أطماع أردوغان تحول أذربيجان وسوريا وليبيا إلى ملعب للنفوذ ووسيلة للتوسع

أطماع أردوغان تحول أذربيجان وسوريا وليبيا إلى ملعب للنفوذ ووسيلة للتوسع


21/06/2021

تستمر تركيا في مخططاتها التشبيكية التي تقوم على ربط الدول التي توسعت فيها أنقرة برعاية حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم ورئيسه رجب طيب أردوغان لتحقيق أقصى درجات المنفعة.

 المساعي الأردوغانية تتعلق بأذربيجان وسوريا وليبيا، دون الاكتراث بسيادة الدول أو بثرواتها الوطنية أو حتى بالأعراف الدبلوماسية.

اقرأ أيضاً: لعبة سياسية يمارسها أردوغان على الساحة الدولية

 بداية من أذربيجان، فقد تمّ التوقيع يوم الثلاثاء الماضي على "إعلان شوشة"، وهو بمثابة خريطة طريق لتعزيز التحالف الاستراتيجي بين البلدين، والتمهيد لآفاق جديدة من التعاون طويل الأمد بينهما مستقبلاً في عدد من المجالات الحسّاسة، منها إقامة قاعدة عسكرية تركية.

هذه النقطة بالتحديد، وفق ما أورده موقع "ترك برس"، تتيح لتركيا توسيع لائحة تحالفاتها الدفاعية ورقعة عملياتها العسكرية مستقبلاً، لكي تتمدّد باتجاه الشرق في القوقاز وآسيا الوسطى، وهي منطقة حسّاسة جداً بالنسبة إلى عدد من القوى الإقليمية والدولية، من بينها؛ إيران وروسيا والصين والولايات المتحدة.

 وتريد تركيا بهذه الخطوة أن تصور نفسها على أساس أنّها اللاعب الأكثر كفاءة وقوة ومصداقية وقدرة على الحد من نفوذ روسيا في المنطقة، بدليل دور أنقرة الحاسم في منع تفرّد موسكو في سورية وليبيا وقره باغ.

 وبمجرد أن أعلن أردوغان عن رغبة بلاده في إنشاء قواعد عسكرية في أذربيجان، بعد زيارته الأخيرة إلى هناك، تتوالى التصريحات والتحذيرات من قِبل المسؤولين الروس، الذين اعتبروا الأمر مسّاً بالأمن القومي الروسي من طرف تركيا.

 

أذربيجان توقع مع تركيا "إعلان شوشة" لتعزيز التحالف الاستراتيجي بين البلدين، وإقامة قاعدة عسكرية تركية

 

 وأقرّ الكرملين بأنّ إمكانية ظهور قواعد عسكرية تركية في أذربيجان تشكل موضع قلق لدى موسكو، متوعداً بتبنّي ما يلزم من خطوات لضمان أمن روسيا، وفق ما أوردت موقع "سبوتنيك".

 وينظر مسؤولون روس إلى المساعي التركية على أنّها بمثابة مسّ بالتوازنات السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية لمنطقة جنوب القوقاز، حيث تملك روسيا نفوذاً في كافة المجالات، وتعتبرها جزءاً حيوياً من حزامها الآمن، وفق ما نقلت شبكة "سكاي نيوز".

 وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، قد كشف خلال تصريحات صحفية بأنّ بلاده تراقب التحركات التركية الهادفة لإنشاء مناطق عسكرية في دولة أذربيجان، شارحاً الرؤية الروسية الكاملة لتلك المسألة.

اقرأ أيضاً: أحلام أردوغان تصطدم بالحقائق

 وقال المسؤول الروسي: "نرى في تكوين بُنى ذات هوية عسكرية لدولة عضو في حلف الناتو لقواعد عسكرية بالقُرب من حدود البلاد ما يثير الاهتمام، ودافعاً لاتخاذ مجموعة من الخطوات المناسبة، لضمان أمن وسلامة ومصالح دولتنا.

 ويجري أخذ تصريحات المتحدث باسم الرئاسة الروسية في العادة على أنها الموقف الشخصي والنهائي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، أي الجهة السياسية الأعلى.

 لكن المُلاحظ هو أنّ تصريحات المتحدث الروسي قد حملت بُعداً تهديدياً مباشراً لأذربيجان في حال قيامها بمثل تلك الخطوة، "نعتقد أنّ أي خطوات يجب أن تسهم في مواصلة استقرار الوضع في جنوب القوقاز وتطوير البنى التحتية واللوجستية ومعالجة الوضع بشكل عام دون أن تشمل أي عناصر من شأنها أن تتسبب في زيادة التوترات".

 

القاعدة العسكرية تتيح لتركيا توسيع لائحة تحالفاتها الدفاعية ورقعة عملياتها العسكرية مستقبلاً، لكي تتمدّد باتجاه الشرق في القوقاز وآسيا الوسطى

 

 في غضون ذلك، أدلى باقي المسؤولين الروس، من وزير الخارجية ووزارة الدفاع الروسية بتصريحات مطابقة لما صدر عن مؤسسة الرئاسة.

 الباحث التركي المختص في الشؤون السياسية، غالب أوندورو، شرح في اتصال هاتفي مع "سكاي نيوز" أسباب المخاوف الروسية المتجددة من القواعد العسكرية التركية في أذربيجان: "المشكلة في أنّ هذا التصريح التركي الأخير يأتي في ظل حدثين عسكريين آخرين تنخرط فيهما تركيا عسكرياً خلال الفترة الأخيرة، وهما يتعارضان مع المصالح والأمن القومي العسكري الروسي".

وأضاف أنّ "تركيا توافقت مع الولايات المتحدة علناً على شغل مساحة عسكرية واسعة في أفغانستان عقب انسحاب الولايات المتحدة من هناك عمّا قريب، ذلك الفراغ الأفغاني الذي كانت روسيا تأمل بأن تحجز جزءاً من النفوذ داخله".

 

حالة من الغضب الشديد تسود في الأوساط الليبية على خلفية إعلان أردوغان استعداد بلاده للتعاون مع أذربيجان في الصناعات البتروكيماوية في ليبيا

 

 ويُضيف أوندورو في حديثه: "كذلك فإنّ تركيا صعّدت خلال الفترة الماضية من تنفيذ مشروعها الخاص ببناء ممر مائي بديل يربط البحر الأسود ببحر مرمرة، الأمر الذي أثار مخاوف روسيا من إمكانية انسحاب تركيا من الاتفاقيات الدولية المُقيدة لسلطتها على تلك الممرات البحرية المهمّة بالنسبة إلى روسيا، كونها الوحيدة التي توصل السفن الروسية إلى المياه الدافئة، لأجل ذلك تحسّ روسيا بأنّ ثمة تحركات عسكرية شاملة لحلف الناتو في محيطها الحيوي، وأنها عبر تركيا، ولذا تستعد لاتخاذ خطوات مضادة".

 القواعد العسكرية التركية المزمع بناؤها، وحسب باقي القواعد العسكرية التركية في مناطق مُختلفة من العالم، ستكون على الأغلب مراكز للتدريب ونشر رادارات المراقبة وطائرات الدرون المحدثة، التي تركز عليها تركيا في الأعوام الأخيرة كسلاح استراتيجي، وكل تلك التفاصيل تثير حفيظة روسيا.

 لكنّ المراقبين لمثلث المشهد العسكري الروسي التركي الأمريكي يتوقعون أن تكون القواعد العسكرية التركية في أذربيجان بمثابة خطوة تركية أولية لنقل منظومة S400 الدفاعية التي اشترتها من روسيا إلى تلك القواعد، وبالتالي، تجاوز واحدة من أكبر معضلات تعكير علاقة تركيا مع حلف الناتو، وبمثابة تصفية تامة لمستويات الثقة التي كانت تجمع تركيا بروسيا عقب صفحة شراء تركيا لهذه المنظومة الدفاعية.

 

الكرملين يقر بأنّ إمكانية ظهور قواعد عسكرية تركية في أذربيجان تشكّل موضع قلق لدى موسكو، ويهدد باتخاذ خطوات لضمان أمن بلادهم

 

 القواعد العسكرية التركية في أذربيجان، في حال دخولها حيز التنفيذ، حسب المعاهدة التركية الأذربيجانية الأخيرة، التي وقعها الطرفان خلال الزيارة الأخيرة لأردوغان إلى أذربيجان، تأخذ طابعاً للتحالف العسكري، حسبما جاء في النص الرسمي للاتفاقية، الأمر الذي يعني أنّ أذربيجان قد تحولت من موقع التوازن الذي كانت تحاول أن تشكله بين النفوذين الروسي والأمريكي في تلك المنطقة، ليكون خاضعاً بشكل تام ومطلق للتحالفات الاستراتيجية لتركيا، وهو ما يشكل حرجاً ومزاحمة للنفوذ الروسي في منطقة القوقاز.

 ولم يتوقف مسلسل استغلال أردوغان لأذربيجان عند هذا الحد، بل توسع حتى وصل إلى سوريا، مستغلاً النفوذ الذي اكتسبه من باكو بعد انتصارها في قره باغ، فقد كشف مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عن مراسلات سرّية تعود لإحدى الدول المشاركة في الأزمة السورية، وتحديداً بنشاطات مالية وعسكرية في إدلب السورية.

اقرأ أيضاً: أردوغان مغامر في الخارج مهزوم في الداخل

 وكتب المركز على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "حصلنا في الآونة الأخيرة على مراسلات سرّية تكشف عن ضلوع بعض العناصر الأذربيجانية المهمة في الأزمة السورية، ومن هؤلاء ضابط ومنسق القوات الخاصة الأذربيجانية حسين أزيري، الذي يشغل منصب المسؤول الإداري والمالي عن مجموعة "لواء المهاجرين والأنصار" الإرهابية التي تُعدّ أحد الفروع التابعة لهيئة تحرير الشام الإرهابية في سوريا".

 وأضاف المركز في تقريره: "يُعتبر الأذربيجاني حسين أزيري المسؤول عن إدارة الشؤون الإدارية والمالية للتنظيم، وهو شخصية مسؤولة عن التدفقات المالية وتنظيم حملات التمويل الجماعي لجمع المساعدات "الإنسانية" القادمة من تركيا وتوزيعها في سوريا، وتحديداً في إدلب".

 وتابع التقرير: "أزيري ضابط في القوات الخاصة الأذربيجانية، وهو مسؤول عن تمويل المسلحين الناطقين باللغة الروسية في "هيئة تحرير الشام" الإرهابية في إدلب السورية".

 

مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: مراسلات سرّية تكشف عن ضلوع بعض العناصر الأذربيجانية المهمة في الأزمة السورية لدعم جماعات موالية لتركيا

 

 وقد وعد المركز أنه سيقوم بنشر معلومات تفصيلية جديدة بشأن دور أذربيجان بتمويل ودعم المجموعات الإرهابية في إدلب السورية، برعاية ودعم تركي.

 أمّا فيما يتعلق بليبيا، فقد سادت حالة من الغضب الشديد في الأوساط السياسية والحقوقية والشعبية في ليبيا على خلفية إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان استعداد تركيا للتعاون مع أذربيجان في مجال الصناعات البتروكيماوية في ليبيا دون أي يكون له صفة في ذلك.

وقال فرج ياسين رئيس المجلس المحلي لمنطقة طبرق سابقاً: إنّ حالة الغضب الشعبي في مناطق في برقة وفزان وطبرق بلغت حدها الأقصى، بعد استمرار تجاوزات تركيا داخل ليبيا وتعاملها وكأنّ الدولة مستعمرة لها.

 وكشف أنّ تكتلات سياسية في ليبيا بصدد توحيد الصف ومخاطبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، على خلفية تصريحات الرئيس التركي الوقحة التي تنال من السيادة الليبية، وسوف تتم مخاطبة مجلس النواب الليبي للتحرك في الاتجاه نفسه.

 من جانبه، قال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا الدكتور عبد المنعم الحر، في تصريحات لـ"سكاي نيوز": إنّ الأغراض الاقتصادية التركية في ليبيا مكشوفة ومعلومة منذ اليوم الأول لتدخلها العسكري، خاصة أنها تسعى لفرض نفسها على خطة إعادة إعمار البلاد لتجد مبرراً للتواجد وتحقيق المكاسب جراء ذلك، سواء كانت تلك المكاسب اقتصادية أو سياسية، وسعت منذ اللحظات الأولى إلى بسط سيطرتها على النفط الليبي في الأقاليم البحرية والبرية في ليبيا.

 وكانت وكالة إعلام الأناضول قد نقلت عن الرئيس رجب طيب أردوغان استعداد بلاده للتعاون مع أذربيجان في مجال الصناعات البتروكيماوية في ليبيا.

 وصرّح أردوغان للصحفيين بعد زيارة قام بها إلى أذربيجان قبل أيام، مشيراً إلى أنّ تركيا وأذربيجان من خلال الهيكل المشترك القائم بينهما، يمكنهما "العمل في قطاع الهيدروكربونات في تركيا أو في ليبيا أو دول أخرى، ويمكنهما أيضاً التشارك في أعمال تكرير النفط.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية