنه السرّية أمس الثلاثاء.

والتقرير الحكومي المُذهل الذي جاء بعنوان "الإخوان المُسلمون والإسلام السياسي في فرنسا"، وطلبت إعداده قبل نحو عام وزارات الخارجية والدفاع والداخلية، يرسم عبر 73 صفحة وثّقتها أجهزة الاستخبارات، صورة صارخة لبلد بات مُهدداً من الداخل بسبب تغلغل أخطبوط الإخوان لإحكام قبضته على الدولة والمُجتمع.

منظمات وجمعيات ومدارس

وكشفت وثائق التقرير عن "شبكة كبيرة من المستوطنات الإخوانية" في فرنسا، عبر 139 مركزاً فكرياً ودينياً تابعة مباشرة للتنظيم الإرهابي رغم نفيه، بالإضافة إلى 68 جمعية دينية قريبة من الإخوان، مُوزّعة على 55 مقاطعة، تُمثّل في مجموعها نحو 7% من أصل 2800 مكان عبادة إسلامي مُسجّل على التراب الوطني، ولا تُثير غالبيتها في المُقابل أيّ شُبهات تطرّف أو إرهاب. ويتواصل مع المراكز والجمعيات التابعة للإخوان، ما يزيد عن 90 ألف شخص، ويُقدّر عدد القياديين منهم بما بين 400-1000 شخص.

وعلى الرغم من أنّ اتحاد المنظمات الإسلامية التابع للإخوان في فرنسا، يزعم أنّه مُرتبط بـِ 53 جمعية فقط، إلا أنّ التقرير الذي تمّ رفع السرية عنه، يكشف وجود 280 جمعية مرتبطة بالحركة، تعمل في العديد من القطاعات المحيطة بحياة المُسلمين الخيرية والتعليمية والمهنية والشبابية والثقافية، وحتى المالية، بالإضافة للدينية.

وينتمي للإخوان كذلك مجموعة قوية من المدارس الطائفية، والمؤسسات الخيرية المزدهرة، ومجموعة قوية من الوعاظ والدّعاة. ويبدو أن قطاع التعليم يُمثّل أولوية الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان، إلى درجة تميّزه عن نظرائه الأوروبيين، حيث تمّ تحديد 21 مؤسسة تعليمية مرتبطة بحركة الإخوان، وتُتهم بوجود مناهج يتعارض محتواها مع العلمانية وقيم الجمهورية.

مُؤثّرون ودُعاة

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تسود ديناميكية الوعظ عبر المُؤثّرين الذين غالباً ما يكونون البوابة الأولى لتغلغل الإخوان، وأصبحوا حلقة الوصل بين الأيديولوجيات الإسلامية والشباب الأوروبيين الناطقين بالفرنسية، والذين يتم استقطاب المزيد منهم.

والتقرير يدق ناقوس الخطر بشأن "نشاط جيل جديد من الدُّعاة، الذين غالباً ما يتدرّبون على يد القادة الدينيين الأوائل للحركة، مما يُشكّل عاملاً رئيسياً في انتشار الإسلاموية عبر منصّات التواصل الاجتماعي، حيث يلتقون بجمهور واسع". ومن بين نحو 20 مؤثراً على هذه المنصّات، يستشهد التقرير بناشط إسلامي قريب من طارق رمضان، هو مروان محمد، المدير السابق للتجمّع ضدّ الإسلاموفوبيا في فرنسا، والمُقيم حالياً في كندا.

هجوم على مدى 70 عاماً

ويُذكّر التقرير، أنّ هجوم الإخوان في فرنسا وأوروبا بدأ منذ نحو 70 عاماً، من خلال الجماعات المُهاجرة التي تعرّضت للقمع في العالم الإسلامي منذ الخمسينيات، حيث استقر أول أعضاء جماعة الإخوان القادمين من الشرق الأوسط في بريطانيا وألمانيا وسويسرا، ولاحقاً في بلجيكا وفرنسا وإيطاليا.

ويُمكن تفسير التقدّم الملحوظ للإخوان في السنوات الأخيرة في فرنسا وأوروبا، بحقيقة مفادها أنّ "جماعة الإخوان صممت منذ البداية مصفوفة الإسلام السياسي المُعدّلة لكي يتم إنشاؤها في الغرب"، فمُنذ بدايات التأسيس، تصوّر الإخوان باعتباره نظاماً متكاملاً يحكم جميع مجالات الحياة الإسلامية، بما يتجاوز المجال الديني المحض.

وبالنسبة لحسن البنا، مؤسس الإخوان المسلمين عام 1928 في مصر، فإنّ "الإسلام هو الحل للغزو العسكري والسياسي والعرقي والاجتماعي من الغرب"، وهو يطرح نظرية "استراتيجية الغزو الغربي"، قائلاً: "سنُطارد هذه القوة الشريرة حتى أراضيها، ونغزو قلبها الغربي، ونُقاتل من أجل هزيمتها حتى يصرخ العالم".

وبحسب التقرير، فإنّ "مصفوفة الإسلاموية التي يفرضها الإخوان، والتي تنبع من أيديولوجية سياسية تم تغريبها ليتم زرعها في أوروبا، تجمع بين تثاقف التقاليد الشرق أوسطية في بلدان الزرع والإخفاء التكتيكي للأصولية التخريبية".

سياسة التخفّي والإسلاموفوبيا

ويُنبّه التقرير الاستخباراتي، إلى أنّ استراتيجية تأسيس جماعة الإخوان تعتمد في نهاية المطاف على التخفّي، والسعي إلى الشرعية، وإدانة الإسلاموفوبيا، وتعتمد هذه الجماعة، التي ينضم إليها الأعضاء بعد اتباع "عملية من 10 خطوات"، على مبدأ السرّية.

ويرى مُعدّو التقرير أنّ "جماعة الإخوان، التي تفقد نفوذها في العالم العربي الإسلامي، تُركز نشاطها في أوروبا". وبالتالي فإنّ نفوذها "يتراجع باستمرار في شمال أفريقيا والشرق الأوسط".

الاستعداد لمُواجهة الإخوان

وفي مسعى لاستعادة السيطرة، تُريد الدولة الفرنسية إثارة "الوعي بتأثيرات الإسلام السياسي في فرنسا". لكن وفي مُواجهة الاختراق الذي حققته حركة الإخوان داخل المُجتمع، فإنّ "تصرفات السلطات الحكومية محدودة ولا تزال تُواجه فهماً غير كاف لظاهرة الإخوان"، بحسب التقرير.

وقبل الاستعداد للردّ والمُواجهة، يُوصي التقرير بالتوعية. فأولاً، يتعلق الأمر بتحديد واضح لمصطلحات الإسلام السياسي، لأنّ "تعريف الانفصالية" لا يعكس بشكل كاف الطبيعة التخريبية والخفية للمشروع الذي تتبنّاه جماعة "الإخوان".

وثانياً، وبهدف "تحذير الرأي العام"، يقترح مُعدّوا التقرير أن تُقدّم أجهزة الاستخبارات تقريراً "إلى البرلمان كل عامين حول حالة التهديدات التي تُواجه الأمن الوطني"، بالإضافة لإجراءات أخرى كثيرة.

موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية