"أخونة" مصر... كيف تصدت الجمهورية للمخطط الأخطر؟

"أخونة" مصر... كيف تصدت الجمهورية للمخطط الأخطر؟


12/04/2022

بالتزامن مع صعود جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر، إبّان عام 2012، تنامت التحذيرات من خطورة تمكّن التنظيم من مفاصل الدولة وسيطرته على مراكزها الأمنية والقضائية والإعلامية، وعاد إلى الجدل مجدداً مشروع التمكين الإخواني، أو كما أطلق عليه إعلامياً "مخطط أخونة مصر".

وأعاد عرض بعض الوثائق والتسجيلات، لأوّل مرة، خلال مسلسل "الاختيار3" لاعترافات كبار قيادات الإخوان بمخطط الأخونة والتمكين، أعاد الجدل مجدداً حول المشروع الإخواني الكبير.

وتناول مسلسل "الاختيار 3" في الحلقة الـ(9) مخطط الجماعة الإرهابية في "أخونة" الدولة، وتحديداً محاولات "أخونة" الجيش المصري، من خلال عدة مطالب كان ردّها أنّ وزير الدفاع يرفض "أخونة" الجيش، وهو آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أنّ الجيش المصري هو جيش الشعب، ولا يعرف أيّ انتماءات، لا إخوانية ولا سلفية.

ومشروع التمكين عند جماعة الإخوان قديم، ومرتبط بفكرة التأسيس أصلاً، وقد مرّ بالعديد من المراحل؛ بداية من فكرة مؤسس التنظيم حسن البنا عام 1928 بالتوغل والانتشار في مصر، ثم السيطرة على مراكز السلطة واختراق الجهات السيادية وخاصة الجيش والقضاء، ومن ثم الوصول إلى الحكم في عدة دول عربية بالتزامن، فيما يُسمّى مشروع البنا لـ"أستاذية العالم".

 

أعاد مسلسل "الاختيار 3" الجدل مجدداً حول المشروع الإخواني الكبير من خلال عرض بعض الوثائق والتسجيلات، لأوّل مرة، لاعترافات كبار قيادات الإخوان بمخطط الأخونة والتمكين

 

لكنّ خيرت الشاطر نائب المرشد، صاحب النفوذ الكبير داخل التنظيم، ربّما أعاد تشكيل المشروع الذي عثرت عليه قوات الأمن المصرية عام 1992 في مداهمة لشركة (سلسبيل) التي يملكها الشاطر، وبحسب ما وجد في ملف مكوّن من (13) ورقة، شملت مخططاً محكماً لاختراق مؤسسات الدولة المصرية، وزرع الخلايا النائمة بهدف الوصول إلى السلطة في البلاد.

اعترافات قاطعة

وجاءت اعترافات الإخوان الذين تقلدوا مناصب في الدولة المصرية إبّان فترة حكمهم "دليلاً قاطعاً" على استمرار فكرة التمكين ومحاولة تنفيذها خلال ذلك العام، ويمكن الإشارة إلى ما قاله وزير إعلام الإخوان صلاح عبد المقصود في جلسة يوم 20 كانون الأول (ديسمبر) 2012 أمام مجلس النواب المصري، حين قال: "والله لو عندي إخوان لفضلتهم وأديتهم أولوية في التعيين، لأنّه عندي حكم قضائي بيقول إنّ الإخوان المسلمين هم أقدر الناس في الوظائف العامة، وربنا بيقول إنّ خير من استأجرت القوي الأمين... أنا لو عندي إخوان في ماسبيرو كنت أديتهم الأولوية في التعيين للكفاءة، ولكن للأسف ما عنديش".

وفي الشهور الأولى من حكمه للبلاد عيّن الرئيس الإخواني محمد مرسي بالأمر المباشر (8) وزراء و(5) محافظين و(8) في مؤسسة الرئاسة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لأنّ رجال جماعته نجحوا في اختراق مفاصل (20) وزارة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء، إضافة إلى تعيين (5) نواب محافظين، و(12) رئيس حي ومركز، و(13) مستشاراً للمحافظين.

ماذا تعني "أخونة" الدولة؟

يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب منير أديب أنّ فكرة الأخونة مرتبطة تاريخياً بالمؤسس الأول حسن البنا، الذي حاول منذ الأعوام الأولى من تأسيس التنظيم أخونة الدولة، وعبّر عن ذلك خلال المؤتمرات التي عقدها فيما بعد، وكان يسعى لما أطلق عليه "أستاذية العالم" التي تستهدف عودة الإسلام إلى دولة الخلافة التي سقطت.

منير أديب: فكرة الأخونة مرتبطة تاريخياً بالمؤسس الأول حسن البنا

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول أديب: إنّ المخطط الإخواني القديم كان يستهدف أن يصل الإخوان إلى رأس نظام عالمي يتمكّنوا من خلاله من حكم العالم، أو على الأقل الوصول إلى الحكم في بعض الدول، والسيطرة على الأجهزة الحاكمة في الدول الأخرى من العالم.

اقرأ أيضاً: "الاختيار 3" يوثق حصار "حازمون" لمدينة الإنتاج الإعلامي ويكشف تكالب الإخوان والسلفيين على السلطة

ويوضح الباحث في الإسلام السياسي أنّ هناك دلالات على مخطط حسن البنا؛ أبرزها تدشين التنظيم المسلح والنظام الخاص وفرق الموت التي استهدفت عدداً من الشخصيات السياسية والأمنية والقضائية داخل الدولة، لتصفية الكتل المناهضة لتوغل التنظيم في تلك المؤسسات، كما حرصت الجماعة على مدار تاريخها على زرع بعض أعضائها داخل المؤسسات الأمنية المصرية، وذلك قبل ثورة تموز (يوليو)، ولكنّ المصريين تنبهوا منذ عام 1952 للخطر الذي يمثله التنظيم.

كيف تصدت مصر؟

ويرى أديب أنّ محمد مرسي كان مُعبّراً حقيقياً عن الأفكار التي طرحها حسن البنا، ولم يأتِ بجديد، وكذلك خيرت الشاطر، لكنّ المخطط بشكل عام فشل، مؤكداً أنّ مؤسسات الدولة المصرية، وفي مقدمتها القوات المسلحة، قد نجحت في إحباط هذا المخطط، ونجحت في تحقيق ضربات استباقية لقطع الأذرع الإخوانية الظاهرة، وكذلك الترقب ورصد الخلايا النائمة التي تستهدف تنفيذ أجندات تخريبية.

 

منير أديب: مؤسسات الدولة المصرية نجحت في إحباط المخطط الإخواني، ووجهت ضربات استباقية لقطع الأذرع الإخوانية الظاهرة، وكذلك الترقب ورصد الخلايا النائمة التي تستهدف تنفيذ أجندات تخريبية

 

واتخذت مصر على مدار الأعوام الـ10 الماضية إجراءات حاسمة لمواجهة الأخونة واقتلاع جذور الخلايا الإخوانية من مؤسسات الدولة، كما عززت ترسانة التشريعات، لمواجهة انتشار الإخوان في الوظائف الحكومية، وأصدرت عدة قوانين تقضي بفصل الإخوان من المناصب في الجهاز الإداري في الدولة وكذلك الجامعات.

اقرأ أيضاً: "الاختيار": موسم آلام "الإخوان"

وفي آب (أغسطس) الماضي، وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القانون رقم (135) لعام 2021، بشأن فصل الموظفين الحكوميين بغير الطريق التأديبي وقانون الخدمة المدنية، بغرض مكافحة الخلايا الإخوانية النائمة في المؤسسات الحكومية.

وتسري أحكام هذا القانون على العاملين بوحدات الجهاز الإداري بالدولة؛ وهي: الوزارات، والمصالح الحكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، والأجهزة التي لها موازنات خاصة، والعاملون الذين تنظم شؤون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة، والعاملون بشركات القطاع العام، والعاملون بشركات قطاع الأعمال العام، والجهات المخاطبة بأحكام قانون الخدمة المدنية، بحسب الجريدة الرسمية.

اقرأ أيضاً: الاختيار 3.. الرد على افتراءات وأكاذيب الإخوان

وفي 6 تشرين الثاني (نوفمبر) قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر، وهي أعلى محكمة إدارية، بحظر أخونة الجامعات، وألغت المحكمة القرار الذي صدر في عهد الإخوان بفرض التقارير الذاتية لصرف بدل الجامعة، الذي قرّر الرئيس المعزول محمد مرسي صرفه لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات بشرط إثبات هويتهم وانتمائهم لجماعة الإخوان، بحسب الصحف المحلية.

اقرأ أيضاً: الاختيار 3 ليس مجرد عمل درامي

وكانت الدعوى القضائية قد أقيمت في آذار (مارس) من العام 2013 إبّان حكم جماعة الإخوان، حيث طالب فيها عدد كبير من أساتذة الجامعات بإلغاء قرار وزير التعليم الإخواني الذي أخضع أساتذة الجامعات لتقارير أداء ذاتية تتحسّس هويتهم للانضمام للإخوان كشرط لصرف بدل قيمة الجامعة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية