اتفاق تصدير الحبوب على المحك... أي أزمة جديدة تنتظر منظومة الغذاء العالمي؟

اتفاق تصدير الحبوب على المحك... أي أزمة جديدة تنتظر منظومة الغذاء العالمي؟

اتفاق تصدير الحبوب على المحك... أي أزمة جديدة تنتظر منظومة الغذاء العالمي؟


02/05/2023

يواجه اتفاق تصدير الحبوب الموقّع بين روسيا وأوكرانيا في تموز (يوليو) الماضي العديد من التحديات، التي قد تفشل محاولات استكماله في الوقت الراهن، ممّا يعني أنّ عدداً كبيراً من دول العالم على موعد مع أزمات جديدة تتعلق بنقص المواد الغذائية وارتفاع أسعارها، ففي حين تتواصل الجهود الأممية والدولية من أجل تأمين عبور الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، تتصاعد وتيرة التصعيد بين روسيا وأوكرانيا، وتعكس التصريحات المتبادلة بين المسؤولين بالدولتين مؤشرات سلبية حول الاتفاق المهدد بالانهيار في أيّ لحظة.

ومنذ آذار (مارس) الماضي يعاني الاتفاق الموقع بين موسكو وكييف، برعاية أممية، حالة من الضبابية، في ضوء الرفض الروسي لاستكماله، لمدة تزيد عن (60) يوماً إضافياً، فيما تسعى الأمم المتحدة وتركيا لإقناع الجانب الروسي بالمضي قُدماً نحو تمديد الاتفاق، الذي يُعدّ شريان حياة لعدد كبير من الدول التي تعتمد على الحبوب الأوكرانية كمصدر أساسي وربما وحيد لتوفير الغذاء لمواطنيها.

وفي آخر التطورات، أكدت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، الخميس الماضي، أنّ موسكو لا تعتبر تنفيذ اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود مُرضياً، وأوضحت في مؤتمر صحفي أنّه لا يمكن إنقاذ الاتفاق إلا من خلال تنفيذه بصورة كاملة، وأنّه ليس "مائدة يمكنك الاختيار منها"، كما أشارت إلى أنّ جهود الأمم المتحدة لإنقاذ الاتفاق ليست كافية.

روسيا تعلن إنهاء الاتفاق

وكانت روسيا قد أعلنت قبل أيام عدم القبول بتجديد الاتفاق الذي ينتهي يوم 18 أيار (مايو) الجاري، وبدءاً من هذا التاريخ لن تقبل موسكو بمرور أيّ سفن حبوب أخرى، فيما تتواصل الجهود الأممية لتمديد الاتفاق أو تدشينه وفق صيغة جديدة.

يعاني الاتفاق الموقع بين موسكو وكييف، برعاية أممية، حالة من الضبابية

وطبقاً لمقتطف من رسالة اطلعت عليه وكالة "رويترز"، فإنّ روسيا قالت: إنّه "استناداً إلى التاريخ المتوقع لإنهاء المبادرة، فإنّ السفن الجديدة لن تُسَجَّل سوى "بعد تلقي ضمانات من مالكي السفن للسماح لها باستكمال مشاركتها في المبادرة" بحلول 18 أيار (مايو).

وأضافت روسيا في الرسالة أنّ "هذا سيتيح تفادي وقوع خسائر تجارية ومنع مخاطر السلامة المحتملة".

طريق أممي

ضمن جهود الأمم المتحدة لتمديد الاتفاق من أجل احتواء أزمة محتملة، اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اتباع طريق من أجل إتاحة تمديد الاتفاق الخاص بصادرات الحبوب الأوكرانية، حسبما قال مكتبه بعد اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وسلّم غوتيريش لافروف، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط"، رسالة إلى الرئيس فلاديمير بوتين تُحدد خطوط طريق يجب اتباعها، تم اقتراحها من أجل تحسين وإطالة وتوسيع الاتفاق الذي سمح منذ تموز (يوليو) الماضي بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود رغم الحرب.

دعت مجموعة الدول الـ (7) الصناعية الكبرى إلى "التمديد والتنفيذ الكامل والتوسع في اتفاق مهم لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود"، حسب ما جاء في بيان لوزراء الزراعة بالمجموعة

وأُرسِلت رسالة مماثلة إلى الموقّعَين الاثنين الآخرين على هذا الاتفاق الذي يُعتبر ضرورياً للأمن الغذائي العالمي؛ أي أوكرانيا وتركيا، وقال مكتبه إنّ غوتيريش أخذ علماً بقلق الاتحاد الروسي لناحية أثر تطبيق الاتفاقية على صادراته من المواد الغذائية والأسمدة، وقدّم تقريراً مفصّلاً عن التقدّم المحرز في هذا الصدد.

وأضاف المكتب أنّ الأمم المتحدة ستواصل عملها من أجل حل المشكلات المتبقية، لكنّ لافروف قال في بيان أصدره مكتبه إنّه حتى الآن لم يحصل تقدّم كبير، مبدياً أسفه لغياب الاستعداد لدى الدول الغربية لفعل ما هو ضروري حقاً كي تُنفّذ بنجاح الاتفاقية بشقيها. وأضاف: "سندرس الأفكار التي قدّمها لنا الأمين العام".

وأعرب غوتيريش، كما نقلت عنه وكالة "الصحافة الفرنسية"، عن مخاوفه بشأن العقبات الحديثة التي واجهها في عمله اليوم داخل مركز تنسيق الاتفاق الذي يضم ممثلين عن الأطراف الـ (4): (أوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة وتركيا)، إذ تم الأسبوع الماضي مؤقتاً تعليق عمليات تفتيش السفن المحملة بالحبوب الأوكرانية.

مجموعة الـ (7) تُحذّر من السيناريو الأسوأ

من جهتها، دعت مجموعة الدول الـ (7) الصناعية الكبرى الأحد 23 نيسان (أبريل) الماضي إلى "التمديد والتنفيذ الكامل والتوسع" في اتفاق مهم لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، حسب ما جاء في بيان لوزراء الزراعة بالمجموعة نشرته "العربية".

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

وقال البيان الذي صدر عقب اجتماع استمر يومين في ميازاكي باليابان: إنّ وزراء الزراعة في مجموعة الدول الـ (7) يدركون أهمية الاتفاق، وقالوا: "نؤيد بشدة التمديد والتنفيذ الكامل والتوسع في (مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود).

وأضاف البيان: "ندين محاولات روسيا استخدام الغذاء أداة لزعزعة الاستقرار، وأداة للإكراه الجيوسياسي، ونكرر التزامنا بالتضامن ودعم المتضررين من استخدام الغذاء سلاحاً في الحرب".

مساومة روسية لتخفيف العقوبات

في مقابل الموقف الأوروبي، تتهم روسيا الغرب بالمسؤولية عن وقف الاتفاق، ووجّه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأربعاء 26 نسان (أبريل) الماضي اتهاماً صريحاً للدول الغربية بتعطيل اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود للعديد من المناطق في العالم.

يرى خبراء أنّه في حالة فرض حظر على واردات الحبوب الأوكرانية عبر الممرات الأوروبية المؤقتة، فإنّ هذا سوف يؤدي إلى رفع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم مرة أخرى

ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، أشار وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحفي إلى أنّ المفاوضات في هذا الشأن تعثرت بسبب مواقف الدول الغربية، في الوقت الذي أعلنت فيه موسكو رفضها لتمديد الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب لمناطق كثيرة من العالم بعد يوم 18 أيار (مايو) المقبل، إلا إذا استجابت الدول الغربية لشروطها التي تشمل إعادة انضمامها للنظام المالي العالمي.

ماذا يعني توقف تصدير الحبوب الأوكرانية؟

يرى خبراء تحدثوا لـ "دويتشه فيله" أنّه في حالة فرض حظر على واردات الحبوب الأوكرانية عبر الممرات الأوروبية المؤقتة، فإنّ هذا سوف يؤدي إلى رفع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم مرة أخرى، خاصة أنّ صادرات أوكرانيا تمثل 10% من صادرات القمح العالمية و15%  للذرة و13% للشعير، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية.

 تسبب وقف تصدير أوكرانيا للحبوب عبر البحر الأسود مع بدء الحرب في رفع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية

وقد تسبب وقف تصدير أوكرانيا للحبوب عبر البحر الأسود مع بدء الحرب في رفع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية في شباط (فبراير) الماضي؛ ممّا تسبب في حالة ذعر حيال الأمن الغذائي العالمي.

بيد أنّ الأسعار عادت مؤخراً إلى مستويات ما قبل الحرب، وفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وتزامن هذا مع الغموض بشأن مصير اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بين أوكرانيا وروسيا بوساطة أممية وتركية، وسط مؤشرات بأنّ روسيا قد تتوقف عن الالتزام بتسهيل تصدير الحبوب، رغم دعوة مجموعة الدول الـ (7) الصناعية إلى تمديد الاتفاق.

مواضيع ذات صلة:

هل اتخذ الجيش الأوكراني مواقعه على الجبهة الشرقية لنهر دنيبرو؟

رئاسة روسيا لمجلس الأمن... كيف تنعكس على الأزمة الأوكرانية؟

هل ينفّذ الجيش الأوكراني انسحاباً تكتيكياً من باخموت؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية