أفول العصر الذهبي للإخوان

أفول العصر الذهبي للإخوان


16/11/2020

بدر عبدالملك

حقق تنظيم الاخوان في مصر كأكبر تنظيم في العالم الاسلامي في دورة انتخابات 2005 على حصول 12 مقعدًا جديدًا في دورة الاعادة للجولة الثالثة والاخيرة من الانتخابات التشريعية، والتي شهدت نهاية دامية بمقتل ثمانية اشخاص واصابة نحو 600 اخرين بينهم 20 اصابتهم خطيرة، وفق وكالات الانباء وعلى رأسهم قناة الجزيرة، ليصبح عدد نواب الاخوان 88 نائبًا في تلك الدورة. وبذلك كانوا الإخوان يشقون طريقهم في الفضاء السياسي لزمن حكم حسني مبارك ويستعدون لجولات قادمة، مستفيدين من حالة الفقر والبؤس والأمية والعشوائيات وسط الملايين من الناخبين، الذين عرف الاخوان كيفية الوصول الى داخل بيوتهم عبر المساعدات العينية والعلاجات المجانية، فكان عملهم الدعوي والشعبي والاجتماعي منتشرًا وملامسًا لحاجات القاعدة الشعبية للمجتمع وناس القاع، هؤلاء باتوا متراس تنظيم الاخوان المستمر ومن السهل تحريكهم وتجنيدهم وزجهم في انشطة تخدم أجندة الاخوان المعلنة وغير المعلنة وسط نسبة عالية من الامية والامية السياسية خاصة في الريف والاطراف.

 بدا تنظيم الاخوان في ذهن الجماهير الشعبية معبرا عن حاجات الفقراء والمطحونين في ساحة بدا فيها حزب المؤتمر الوطني – حزب النظام – عاجزًا عن لجم معارضة شرسة وخفية بكوادر خبيرة ماهرة، إذ لم يكن في كل تاريخ الاخوان مسموح لهم بالعمل العلني كون الاخوان تنظيم ديني ممنوع منذ زمن حسن البنا المؤسس (1928). 

هذا الحظر لم يستطع لجم قدرة الاخوان على التحرك والتلون من خلال واجهات ومنظمات وهيئات المجتمع المدني، فالعمل السري – قلب العمل التنظيمي/‏ الحزبي - كان يقف خلف أشكال وصيغ من التنوع والاختراق لكل مفاصل المجتمع بما فيها مؤسسات الدولة نفسها رغم كثافة المراقبة الأمنية وملاحقاتها المستمرة، لعناصر بدت كوجوه ورموز إخوانية لم تستطع إخفاء هويتها الحقيقية. ما بين العمل العلني والسري الذي كسبه تنظيم الاخوان منذ خبرته الاولى في تشكيل «الجهاز الخاص» فقد استطاع بتجربته وانضباطه وصرامته التنظيمية الطويلة، التلون ما بين دور العناصر السرية وقدرة العناصر العلنية وهي تعمل وتخترق كل الجمعيات والمنظمات المجتمعية من محامين ومعلمين واطباء ومهندسين وطلبة وشبيبة ونساء وعمال ومهنيين من شتى الحرف، ليشكلوا قوتها الجديدة ونفوذها النشط والحيوي في عهد الرئيس مبارك. 

لم يعد تنظيم الاخوان كما هي فترة الخمسينات مشتتين في المنافي والسجون ومتباعدين يصعب عليهم التواصل والتنظيم فيما بينهم في الخارج مع تنظيم المركز في مصر، ففضاء الاعلام والحريات النسبية والانفراجات السياسية في الدول العربية ساعدت الاصوات الدعوية والتنظيمية في التحرك في الخارج، واصبح اصدقاء الاخوان من الدعاة كثر في الساحة العربية حتى وإن كانوا يدّعون انهم لا ينتمون للجماعة، غير ان عملهم الديني كان يصب في خانة الصحوة الاسلامية، حيث انتشرت اشرطة وخطب عبدالحميد كشك ومحمد متولي شعراوي وحسن طنون السوداني ووجدي غنيم وغيرهم، حيث كانت الجماعة تسّوق وتنشر بين الجيل الشاب خطبهم واشرطتهم، المهم هو توسيع رقعة الصحوة وأرضية الثقافة الاسلامية وجذورها وغسل أدمغة الشباب من قيم الحداثة المتفسخة للغرب الكافر. 

كما نشطت رموز ووجوه خليجية في الالفية الثالثة، بدت حركتها منظمة ومنسقة، لكي تبدو تلك الاسماء قبس الهداية والتنوير للشباب والطلبة، كما كان يفعل الكويتيان، الدكتور عبدالله النفسي والدكتور طارق سويدان، رغم اختلاف الاثنين، من حيث موقعهما في تنظيم الجماعة، وتقلبات الاول وتراجعه وتنصله ومزاجه واستمرار شخصية سويدان على ثوابته، ليصبح قريبا لموقع ومكانة إخواني في درجة «التنظيم العالمي» (الدولي). 

دون شك أتاحت ديمقراطية الكويت مساحة مكشوفة وخفية بين تنظيم مصر والكويت، بين الاب والابناء في جميع الاقطار، غير أن تركيا كمركز كانت ترى في الاب (إخوان مصر) شريكها الثنائي في المشروع الاخواني العالمي، فلكل واحد منهما دوره ومكانته في انشطة وحراك العالم الاسلامي وتنوع منظماته في الفضاء الاوروبي والامريكي، بل ولم يخف الاثنين بكل وضوح، عدائهم السافر تجاه السعودية، ليشكلا كل طرف في مجاله قوة ضاغطة ونفوذًا اخطبوطيا للعمل السياسي والاعلامي في كل

عن "صحيفة الأيام"

الصفحة الرئيسية