إلغاء التحفظ على أموال لجماعة الإخوان رسالة اقتصادية وسياسية

إلغاء التحفظ على أموال لجماعة الإخوان رسالة اقتصادية وسياسية

إلغاء التحفظ على أموال لجماعة الإخوان رسالة اقتصادية وسياسية


06/08/2023

أحمد جمال

فتح قرار لجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية في مصر برفع التحفظ على أموال وممتلكات 146 شخصا وشركة أخيرا الباب أمام تساؤلات عدة، وجاء في وقت تسعى فيه القاهرة لتجاوز بعض السموم السياسية، وإتاحة الفرصة لتدفق الاستثمارات بعد إطلاق سراح رجال أعمال حبسوا على ذمة قضايا مرتبطة بالإخوان.

وقضت محكمة الأمور المستعجلة في مصر برفع التحفظ عن “كافة الأموال العقارية والسائلة والمنقولة وكافة الحسابات المصرفية والودائع والخزائن والأسهم والسندات الخاصة بـ146 شخصا”، سبق التحفظ عليها بقرار من لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين والإرهابيين والكيانات الإرهابية قبل نحو خمس سنوات.

وجاء الحكم بناء على دعوى قضائية أقامها رئيس لجنة إجراءات التحفظ والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، طالب فيها برفع التحفظ عن كافة الأموال والممتلكات الخاصة بعدد من المتحفظ على أموالهم بقرار من اللجنة بعد انتفاء أسباب التحفظ على أموالهم وممتلكاتهم، وفقا لقرارين صادرين عن اللجنة.

ويتماهى القرار مع إصدار قرار بالعفو الرئاسي عن رجل الأعمال رجب السويركي صاحب مجموعة متاجر “التوحيد والنور” بعد أن واجه اتهامات بالمشاركة في تمويل تنظيم الإخوان المصنف إرهابيا في مصر، ويتسق مع القرار السابق عليه بالإفراج عن رجل الأعمال صفوان ثابت، والذي لحقه حكم قضائي آخر برفع التحفظ عن ممتلكاته وأمواله بعد أن واجه اتهامات بالانتماء إلى تنظيم الإخوان وتمويل الإرهاب.

وبالتزامن مع صدور قرار رفع التحفظ عن الممتلكات نشرت جريدة الوقائع المصرية الخميس قرار إدراج 16 قياديا إخوانيا على قوائم الإرهابيين، وجاء بناء على أحكام قضائية صادرة عن محاكم الجنايات وجنايات أمن الدولة العليا وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين وتعديلاته. وترسل الحكومة المصرية بهذه الخطوات إشارات على أن مناخ مجتمع الأعمال يشهد تحسنا ملحوظا تزامنا مع اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي هدفت إلى تشجيع الاستثمار، لكنه لا يزال محكوما بضوابط أمنية صارمة.

وسعت الحكومة للتغلب على أجواء سلبية أشاعها حبس صفوان ثابت الذي حظي بتعاطف من خارج قطاع الإخوان، ما يدعم جهود الحكومة لجذب الاستثمار والتسويق لبرنامج الطروحات الحكومية والتأكيد على عدم وجود أحكام قضائية مسيّسة. ويشير الانفتاح الاقتصادي المصري على تركيا، الذي عززه وصول وزير التجارة والصناعة المصري أحمد سمير إلى إسطنبول أخيرا والتوافق على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، إلى أن القاهرة ليست لديها ممانعات بأن تذهب نحو الاستفادة من مشروعات استثمارية لدى أشخاص أتراك قد يكونوا على صلة غير مباشرة بالإخوان.

وذكر الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو فاروق أن القاهرة تتعامل مع ملف الإخوان بعيدا عن أيّ تطورات سياسية بشأن علاقاتها مع تركيا أو قطر، ودعّمت تضييق الخناق على أفراد الجماعة فيهما ولن تسمح بترك مساحة للحركة لهم على أراضيها، ما يعني أن الحديث عن مصالحة مع الإخوان ليس في محله.

وأوضح لـ”العرب” أن القرار يأتي في سياق الاستجابة لمطالب داخل الحوار الوطني الذي تنعقد جلساته حاليا بإطلاق سراح كلّ من لم يشارك في أعمال عنف وإلغاء التحفظ على أموالهم وممتلكاتهم، ولذلك يخدم الحكم القضائي المخرجات النهائية للحوار، لافتا إلى أن الدولة المصرية قد تكون مستفيدة اقتصاديا إذا خضعت أموال وممتلكات هؤلاء الأشخاص لها.

وأكد أن الأشخاص المفرج عنهم غير معروفين، وجرت إعادة النظر في مواقفهم وفق تدقيقات أمنية أثبتت أنهم ليسوا تنظيميين في المقام الأول، وقد يكونوا ضمن مجموعات الربط العام أو المتعاطفين مع التنظيم الذين اشتركوا في دعم الجماعة سابقا بوازع ديني وتعرضوا لخداع تحت ستار الشعارات التي يرفعها التنظيم.

واحتوت القائمة التي جرى رفع الحظر عن ممتلكاتها شخصيات غير معروفة تنظيميا وليست من قيادات الصف الأول أو الثاني، ما يعني أن إعادة دوران عجلة مشروعاتهم وشركاتهم يمكن أن تخدم الاقتصاد المصري دون أن تكون لذلك تأثيرات سياسية، وما يشجّع على ذلك قدرة الأجهزة الأمنية على التعرف على مسارات أموال هؤلاء وتحييدها بما لا يقود إلى إعادة توظيفها في دعم الإخوان.

وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب إن صدور الحكم الأخير يدحض شائعات تنظيم الإخوان بأن القضاء المصري ضالع في السياسة، وحينما تنتفي التهم الموجهة لأعضاء التنظيم تكون هناك إجراءات رد للمحاكمة، وهو ما حدث في الحالة الأخيرة، ويبرهن صدور حكم جماعي بحق مجموعات كبيرة على أن لجنة التحفظ على الأموال لديها معلومات بأن الوضعية القانونية لهؤلاء متشابهة.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن جهات أمنية قد تطلب إعادة المحاكمة حال قامت بإعادة التحريات الأمنية ووجدت أن هناك أشخاصا ليسوا متورطين في الاتهامات الموجهة إليهم، وقد لا يكونون تابعين لهذا التنظيم أو ذاك، وهو ما يترتب عليه اتخاذ إجراءات بإعادة المحاكمة، وتهدف هذه الإجراءات إلى التأكيد أن الحكومة لا تتخذ خطوات عقابية جزافا وقد تراجع توسيع دائرة الاتهامات مع تحسن الأوضاع الأمنية.

واستبعد منير أن تكون هذه الأحكام معبّرة عن تطور في علاقة الدولة المصرية بتنظيم الإخوان، لأن العداء الذي يكنه المتطرفون ضد الأجهزة والمؤسسات المصرية لا يزال قائما، كما أن مصر تتعامل بقوة وحسم مع تلك التنظيمات بما فيها جماعة الإخوان التي تستمر في التحريض على الدولة ورئيسها قبل أشهر قليلة على انتخابات الرئاسة.

ويدعم الحكم القضائي الأخير ضمنيا رؤية مصر التي تتجاوب مع مطالب دولية بتحسين ملفها الحقوقي، لأنها تدرك أن لوبيات تنظيم الإخوان في دول غربية تعمل على النفخ في هذا الملف بشكل مستمر.

وفي ظل إجراءات مكافحة الإرهاب التي اتخذتها الحكومة جرى اتخاذ العديد من الخطوات المشددة التي طالت شخصيات ليست محسوبة على التنظيم لكنها تدعم مشروعه، وهناك من انشقوا عن الجماعة وصدرت بحق هؤلاء قرارات عفو بإخلاء سبيلهم بعد صدور أحكام قضائية، وخرجوا من السجون ضمن قرارات العفو الرئاسي التي ازدادت بشكل كبير مؤخرا.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية