إجراءات أوروبية جديدة لمواجهة داعش

إجراءات أوروبية جديدة لمواجهة داعش


11/09/2021

أعلنت بعض دول أوروبا، على رأسها فرنسا والسويد، عن إجراءات أمنية لمواجهة مخاطر مواطنيها العائدين من العراق وسوريا، ومحاسبة منفذي العمليات الإرهابية التي استهدفت أوروبا الأعوام الماضية.

 وشهدت السويد واقعة هي الأولى بشأن اعتقال العائدين الأجانب، فقد اعتقلت السلطات خلال الفترة الماضية سيدتين يشتبه في ارتكابهما جرائم حرب في سورية خلال فترة انضمامهن لداعش، بعد استجواب مكتب المدعي العام بالسويد 3 سيدات سويديات عائدات من مخيم بشمال شرقي سوريا، واتهمت التحقيقات سيدتين فقط بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، بينما أطلقت سراح الثالثة، وفق تقرير لـ"سكاي نيوز".

 

السويد تعتقل سيدتين يشتبه في ارتكابهما جرائم حرب في سوريا خلال فترة انضمامها لداعش، وتتهمهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية

 

 وعقدت فرنسا محاكمة تاريخية للمتهمين في هجمات باريس خلال تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2015، التي استهدفت 6 حانات ومطاعم ومجمعاً رياضياً وقاعة باتكلان للموسيقى، وأسفرت عن مقتل 130 شخصاً، وأقرّ صلاح عبد السلام المتهم الوحيد الذي بقي حياً ممّن نفذوا اعتداءات باريس بأنه ترك عمله من أجل الانضمام لداعش.

 "رسالة تحذير لداعش"، بهذه العبارة يفسّر حازم سعيد، الباحث في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، التحركات السويدية والفرنسية الأخيرة الموجهة ضد عناصر التنظيم، موضحاً أنّ البلدين لن يتهاونا في اتخاذ التدابير الاستباقية والإجراءات المشددة لحماية أمنهما القومي.

 ويصف موقف باريس من استقبال رعاياها الذين انضموا لداعش بـ"سياسية انتقائية" لإعادة رعاياها من الأطفال كلّ حالة على حدة، مع استمرار موقفها الرافض لعودة باقي الفرنسيين الذين التحقوا بداعش إلى بلادهم، ومطالبتها بوجوب مثول المقاتلين الأجانب أمام الجهات القضائية للدول التي ارتكبوا فيها عمليات إرهابية، مشيراً إلى أنّ أغلب دول أوروبا لم تحسم موقفها من عودة المقاتلين الأجانب.

 

فرنسا تعقد محاكمة تاريخية للمتهمين في هجمات باريس خلال تشرين الثاني عام 2015، التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً

 

 ويجد حازم سعيد في ندرة الملاحقات الأمنية والمحاكمات للمقاتلين العائدين إلى السويد أسباباً تتعلق بغياب القوانين والتشريعات السويدية المرتبطة بملاحقة المواطنين الذين انضموا إلى التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم داعش في سوريا والعراق، واقتصار الملاحقات الأمنية على الدواعش العائدين بسبب تهم تورطهم في القتال وارتكاب جرائم فقط، ما يصعب إثباته لعدم توافر المعلومات والدلائل التي تؤكد تلك الاتهامات، موضحاً أنّ التقارير الاستخباراتية السويدية تشير إلى عودة 150 سويدياً من أصل 300 مقاتل سويدي في مناطق الصرعات.

 ومنذ مطلع العام الجاري توالت النداءات من جانب المجتمع الدولي والولايات المتحدة لدول الاتحاد الأوروبي، بضرورة استعادة جميع المقاتلين الأجانب الباقين في مخيمات ومعسكرات داخل الأراضي العراقية والسورية، محذرين من خطورة الوضع الأمني في تلك المناطق وتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية.

 ويرى خبير الشؤون الأوروبية محمد رجائي بركات أنّ الإجراءات الحالية دليل على قلق الدول الأوروبية من تسلل خطر الإرهاب إلى أراضيها في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها أفغانستان، لذا يصعب أن تغير أوروبا استراتيجيتها في التعامل مع ملف المقاتلين الأجانب، واكتفت بعض الدول باستقبال عدد قليل من نساء داعش وأطفالهن.

 ويشير بركات إلى أنّ الطرح الأوروبي لحل قضية العائدين الأجانب يقتصر على محاكمتهم داخل الأراضي التي قاتلوا فيها، رغم المناشدات المستمرة بضرورة إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه لصعوبة تنسيق الأمور القضائية وانعقاد المحاكم وتوافر الأموال المخصصة لهذا الغرض في العراق وسوريا.

وفي المقابل، يستمر الدعم الأممي للدول التي استهدفها داعش بشكل مباشر، وقد عينت الأمم المتحدة الألماني كريستيان ريتشر رئيسياً جديداً لفريق التحقيق في الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش في العراق، وهو معروف بخبرته في الملاحقات والتحقيقات الجنائية الدولية والوطنية، بهدف جمع وحماية وتخزين الأدلة التي تساعد في توجيه اتهامات لأعضاء التنظيم بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية ضد الأقلية الأيزيدية.

 

حازم سعيد: التحركات السويدية والفرنسية الأخيرة الموجهة ضد داعش تأكيد على أنّ البلدين لن يتهاونا في اتخاذ التدابير الاستباقية والإجراءات المشددة لحماية أمنهما

 

 عن القوانين الأوروبية التي تسهم في الملاحقة الأمنية لمرتكبي جرائم الحرب، يوضح محمد رجائي بركات أنّ التشريعات الأوروبية تنص على ضرورة التحقيق مع المشتبه بهم في أعمال إرهابية ومواطنيها الذين انضموا لداعش، وفي حال ثبوت مشاركتهم في أعمال تخالف القانون يقدّمون لمحاكمة عادلة تضمن حقهم في الدفاع عن أنفسهم، معتبراً محاكمة المتهمين في تفجيرات باريس 2015 المتوقع استمرارها 6 أشهر نموذجاً للإجراءات المشددة التي تتبعها أوروبا ضد التنظيمات الإرهابية.

 ويشير حازم سعيد إلى أنّ العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش ضد أوروبا دفعتها لتشريع قوانين صارمة لمنع عودة المقاتلين الأجانب ولإدانة أي شخص ينتمي لتنظيمات إرهابية، لذا لجأت دول أوروبية للتعرف على هوية المقاتلين من خلال الأدلة الرقمية، وتجريد مواطنيها من الجنسية لالتحاقهم بداعش، مثل تجريد بريطانيا "شاميما بيغوم" من جنسيتها، وسنّ ألمانيا والدنمارك قانوناً يسمح بإلغاء جنسية المقاتلين البالغين الذين يحملون جنسية أخرى.

 وخلال العاميين الماضيين شرّعت فرنسا قوانين لمراقبة عمل الجمعيات الممولة للتنظيمات الإرهابية، مع تشديد الرقابة على شبكات الإنترنت، ويعاقب القانون الألماني المتورطين في عمليات إرهابية بالسجن مدة لا تقل عن 3 أعوام وتصل إلى 10 أعوام، ولا يسمح بمعاقبة العائدين من سوريا والعراق دون إثبات تورطهم في قضايا إرهابية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية