أموال وغسيل أدمغة وتوظيف ديني.. وسائل تركيا لحشد المرتزقة

أموال وغسيل أدمغة وتوظيف ديني.. وسائل تركيا لحشد المرتزقة


08/11/2020

أعادت عمليات تجنيد المرتزقة السوريين الذين يقاتلون في ليبيا وأذربيجان تسليط الضوء على ظروف التجنيد التي تتبعها تركيا عبر الإغراءات المالية وغسل الأدمغة والتوظيف الديني لتحقيق أهدافها الأيديولوجية والاستراتيجية في تدخلاتها الخارجية.

وشكا عدد كبير من المرتزقة من تراجع تركيا عن وعودها المالية والإغراءات التي قدمتها لهم للقتال في ليبيا أو أذربيجان مؤخرا، بعد أن عملت بشكل كبير على جلب المئات من المرتزقة للقتال في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير جديد إن تبعات عمليات التجنيد تشابهت إلى حد ما مع ما يوجد في ليبيا وأذربيجان، حيث اكتشف المرتزقة خديعة الجانب التركي بعد تنصل أنقرة من تعهداتها المالية.

وأوضح المرصد، الذي يحظى بمصداقية وموثوقية دولية عالية، أن نحو 342 مقاتلا عادوا إلى سوريا من أذربيجان بعد أن تنازلوا عن كل شيء بما في ذلك مستحقاتهم المادية، وكذا الأمر مع المرتزقة في ليبيا حيث لم تصرف لهم الرواتب التي وعدتهم أنقرة بها، ولم يحصلوا على أيّ امتيازات، إضافة إلى إلقاء القبض على المهاجرين غير الشرعيين منهم الذين تمّ إيقافهم في مياه المتوسط بالقرب من السواحل الأوروبية.

وتشابهت مراحل التجنيد للمرتزقة السوريين ابتداء من مراكز الانطلاق وطرقها، حيث ينتقل المرتزقة المجندون إلى ليبيا وأذربيجان من الأراضي التركية بعد تلقيهم لتدريبات ضمن معسكرات تركية بعد جلبهم من الأراضي السورية، ويتم تجنيد المرتزقة المرسلين إلى طرابلس والمرسلين إلى ناغورني قره باغ في مكاتب للتجنيد بالمناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمال سوريا، من قبل الفصائل الموالية لأنقرة وبدعم من المخابرات التركية واستعانة بالشركات الأمنية التركية الخاصة.

ولاحظ المرصد السوري، الذي يتخذ من بريطانيا مقرّاً له، أنّ عدد المكاتب التي تختص بتجنيد المرتزقة السوريين لليبيا كانت أكثر انتشارًا وتوسعاً في عملها من تلك التي تختص بإرسال المرتزقة إلى أذربيجان، ومن هذه المكاتب مكتب عفرين شمال حلب، ومكتب تحت إشراف فرقة الحمزات، ومكتب تديره الجبهة الشامية، كما افتتح لواء المعتصم مكتبًا له في قرية قيباريه، إضافة إلى مكتب تحت إشراف لواء الشمال في حيّ المحمودية.

وقدّمت أنقرة للشباب السوري عدداً من المغريات والمحفزات، كالراتب المغري في وقت يعاني فيه هؤلاء السوريون من الفقر والعوز، حيث تم تخصيص راتب يتراوح بين 1500 و2000 دولار لمن يجنّد ضمن المرتزقة السوريين المرسلين إلى أذربيجان، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة، ووعود بمنح الجنسية التركية.

وكشف المرصد أن عمليات التجنيد للمرتزقة المرسلين إلى أذربيجان اعترضتها صعوبات واجهت تركيا، وذلك لرفض شريحة كبيرة من المقاتلين الذهاب للقتال إلى جانب القوات الأذرية، بسبب العامل “الطائفي” بالإضافة إلى الخسائر البشرية الكبيرة التي لحقت بصفوف المقاتلين المرسلين، حتى أن بعض هؤلاء لم يكونوا على دراية أن القوات الأذرية من الطائفة الشيعية، وعادوا بعد ذلك إلى سوريا بعد معرفتهم، إلى جانب عدم وجود عداء بين الجانب الأرمني المعادي لتركيا هناك والسوريين، ناهيك عن الأوضاع الصعبة للمقاتلين.

في المقابل لم تشهد أنقرة تلك الصعوبة عند تجنيدها للمرتزقة الذاهبين إلى ليبيا بسبب وحدة الاعتقاد والمذهب الديني للبلاد الموفد إليها المرتزقة، واختلاف الاعتقاد الديني للعدوّ المزعوم وهو روسيا والتحريض على الثأر نظير ما اقترفته موسكو في سوريا.

وتعرض المجندون السوريون كمرتزقة إلى سلسلة من عمليات الخداع، فقد تم إقناع المرتزقة المرسلين إلى أذربيجان بأنهم لن يشتركوا في أعمال القتال بل سيقتصر دورهم على حراسة منشآت النفط الأذرية التي ترتبط بتعاقدات مع الجانب التركي، ومن ثم تم نقلهم إلى تركيا ثم نقلوا جواً إلى أذربيجان وشاركوا في القتال ضمن الصفوف الأولى.

أما في حالة المرتزقة المرسلين إلى ليبيا فقد تم خداعهم بشكل أكبر عن طريق إيهامهم بأنهم سيستخدمون في عمليات قتالية تنفذ ضد الجنود الروس في ليبيا، انتقامًا ممّا مارسوه في سوريا من عمليات قتل وغيرها، وأن المرتزقة سيقاتلون إلى جانب الجيش التركي، الأمر الذي كان خلاف ذلك، إذ أن الجيش التركي لم يشارك في المعارك، باستثناء بعض الخبراء والضباط الذين يتحصنون في غرف عمليات بعيدة عن جبهات القتال.

عن "العرب" اللندنية

الصفحة الرئيسية