إخوان السودان وغضبة "الجمعة" المزعومة!

إخوان السودان وغضبة "الجمعة" المزعومة!

إخوان السودان وغضبة "الجمعة" المزعومة!


23/07/2023

محمود عابدين

ما زال كيزان السودان يتوهمون أنهم أنصار شريعة الله، وحراسه على الأرض. وأنهم أولى الناس بالدين والوطن، حتى لو أحالوه خراباّ، والحقوا به ما لم تلحقه القنبلة الذرية بنيازاكي وهيروشيما في اليابان.

لو خرج الاخوان المسلمون في مصر، أو في الجزائر، أو في مدغشقر، أو في بلاد الواق واق.. يتحدثون عن الشريعة، وان الأسلام هو الحل، ربما صدقهم أحد ممن لم يسمع عن تجربة نظرائهم المريرة في السودان.

أما أن يظن أي كوز سوداني بعد كل ما فعله بالدين والوطن وإنسان السودان، أنه حارس الشريعة السمحاء، والأمين عليها، فإن ذلك ليس سوى أضحوكة ونكتة سخيفة.

عشنا معهم 30 عاماّ من التدمير الممنهج للدين والوطن، وما زال ظنهم أن بامكانهم ممارسة الاستهبال السياسي. جمعة غضب.ّ .. قال ايه الشريعة في خطر … يا سلاااااام..

كأنهم كانوا يرفعون راية الشريعة حقا، ويحافظون عليها، ويقدمون للعالم الأنموذج المأمول للنظام الاسلامي..!!

كنا نسألهم في حلقات النقاش بالجامعات عن تفاصيل النظام المأمول والمنتظر في الجمهورية الكيزانية المرتقبة… ظلوا منذ ذلك الوقت، يتجاهلون مناقشة ذاك النظام، ملقين بكل ثقلها في البحث عن أقرب السبل للوصول إلى السلطة.

اذكر أنه دار حديث حول جمهوريتهم المرتقبة بين مجموعة من الطلاب، ولما استطال الكوز في حديثه عن الدين والشريعة، قاطعه زميلنا من جنوب السودان قائلا: (لكنكم حزب سياسي، وليس حزباّ دينياّ، والدليل أنني معك في هذه الجامعة ثلاث سنوات، لم احضر لكم فيها ندوة دينية واحدة مقابل عشرات من الندوات السياسية)…

لذلك الدين كان وما زال مجرد مطية لحزب شهيته مفتوحة على دنيا يعمل بها ولها بدأب وعزيمة، كل من ينتمي اليه..!!

لم يناقشوا ولم يوضحوا لأحد حتى اليوم، تفاصيل دولة الشريعة التي يتحدثون عنها أكثر من نصف قرن. حتى عندما بدأوا باسلمة البنوك، أصبحت هذه البنوك، وسيلة للمضاربة وتجويع وافقار الناس.

الكيزان حين يتقمصون دور الأنبياء اليوم، يكاد استقطابهم للناس ينجح، لكن لسوء حظهم، كل ركن مدمر، وكل نقطة دم نزفها شهيد، وكل صرح مهدم، في السودان كلها مدارات تحكي عن مخازيهم

بعد عام واحد من استيلاءهم على السلطة روج كيزان السودان عزمهم تطبيق أحكام الشريعة حتى من دون أن يتعرفوا على ماذا يريدون، مطالبين الأمة السودانية بالصيام في،ذلك اليوم احتفالا بالشريعة القادمة.

قبل ذلك بشهرين كانت حكومة الجبهة الاسلاموية قد اعدمت 28 ضابطا من خيرة أبناء القوات المسلحة في الليلة الأخيرة من شهر رمضان. بعضهم دفن حيا ولم يعرف أحد كيف وأين تم قبرهم إلا بعد 30 عاما من الغدر. وقبل هؤلاء كانت يد الإسلامويون تتلطخ بدماء مجدي محجوب وجرجس في حفنة دولارات من حر مالهم، لم يكن ليقبلها شبل من.اشبالهم لاحقا في صفقة بيع مساحة صغيرة من اراضي للسودان لأحد صغار الغزاة الاقتصاديين للبلاد.

هم وكانما كانوا يتطهرون من طهر الدين ويتشكلون كعصابة مهمتها القتل وسفك الدماء حتى لو كان العنوان والشعار يشي بغير ذلك.

الشاهد ان المجرمين الذي كانوا يحتفلون مع شعب السودان بالشريعة، كانوا قد اشبعوا الأمة قتلا وسفكا للدماء… هذا فضلاّ عن تسريح عشرات الآلاف من العاملين عن أعمالهم… وقد قيل عن مثل ذلك: (قطع الاعناق ولا قطع الأرزاق).

وكانت أيضا بيوت الأشباح قد امتلأت عن آخرها وسقط ضمن جحافل الشهداء الدكتور علي فضل شهيدا بمسمار في رأسه.

توالت انتهاكات أدعياء الشريعة بين القتل والطرد من الخدمة واستهداف أرواح الشباب في الجامعات والخدمة المدنية وبث الرعب في النفوس واغتصاب النساء واشعال الحروب في كل مكان.
ثلاثون عاماّ من الحكم الفاسد خسر فيه الوطن ثلث مساحته في الجنوب، وثلاثة ارباع قوته الاقتصادية. وبينما كانت جحافل جيوشهم تتنمر على الشعب وتحصد أرواح الابرياء.. كانت مصر تحتل مثلث حلايب وغيرها من الأراضي في الشمال وإثيوبيا تحتل الفشقة.. وكانت جحافل الفساد تدمر الاقتصاد السوداني وتسعى في أرض الوطن فسادا يقضي على مشروعاته الكبرى..
القطن الذي كان يمثل 50% من صادراتنا يختفي من المشهد، وكذلك الصمغ العربي الذي كان يحتكره السودان. وباسم الخصخصة تدمر الايدي الطاهرة المتوضئة مصانع الالبان ومصانع الغزل والنسيج ومصانع التمور…الخ..

انتهى عهدهم بفساد ونهب وتدمير… واليوم يخرجون إلى الشوارع متظاهرين بالغضب على ما لحق الدين من أذى مزعوم… كان بالإمكان لكيزان السودان استغلال هذه السانحة التي لم تتح لحزب في العالم 30 عاما من الانفراد بالسلطة لإنزال كل أفكارهم (إن وجد لهم فكر) على أرض الواقع.. لكنهم انشغلوا بالدنيا وجمع المال والمضاربات والسمسرة …الخ، انشغلوا بالدنيا ومفاتنها ونسوا الله فانساهم أنفسهم .. ثم اذا ما وقعت الواقعة وزحزحوا عن السلطة غضبوا وتحينوا الفرص للخروج والتظاهر… وسموا كل ذلك غضبة الجمعة من أجل الشريعة… والواقع أنه غضب من خسر سلطة وثروة غير مستحقة..

عن "الراكوبة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية